من أصعب الأشياء هذه الأيام أنك تجد مكانا هادئا ولطيفا في القاهرة، خاصة إذا كنت تريد مكان للمذاكرة، فمن السهل جدًا أنك تفقد تركيزك لأي سبب، سواء كنت في البيت أو في مكان آخر، ولتجد مكان هادئا في وسط الزحمة كأنك تبحث على شيء غير موجود. فاستطاع الشابان "محمد إسماعيل" و"أحمد النبراوى" في منتصف العشرينات أن يقوموا بعمل فكرة مشروع جديدة يسمي "علبة ألوان"، يمكن من خلالها مساعدة الآخرين لتكون فكرتة هي "بيت عيلة"، حيث يوفر المشروع في مساحة لا تزيد عن 140 مترا، مكانا مخصصًا للمذاكرة، ومكانا مخصصا أيضًا لممارسة أنواع كثيرة من الفنون الأخرى "موسيقا - تصوير - رسم - قراءة - كتابة - رقص"، بسعر لا يتعدي 30 جنيهًا. وتوفير مكان يستطيعون من خلالة عمل فعاليات أسبوعية وحفلات، ويوجد أماكن لتسويق أكسسوارات وشنط وانتيكات، ويوفر أيضًا أشياء مجانية مثل قراءة أي كتاب هناك ولكن بدون بيع للكتب ويوفر "WI FI" للزوار. ونجح الشابان في فكرتهما الأساسية لمشروع "علبة ألوان" الثقافى بالزمالك الذى تحول خلال عامين فقط إلى صرح فنى كبير، بعد أن نجحا فى ضم الجمهور إلى فريق العمل واكتفوا به وحده ليلعب كل الأدوار، واستغنوا به عن العمال وطبقوا نظام."Help yourself". وحتى بعد تقديم العروض المختلفة سواء فى الرسم، الغناء، الرقص وحتى التمثيل يتحول الزوار إلى لجنة تحكيم تقيم مستوى العروض، وذلك حتى يشعر المتواجد في المكان أنه ذاهب إلى بيته وأن التثقيف والفنون هى مجرد أنشطة شخصية لا تفرض عليه إنما يختارها بإرادته. قال محمد إسماعيل إنه في أقل من عامين استطعنا أن نثبت وجودنا فى القاهرة بعد أن تمكننا من توسيع مشروع "علبة ألوان"، وفتحنا فرعًَا آخر في المنصورة وحقق نجاحا مذهلا بفضل النظام الأمريكي الذي نتبعه والقائم على مبدأ "اخدم نفسك بنفسك"، موضحًا أن "الإكسسوارات المصنوعة يدويًا قابلة للبيع، وأي حاجة تعجبك وتشعر أنها نالت أعجباكم ممكن تشتريها مننا". بينما أضاف "أحمد سيد" 23 عامًا طالب، أنه يأتي مع أصدقائه إلي هذا المكان لكي يستمتع بالفقرات التي يقدمها المكان بدلاً من الجلوس علي المقاهي وإضاعة الوقت في أشياء غير مفيدة. بينما في "علبة ألوان" يتواجد جو ملائم مما يشجع علي استثمار الوقت في القراءة والمعرفة التي تغذي الروح والعقل، مما يساعدك علي احترام الرأي والرأي الآخر الذي نفتقده هذه الأيام. أما "محمود فهمي" 45 عامًا مدرس فلسفة بإحدي المدارس الثانوية، فأكد أنه من العاشقين للصالونات الثقافية، ولكنه بعدما سمع عن "علبة ألوان" وقرر خوض التجربة لزيارة المكان بهدف الاستكشاف ومعرفة ما يسعي له الشباب وما تبقي عنده من قيم وعادات التي تكاد تنعدم بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وأنه يأمل في تنفيذ مثل هذه الأفكار في أماكن أخرى لتفريغ طاقة الشباب في أشياء إيجابية، تنمي العقل وتوسع الأفق حتى لا يسقطوا ضحية لأفكار التطرف والإرهاب الذي اجتاح بلادنا أخيرًا.