وسط الزحام والجميع ينتظر قضيته وحل مشكلته، تجلس الزوجة، التى دخلت أواخر عقدها الثالث من العمر، داخل محكمة الأسرة بمدينة نصر، شاردة ومتشحة بالسواد، ويستر وجهها النقاب، تسبح في أمواج ذكرياتها المتلاطمة، لا تعير اهتمامًا لغيرها، لا تفكر إلا في الطلاق والخلاص من رجل لا يفكر إلا بالمال. "بخيل ومطلع عيني.. وفي الآخر عاوزني أشتغل علشان الفلوس".. هكذا بدأت الزوجة، التي رفضت ذكر اسمها، حكايتها مع زوج كان كل همه جمع المال الذي أعمى بصيرته عن زوجته. بكلمات خرجت من فمها بخليط من المرارة والشقاء، سردت الزوجة قصتها مع زوجها الذي يكبرها بخمس سنوات - قائلة: "الحكاية بدأت عندما تقدم زوجي لخطبتي بالطريقة التقليدية "جواز صالونات يعني" مكنش في أي شيء مشترك بيننا، ولكن لتيسره ماديًا وجاهزيته للزواج أهلي شافوا أنه مناسب، وزي أي بنت تخرجت في كلية الآداب جامعة عين شمس، كنت عاوزة أتجوز وأعيش حياة بسيطة، وافقت عليه، وبعد الخطوبة لاحظت عليه عدم تقديمه لي هدايا في أي مناسبة خلال زيارته لنا، لكني لم أفاتحه في شيء، وقلت يمكن ظروفه والزنقة علشان الجواز هي السبب، ولكن اتضح لي أنه أسوأ من فريد شوقي في مسلسل (أنا والبخيل)". تواصل الزوجة حديثها - قائلة: "لم أعاتبه على بخله الدائم، وعدم اهتمامه بأي من الأمور المطلوبة من أي خطيب تجاه خطيبته في مجتمعنا المصري، لم نكن نحب الخروج والفسح، فكان أقصى ما يمكنه فعله أن يأتي لزيارتي في بيت والدي، وفي يوم ما طلبت منه الذهاب للسينما لمشاهدة أحد الأفلام المعروضة، ولكن الرد لم يفاجئني، فقد رفض بشدة بحجة قلة المال معه، وأنه لا ينفق ماله في الأمور التافهة.. لم يقتصر الأمر خلال فترة خطوبتنا القصيرة على ذلك فقط، فكان يثقل على والدي في متطلبات الزواج والالتزامات من الأدوات المنزلية والأثاث، بحجة أن العروسة عليها شراء تلك الأشياء كما تحتم العادات والتقاليد، مع أنه قد اتفق مع والدي عليها عند تقدمه لطلب يدي، لكن والدي لم يرفض لإتمام الزواج". وتابعت الزوجة، وفي عينيها نظرة شاحبة تخلو من السعادة: "لم يتخيل عقلي أنه سيستمر على بخله الذي يجري في عروقه مجرى الدم، فكنت أصبر نفسي بأنه مضغوط بسبب تكاليف الزواج العالية، خاصة تلك الفترة، حيث إنه لم يستمر زواجنا إلا شهور قليلة، كانت الشكوك تساورني وتكاد تقتلني ليلًا عند التفكير في مستقبلي مع شخص لا يحب إلا المال، ويخرج الجنيه كما يقول مثلنا "من تحت الضرس"، ولكن الأيام مرت وجاء موعد الزواج كما اتفقنا، وتحولت شكوكي إلى حقيقة أراها يوما بعد يوم، أصبر نفسي مرة وكثيرا أذهب لبيت والدى غاضبة من أفعاله تلك، لم يكن لدى من الصبر ما يكفي لتحمل تصرفاته من أول يوم زواج بيننا". شردت الزوجة بعقلها قليلا تتذكر معاناتها مع ذلك الزوج البخيل، استعادت تركيزها مرة أخرى - قائلة: "بعد أن مللت من طلب المال لشراء بعض الأشياء الخاصة، أو لقضاء حاجة البيت، مع شحه الدائم وعدم إعطائي إلا القليل، وهو ما يضطرنى لطلب المزيد من والدتى لقضاء حاجتى، وبعد فترة ومع علمه بهذا الأمر كان يطلب مني أن أقترض من والدتي على أن يرده لها، لكنه لم يفعل، في البداية كنت أرفض وبشدة ولكننى لم أكن أتحمل ضرباته وتعديه علي بالسب والألفاظ النابية". وتابعت: "بعد الضرب والشتيمة والفلوس التي أخدتها من أبويا علشانه.. فى الآخر عاوزنى أنزل اشتغل في محل أحذية". اختتمت الزوجة حديثها - قائلة: "لم أتحمل هذا الأمر بعد تعديه علي بالضرب والسب، ومد يدى لطلب المال من والدى بالكثير من الحجج وإعطائها له، وإجباري علي العمل بأحد المحال، متناسيًا شهادتى الجامعية، فهو لا يهمه سوى المال، لذلك قررت على الفور رفع دعوى خلع ضده، بعد رفضه الدائم للطلاق".