شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال كلمته التي ألقاها في ختام المؤتمر الوطني الرابع للشباب بالإسكندرية، على خطورة الإرهاب إقليميًا ودوليًا الذي بات والدول التي تدعمه "صفحات سوداء في تاريخ الإنسانية"، وأن مصر تواجه تحديات جسام، ومحاولات مضنية؛ لاعتلاء إرادة أبنائه وتقويض حلمهم في بناء الوطن. وقال السيسي في كلمته إنه "لا يخفى عليكم ولا على أحد تعاظم خطر الإرهاب على المستويين الإقليمى والدولى، وما صاحب ذلك من تطور هائل فى قدراته وتنظيماته، وباتت هناك دولاً وأجهزة تدعم الجماعات الإرهابية الراديكالية بالتمويل والتنظيم والتدريب، وجعلت من وسائل إعلامها بوقًا للإرهاب بجرأة وعناد غير مسبوقين، وهذه الدول قد بات دورها المشبوه واضحًا جليًا مسجلاً فى صفحات سوداء من كتاب الإنسانية، ولم يعد هذا الدور غير معلوم للمجتمع الدولى بأسره". وأكد الرئيس أنه "على مدار السنوات الأربع الماضية، استهدف الإرهاب الأسود المدعوم من هذه الدول مصر بشراسة وإصرار، وكلما ازدادت عزيمتنا على مواجهته بالفكر والبناء والتنمية، وكلما تحققت إنجازات على الأرض فى سبيل استعادة الدولة المصرية ومؤسساتها، كلما ازدادت شراسة المخططين له، ولهم أقول، وللمصريين كافة إننا عازمون على مواصلة المسيرة، وإن هذه الدولة ستُبنى بأيدى أبنائها، سنواجه كل شر يحيق بنا بلا كلل أوملل". قال الخبير الأمني اللواء فؤاد علام، وكيل مباحث أمن الدولة الأسبق، إن الإرهاب ظاهرة عالمية، وإن الجماعات المتطرفة ترتكب أعمالا دموية في مصر إضافة لدول متعددة من بينها فرنسا وبلجيكا وإنجلترا ومن قبلها إسبانيا والولايات المتحدةالأمريكية لكن جميع تلك العمليات ليس الهدف منها إسقاط أي دولة من الدول السابق ذكرها، بقدر ما ترمي إلى إحداث ضجة بها، لكن في مصر الأمر يختلف لأنها الوحيدة المستهدفة لإسقاطها كدولة. وأضاف "علام" ل"بوابة الأهرام"، أن المخطط الدولي يستهدف تمزيق الدولة المصرية عبر محاربة الاقتصاد والسياحة، ونشوب حروب أهلية بين مواطنيها، لكن الجهود التي تبذلها قوات الجيش والشرطة ومن قبلها الجهود الشخصية للرئيس السيسي تحول دون تفاقم الأضرار. وشدد أن السيسي من القلائل ضمن المسئولين المصريين، الذي يمتلك القدرة على الإلمام بإجراءات محاربة الإرهاب، مؤكدًا أن تلك الإجراءات لا تقتصر على الجوانب العسكرية والأمنية فقط، وإنما هناك 6 إجراءات أخرى تتنوع بين: سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وإعلامية، ودينية. وأوضح "علام" أنه من اللافت أن السيسي يدعو لانعقاد مؤتمرات متكررة للشباب لمناقشة أرائهم وأفكارهم في مختلف نواحي الحياة، وأنه يلقي خطابات تحث المواطنين على التفاعل مع الأجهزة المختصة لمحاربة الإرهاب، كما أنه يطلب من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف تحديث الخطاب الديني، وأنه يسعى للنهوض بالاقتصاد المصري بما يترتب عليه تحسين مستوى المعيشة، وأنه دائم الطلب للإعلام بتقديم كل ما هو في صالح الوطن والمواطن. وأشار "علام" إلى أن الرئيس زين تلك المجهودات بإصداره قرارًا بتشكيل المجلس الأعلى للإرهاب، وأن الأيام المقبلة بصدد استكمال الظهور للمجلس بشكل كامل، مؤكدًا أن هذا المجلس سيكون له دور مهم في وضع إستراتيجية كاملة لمحاربة الإرهاب الأسود، وتوزيع الاختصاصات والمهام على جميع الوزارات؛ لبيان دور كل منها في تلك المهمة الثقيلة، مؤكدًا أن القضاء على الإرهاب لا يقتصر على الناحية الأمنية والعسكرية فقط بل يحتاج لتضافر جهود جميع مؤسسات الدولة. وأوضح "علام" أن كميات ونوعيات الأسلحة التي يمتلكها عناصر الجماعات المتطرفة داخل مصر ليست قليلة أو عادية، وأنها ليست تنظيمات محدودة، وإنما تنظيم يجهز نفسه للدخول في حرب مع قوات الأمن؛ مشددًا على أن قوات الأمن قادرة على مواجهتهم والانتصار عليهم. فيما قال العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني في مكافحة الإرهاب، ل"بوابة الأهرام"، إن التنظيمات الإرهابية طورت من نفسها عقب ثورة يناير 2011، واستحدثت أشكالًا وأنماطًا مختلفة للعمل؛ هربا من الملاحقات، حيث إن أهدافها وبناءها الفكري يتغير من وقت لآخر، ومن بيئة لأخرى. وأشار "عكاشة" إلى أن المفردات التي يروج لها تحت مسمىيات "صناعة الخلافة الإسلامية"، و"أرض الخلافة"، طرح موجود في أدبيات تلك الجماعات المتطرفة ورددته كل منظمات الراديكالية المسلحة، بدءا من جماعة الإخوان الإرهابية مرورا بالتكفير والهجرة، وتنظيم القاعدة، حتى الوصول إلى "داعش"، مشددًا على أن جميع تلك المفردات نوع من أنواع المسخ الفكري، وخطاب دعائي للعناصر الداخلية داخل التنظيمات. وأكد "عكاشة" أن الإرهاب لم يتوقف تحديدًا منذ ثورة 30 يونيو، سواء في سيناء أو الداخل، ولا صحة لما يتردد عن انتقال التفجيرات والاعتداءات في الداخل بسبب التضييق على العناصر الإرهابية في سيناء، لكن في حقيقة الأمر أن هناك 5 جماعات إرهابية متطرفة تعمل داخل مصر حيث نجد أن "أنصار بيت المقدس" تعمل في سيناء، وأن حركتي "حسم"، و"لواء الثورة" ينشطان في محافظاتالقاهرة وشرق وغرب ووسط الدلتا وصعيد مصر. وأوضح "عكاشة" أن الدليل على نشاط تلك الجماعات في الداخل بشكل متواز في سيناء، بدأت بتفجير مديرية أمن الدقهلية في 2013، وما تلاها من تفجير في الشارع المطل عليه مديرية أمن القاهرة، وخلية عرب شركس، والقنابل التي كانت تنفجر في الأماكن العامة سواء بالقاهرة أو الجيزة أو الإسكندرية أو كفر الشيخ، والقيام بأعمال إرهابية ضد دور العبادة وآخرها حادث كنيستي الإسكندرية وطنطا. فيما قال الدكتور ثروت الخرباوي، المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية، ل"بوابة الأهرام"، إن جماعة الإخوان لديها هدف قديم منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي، واستمر هذا الهدف في مختلف العهود سواء كانت ملكية أو جمهورية وأن هذا الهدف هو تدمير مصر والقضاء عليها. وأضاف "الخرباوي" أن الهدف من إسقاط مصر هو ما ورد في أدبيات الإخوان أن "هذه الدولة (مصر) دولة جاهلية، وأن جاهليتها أسوأ من جاهلية القرون الأولى، وأنه لا يمكن أن يحدث تصالح بين الإيمان المتواجد فيهم (الإخوان) وجاهلية الشعب، إلا بإقامة دولة وفقا لرؤيتهم، وأن دولتهم لن تقوم الإ بعد هدم الدولة عبر المؤسسات الرئيسية مثل الجيش والشرطة والقضاء". وأشار "الخرباوي" إلى أن الجماعة الإرهابية ترى في أدبياتها أن "مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء تجعل من مصر دولة قائمة وأنه عندما يتم هدمها سيتم إعادة بنائها بشكل مختلف جغرافيا وعقائديا وقانونيا وفقا لوجهة نظرهم". وشدد على أن هدف جماعة الإخوان توافق وقوى الإرهاب والمخابرات التي تمارس الاستعمار بشكل مختلف، مؤكدًا أن الكيانات الإرهابية في العالم خرجت من تحت رحم الإخوان مثل "حسم"، و"القاعدة"، و"داعش"، و"حماس" حيث إن الأخيرة لم تمارس أي مقاومة ضد إسرائيل في حين وجهت كل قواها القتالية إلى مصر، وان عمليات الإرهاب على مستوى العالم لا تتم بعيدًا عن الجماعة التي تدعمها من الناحية اللوجيستية، والعقائدية فهى تقدم الفتاوى، والمبررات لارتكابها. وأوضح أن "الإخوان" كانت تسعى لتقسيم مصر كهدف مرحلي وليس نهائي؛ لأنهم وضعوا في تقديرهم أن مصر إمارة ويسعون لإنشاء ما يسمى ب"الامارات الاسلامية" وستكون مصر إمارة مثلها مثل تونس وسوريا وتونس والسودان واليمن التي تدخل الإخوان فيها ما بين ثورات وتقسيم حدود. وأشار إلى أن الجماعة كانت تستهدف تركيز المسيحيين في مصر في منطقة محددة، وكذا الحال مع الشيعة والأكراد في العراق وسوريا حتى يسهل التخلص منهم فيما بعد. وأكد "الخرباوي" ان السيسي في خطابه كان راقيًا عن الدول التي تدعم الإرهاب كعادة الكبار دائمًا، وأنه لم يعلن عنها بشكل مباشر، واكتفى فقط بإرسال رسائل تحدث فيها عن تلك الدولة التي يأكل أهلها طعامًا في سنة يأكله شعب مصر في يوم في إشارة منه إلى "تقزم" تلك الدولة. وأضاف الخرباوي أنه لا يخفي على أحد أن قطر وتركيا هما الدولتين الداعمتين للإرهاب في العالم وليس في مصر فقط، وأن أي دول أخرى، تابعة لهما من خلال تأجير أراضيها لاستضافة معسكرات وتدريبات الإرهابيين.