لم يكن والد الطفل "زياد"، يتوقع أن يصاب نجله بخلع مفصلي بالذراع، نتيجة تعد معلمة اللغة العربية، بمدرسة النصر الإعدادية بدمياط، عليه بالضرب خلال الحصة ب"المقشة"، ليعود الطفل لمنزله، وهو يعلق ذراعه علي كتفه، مصابًا بكدمات وسحجات. واقعة الاعتداء على "زياد"، هي آخر واقعة تعد على التلاميذ في الفصل، حدث في المدارس المصرية، منذ أيام، انتهت بتحرير الأب محضراً للمعلمة، حمل رقم 8527 جنح قسم ثان دمياط، لعام 2017، لتصل فضائح العملية التعليمية، وما يتعرض له الطلاب من عنف لأقسام الشرطة. لينضم "زياد" لقائمة طويلة، من سجل الاعتداءات البدنية، التي يتعرض لها طلاب المدارس داخل الفصول، هو أمر متكرر يحدث سنوياً، ولا يتم تسليط الضوء عليه أو الكشف عنه، إلا في حالة تعرض التلميذ لأذى بدني وجسدي واضح، يمكن إثباته عن طريق الكشف الطبي. يقول والد الطفل: "فوجئت باتصال هاتفي من زياد، وهو منهار من البكاء، ويصرخ من شدة الألم الذي يشعر به، فتوجهت على الفور للمدرسة، لأجده مصاباً بتورم في اليد اليسرى، ولا يستطيع تحريكها فتوجهت به للمستشفى، لأكتشف أنه مصاب بكسر وخلع في المفصل، فتوجهت لقسم الشرطة، وحررت محضراً بالوقعة، ضد المعلمة التي اعتدت عليه بالضرب". وأضاف الأب "أن المدرسة أحالت المعلمة للتحقيق معها، واكتفت بخصم 3 أيام فقط من راتبها، وهو عقاب من وجهة نظري لا يكفي، لاسيما أن المعلمة كانت في حصة احتياطي، ولا أعرف لماذا فعلت هذا ولا سبب هذا العنف غير المبرر، مع طفل لا يتعد عمره 11 عامًا". حوادث الضرب في المدارس فلم تكن واقعة الاعتداء على "زياد"، هي الأولى من نوعها، التي وقعت في المدارس ، ففي عام 2015 توفي الطالب إسلام شريف، بالصف الخامس الابتدائي، بمدرسة الشهداء بورسعيد، نتيجة إصابته بنزيف حاد في المخ، بعد تعد معلم عليه بالضرب خلال اليوم الدراسي، مما أدى لسقوطه وإصابته. وفي العام نفسه تعدى معلم بمدرسة الأورمان بالمعادي، بالضرب المبرح على تلميذ في المدرسة الابتدائية، وفي عام 2016 كانت هناك عدة حالات تعد، بسبب عدم إنجاز الطلاب الواجبات المدرسية. هذا بالرغم من لائحة الانضباط الجديدة، التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم في عام 2014، بإلغاء القرارات الوزارية أرقام 86 لسنة 1971، و515 لسنة 1998، و591 لسنة 1998، الخاصة بتقويم سلوك الطلاب، ومنع العنف في المدارس. وحظرت اللائحة، حظراً مطلقاً توقيع أي عقوبة بدنية على الطلاب، أو توجيه عبارات نابية أو تخدش الحياء أو الآداب العامة إليهم، أو تعرضهم لأي شكل من أشكال الإساءة، بالرغم من ذلك استمر ممارسة العنف ضد الطلاب في المدارس. تلاميذ: " نُضرب بالعصا والخرطوم" "يضربونا بالعصا والخرطوم"، بهذه الجملة العفوية، وببراءة الأطفال، عبر عدد من التلاميذ، ل "بوابة الأهرام"، عن مدى العنف الذي يتعرضون له، داخل المدرسة. كما أكد عدد من تلاميذ المرحلة الابتدائية، تعرضهم للضرب في المدرسة، بشكل شبه يومي، حتى أن الأمر أصبح شيئًا عاديًا بالنسبة لهم، هذا بخلاف تعنيفهم من المعلمين، وقضائهم ساعات طويلة ووجههم في الحائط، لمعاقبتهم في حالة عدم أداء الواجب، أو التأخر عن الحضور للمدرسة، أو القيام بأي شغب. فيما أكد عدد من طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، تعدد أشكال العقاب التي تمارس عليهم من المعلمين. خبراء: العنف يؤدي لتخريج أجيال متطرفة قال أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال، أن تعرض الطفل "زياد" للضرب وكسر زراعه، لم تكن الحالة الأولي، لأن العنف ضد الأطفال في المدرس ممنهج، ويرتبط بثقافة العنف التي يتوارثها المجتمع، مشيرا إلي أن هناك دراسة للمجلس القومي للطفولة والأمومة، أكدت تعرض ما يقرب من 96% من أطفال مصر للعنف، لاسيما أطفال المدارس في المرحلة الابتدائية. وأضاف مصلحي، في تصريحات ل "بوابة الأهرام"، أن العنف في المجتمع ضد الأطفال أصبح ثقافة، تتوارثها الأجيال، وأن بعض الأسر تطلب من المعلمين ضرب أبنائهم لتعليمهم، وهو ما يؤدي لتخريج أجيال تتسم بالعنف، وهو ما ينعكس على المجتمع في جميع المجالات. وأكد رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال، أن قانون الطفل جرم ضرب الأطفال، وأعطى الحق فقط للآباء في التقويم، عن طريق الضرب بالأساليب الشرعية، وهي أساليب لا تؤذي الطفل، مشيرًا إلي أن مواد الدستور، كفلت حماية الأطفال بكل الوسائل، ومنعت تعرضهم للضرب أو الإيذاء. وقال مجدي عبد الفتاح مدير مركز البيت العربي للبحوث والدراسات، إن العنف ضد الأطفال و بوجه عام في المجتمع، خاصة في المدارس، يؤدي لتخريج أجيال مشوهة نفسياً، تكون عرضة للانحراف، وتتخذ العنف وسيلة للحصول على حقوقها، وتكون سهلة الوقوع في براثن الأفكار المتطرفة، أو تحول هذا الطفل لإرهابي في المستقبل. تأهيل المعلمين نفسياً للتعامل مع الأطفال وأكدت الدكتورة هناء أبو شهدة، استاذ علم النفس بجامعة الأزهر، أن تأثير العنف علي الأطفال، والضرب في المدارس، في المرحلة الابتدائية، خطير جداً علي الأسرة والمجتمع، لأن الطفل عندما يتعرض للعنف في الطفولة، ويتعلم أساليبه، عندما يصل لمرحلة المراهقة سيكون عنيفًا للغاية. وأوضحت استاذ علم النفس، أن أول جهة سيمارس العنف ضدها، هي أسرته الأب والأم والأشقاء الأكبر منه، لأن هؤلاء يمثلون بالنسبة له السلطة، التي يحاول التمرد عليها، وعندما يصل لمرحلة الشباب والرجولة، سيكون شخصًا عنيفًا وعصبيًا، هو ما سينعكس علي المجتمع كله بالسلب. وأشارت إلي أن المعلمين، الذي يثبت عليهم اعتيادهم ممارسة العنف ضد التلاميذ، يعانون من اضطراب نفسي، ولابد من تأهيلهم نفسياً وعصبياً، وتعليمهم كيفية التعامل مع الأطفال، وفي حالة عدم انصياعهم وتغير سلوكهم، يجب تحويله لمهنة أخرى، غير مهنة التربية والتعليم، لأنه إذا استمر سيصنع أجيالًا متمردة وعنيفة. رأي الأطفال في "الضرب في المدارس"