إذا ما اعتبرنا الميادين الكبرى هي الشاهد على تاريخ المدن، فهذا هو حال ميدان "القناصل"، أو محمد على، كما أطلق عليه فيما بعد، أو المنشية في وقتنا الحالي، والذي يقع بوسط محافظة الإسكندرية، وشهد العديد من الحوادث التاريخية، بداية من قصفه وقت الغزو البريطاني للمدينة عام 1882، وكذلك العديد من الأحداث، وصولا بالخطاب التاريخي للرئيس جمال عبدالناصر، والذي أعلن فيه تأميم قناة السويس. ويتميز ميدان المنشية بتخطيطه المعمارى، الذى يغلب عليه الطابع الإيطالى، حيث صممه معمارى إيطالى، يدعى فرانشيسكو مانشينى، ومن اسمه اشتقت كلمة "المنشية". تأسس الميدان في عهد محمد على، الذي تنبه جيدا لأهمية الإسكندرية، فعمل على النهوض بها، ووضع أسس تنميتها، ففى عام 1834، أنشأ مجلس "الأورناطو"، وكان اختصاصه وضع لوائح البناء وتوسعة الشوارع. ويرجع الفضل إلى هذا المجلس فى إنشاء الميدان، حيث أسماه "ميدان القناصل"، وامتدت المدينة منه متتبعة التخطيط الأوروبى، خاصة الإيطالى، ويظهر ذلك جلياً فى تصميم بعض المبانى، مثل مبنى وكالة «منشة» ووكالة "مونفراتو"، ومبنى المحكمة المختلطة أو «الحقانية". كانت أولى الأحداث التاريخية التي شهدها الميدان، هو تعرضه للقصف من البحرية البريطانية عام 1882، وهو الذي تبعه احتلال مصر، مما أدى لتدمير الميدان بشكل كامل، قبل أن يعاد بناؤه مجددا في نفس العام. "قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقنال السويس البحرية..شركة مساهمة مصرية"..كلمات دوت منذ 61 عاماً كاملة، وبالتحديد في يوم 26 يوليو عام 1956، أطلقها الرئيس جمال عبدالناصر، من أعلى مبنى البورصة بميدان المنشية وسط الإسكندرية، وأمامه احتشد آلاف المواطنين، ليلقي خطابه التاريخي، الذي أنهي عصرا من السيطرة الأجنبية على مقدرات الدولة. ومن بين الأحداث التاريخية الشهيرة التي شهدها ميدان المنشية كذلك، خطاب شهير للرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في 26 أكتوبر 1954، فيما يُعرف تاريخيًا ب حادثة المنشية، والذي تعرض خلالها لمحاولة اغتيال فاشلة. وفي الوقت الحالي، فإن الميدان يعتبر المركز التجاري الأهم بالمدينة الساحلية، حيث يضم عشرات المحلات التجارية، وأسواقًا متخصصة في الذهب والملابس والمانيفاتورة وغيرها.