3سنوات و11 شهرا تلك هي الفترة الزمنية التي استغرقتها العائلة المقدسة لتبارك أرض مصر مهد الأديان وملتقاها. ألفا كيلو متر تلك هي المسافة التي قطعتها السيدة العذراء مريم وهي تحمل وليدها على دابة يجرها القديس يوسف النجار هربا من بطش سلطان جائر أو انتقلت على صفحة النيل في قارب صغير. تحتفل مصر في الأول من يونيو في كل عام بذكرى دخول العائلة المقدسة لأرض مصر. اتخذ الاحتفال هذا العام طابعا خاصا واحتفاء من نوع خاص جاء لعدة أسباب خاصة بعد اعتراف الفاتيكان بمسار العائلة المقدسة واعتباره ضمن برامج الحج الديني لديها. في هذا السياق يؤكد نادر جرجس عضو لجنة إحياء مسار العائلة المقدسة أن اعتماد مسار العائلة المقدسة من الفاتيكان كأحد برامج الحج الديني المسيحي يمثل نقلة نوعية وخطوة جيدة كانت لها تداعياتها الإيجابية في هذا الصدد. أوضح جرجس في تصريح خاص ل"بوابة الأهرام" أن اعتراف الفاتيكان خاطب ملياري مسيحي حول العالم، وانعكس ذلك على السياحة الدينية في مصر. من جهة أخرى تولي الدولة اهتماما خاصا بمسار العائلة المقدسة والعمل على تنميتها وهو ما ثمنته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في جلسة المجمع المقدس مايو الماضي. وهو ما يوضحه إسحاق إبراهيم عجبان الأمين العام لمعهد الدراسات القبطية في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام" قائلا: هناك لجنة وزارية لإحياء مسار العائلة المقدسة تجتمع بصفة دورية لعملية تنمية وتطوير المسار. يتابع إسحاق عجبان: بالإضافة للجنة علمية تعد ملف مصر الذي سيتم تقديمه لليونسكو لاعتماد بعض مواقع المسار ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي. يستدرك نادر جرجس قائلا: من ضمن الشعور باتخاذ الاحتفال هذا العام طبيعة خاصة هو تسليط الإعلام الضوء عليه، مؤكدا أنه في كل عام تحتفل كل مواقع رحلة العائلة المقدسة ببركة مرور وإقامة السيد المسيح والسيدة العذراء فيهم. 25 أو 27 أو 31 أو يزيد، عند قيامك بالبحث عن عدد مواقع مسار العائلة المقدسة على شبكة الإنترنت قد تجد عدد المواقع متباينة لن تجد رقما محددا. يوضح كيرلس برسوم مدير التوثيق الأثري بوزارة الآثار هذا الأمر قائلا: إن العائلة المقدسة زارت مصر كلها وتم توثيق النقاط المهمة التي استراحت بها العائلة المقدسة. واستدرك كيرلس برسرم في تصريح خاص ل"بوابة الأهرام": لنفترض مثلا أن هناك شخصا سيذهب من العتبة للسيدة زينب وسيمر في المنتصف على الموسكي، متابعا الأمر يعتمد على المناطق ولكن يبقى الأمر الذي لا يحتمل الجدال أن العائلة المقدسة باركت خطواتها أرض مصر كلها. يشار إلي أن العائلة المقدسة جاءت من فلسطين إلى مصر عبر طريق العريش ووصلوا إلى مصر القديمة ثم اتجهوا نحو الصعيد، ثم عادوا للشمال مرورا بوادي النطرون واجتازوا دلتا النيل، ثم واصلوا طريق العودة عبر سيناء إلى فلسطين وهذه النقاط والمحطات تعرف برحلة العائلة المقدسة. تبقى المعلومة الأكيدة هي مباركة العائلة المقدسة لأرض مصر ومرورها بمناطق القاهرة الكبرى وشمال سيناء والدلتا وشرقها ووادي النطرون وتنقلهم بين جبال وشجر وصحاري ووديان وضعوا فيهم البركة والرحمة ليأتي لهم المصريون بعد ذلك من كل حدب وصوب ليتنسموا البركة. وهناك نقاط عديدة في مسار العائلة المقدسة اشتهرت بين الناس ويأتي على رأسها الأماكن التي تقام بها موالد العذراء مثل جبل الطير ودرنكة ودير المحروق. كذلك من أهم محطات العائلة المقدسة وادي النطرون تلك المنطقة التي أصبحت عامرة بالأديرة ونبع الحمراء والذي يبعد عن دير البرموس ب3 كم وتأتي أهميته بأنه نبع علي يد السيد المسيح. كما توجد كنيسة العذراء والقديس أبانوب بسمنود وهي تحتوي على بئر ماء وإناء كبير للعجين يقولون إن السيدة العذراء عجنت فيه الخبز، بالإضافة إلى المناطق المقدسة الموجودة بمنطقة مصر القديمة. وفي حي المطرية؛ حيث توجد الشجرة التي استظلت بها السيدة العذراء والسيد المسيح وحتى الآن موجودة وتحمل اسم السيدة مريم. في هذا العام قامت الكنيسة القبطية الكاثوليكية بافتتاح مغارة العائلة المقدسة احتفالا بالعيد، وهو ماجعل نادر جرجس يشير إلي تفرد الموقع قائلا: إنه الموقع الوحيد من المواقع التي استراحت فيها العائلة المقدسة الذي أصبح يجمع بين مغارة وشجرة وبئر (مغارة العائلة المقدسة وشجرة السيدة العذراء مريم والبئر). جسد الفن القبطي الرحلة من خلال الأيقونات (لوحات دينية) وجداريات تحكي قصة رحلة العائلة المقدسة في مختلف الكنائس والأديرة، وكثيرا ما تجد الأيقونة المشهورة والتي تظهر بها السيدة العذراء وهي تحمل السيد المسيح ومعهم القديس يوسف النجار يجر الدابة التي يركبونها. كان كيرلس برسوم يحضر احتفالية ذكرى دخول العائلة المقدسة لأرض مصر كل عام وكان يتم الحديث عن الرحلة بالكلمات فقط. عدم وجود المعلومات الكافية دفع كيرلس برسوم للتفكير في إقامة معرض للأيقونات القبطية التي تحكي حكاية رحلة العائلة المقدسة ممثلة في 41 أيقونة ليصبح أول معرض يحكي رحلة العائلة المقدسة. يوضح مدير التوثيق الأثري أن توثيق رحلة العائلة المقدسة اعتمد على بعض المخطوطات البردية وفي مقدمتها مخطوطة ترجع للقرن الرابع الميلادي موجودة بجامعة طولون بالمانيا، بالإضافة لكتاب الأنبا ثافيلوس. مما جعل أيضا الاحتفال هذا العام مختلفا جهود الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في تدريب المرشدين السياحيين ليعبروا بشكل سليم عن تاريخ رحلة العائلة المقدسة للسياح. وكذلك اهتمام مصلحة سك العملة بإصدار 12 ميدالية ل12 محطة في مسار العائلة المقدس في إطار اهتمامها بالحدث وسعيها لتنشيط السياحة. . . . . . . .