دخلت تركياوإيران والجزائر على خط الوساطة بين دول مجلس التعاون الخليجي على خلفية الأزمة الأخيرة بين الإمارات والسعودية من جهة وقطر من جهة أخرى. وبرغم أن ملف احتواء الإسلاميين والعلاقة مع إيران أهم أسباب الخلاف بين الدول الخليجية، إلا أن تركيا أردوغان الذي يقود حزب العدالة والتنمية صاحب الجذور الإخوانية والداعم الأكبر لجماعة الإخوان المسلمين، أعلنت استعدادها للدخول في وساطة بين الدول صاحبة الأزمة. الغريب أن المصالح السعودية التركية تتقاطع في بعض الملفات، وتتغير وفقا لأجندة كل دولة وما يتوافق مع مصالحها القومية، ففي سوريا على سبيل المثال فإن المواقف التركية السعودية تتلاقى عند هدف إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن تفاصيل العملية السياسية ومواقف كل طرف تجاه المعارضة السورية تختلف من دولة لأخرى، فهل يمكن لسوريا أن تكون جسرا للعبور إلى توافق بين الدول الثلاث "الرياض-الأمارات- الدوحة". إيران من ناحيتها هي الأخرى أعلنت أنها مستعدة للوساطة بين الدول الثلاث .. ورغم أن هذا الطرح يثير الاستفهام حول جدية طهران في هذا الموضوع، على اعتبار أنها سبب الخلاف الجوهري بين دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن السياسة الخارجية لدول الخليج يحكمها في الأساس الموقف من إيران، إلا أن التغيرات الحاصلة في المنطقة العربية والتي تفرض نوعا من التحالفات غير المتوقعة تجعل من الممكن التعامل مع هذا الطرح بمنطقية. دخول تركياوإيران على الخط يعيد إلى الأذهان الخلاف الذي كان قد حصل بين الدول العربية والإسلامية على خلفية مقترح تشكيل "ناتو عربي" لمواجهة إيران، بدعم من واشنطن، حيث أعلن حينها أن طهران تحاول بالاشتراك مع الدوحة وأنقرة وبعض الدول العربية والإسلامية تشكيل محور مضاد لذلك المحور الذي أعلنت عنه واشنطن، ويبدو أن المحور "القطريالإيراني التركي" أصبح قيد التشكيل، ويتم العمل بمقتضاه بالفعل في سوريا وبعض الملفات، ويمكن اعتبار مسار أستانة بخصوص المفاوضات السورية نموذجا لبروز هذا المحور، كما أن الحديث عن الملف الفلسطيني وحركة حماس يستحضر في الأذهان صورة هذا المحور الذي يعمل بشكل مختلف عن محور "مصر والإمارات والسعودية" في الملف الفلسطيني. معروف أن مصر والسعودية والإمارات والأردن "الرباعية العربية" يتبنون مبادرة السلام الرباعية التي أطلقتها الرياض من بيروت عام 2002، وهي المبادرة التي ترفضها حركة حماس المدعومة من تركياوقطر، على الرغم من تغيير وثيقتها السياسية مؤخرات لتتماشي مع بعض مبادئ الرباعية العربية. على أي حال فإن الأمور بشأن الأزمة الخليجية في طريقها للتصعيد –حسب التقارير الإعلامية وتصريحات المسئولين من كلا الأطراف- ويبدو أن الرياض قد ضاقت ذرعًا بما تفعله قطر من دعم للحوثيين باليمن، وهو ما كبدها خسائر كبيرة بالإضافة إلى التحركات الإيرانية في المنطقة العربية والأفريقية، ما يهدد حركة التجارة العربية والممرات المائية في باب المندب والبحر الأحمر. يقول أنور عشقي الكاتب والحلل السعودي إن الرياض جادة في هذا الأمر ولايمكنها التراجع عن موقفها من قطر، معتبرا أنه كان يجب أخذ هذا الأمر بجدية منذ زمن طويل، مطالبا جميع الدول العربية التي حضرت القمة الخليجية في الرياض بالوفاء بالتزاماتها تجاه الرياض، من بينها تقليص نفوذ إيران بالمنطقة، وتحجيم التيارات المتطرفة. و أكدت مصادر عربية رفيعة المستوى تفضيل الكويت عدم الدخول في وساطة بين قطر من جهة والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات من جهة أخرى في ضوء التطورات الأخيرة. وتمثلت هذه التطورات بقطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع الدوحة في ضوء المواقف التي اتخذها أمير دولة قطر الشيخ تميم بين حمد آل ثاني من الأحداث التي تشهدها المنطقة وإصراره على أن تكون بلاده خارج السرب العربي والخليجي. السيناروهات المتوقعة قد تضطر قطر لتقليم أذرع اتصالها مع الميليشيات والجماعات المسلحة، وربما يمكن للدوحة أن تعيد صياغة علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين، ويمكن أن تسفر هذه الصياغة عن طرد مجموعة من القيادات كبادرة حسن نية، عموما وضع كهذا يفرض سيناريوهات عديدة للتعامل مع الأزمة خصوصا أن هناك تلميحات بفرض عقوبات اقتصادية وتجارية على الدولة الخليجية، وظهرت بوادر هذا التمليح من خلال قطع الرحلات الجوية وإغلاق الموانئ البحرية والجوية . وحسب الباحث في العلاقات الدولية محمد حامد فهناك أربعة سيناريوهات سوف يستخدمها دول الخليج حال استمرار قطر في سياستها الخارجية ضد الأمن القومي والعربي أولاً: فرض عقوبات سياسية ودبلوماسية، وثانيًا: الطرد من مجلس التعاون الخليجي، معتبرا أن السيناريو الثالث يشمل انقلاب في الأسرة الحاكمة في القصر الملكي القطري على الأمير تميم بن حمد واستبداله. وأكد حامد، أن الخيار التصعيدي الأشد سيكون باستخدام القانون الدولي عبر العقوبات الاقتصادية، مشيرًا إلى أنها لن تتوقف إلا مع تغيرات جذرية لسياسة قطر. وأوضح حامد، أن بيان الخارجية القطرية يسعى لتقليل مما حدث وغير مدرك للواقع، مضيفا أن قطر أمام فرصتين وساطة تركية وساطة عمانية بدعم من إيران لمحاولة تهدئة الأجواء الخليجية على الشقيقة الصغرى.