يصدر خلال أيام عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة كتاب "مدينة الحوائط اللانهائية"، للقاص والروائي "طارق إمام"، وهي التجربة المختلفة في مسيرة الكاتب الذي نشر تسعة كتب إلى الآن، ما بين مجموعات قصصية وروايات وأدب أطفال. ينتمي الكتاب لفن "الحكاية الخرافية"، الذي يندر وجوده في الكتابة العربية المعاصرة، ويضم 36 حكاية خرافية كتبها "إمام" خلال عشر سنوات ما بين أعوام 2007 إلى 2017م، قبل أن يقرر أخيراً نشرها ككتاب مجمع، بعد أن نشر بعض نصوصها قبل ذلك في عدة دوريات. حكايات الكتاب تدور جميعها في مدينةٍ متخيلة، هي "مدينة الحوائط"، التي تمثل مكاناً غريباً يفوق عدد حوائطه عدد شوارعه، وفيها تعيش شخصيات عجيبة لكل منها حكاية مثل القرصانة، الإسكافي المجنَّح والحذاء الذي يتكلم، الرجل الذي لم يحلم أبداً، الملاك الذي يعيش بين البشر، المرأة ذات العين الواحدة، وغيرها. في حكايات الكتاب يتجاور البشر والطيور والحيوانات والشياطين والملائكة، وتمثل جميعها سكان ذلك المكان الغريب المدعو "مدينة الحوائط"، والذي يؤكد "إمام" أنه سيكون مكاناً لإحدى رواياته القادمة. لا تدور الحكايات في زمن بعينه، حيث إن جزءاً من فلسفة الحكاية الخرافية قدرتها على التعبير عن الإنسان في أي زمن من خلال الفانتازيا. يقول "طارق إمام": لقد بنيت النص بروح روائية، حيث تتصل جميع الحكايات بمكان واحد، وتختفي شخصيات لتعود للظهور، كما تولد حكايات من رحم حكايات أخرى على غرار الكتاب الأكبر "ألف ليلة وليلة"، وهناك فصل تأسيسي إطاري تتوالد منه جميع الحكايات. يضيف "إمام": استغرق إعداد الكتاب وقتاً طويلاً، لأنني بنيته كنص كبير وليس ك"تجميعة" من عدد من الحكايات، وهذا ما جعلني أستبعد العديد من الحكايات الجاهزة فعلياً، رغم أنني كتبت أضعاف أعداد الحكايات التي ضممتها فعليا للكتاب، لأختار الحكايات الست والثلاثين التي ضمها الكتاب، محاولاً تشييد عالم حكائي فيه روح متصلة، رغم أن كل حكاية فيه يُمكن أن تُقرأ كحكاية مستقلة. يعيد الكتاب الاعتبار لخصوصية"الحكاية العربية"، حيث يستلهم روح الحكاية العربية النابعة من عوالم ألف ليلة وليلة وأدبيات الحكي الشفاهي والأمثولة، ويحاول أسلوبياً تأكيد هذه الخصوصية ككتابٍ عربي يتصل مع قصص الطير والحيوان والمسوخ والكائنات العجيبة، لكن في قالب عصري وعبر نصوص كثيفة لا تحتفي كثيراً بالتطويل والإطناب بقدر ما تحاول تقديم الحكاية الخرافية في أفق شعري موحٍ. حكايات "مدينة الحوائط اللانهائية" تحلِّق بلا شروط في سماء الفانتازيا، ومكتوبة بلغة سهلة لكن شعرية، حيث إن الكتاب ليس موجهاً لفئة بعينها من القراء ولا يخاطب قارئ الأدب المتخصص وحده، لكنه يخاطب إلى حد كبير قارئ الأدب العام، ويمكن لمراحل عمرية مختلفة قراءته.