قال الشاعر السورى الأصل على أحمد سعيد الشهير بأدونيس إن العرب انتهوا كقوة ابداعية، موضحًا أنه ينظر للحضارة كشحنة إبداع فيما نفى عن نفسه تهمة الطائفية، مؤكدا أنها لاتدخل ضمن مكونات فكرة. وفى مقابلة مطولة ومستفيضة مع صحيفة "الجارديان" البريطانية فى سياق الاستعدادات لاحتفالية ستشهدها لندن احتفاء بابداعاته الشعرية وتجربته، قال ادونيس إنه فقد الأمل فى قدرة الشعر على تغيير المجتمعات العربية . ومع أنه مازال يرى أن الشعر بمقدوره تغيير العلاقة بين الكلمات والأشياء لتولد صورة جديدة للعالم فقد شدد ادونيس على أن مسألة التغيير فى المجتمعات العربية تتطلب تغيير بنى العائلة والتعليم والسياسة . ونوه ادونيس بأنه مهتم أيضا بفن الكولاج الذى يدخل فيه الحرف العربى والشعر سواء كان شعره أو الشعر الكلاسيكى . وينظر ادونيس لفن الكولاج كمهرب عندما يغيب عند الابداع الشعرى فضلا عن أن هذا الفن الذى يستخدم فيه بعض الخرق البالية طريقة جديدة للتعبير عن علاقته مع الأشياء . ورأى ادونيس أن التنظير للشعر هو مثل التحدث عن الحب "فهناك أشياء من الصعوبة بمكان شرحها" . ويقول الكاتب محمود عبد الرحيم في مقدمة الكتاب: إن ميلاد هذا الكتاب بدأ خلال جمعة "استرداد الكرامة"، حيث كنا نقترب من نهاية العام الأول للثورة، ولم نلمس شيئا من أهدافها، وأنما عودة إلى آليات القمع وفرض الأمر الواقع السلطوي بالقوة ، بالترافق مع بروز الانتهازية السياسية المدمرة لكل الطموحات الثورية، والتحالف الرباعي (العسكري- الديني- الأمريكي- السعودي) . وأوضح: "خشيت أن نفقد مع الوقت حتى ذاكرة الثورة، وسط حالة التشويه الممنهج لها ، المترافق مع إدعاءات للبعض تسير بإتجاه ما اسميته ب"تزييف استباقي لتاريخ الثورة" ، باصطناع أدوار وبطولات لم يكن لها وجود على الأرض ، أو محاولة نفى حقيقة "شعبية" الثورة وعفويتها". وأضاف أن ثمة غيابا لقيادة أو تنظيم يقف وراءها في أي من مراحله ، ما أنجحها في البداية لصعوبة السيطرة والإحتواء للملايين الرافضة، وما أصابها ، كذلك ، بالإرتباك والنكسات فيما بعد، لافتقاد قوى منظمة تستلم السلطة، وتفرض إرادتها الثورية ، وتهدم بنية النظام الفاسد المستبد السابق الذي ثرنا عليه، بغية بناء نظام أفضل ينحى نحو الديمقراطية والعدالة والاستقلالية ودولة المواطنة والقانون. وقال ادونيس صاحب "الثابت والمتحول الذى يقيم فى فرنسا منذ عام 1985" إن "كان الغرب حريصا على الدفاع عن قضايانا وحقوق الانسان فليدافع عن حقوق الفلسطينيين"، فيما رأى أن التدخل الاجنبى دمر دولا عربية مثل العراق وليبيا. كما ذهب ادونيس إلى أن مبررات التدخل العسكرى الأجنبى لأسباب إنسانية تتعلق بحماية المدنيين "مبررات ليست صحيحة وهى مجرد غطاء للمطامع الاستعمارية". واردف الشاعر المثير للجدل قائلا للجارديان:"إن الدعوات للتدخل الاجنبى تجانب الصواب والمنطق فكيف نبنى أساس دولة بالاستعانة باولئك الذين استعمرونا من قبل؟" . ومع ان ادونيس الذى ينتمى للطائفة العلوية عبر عن فرحته بالربيع العربى فقد رأى أن "الثورة اختطفت"، داعيا المعارضة للتسامح مع النقد "لأنها إن لم تتحل بالتسامح فستعيد فى نهاية المطاف انتاج ذات الصيغة الديكتاتورية التى تقاتلها وتكون النتيجة الدخول فى حلقة مفرغة" . وفى سياق تأكيده على ضرورة التخلص من الافكار والايديولوجيات الاحادية، قال ادونيس إن "الديمقراطية ترتكز على فهم الآخر المختلف كما تعنى أنه ليس بمقدور أحد أن يمتلك الحقيقة وحده" . وسعى أدونيس للدفاع عن نفسه فى مواجهة آراء وتصريحات سبق أن اطلقها فضلا عن اتهامات بأنه لم يتخذ مواقف قاطعة وواضحة ضد النظام السورى بقوله للجارديان إنه كتب العديد من المقالات فى هذا الصدد واتهم نقاده بعدم القراءة . وكشف ادونيس عن أن كتابا له حول هذا الموضوع سيصدر قريبا، مضيفا فى الوقت ذاته: "الشاعر لايقع فى أسر السياسة ولايجوز أن تقيده شروطها" . واحجم ادونيس عن انتقاد الشعراء العرب الذين ينخرطون فى السياسة ، مضيفا: "لست ضدهم غير أننى لست مثلهم" . وقال: "المبدع لابد أن يكون مع أى ثورة لكن من الواجب ألا يكون مثل بقية الثوريين، فهو ليس بمقدوره أن يتحدث بلغتهم ويعمل فى ذات المناخ السياسى".