لعب طلاب مصر دورًا محوريًا فى حركات النضال الوطنى منذ عقود طويلة حيث كانوا نواة الحركات السياسية التى تكونت لمناهضة الاحتلال وقمع السلطة ويشهد لهم تاريخ مصر الحديث بذلك عبر مراحله المختلفة. ومع الحراك السياسي والاجتماعى فى السنوات الأخيرة من عهد نظام مبارك، ساهم الطلاب فى دق المسمار الأخير فى نعش النظام وتصدروا الصفوف الأولى فى الثورة وحصدوا العدد الأكبر من الشهداء فيها منذ بدايتها وحتى أحداث مذبحة بورسعيد وما أسفر عنها من تداعيات. وعاد الطلاب مرة أخرى ليتصدروا المشهد بقوة مطالبين باستكمال الثورة والقصاص للشهداء وتسليم السلطة وقادوا الدعوات لإضراب عام فى 11 فبراير الجارى ونجحوا فى إيصال رسالتهم وأول أمس الثلاثاء 21 فبراير نظم عدد من الحركات والاتحادات الطلابية بالجامعات المصرية مسيرات سلمية حاشدة احتفالا بيوم الطالب العالمى شارك فيها أكثر من 15 جامعة مابين حكومية وخاصة و14 حركة طلابية بالإضافة إلى عدد من طلاب المدارس، وتوحدت مطالب طلاب مصر فى تلك المسيرات حول تحقيق القصاص لشهداء الثورة وشهداء الطلبة وإلغاء المحاكمات العسكرية والإفراج عن المعتقلين فورا والتسليم الفورى للسلطة لسلطة مدنية منتخبة ومحاكمة المجلس العسكرى على جرائمه السياسية والجنائية ، وإصدار قانون انتخابات الرئاسة من مجلس الشعب وإلغاء القانون الذى أصدره المجلس العسكرى، وإطلاق الحريات السياسية لطلاب الجامعات والمدارس وضمان استقلالية التعليم بالإضافة إلى إقرار تشريع يضمن مجانية التعليم وتمثيل للطلاب في لجنة صياغة الدستور، وتطوير التعليم الجامعى وتحسين الأوضاع بالمدن الجامعية بما يضمن حياة آدمية للطلاب . و تحرك طلاب الجامعات بالقاهرة في مسيرة موحدة من أمام الباب الرئيسى بجامعة القاهرة مرورا بكوبرى عباس لإحياء ذكرى ما حدث عليه في يوم 9 فبراير 1946 ثم توجهت المسيرة إلى مجلس الشعب لعرض مطالب الطلاب فيما دعا بعض طلاب بعض مدارس القاهرة لمسيرة من ميدان الجلاء بالدقي إلى كوبري عباس معربين عن رفضهم لقرار وزارة التربية والتعليم بمنعهم من مزاولة النشاط السياسي وتضامنهم الكامل مع طلاب مصر فى مطالبهم مؤكدين أن طلاب المدارس لن ينفصلوا عن الحركة الطلابية. وقد التقت "بوابة الأهرام" عددًا منهم تحدثوا عن آمالهم بعد الثورة مؤكدين أن مطالبهم ليست مطالب طلابية فئوية بل هى مطالب لا يمكن فصلها عن مطالب الثورة وكشفوا عما حدث أمام وداخل مجلس الشعب . يرى وسام عطا، عضو اتحاد جامعة الأزهر وحركة العدالة والحرية، أن مطالب الطلاب وأمنياتهم لا تنفصل كثيرًا عن مطالب الثورة التى تستند إلى وجود دولة مدنية قوية ذات توجه ديمقراطى والتى لن تتحقق من وجهة نظره إلا برحيل المجلس العسكرى وتولى سلطة مدنية منتخبة لافتا إلى ضرورة إعطاء الأولوية فى المرحلة الحالية للفقراء والطبقات المطحونة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة ميزانية التعليم و تفعيل مجانية التعليم ووجود لائحة طلابية تدعم الحريات داخل الجامعة وتساعد على خلق مناخ صحى لنشر الوعى السياسي والاجتماعى بين الطلاب وممارسة النشاط السياسي داخل الجامعة. واتفق معه عمر محمد لبيب القائم بأعمال رئيس اتحاد جامعة حلوان مؤكدا على أن الأوضاع لن تستقر بمصر إلا بعد الرحيل الفورى للمجلس العسكرى وتولى سلطة مدنية منتخبة تكون قادرة على استكمال تحقيق مطالب الثورة لافتا إلى ضرورة إعادة النظر فى قانون تنظيم الجامعات ليكون ملائمًا للواقع حتى يلبى احتياجات الجامعات ويسهم فى تطوير التعليم الجامعى وتشجيع البحث العلمى مشيرا إلى أن القانون الحإلى يتضمن العديد من المخالفات لعل أبرزها قمع الحريات وحظر ممارسة النشاط السياسي داخل الجامعة لافتًا إلى أن عقوبة الطالب الذى يقوم بالتظاهر أو ممارسة السياسة أو حتى تعليق مجلة حائط قد تصل إلى تحويله لمجلس تأديب وفصله لعامين مطالبا بضرورة تغيير كل ذلك بعد الثورة، وأشار إلى ضرورة توفير ظروف آدمية للطلاب من خلال تجهيز قاعات ملائمة للمحاضرات . وطالب شريف محمد عضو اتحاد طلاب جامعة القاهرة باستقلال التعليم والجامعات عن السلطة وتطوير التعليم بشكل فعال يتلائم مع ظروف الواقع المحلى وما يحتاجه المجتمع المصرى من أجل محاولة علاج مشكلة البطالة مستنكرًا استمرار تعامل الإدارات الجامعية مع الطلاب من منطلق النظام الأبوى وفرض الوصاية حتى بعد الثورة على غرار تعامل النظام السابق مع الشعب منتقدا إنحياز القوانين واللوائح الجامعية الحالية إلى الأساتذة دونا عن الطلاب مطالبا بتغيير تلك القوانين واللوائح واتاحة المزيد من الحريات داخل الجامعة فى ممارسة الأنشطة. وعلى الرغم من كون طلابها لا يعانون مشكلة تذكر فيما يتعلق بالحريات أو اللوائح الجامعية إلا أن طلاب الجامعة الأمريكيةبالقاهرة كانوا حاضرين بقوة على الساحة ومشاركين فى الحراك الطلابي فى الشهور الأخيرة حيث يؤكد محمد مصطفى ممثل الجامعة الأمريكية فى اتحاد طلاب مصر أن مطالب طلاب مصر لا تنفصل عن مطالب الثورة لذا فمن الطبيعى أن ينحاز لها كافة الطلاب لأن أصدقاءه وأقاربه فى الجامعات المصرية المختلفة ولأن شريحة الطلاب من أكثر الشرائح التى قدمت شهداء منذ بداية الثورة وحتى أحداث بورسعيد مؤخرا لافتا إلى أن طلاب مصر يقدر عددهم بنحو أكثر من 3.5 مليون طالب من حقهم جميعا أن يمثلوا فى لجنة وضع الدستور لذا قرروا جميعا فى يوم الطالب الخروج من عباءة انتماءاتهم الجامعية والسياسية والالتفاف حول مطالب موحدة تنحاز لمطالب الثورة. وكشف محمد عاصى، عضو حركة الطلاب الاشتراكيون الثوريون، وشباب القصر العينى الحر أن المسيرة الطلابية التى وصلت إلى الشعب أول أمس اختارت لجنة مكونة من 13 طالب ممثلين من 4 جامعات لعرض المطالب على النواب حيث تقدم ثلاثة كممثلين عن جامعة القاهرة ، ومثلهم من جامعتى عين شمس وحلوان بالإضافة إلى ممثل لجامعة الآزهر وممثل للجامعة الألمانية وطالبة ممثلة للجامعة الأمريكية بالإضافة إلى طالب من حركة تغيير مدارس مصر إلا أنهم قد فوجئوا بوجود تصاريح معدة سلفا لعدد محدود من الأشخاص الذين اعتبروهم غير ممثلين للمسيرة منهم طالب تخرج من الجامعة وكان عضوا سابقا فى اتحاد طلاب جامعة عين شمس الذى كان يتدخل فى تعيينه جهاز أمن الدولة المنحل وأنه من المفروض أن يختاروا 5 طلاب فقط من 13 مشيرا إلى أنه كان من الصعب تقليل عدد الممثلين لأنهم يمثلون كافة الحركات الطلابية الداعية والمنظمة للمسيرة لذا قرروا الانسحاب. أشار إلى أن عددا من الحركات الطلابية قد عقدت مؤتمرًا صحفيًا مصغرًا أمس الأربعاء أصدرت خلاله بيان أوضحت فيه موقفها مشيرا إلى وجود العديد من التساؤلات حول الوفد الطلابي الذى تم الدفع به لدخول مجلس الشعب حيث أن اختيار أعضائه لم يأت من خلال آليات واضحة أو من خلال القوى الداعية والمنظمة للمسيرة الطلابية، منتقدا بعض أعضائه، فمنهم من هو ليس طالب وعليه، فقد قرر أعضاء الوفد الرسمي الممثل للمسيرة الطلابية ومطالبها الانسحاب احتجاجا على ما اعتبروه التفافا واضحا على مطالب الطلاب ومحاولة لتفتيت الحركة الطلابية المصرية وتفريغها من مضمونها من خلال افتعال انقسامات واهية مستنكرين موقف أعضاء مجلس الشعب بمقابلتهم للوفد المزيف مطالبين بتوضيح فوري لهذا الموقف الملتبس. وأكد الطلاب أنهم الممثلون الشرعيون الوحيدون للمسيرة الطلابية ومطالبها. اتفق معه أحمد إسماعيل منسق طلاب حركة حقنا بجامعة عين شمس مستنكرا السماح لأعضاء الاتحاد فقط بالدخول على الرغم من كون الاتحاد رفض توجه المسيرة إلى مجلس الشعب وكان يفضل أن تقتصر على كونها احتفالية لإحياء ذكرى فبراير 1946 وان تكتفى بالمرور على كوبرى عباس فقط . من جانبه أوضح هيثم آسر عضو اتحاد جامعة عين شمس والذى كان ضمن الوفد الذى سمح له بالدخول أن المسيرة وصلت بعد انتهاء جلسة مجلس الشعب، وأنه فوجىء باتصال من منسق أمن مجلس الشعب فى نفس اليوم بخصوص استخراج تصريح لعشرة أفراد فقط نظرا لأن الشرفة داخل قاعة المجلس لا تتسع لأكثر من 10 وأنه تم الاتصال به لأن اتحاد الطلاب هو الممثل الشرعى الوحيد لطلاب الجامعة وأنه لم يحضر منهم سوى 4 فقط كان خامسهم العضو السابق بالاتحاد التى أثيرت حوله علامات استفهام من عدد كبير من المشاركين فى المسيرة. اعتبر محمد داود، ممثل الجامعة الألمانية باتحاد طلاب مصر، أن أسباب انسحاب بعض الحركات الطلابية من المسيرة نتيجة لسوء فهم بشأن تصاريح الأمن التى حددت عدد أقل من اللجنة التى شكلها الطلاب لتمثل كافة الحركات والجامعات المشاركة بالمسيرة خاصة فى ظل مشاركة أحد الخريجين الذى كان عضوا سابقا باتحاد طلاب عين شمس وأثير الجدل حوله . أعرب محمد عن تفاؤله من الحراك الطلابي معتبرا الثورة كانت بمثابة عودة الروح لطلاب مصر الذين أكدوا عبر نضالهم التاريخى فى مواجهة محاولات القمع التى مارستها السلطة عبر التاريخ أنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطنى وأنهم سيظلوا دائما فى طليعة الجيل الثورى ولن توقفهم لائحة طلابية أو سلطة قمعية أيا كانت عن استكمال الثورة وإسقاط أى فرعون جديد مستنكرا استمرار صدور اللا ئحة الطلابية بشكل فوقى دون الرجوع للطلاب مؤكدا ضرورة تغيير اللوائح والقوانين الجامعية والطرق التى تصدر بها وإشراك الطلاب فيها خاصة قانون تنظيم الجامعات الخاصة الذى يمنح لمجالس الإدارات والأمناء صلاحيات شبه آلهية تكفل لهم التدخل السافر فى الحياة الطلابية والأكاديمية.