أثارت تصريحات الدكتور كمال الجنزوري ، رئيس الوزراء، الخاصة بخطة ترشيد الإنفاق الحكومي من أجل خفض عجز الموازنة بنحو 20 مليار جنيه ، الجدل بين الخبراء والمختصين حول إمكانية تنفيذ تلك الخطة عمليا ، والبنود التى يمكن الترشيد فيها ، في حين أكد البعض أن العبرة الأساسية بزيادة الإيرادات وعدم الإكتفاء بترشيد الإنفاق ، حتى لا ندخل فى دائرة مفرغة . قال الدكتور ياسر كمال، الخبير بمركز دراسات الإستثمار والتخطيط وإدارة المشروعات بالمعهد القومي للتخطيط، "بشكل نظري يمكن الترشيد فى بعض البنود ، لكن هناك بنود أخرى لا يمكن المساس بها كالأجور ، فلا نستطيع تخفيضها بل الحكومة مجبرة على زيادتها " ، مضيفا " هناك باب آخر يسمى الإستخدامات فى الدولة ، يندرج تحته النفقات الحكومية ، وهنا ممكن ترشيد الإنفاق فيها ، لكن فى النهاية وعند النظر إلى النتيجة الأخيرة نجد أن ما يتم توفيره من خلال بعض البنود ، يدخل فى زيادة ودعم بنود أخرى " ، مشيرا إلى أن المحصلة النهائية ستكون ترشيد شكلي . وأضاف "كمال" أن الحل هو العمل الجاد والحقيقي على زيادة موارد الدولة ، قائلا " إذا بحثنا بشكل عملي وحقيقي عن حل لتخفيض عجز الموازنة ، لن نجد أمامنا إلا زيادة إيرادات الدولة والمحافظة عليها ، مثل الدخل القومي لقناة السويس " . ومن جانبه ، أشار إلهامي الميرغني، الخبير الإقتصادي، إلى أن خطة ترشيد الإنفاق الحكومي لخفض عجز الموازنة ، طرحت كثيرا حتى فى النظام السابق ولم تنفذ أبدا ، قائلا "حتى الآن لا يتعدى الأمر تصريحات مرسلة ، ولكي نتعامل معه بشكل حقيقي وعملي لا بد من عرض تلك الخطة علينا بتفاصيلها وبنودها المختلفة حتى نتيقن تلك المرة من مصداقية تلك الخطة " . وأضاف "الميرغني" أنه يمكن خفض عجز الموازنة بشكل حقيقي إذا تم الترشيد فى بعض البنود التى تتمتع بسفه شديد فى الإنفاق ، قائلا " هناك 80 ألف مستشار فى المؤسسات الحكومية يتقاضوا 20 مليار جنيه ، وهناك رحلات وسفريات للوزراء الذين يصطحبوا أعداد كبيرة من المرافقين لهم كل هذا على نفقة الدولة ، بالإضافة إلى السيارات التى يمتلكها المسئولين ، فكل وزير يمتلك أكثر من 10 سيارات ، وكذلك الإعلانات الحكومية المبالغ فيها ، وكل هذا شكل من أشكال الإنفاق الحكومي السفيه الذي لا بد من ترشيده إذا كنا نريد خفض عجز الموازنة " ، مضيفا "هناك بند آخر يمكن من خلال توفير إيرادات للدولة مثل ضم الصناديق الخاصة فى الجامعات وغيرها إلى الموازنة العامة للدولة ، مع العلم أن تلك الصناديق تحوي 1200 مليار جنيه ، تساهم بشكل أو بآخر في خفض عجز الموازنة" . وأكد الدكتور محمود عبد الحي ، رئيس قسم البحوث الإقتصادية بالمعهد القومي للتخطيط، أن فرص الترشيد والتوفير موجودة ومتعددة ، تحديدا فيما يخص مواد التشغيل مثل إستخدام الورق والأظرف والأدوات الكتابية بشكل عام ، مضيفا "أيضا أدوات النظافة والصيانة ، فأجهزة الكمبيوتر فى الجهات الحكومية معدل التقادم الفني فيها عالي جدا ، وكل فترة بسيطة تحصل تلك الجهات على أجهزة جديدة أو محدثة ، والإستخدام لا يكون على حسب الحاجة " ، مشيرا إلى أن الترشيد فى تلك البنود لن يوفر كل مبلغ عجز الموازنة ، لكنه سيؤكد أن أموال الموازنة غير مهدرة ، مضيفا " نحن فى حاجة أساسية لزيادة الإيرادات بجانب ترشيد النفقات ، ومن الممكن أن يحدث هذا من خلال زيادة بسيطة لرسوم بعض الخدمات ، ومثلا زيادة مصروفات المدارس 20 جنيها فى العام وهي ستكون زيادة طفيفية لكنها ستوفر للدولة ، بالإضافة زيادة رسوم رخص السيارات بقيمة 10 إلى 15 % " ، متابعا "هناك بنود كثيرة يجب أن تراجع ، وستوفر جزء كبير من عجز الميزانية ، مثل التوفير فى الكهرباء والمياة فى الجهات الحكومية وغيرها " ، مؤكدا على ضرورة ترشيد النفقات وزيادة الإيرادات دون التأثير على أصحاب الدخول المنخفضة .