تسبب الحريق الكبير الذي اندلع داخل سنترال رمسيس في اضطرابات ملحوظة في القطاع المصرفي، حيث تأثرت خدمات الإنترنت والاتصالات، ما أدى إلى تعطل المعاملات البنكية، لا سيما التحويلات عبر التطبيقات الإلكترونية، وزيادة الضغط على الفروع. وأدى ذلك إلى زحام داخل عدد من فروع البنوك مع توجه العملاء لإنهاء معاملاتهم يدويًا. وفي وحدات المرور تكدس المواطنون أمام الشبابيك في انتظار عودة الشبكة الإلكترونية، بعدما تسبب تعطل السيستم في توقف المعاملات المالية عبر بطاقات الدفع الإلكتروني وتعطل إجراءات التراخيص والفحص الفني وتجديد الرخص. كما تعطلت مكاتب الشهر العقاري في عدد من المحافظات، خاصة في خدمات الدفع الإلكتروني. وشهد تطبيق إعادة شحن كروت الكهرباء والغاز والمياه أزمة في عدد من المناطق بسبب استمرار تأثر شبكة الإنترنت جراء حريق سنترال رمسيس.
غضب واستياء
هذه الأوضاع تسببت فى حالة من الغضب والاستياء بين المواطنين داخل مكاتب التأمينات الاجتماعية، بعدما تم إبلاغهم بتعطل السيستم دون إعلان مسبق. وتكبد كبار السن والمنتفعون معاناة كبيرة بسبب الانتظار ساعات طويلة دون جدوى، وسط غياب البدائل الفورية. وشهدت مصلحة الضرائب تعطلًا كاملًا في الأنظمة الإلكترونية، مما عطّل معاملات الممولين، خاصة في ظل ضغط الوقت مع اقتراب مواعيد تقديم الإقرارات الضريبية. وطالت الأعطال نقاط شحن عدادات الكهرباء والغاز مسبقة الدفع، ما أثّر على الخدمة المقدّمة للمواطنين.
رسالة اعتذار
كان البنك الأهلي المصري قد أرسل رسالة اعتذار رسمية إلى عملائه، مؤكدًا أنه يتم العمل على استعادة الخدمة بالكامل في أقرب وقت
وكشفت مصادر مصرفية إن خدمات التحويل البنكي عبر التطبيقات المختلفة توقفت مؤقتًا، مُتوقعة استعادة الخدمة خلال الساعات المقبلة. وأكدت المصادر أن سيستم البنوك في الفروع القريبة من سنترال رمسيس لا يزال يعاني من بطء وتعطّل، فيما تعمل فروع أخرى بكفاءة متفاوتة، اعتمادًا على مستوى الاتصال بشبكات الإنترنت.
التحويلات البنكية
وأشارت إلى أن تطبيق "إنستا باي" يعمل بكفاءة، باستثناء بعض الحالات الفردية التي تأثرت بسبب تعطل شبكات الربط الخاصة بشركات المحمول، مؤكدة أن الخدمة سيتم استُعادتها بالكامل لاحقًا. وشددت المصادر على أن الأزمة ليست في أنظمة البنوك ذاتها، بل في الاتصال بشبكات الإنترنت، لافتة إلى أن البنية التحتية المصرفية مؤمّنة بالكامل. وتوقعت ان تنتهي الأزمة خلال ساعات مع استعادة شبكة المدفوعات الإلكترونية وأجهزة الدفع لدى المحال كفاءتها مجددا موضحة أن الأزمة ليست لدى منظومة الشركات ولكن في تعطل خدمات الإنترنت خاصة استمرار أزمة عدد من شركات الاتصالات حتى الآن. وقالت المصادر ان 70% من الخدمة تعمل حاليا بكفاءة في مناطق معينة، فيما نسعى لاستعادة كفاءة الخدمة في باقى المناطق المتضررة.
"فوري"
وقال المهندس أشرف صبري، رئيس مجلس إدارة شركة "فوري"، إن نحو 75% من خدمات الدفع والتحصيل الإلكتروني تعمل بكفاءة رغم الحريق، مشيرًا إلى أن 35% من المعاملات اليومية تأثرت. وأكد صبري فى تصريحات صحفية أن فرق الدعم الفني تعمل على مدار الساعة لاستعادة كافة الخدمات المتأثرة، مشيدًا بجهود موظفي الشركة الذين يبذلون "جهدًا استثنائيًا" لضمان عودة المنظومة سريعًا.
ناقوس خطر
وأكد الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق، أن الحادث الجسيم الذي وقع بمبنى سنترال رمسيس لا يمكن اعتباره مجرد حريق عابر، بل يمثل ناقوس خطر يستوجب مراجعة شاملة لمنظومة إدارة الأزمات والجاهزية في مواجهة الكوارث. وقال "الوكيل" فى تصريحات صحفية إن تداعيات الحريق لم تقتصر على الخسائر في الأرواح، بل شملت انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت، وتوقف ماكينات الصراف الآلي (ATM)، وتأثر عدد من الخدمات البنكية والإدارية، في مؤشر واضح على هشاشة البنية التحتية. وأضاف أن عودة اندلاع الحريق بعد السيطرة عليه يُعد دليلاً على قصور المعالجة الشاملة وعدم فعالية الإجراءات الوقائية. وطالب "الوكيل" بالاستفادة من دروس هذه الأزمة والعمل على : 1 الصيانة الوقائية: تنفيذ خطط صيانة دورية لجميع مكونات شبكات الكهرباء والاتصالات، خاصة في المنشآت القديمة أو الحيوية. 2 خطة طوارئ محدثة وفعالة: تفعيل وتحديث خطط الطوارئ، مع إجراء تدريبات عملية مشتركة بين الجهات المعنية، بما يضمن سرعة الاستجابة وفعالية التنسيق. 3 إدارة إعلامية للأزمات: وضع خطة إعلامية واضحة لضمان تدفق المعلومات الرسمية ومنع الشائعات، والحفاظ على ثقة المواطنين وتفادي استغلال الحوادث بشكل مضلل. 4 تصميم أنظمة مرنة تتحمل الأعطال: تعزيز البنية التحتية بأنظمة "Fault-Tolerant" و"Redundancy" لضمان استمرارية الخدمات الأساسية رغم تعطل بعض المكونات. 5 نشر ثقافة السلامة: رفع وعي العاملين وتدريبهم على آليات التصرف الفوري حال وقوع أي طارئ، مع التأكد من توفر أدوات الإطفاء والإنقاذ وسهولة استخدامها.
مراكز إدارة الأزمات
وتساءل عن دور مراكز إدارة الأزمات خلال وقوع الحادث؟ هل تم تجاهل مؤشرات أو تحذيرات مبكرة؟ وما مدى جاهزية الوزارات والمحافظات لمواجهة مثل هذه الكوارث؟ وهل تم مراجعة أنظمة السلامة في المنشآت الحكومية مؤخرًا، وهل توجد سجلات موثقة لهذه الأعمال؟ وشدد الوكيل على أن مثل هذه الكوارث لا يجب أن تمر مرور الكرام، موضحا أن المطلوب ليس فقط التحقيق في أسباب الحادث، بل استخلاص الدروس وتطبيقها فعليًا. وقال ان سلامة المواطنين واستمرارية الخدمات الأساسية ليست مسؤولية جهة واحدة، بل مسؤولية دولة العسكر بالكامل .