ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الانهيار المفاجئ للمحادثات المتعلقة بتشكيل حكومة ائتلافية ألمانية، تسبب في توجيه ضربة قاسية للمستشارة أنجيلا ميركل مع مواجهتها لواحدة من أسوأ الأزمات التي مرت بها في فترة ولايتها التي استمرت 12 عامًا. وأضافت الصحيفة، في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني اليوم الثلاثاء، أن الفشل غير المتوقع أثار موجة من النشاط في عالم السياسة الألمانية الذي كان يمكن التنبؤ به عادة، مما عرض الأسواق المالية لحالة من التوتر. وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير حاول تهدئة الأجواء المتقلبة عقب اجتماعه مع ميركل، بإلقاء خطاب يدعو فيه الأطراف للعودة إلى مائدة المفاوضات وتجنب إجراء تصويت آخر بعد إجراء انتخابات غير حاسمة في سبتمبر الماضي. وقال شتاينماير "إن المسئولية التي منحت للطرفين لا تزال قائمة"، مشيرًا إلى أن المأزق الذي حدث أمس الاثنين غير مسبوق في تاريخ ألمانيا بعد الحرب . ونوهت الصحيفة إلى أنه رغم تصريحات شتاينماير وإصرار ميركل على عدم التنحي، فان هناك تلميحات متزايدة بشأن إجراء تصويت جديد، وهو الأمر الذىي اعترفت به ميركل أثناء لقاء متلفز، قائلة إن الدعوة إلى انتخابات جديدة ستكون أفضل من قيادة حكومة أقلية. وألمحت تعليقات ميركل إلى أنه من دون تغيير جذري من جانب الديمقراطيين الاشتراكيين التابعين ليسار الوسط، الذين قاوموا الانضمام إلى ائتلاف جديد، من المحتمل أن تتجه ألمانيا صوب إجراء انتخابات جديدة. وقد حظيت هذا الإمكانية بحماس من جانب اليمين المتطرف الألماني وبمخاوف في جميع أنحاء أوروبا حيث كان الاستقرار الألماني منذ فترة طويلة أمرًا مفروغًا منه. وأكدت الصحيفة الأمريكية أن عملية انهيار المحادثات أنهت الافتراض بأن أكبر اقتصاد في أوروبا سيحكمه ائتلاف لم يسبق تجربته من المحافظين، والديمقراطيين المؤيدين للأعمال وحزب الخضر، كما أن هذا التحالف كان يعتبر الطريق الوحيد إلى حكومة مستقرة. ولكن بعد أسابيع من مفاوضات مثيرة للجدل حول سياسات اللجوء والضرائب والبيئة، انسحب الديمقراطيون الأحرار بشكل غير متوقع أمس الأول الأحد، مما ترك لميركل خيارات قليلة، لم يكن أي واحد منها مغريًا، لعل أبرزها تشكيل حكومة أقلية، ربما مع الخضر، وقد يؤدي ذلك إلى إطالة حالة عدم الاستقرار في البلاد مع التعجيل بخروج ميركل. ومن الخيارات الأخرى، أن تقوم ميركل بإقناع شركائها من الحكومة الأخيرة، الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بالانضمام إليها في ائتلاف كبير آخر بين أكبر حزبين في ألمانيا، إلا أنهم قاوموا هذه الفكرة أمس الاثنين عندما قال زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي مارتن شولتز إن الحزب "لن يخجل من إجراء انتخابات جديدة". ورأت الصحيفة أن إمكانية إجراء انتخابات مطلع العام المقبل، والتي يمكن أن تفتح الطريق أمام مزيد من المكاسب لحزب اليمين المتطرف "البديل من أجل ألمانيا" ومزيد من عدم استقرار في سياسات بلد كانت أساس أوروبا في الاستقرار، دفع اليورو إلى الانهيار في التعاملات الصباحية قبل أن يستعيد نشاطه مرة أخرى.