أظهرت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية رغبة المصريين في المشاركة لاختيار مستقبل أفضل لمصر بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بالنظام السابق من قيادات "الحزب الوطني المنحل"، لتأتي الانتخابات بما يشير إلى سيطرة التيارات الإسلامية على اختلافاتها على البرلمان المقبل. وفي مشهد تاريخي لم يحدث من قبل، وبعد حرمان سياسي طويل، وبعيدًا عن معتقلات أمن الدولة، أظهرت النتائج تفوقا كبيرا للتيار الإسلامي المتمثل في حزبي "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمون، و"النور" الممثل للسلفيين في انتخابات المرحلة الأولى التي أجريت في 9 محافظات هي: القاهرة، الفيوم، الأقصر، بورسعيد، دمياط، الإسكندرية، كفر الشيخ، أسيوط، البحر الأحمر. ولكن مع ظهور بوادر تفوق التيار الإسلامي على الأحزاب الأخرى –وخاصة الليبرالية منها- في المرحلة الأولى، سادت حالة تخوف بين بعض الأوساط من قمع قد تمارسه هذه التيارات الإسلامية تعوض به القمع الذي كان يمارسه النظام السابق ضدها لفترات طويلة، فالإخوان المسلمون اتخذوا شعار "الإسلام هو الحل" وهو ما تعتبره بعض التيارات إقصاء لغير المسلمين، حتى وإن تحدثت قيادات الجماعة باللغة نفسها التي يتحدث بها كثير من الإصلاحيين عندما يتعلق الأمر بالحديث عن استقلال القضاء، والقضاء على الفساد، والمطالبة بالعدالة الاجتماعية والحرية وغيرها. أما الجماعة السلفية التي يمثلها حزب "النور" فيرى الكثيرون العديد من التناقضات في أقوال ومواقف قياداتها، حيث قال المحامي إبراهيم عبد اللطيف إنه في الوقت التي حرّمت فيه الجماعة السلفية التصوير وتعليق الصور، ودعت من قبل لادخار تكاليف الدعاية الإعلانية لخدمة الفقراء والمحتاجين، قامت في الوقت ذاته بنشر الدعاية الانتخابية لمرشحيها في كل مكان وبشتى الوسائل وبصورة مكثفة جدا. وردا على تحوف عدد كبير من المثقفين من تفوق التيار الإسلامي، مبررين ذلك بإصرارهم على عدم إعلان التيار موقفا نهائيا بشأن قضية حرية التعبير الأدبي والفني، قال المحامي منتصر الزيات، الذي اشتهر بلقب محامي الجماعات الإسلامية في مصر: المثقفون أكذوبة وضللوا الشارع المصري لسنوات طويلة، وساهموا مع الرئيس السابق مبارك ونظامه في أن يفقد الشعب الثقة في الشارع، فمن يخشون الإسلاميين من المثقفين أجرموا في حق الشعب المصري، كما أنهم هم النخبة الفاسدة التي ساعدت في كبت طموح المصريين. وأضاف منتصر أن: الشعب الآن هو الذي يختار ممثليه دون وصاية من أحد في البرلمان المقبل، ولثقته في فكر الإسلاميين أعطاهم تفوقا في انتخابات المرحلة الأولى على الأحزاب الأخرى. مشيرًا إلى أن الشعب لا يريد إلا الصراحة، وهو ما ينادي به الإسلاميون. وقال منتصر: على الرغم من قيام الليبراليين، واليساريين، ودعاة الدولة المدنية، وغيرهم من الأحزاب بدق طبول الحرب على الإسلاميين، صوّت لهم الشعب، ف"سيبونا نجرب الإسلاميين"، فهم مصريون أيضًا من نبت الوطن، وسوف يعملون على بناء المجتمع من جديد.