منذ فوزها بجائزة الجمعية العالمية لخدمات التعهيد GSA العام الماضي، كأفضل دولة مقدمة لخدمات التعهيد على مستوى العالم، استمرت مصر، خلال النصف الأول من العام الحالي، في حصد المراكز المتقدمة وإشادات أكبر المراكز البحثية والجمعيات المتخصصة في قطاعات التكنولوجيا والأعمال. وللسنة الثانية على التوالي، وبعد غياب دام أكثر من 5 سنوات، جاءت مصر ضمن أبرز تسعة مواقع عالمية رئيسية في مجال تصدير خدمات ومنتجات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، طبقاً لتقرير صادر اخيرا عن مؤسسة "جارتنر" العالمية المتخصصة في دراسات واستشارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وحدد التقرير، الذي جاء تحت عنوان "تقييم دول منطقة أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط المصدرة للخدمات في مجال مراكز التعهيد والخدمات المشتركة والمراكز المملوكة لموفري الخدمة"، المواقع الرئيسية التي تم اختيارها كأهم المواقع التي تقدم تلك الخدمات، وتضمنت مصر، وروسيا البيضاء، وبلغاريا، وجمهورية التشيك، وبولندا، ورومانيا، وروسيا، وجنوب إفريقيا. وأشارت "جارتنر"، في ملخص تقريرها عن مصر، إلى المزايا التنافسية بالدولة كمقصد جاذب لتقديم الخدمات العابرة للحدود، والتي تنبع من وفرة المهارات وبأسعار تنافسية، والموقع الجغرافي المتميز لعمليات أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، بالإضافة إلى مهارات اتقان اللغة الإنجليزية وبلكنة محايدة عن معظم الدول المنافسة. كما حدد التقرير عددا من العوامل التي أسهمت في زيادة معدلات نمو الصناعة وجذب المستثمرين، ونمو الأعمال المتعلقة بخدمات تكنولوجيا المعلومات في البلاد، ومن ضمنها وفرة العمالة بسبب استمرارية تدفق عدد كبير من الخريجين سنويًا، مع خطط التوسع وانتشار المناطق التكنولوجية في معظم المدن الكبرى والصغرى، وتوافر خطوط الطيران لمختلف العواصم الأوروبية. وأوضح التقرير مضاعفة الخدمات العابرة للحدود من حيث الحجم خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال الشركات العالمية والمتعددة الجنسيات والإقليمية، المقدمة من مصر لأكثر من 100 دولة. وأشار التقرير إلى أن نمو القطاع يرجع إلى الاستثمارات المستمرة في البنية التحتية، وجهود القضاء على بيروقراطية الأعمال التي تتضمن إصلاحات عام 2016 لتيسير تأسيس الشركات والمعاملات مع جميع أنواع المستثمرين. وأضاف التقرير أن مصر تمتلك بنية تحتية قوية للاتصالات السلكية واللاسلكية، حيث تغطي شبكات الألياف الضوئية 36٪ منها حاليًا، مع توافر 17 كابلا بحريا تربطها بباقي دول العالم، مع تقديم خدمات الجيل الرابع للهاتف المحمول في عام 2016. كما ركز التقرير على انخفاض تكلفة العمالة المصرية وبشكل تنافسي كبير، حيث تراجعت تكاليف تصدير الخدمات للخارج، خاصة مع انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، حيث قدرت "جارتنر" ما يحصل عليه مطور البرمجيات في مصر الذي يتمتع بسنتين من الخبرة بنحو 5 آلاف إلى 7 آلاف دولار سنويًا. وذكر التقرير أن إجمالي حجم الاستثمار في سوق البرمجيات على مستوى العالم يقدر بنحو 395 مليار دولار، خلال عام 2017، بمعدل نمو سنوي يقدر بنحو 7%، وذلك حتى عام 2021. و ذكر تقرير صادر عن مؤسسة "كابجيمناي" الفرنسية العالمية أن مصر مؤهلة لتكون الوجهة الرائدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال تعهيد البرمجيات المدمجة، بفضل ما تمتلكه من ميزات تنافسية، وفى ظل توقعات "بيزنس مونيتور إنترناشيونال" بأن يزيد حجم مبيعات البرمجيات المصرية من 182.5 مليون دولار، في عام 2016، إلى 304.2 مليون دولار، بحلول عام 2020، بمعدل نمو سنوي يبلغ نحو 13.3%. وأفاد التقرير بأن هناك توقعات سابقة خلال العام الماضي من مؤسسة "أي دي سي" بأن يصل إجمالي حجم الاستثمارات في سوق تكنولوجيا المعلومات المصرية إلى نحو 2.37 مليار دولار، بمعدل نمو سنوي للصادرات من خدمات تكنولوجيا المعلومات بنحو 15% منذ عام 2011، وتوقعت أيضًا أن ينمو سوق تعهيد نظم الأعمال بنحو 14% خلال العام الحالي. ويعمل التقرير على تحليل مركز مصر في سوق البرمجيات المدمجة، وتعهيد تلك البرمجيات مقارنة بغيرها من الدول الواردة فيه بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل المغرب، وتركيا، وجنوب إفريقيا، أو على المستوى العالمي، مثل الهند وبولندا وبلغاريا. وذكر التقرير بلدانًا مثل مصر، والهند تتميزان عن غيرهما من الدول المنافسة بالاستثمار في مجال تطوير البرمجيات المدمجة، وتوفير جميع أشكال الدعم، لتعزيز مكانتهما في هذا المجال، مشيرًا إلى الدور الإيجابي الذي تلعبه هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، مقارنة بنظيراتها في الدول محل الدراسة. وتابع التقرير أن حقل المواهب المصري يضم عددا من المهارات والكفاءات في المواضيع ذات الصلة، وهو ما يجعلها الخيار الأكثر جاذبية على المستوى الإقليمي، وضمن أفضل الخيارات على المستوى الدولي، مشيراً إلى أن الهند تحتل أفضل ترتيب بين الدول. من ناحية أخرى، أشار "دليل الجمعية الألمانية لوجهات التعهيد" إلى أنه من المتوقع أن يصل معدل نمو الوظائف والعمالة التي تصدر خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر إلى نحو 161 ألف وظيفة بحلول عام 2020. وأكد الدليل أن السوق المصرية تشهد نضجًا في معدلات نموها التي تقوم على مجموعة من العناصر، ومنها وفرة المهارات، وانخفاض التكلفة، والدعم الحكومي، وفرص التطوير والتوسع التي توفرها للشركات العالمية، ومبادرات الإبداع، وقصص نجاح الشركات الناشئة التي حقق عدد منها عائدات بملايين الدولارات. هذا إلى جانب ما كشفت عنه مجموعة "أكسفورد للأعمال"، في تقريرها عن مصر 2017، من أن عام 2016 حقق نقلة نوعية في أداء قطاع تعهيد خدمات التكنولوجيا والأعمال المصري ستمكنه من تحقيق معدلات نمو قوية في المستقبل القريب، حيث سجل معدل نمو سنوي بلغ نحو 7.5٪ منذ عام 2014. وأشار التقرير إلى أن النمو الذي حققه قطاع التعهيد في مصر أسهم في أن حقق قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمصر نموًا بنسبة 13٪، وأن يسهم في الناتج المحلي الإجمالي إسهاما إجماليا قدره 4.1٪، وهو ما أكدته منصة "انتلجنت سي أي أو" المتخصصة في تقديم أحدث البيانات والبحوث عن الاستثمار في قطاعات تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم. وتوقع التقرير أن تظل مصر في وضع يسمح لها بمواصلة جذب عقود تعهيد جديدة، وذلك في ظل تحول قطاع التعهيد في البلاد إلى نموذج خدمات ذات قيمة عالية، مستفيدة في ذلك من الجودة العالية لخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من خلال تفعيل رخصة خدمات الجيل الرابع، وقاعدة المهارات المتوافرة، وهو ما يساعد على الانتقال إلى تقديم خدمات في مجالات أكثر تعقيدًا. وأشاد التقرير بالدور الذي لعبته هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا" خلال عام 2016، حيث أشرفت على تنفيذ عدد من المبادرات، كان من أبرزها التوسع في تطوير عدد من المناطق التكنولوجية الجديدة، ورفع كفاءة الشركات المصرية، وإيجاد مصادر التمويل لها، وتدريب وتعليم المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، ومبادرة صناعة الإلكترونيات، وتطوير منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات، ومساعدة الشركات على دخول أسواق جديدة، ودعم التصدير إليها. يُذكر أن مجموعة "أكسفورد للأعمال" هي شركة عالمية متخصصة في أبحاث واستشارات الأعمال، تأسست عام 1994 في العاصمة البريطانية لندن، ويعمل بها نحو 200 باحث ومحلل تغطى تقاريرهم 34 دولة على مستوى العالم، حيث تنشر معلومات اقتصادية عن الأسواق في إفريقيا، والشرق الأوسط، وآسيا، وأمريكا اللاتينية، وجزر الكاريبي. وتوفر المجموعة تحليلًا شاملًا ودقيقًا للاقتصاد الكلي، والتطورات القطاعية، ويشتمل ذلك على الخدمات المصرفية، وأسواق رأس المال، والتأمين، والطاقة، والنقل، والصناعة والاتصالات.