غيب الموت اليوم، واحدا من أهم رموز العمل العربى المشترك، وهو السفيرأحمد بن حلى، نائب الأمين العام للجامعة العربية، بعد حياة امتدت إلى زهاء 77 عاما، وذلك نتيجة تعرضة لظروف مرضية، دفعته للسفر قبل بضعة أشهر إلى أبنائه المهاجرين فى كندا، ليمضى معهم رحلة علاج طويلة. والميزة النسبية للراحل، أنه كان يعمل فى الجامعة العربية، ليس من منطلق كونه مسئولا رفيع المستوى، ولكنه من منطلق العشق والإيمان بأهميتها كإطار يجسد النظام الإقليمى العربى، ومن الضرورة بمكان المحافظة عليه، والتمسك به، على الرغم من كل التحديات التى أحاطت، وما زالت تحيط به. وقد عمل مع أربعة أمناء عامين للجامعة، بداية من الدكتور عصمت عبدالمجيد، مرورا بعمرو موسى، ونبيل العربى، وصولا إلى الأمين العام الحالى، أحمد أبو الغيط، وجميعهم كانوا يتعاملون معه باحترام وتقدير لكفاءته، لدرجة أن نبيل العربى وصفه، بأنه عقل وضمير الجامعة العربية، وهو كان كذلك بالفعل، فهو حريص على الحضور اليومى، ودون تأخير، ويقوم بدراسة الملفات المسئول عنها، مع فريق عمل معاون له، بعمق وتوازن، وهو مامكنه من صياغة أبرز بيانات الجامعة العربية، والقمم العربية، بالاشتراك، وكان يحافظ على مصالح كل دولة عربية، ولايرغب فى التصعيد، بل يساهم بجهده السياسى والفكرى، فى احتواء الكثير من الأزمات التى تنشأ بين الأطراف العربية، لذلك كان يتمتع بعلاقات طيبة مع جميع المندوبين الدائمين لدى الجامعة. وتقول ملفات سيرته الذاتية، أنه ولد في 26 أغسطس 1940، بولاية تلسمان بالجزائر، وتابع دراسته الابتدائية في مدرسة القرية، وفي الكتاب، ودراسته الإعدادية، وجزءًا من التعليم الثانوي في مدينة وجدة بالمملكة المغربية، بالمدرسة الحرة زيري بن عطية، ومدرسة القرآن الكريم وثانوية الوحدة. ثم التحق بصفوف جيش التحرير الوطني سنة 1960، حيث تدرب على فنون حرب العصابات، وإزالة الألغام بمركز التدريب العسكري بمدينة كبدانة بالمغرب، ثم انتقل إلى عمليات الحدود المغربية الجزائرية بالفيلق الرابع، التابع لجيش التحرير الوطني. وقبيل الاستقلال، استدعى إلى مقر القيادة العليا لجيش التحرير بوجدة، حيث عمل سكرتيرا في المكتب المركزي للجبهة مع فريق من المسؤولين البارزين، من بينهم الرائد سي عبدالقادر عبدالعزيز بوتفليقة، والنقيب سي جمال شريف بلقاسم، والملازم أول سي سليمان (التواتي). وبعد إعلان وقف إطلاق النار بين الجزائر وفرنسا، دخل إلى الجزائر مع ما سمي بمجموعة وجدة عبر تلمسان، واستقر في وهران، ثم جاء إلى القاهرة 1964، حيث استكمل دراسته الثانوية والجامعية، وتخرج سنة 1970 من جامعة القاهرة قسم الصحافة والإعلام بكلية الآداب. شارك سنة 1971 في مسابقة لوزارة الخارجية للتعيين في السلك الدبلوماسي، وكان ترتيبه الأول، وتدرج في السلك الدبلوماسي، إلى أن حصل على درجة سفير، وعين في سنة 1992 سفيراً للجزائر في السودان، حيث لعب دوراً هاماً في تنقية أجواء العلاقات الجزائرية السودانية، التي كان يشوبها التوتر. وفي سنة 1994، عين في جامعة الدول العربية، بدرجة مستشار للأمين العام للجامعة، حيث عمل مع الدكتور أحمد عصمت عبدالمجيد، وفي سنة 1997، ترقي إلى منصب أمين عام مساعد، ثم عينه عمرو موسى نائبا للأمين العام فى 2009، ثم عين في سنة 2009 نائباً لعمرو موسى. وعندما تولى الدكتور نبيل العربي، منصب أمين عام للجامعة، في سنة 2011، جدد تعينه كنائب للأمين العام. وكان يحتل السفير بن حلي، موقع الرجل الثاني في الجامعة العربية.