«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة يكتب عن مجلة«الحياة الثقافية» تحتفي بقضايا الرواية العربية
نشر في شباب مصر يوم 11 - 01 - 2017

الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة-قسم الأدب العربي-جامعة عنابة
تعد مجلة«الحياة الثقافية»التي تصدر عن وزارة الثقافة التونسية واحدة من المجلات العربية العريقة،وهي مجلة شهرية تُعنى بالفكر والإبداع،وقد أسسها الأديب الكبير الأستاذ محمود المسعدي سنة:1975م، ويشرف على التنسيق والمتابعة بها حالياً الأديب يونس سلطاني .
وقد خصص محور العدد الجديد الذي حمل رقم:228 لمناقشة قضايا«الرواية العربية بين النظرية والتطبيق»،وقد جاءت الأبحاث التي رصدت هذا المحور في قسم الدراسات،الذي افتتح بمقال الباحث التونسي أحمد الناوي بدري الموسوم ب: «سرديات الانهزام-موت الفوات-لمحمد الهجابي نموذجاً»،وقد سعى في هذا المقال إلى تقديم قراءة ثقافية ضمن دائرة سرديات الانهزام لرواية محمد الهجابي،كما حاول فهم هذه الرواية –كما ذكر-وهي مندرجة في سياقها الثقافي الذي أحدثها،وفي إطار وعي ملازم بضرورة توسيع المقام السردي،وقد ألفى أن الانهزامية هي مدار جامع لمختلف أوجه الحضور فيها،على مستوى عناصر المروي،وعلى مستوى فعل الكتابة الروائية ذاته.
وأما الأديب العراقي الكبير عبد الرحمن مجيد الربيعي فقد خصص مقاله للحديث عن صديقه الأديب الطاهر وطار،وإضافته لحداثة الرواية العربية من خلال رواية«تجربة في العشق»،وقد افتتح مقاله باستعادة ذكرياته مع الأديب الطاهر وطار حيث جاء في بداية مقاله قوله: «كان لقائي الأول بالعزيز الطاهر وطار عام:1976 في الجزائر العاصمة حيث دعيت للمشاركة في ندوة-الأدب والثورة- نظمها المركز الثقافي الجامعي الذي كان يديره أحد أعلام المسرح الجزائري المرحوم مصطفى كاتب...».
وأشار إلى لقائه بالطاهر وطار فقال: «كنا نلتقي طيلة أيام الملتقى في فترات الاستراحة أو على مائدة الطعام،أو في دعوة صديق مازلت أذكر ذلك اللقاء الذي تم على مائدة غداء في منزل صديق عراقي إذ أن اللقاء ضم المناضل المغربي المعروف الفقيه البصري،ووطار،والصديق العراقي وأنا،تلك كانت فرصة لا تنسى،وحواراً شاملاً أخذت منه شخصياً الكثير».
وأكد على أن معرفته توثقت بالطاهر وطار من خلال قراءته لأعماله في فترة كان فيها منبهراً ببطولات الشعب الجزائري،وبالأعمال الأدبية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية،وأشار إلى أن وطار ينتمي إلى جيل مختلف من الكتاب الجزائريين الذين آمنوا باللغة العربية،وكتبوا بها،شأنه شأن دودو، بن هدوقة وغيرهم،كما ذكر أن مساحة وطار في الكتابة هي الجزائر،والثورة الجزائرية بكل ما تعنيه في وجدان كل عربي،وذكر الربيعي أن وطار يجمع في شخصه النقيضين فهو الزيتوني الذي درس في جامع الزيتونة المعمور بتونس على يد علماء أجلاء مروا بهذا المعهد العريق الذي حفظ العربية وتراثها في أصعب المراحل،وقد عشق العربية إلى أبعد الحدود،وصار أحد أكبر المدافعين عنها،والدعوة إلى الكتابة بها،وقد كانت له معارك كثيرة في هذا المجال،أما النقيض الثاني للزيتوني فهو وطار الماركسي،وعن هذا الوصف الذي أطلقه قال الربيعي:«أقول هذا وقد لا أكون دقيقاً عندما أجد الأمرين متناقضين،فالمبدعون الكبار تذوب في مصهرهم كل التناقضات وطاهر هوهو في تجانسه مع نفسه...».
وأما عن رواية«تجربة في العشق»،فقد رأى أنها ممتلئة بالكثير من المفارقات،وكلها مستوحاة من معاناة السيد المستشار عندما كان مسؤولاً في وزارة الثقافة،وربما كان أطرفها ما جرى عند دعوة الشاعر اليمني الضرير عبد الله البردوني...،وأشار إلى أن من ملامحها الفنتازيا الخرافية التي تمثلت في تصوره لحل القضية الفلسطينية،واستحضاره لشخصيات قياداتها،وعلى رأسهم أبو عمار،وقدم ملاحظة رأى أنها مهمة،وهي أن قارئ الرواية قد يخرج بأنها رواية غير متماسكة،أو مشتتة اعتمدت الفوضى في تعبئة المتن بالأمثال سواءً الشعبية الجزائرية،أو العربية الفصحى.
وذهب إلى أن رواية«تجربة في العشق»أحد أمثلة الرواية الحديثة،وهي طليقة،ولا تخضع لتعليب شكلي،ووصفها بأنها كون مفتوح يلجه كل روائي من بوابته الخاصة،كما أنها تعكس التعدد إلى حد التناقض في أفكار وطار وشواغله.
وكتب الأديب العراقي علي القاسمي عن رواية«أحلام إينشتاين وتبسيط العلم والأدب»،إذ لفت انتباهه أن هذه الرواية التي كتبها ألن لايتمن تبسط النظرية النسبية لأينشتاين في شكل سردي بديع،فلغته تتميز بالوضوح،والبساطة،والإشراق،والخلو من الألفاظ الحوشية،والتراكيب المعقدة التي قد تحجب المعنى،وقد ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة،وألهمت الكتّاب،والسينمائيين،والموسيقيين،والمسرحيين،والرسامين في جميع أنحاء العام.
وعالج الباحث التونسي عبد الدائم السلامي في مقاله قضية«الرواية العربية وتجريب-اللامعقول-»،وذهب إلى أن مفهوم –اللامعقول- من المفاهيم التي ارتأى الروائي العربي تحويله ،وذلك بجعله تقنية كتابية في إبداعاته،وتقنية سردية منفتحة على كل ما يجد في مجال السرد أسلوباً،ومضموناً،وهذا ما ساعد على توصيف هذه التقنية بالحداثية وقابلية التنوع،ومخالفة المعهود السائد في النتاج النثري العربي السائد.
وكتب الباحث حسن كرومي عن«شعرية المكان في رواية-الدقلة في عراجينها-لبشير خريف:مقاربة سيميائية »،ورأى أن هذا العمل مستهله،ومفتتحه،وعنوانه مترع بالدلالة المكانية،فهو أيقون يتضمن شحنة دلالية خاصة مستقاة من صميم البيئة الصحراوية،والنص موغل في خصوصيته المحلية،ومليء بأسرارها،ودثارها،وقد شكلت منطقة الجريد الفضاء الرحب الذي استقطب اهتمام الكاتب،وذلك دون إهمال كلي لمناطق أخرى كالمتلوي،وتونس،وصفاقس،وقفصة.
ورصدت الباحثة التونسية فوزية سعيد في مقالها العناصر التراثية في رواية«عرس الزين»للطيب صالح،وأكدت على أن الرواية حفلت بتراث البيئة الشعبية السودانية بما فيها من ثراء عاداتها،وتقاليدها،
وكتبت فاطمة بن محمود،وهي باحثة تونسية عن رواية«باب الحيرة للروائي الأردني يحيى القيسي بين أسئلة الإنسان وعبث الحياة»،ووفق رؤيتها فالروائي الأردني يحيى القيسي يكتب من وحي علاقته بالحياة، و هو يستنطق أيامه لتنز بأفكار،وتلد شخوص نصوصه القصصية والروائية،وخلصت في ختام بحثها إلى أنه من خلال رواية-باب الحيرة-ينحت لنفسه اسمه الخاص في المشهد الروائي العربي.
أما دراسة إلهام عبد الرزاق الباسطي من تونس،فقد رصدت فيها«تعدد الرواة في رواية-البحث عن وليد مسعود-لجبرا إبراهيم جبرا»،وعنون الدكتور أحمد الحمروني دراسته بسؤال«الروائي والمؤرخ:شاهدان هل يلتقيان في نماذج تونسية معاصرة؟»،وذكر في ختامها أن الأولى بالروائيين،وخاصة منهم الذي ينزعون إلى نزعتي التاريخية،والواقعية أن يتواصلوا مع التاريخ في مصادره ومراجعه ليرسموا صورة دقيقة لتاريخهم،ولواقعهم،وهذا هو المطلوب كحد أدنى من الانضباط، والالتزام، لأجل المصالحة بين الروائي، والمؤرخ.
واختتم محور العدد بمقال الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة عضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة عنابة،والذي خصصه لمناقشة الأفكار التي وردت في كتاب الناقد المغربي الدكتور محمد برادة المعنون ب:«الرواية العربية ورهان التجديد»،وقد ذكر في بداية بحثه أن الدكتور محمد برادة يقدم مجموعة من الرؤى،والأفكار الجادة،والمتميزة، التي تهدف إلى استقراء واقع الرواية العربية،واستشراف آفاقها المستقبلية،وتعقب رهانات التغيير في تقنياتها السردية،وطرائق بنائها،وموضوعاتها،كما أشار عند حديثه عن التجدد الروائي إلى أن المؤلف قد التزم برؤية تحليلية شاملة ومعمقة لإشكالية التجدد،والتجديد الروائي،حيث تتبع أسئلة الكتابة الروائية بعد سنة:1967م،وختم مقاله بالقول إن كتاب:«الرواية العربية ورهان التجديد» هو عبارة عن معالجة متميزة لإشكالية التجديد في الرواية العربية،وذلك باعتبارها قضية رئيسة،وجديرة بالبحث، والتنقيب كونها ضرورية لفهم واقع،وحاضر،ومستقبل الرواية العربية،وكذلك فهي لم تحظ باهتمام كبير من لدن مختلف الباحثين،والدارسين،فهو يعد استجابة موفقة،ومتميزة لمتطلبات المكتبة العربية،ولحاجة الباحث العربي، والقارئ الذي هو بحاجة ماسة لتقديم رؤى، وأفكار معمقة عن رهانات التجديد في الرواية العربية.
وقد ذكر الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة في سياق مقاله متحدثاً عن شخصية الناقد محمد برادة،بالقول يعد الدكتور محمد برادة من الأسماء الروائية،والنقدية المؤثرة بشكل بارز في المشهد الأدبي العربي،فهو واحد من الباحثين المتميزين الذين جمعوا بين الإبداع الأدبي، والبحث الأكاديمي،والترجمة، أثرى المشهد الثقافي العربي بغزارة إنتاجه،وتعدد اهتماماته في مجالات شتى من بينها: البحث التربوي، ومناهج التدريس،وقضايا النقد الحديث،إضافة إلى انشغاله بقضايا الرواية العربية،والمناهج النقدية الحديثة،وكتابته للقصة القصيرة،والرواية.
وبالنسبة إلى القسم الأول من دراسة محمد برادة،فالدكتور سيف الإسلام بوفلاقة يرى أنه اتسم بمنهجية سليمة،حيث يذكر في هذا الصدد أن الدكتور محمد برادة يستهل كتابه بمدخل متميز تحت عنوان:«الفورة والتراجع في الإبداع العربي الحديث:نحو إعادة صوغ الإشكالية»،قدم فيه رؤي تحليلية عميقة تتصل بإشكالية حجم الإبداع، وعلاقته بأسئلة المجتمعات العربية،حيث يشير إلى عدم توفر تخصصات تهتم بسوسيولوجيا الأدب والفن في الحقل الأكاديمي،والثقافي،ولاسيما فيما يتعلق بالإنتاج،والاستهلاك،وتقديم نسب،وإحصائيات عن عدد المتلقين،والقراء،وكذلك عن الموضوعات التي تحظى بالاهتمام،والرواج،وتثير الجدل،فعدم وجود هذه الدراسات يقود الباحث إلى نزعة افتراضية،ويفتح المجال لإثارة جملة من الأسئلة الانطباعية،التي قد تذهب إلى المبالغة والتضخيم في حجم ودور الإنتاج الفكري، والإبداعي،أو تنزع نحو التقليل،وذلك ارتكازاً إلى مقاييس مضنية، وغير واضحة المعالم،ويذكر الدكتور برادة أنها غالباً ما يكون وراءها مقارنات غير مبررة مع إنتاجات عالمية.
والجانب الآخر الذي يذكره الدكتور محمد برادة ترديد أسئلة تكون صادرة عن افتراضية شبه مسلم بها،ترى أن الوظيفة التي ينهض بها الإبداع، والأدب، والفكر بصفة عامة هي التعبير عن قضايا،وتحولات المجتمع العربي في جميع المجالات،وهذا الطرح التقليدي يؤدي إلى ضياع المفاهيم والمصطلحات،مما ينجم عنه اللجوء إلى تقديرات وتخمينات انطباعية.
يشير المؤلف إلى أن غرضه من هذا التحليل ليس تقديم إجابات،أو تصويب الانطباعات المنتشرة،وإنما هدفه السعي إلى إعادة صوغ إشكالية حجم الإبداع، وعلاقته بأسئلة المجتمعات العربية،وذلك حتى يتم تأطير هذا الموضوع،وتفكيك الأحكام شبه الجاهزة التي تظهر كلما طرحت معضلة الإبداع للنقاش.
ولتحليل هذه القضية ركز المؤلف على ثلاث قضايا رئيسة هي:
-كيف نقيس الانخفاض والفورة.
-الإبداع والتعبير عن المجتمع.
-إعادة صوغ الإشكالية.
ويشير الباحث سيف الإسلام بوفلاقة إلى أن الدكتور محمد برادة ينطلق عند مناقشته للقضية الأولى من سؤال عام،وهو:هل انخفضت فورة الإبداع العربي في مجال الفكر بشكل عام،والإبداع بشكل خاص؟
ولتوضيح هذه المسألة استحضر لحظات بارزة في مسار الفكر والإبداع خلال الستينيات،والسبعينيات من القرن الماضي،وأشار إلى ثلاث منارات جاذبة في تلك الفترة كانت لها أصداء واسعة في الحقل الفكري،والإبداعي العربي هي الماركسية،ووجودية سارتر،وكتاب:«معذبو الأرض»لفرانز فانون،الذي اقترن بالثورة الجزائرية،وكشف عن تفكير جديد.
وقد عرفت الفترة الممتدة مابين:1950و1970م تنامياً في حجم الإنتاج الفكري، والإبداعي،واقترن التلقي بخطاب نقدي واسع،كما توطدت الصلة بين الهم الأدبي،والاهتمامات السياسية،في حين أن إنتاجات ما بعد سنة:1967م،بلورت عدة تحولات،وتغيرات في المسار الإبداعي،والفكري،وفي العلائق بين الثقافي والسياسي،كما أن هناك لحظات أخرى لفورة الإبداع العربي منذ الثمانينيات ظهرت في دفق إنتاج روايات الشباب،وقصيدة النثر،وكتابات المرأة الجريئة وغيرها.
عند معالجة المؤلف لقضية الإبداع والتعبير عن المجتمع العربي لفت الانتباه إلى غياب إحصائيات تفيد القارئ،وتجعله يكون فكرة عن الطريقة التي يتم بها تلقي مختلف أشكال الإبداع،وما يمكن الاعتماد عليه هي القراءات النقدية التي تقدم ردود فعل عما أثاره الإبداع لدى المتلقي العربي الممارس لنقد الأدب،والفنون،ويعرض المؤلف رؤية المفكر الدكتور عبد الله العروي،على اعتبار أنه قدم انتقاداً هاماً للإبداع العربي المعاصر انطلاقاً من تصور فلسفي نقدي متكامل،وذلك في كتابه:«الإيديولوجيا العربية المعاصرة»الذي صدر سنة:1967م،رأى فيه أن قصور التعبير الأدبي بعيداً عن الشعر ناتج عن غياب وعي نقدي للأشكال التعبيرية الجديدة،ويرى المؤلف أن الإبداع العربي خلال الأربعين سنة المنصرمة تجدر أكثر في المجتمع المدني،وذلك على اعتبار أنه يعبر عن النزعة التحررية الانتقادية،كما أنه يوصل صوت الذات المتمردة، ويكشف النقاب عن تناقضات السلطة،ويذهب المؤلف إلى أن منجزات الإبداع الأدبي تسجل تحولاً نوعياً على مستويين:
-الحرص على توفير عناصر شكلية وفنية تحقق خصوصية الخطاب الأدبي،وتميزه عن الخطاب البلاغي المتخشب المستخدم في غسل الأدمغة،وتسطيح العقول.
-ارتياد مجالات، وفضاءات كانت شبه محرمة،وإعادة بناء عوالم شعرية،وتخيلية،وسردية تبعث وعياً نقدياً عميقاً وجريئاً.
وبالتالي فإن الإبداع العربي يندرج في إطار عوامل فاعلة تسعى إلى مجاوزة الوعي القائم،وتعويضه بوعي ممكن يوجد في قوى المجتمع المدني،وطلائعه المختلفة.
وقد رأى المؤلف عند معالجته للقضية الثالثة أن الإشكالية في العالم العربي مزدوجة الحدين،حالة التداعي،والتدهور السياسي والاجتماعي،وحالة توغل العالم في أزمة اقتصاد،وقيم وثقافة،وهذا ما يقتضي وجود حركة اجتماعية تاريخية تقوم بقلب تربة المجتمعات العربية،وتبني مشروعاً للمستقبل يحرر المواطن،ويحمي حقوقه،ويؤهله لمجابهة الغد.
الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة
عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية بجامعة عنابة
العنوان:
الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة
MOUHAMED SAIF ALISLAM BOUFALAKA
ص ب:76 A ( وادي القبة) -عنابةالجزائر
Èالمحمول: 775858028 (213) 00
أو 559884600 (213)00
الناسوخ (الفاكس) : 35155438 (213)00
البريد الإلكتروني : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.