تحول الدعاة التليفزيونيون الجدد في العقد الأخير إلي ظاهرة مؤثرة في المجتمعات الإسلامية، وأحدثوا تغييرات كبري في صورة الداعية الإسلامي، وتضعهم التطورات السياسية الأخيرة في مصر والعالم العربي أمام فرصة للعب دور أكبر في المجال السياسي، عن التغير الذي أحدثه هؤلاء الدعاة والدور المرشحين للعبه. وقد أعدت مجلة الإيكونوميست البريطانية هذا التقرير في عددها الأخير: من المعتاد أن تسمع أصوات صرخات البنات المراهقات وهن ينتظرن بدء حفلة موسيقي بوب أو في انتظار عرض سينما، ولكن هذه المشاهد تقل حين تنتظر الفتيات الاستماع إلي داعية ديني، ولكن ربما تهمس إحداهن همسة خاطفة من تحت النقاب تقول "لقد رأيته، لقد رأيته" وهي تنتظر معز مسعود الداعية التليفزيوني المصري، الذي يعد جزءاً من فريق متنامي من الدعاة الإسلاميين الذين تحولوا إلي مشاهير. يرسم هؤلاء الدعاة صورتهم علي غرار رواد التبشير المسيحي في الخمسينيات ك"بيلي جراهام" مثلا، فعلي مدار العشر سنوات الماضية تحول عمر خالد، المحاسب السابق إلي الداعية النجم الذي عبد الطريق لمن بعده. في السابق رسخ الدعاة التليفزيونيون صورة نمطية وتقليدية للداعية، شعر أبيض، لحية طويلة، وجلباب أبيض، ويحض الداعية المؤمنين علي اتباع التعاليم الإسلامية بشكل أكثر التزاماً عبر لغة عربية فصحي. لكن التغيير الذي جاء به الدعاة الجدد كان كبيراً ففي عام 2001 ظهر عمرو خالد علي الشاشة ببرنامجه "كلمات من القلب"، دعا الناس من خلاله للتقوي بشكل معتدل، مرتدياً بذلة عصرية، وذقن حليقة وشارب، ويتحدث بالعامية المصرية لجمهور من الرجال والنساء علي حد سواء، ويناقش الهواجس المعاصرة للشباب المسلم من عينة ما إذا كانت الذهاب إلي السينما حلال أم حرام؟. اتبع العديد من الدعاة خطي عمرو خالد، وكانت الهيمنة في هذا المجال للمصريين الذين ظهر فيهم مصطفي حسني، ومعز مسعود، وفي أندونيسيا ظهر عبد الله جيمناتسيار الذي استطاع أن يجذب إليه الملايين من المشاهدين إلي أن قرر أن يتخذ زوجة ثانية في عام 2006 فتولي عنه قطاع كبير من جمهوره من النساء. هذا النسل الجديد من الدعاة التليفزيونيين أثبتت أن لهم شعبية ضخمة بين المشاهدين من الشباب الراغب عن البرامج الدينية التقليدية، ولكن المؤسسات الدينية والسياسية في المجتمعات المسلمة ليست مستريحة لظهور هؤلاء النجوم الجدد، فلا أحد منهم تلقي تعليمه عبر المؤسسة الدينية الرسمية لتخريج رجال الدين ولا مهتم بالانتماء إليها. وفي تحالف غريب، فإن العلمانيين أيضاً حذرون وقلقون من أن يتحول هؤلاء الدعاة المعتدلين إلي بوابة لنسخة أخري من التشدد، ورغم ذلك فإن المؤسسة الدينية التقليدية أصبحت تجد نفسها مجبرة علي أن تعترف بقوة هؤلاء الدعاة، ففي يناير الماضي، قابل فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، عمرو خالد وناقش معه سبل تجديد الخطاب الإسلامي. يكمن قبول هؤلاء الدعاة وجاذبيتهم في جزء كبير منه إلي افتقارهم للشهادات الدينية الرسمية، فهم يقدمون أنفسهم إلي المجتمع كمسلمين عاديين نجحوا في التغلب علي أهوائهم الشخصية لاكتشاف الإيمان، كثير منهم لم يكن حتي متديناً حين كان لايزال شاباً. أحمد الشقيري، داعية سعودي، يصف نفسه كشاب مبذر يعيش في كاليفورنيا يذهب إلي الملاهي الليلية مع النساء ويشرب الكحول قبل أن يعود إلي السعودية وإلي الله. معز مسعود أيضاً فقد أصدقاء له في حادث سيارة، عاني من جرعة مخدرات زائدة ومرض السرطان، وتحمل عملية جراحية قاسية قبل أن يقرر أن يهب حياته إلي الله. الإحباط بين أتباع جيمناتسيار بعد زواجه الثاني يكمن في واقعة أن هذا الفعل كان علي خلاف صورته السائدة كزوج مخلص ورجل عائلة بالنسبة إلى أتباعه من النساء علي الأقل، فالإخلاص والاتساق الشخصي أمر حاسم بالنسبة لجاذبيتهم وقبولهم لدي المجتمع. عمرو خالد، معز مسعود، ومصطفي حسني كلهم بدأوا حياتهم في قناة "اقرأ" الدينية التي تبث من المملكة العربية السعودية، وعند نقطة ما كان 80% من إعلانات "اقرأ" جاءت بسبب برامج عمرو خالد الذي ترك القناة منذ فترة وبدأ في العمل عبر عدة شبكات فضائية من بينها شبكات علمانية ك“MBC" التي تبث من دبي. حتي الآن تجنب معظم هؤلاء الدعاة التورط في السياسة، ولكن هذا قد يتغير فمنذ الثورة المصرية، بدأ عمرو خالد علي سبيل المثال في أن يدخل في السياسة، وفي السباق حول الاستفتاء علي التعديلات الدستورية الذي أقيم في مارس الماضي انضم هو ومعز مسعود إلي الفريق الذي قال "لا" للتعديلات متضامنين بذلك مع الليبراليين والعلمانيين. لم يعلن هؤلاء الدعاة بعد توجهاتهم السياسية الحقيقة بعد، ولكن إذا فعلوا، فإن هذا يعني أن الإسلاميين علي وشك الدخول في مرحلة جديدة. أرقام عن الدعاة: عمرو خالد، 3.45 مليون متابع علي الفيس بوك و 178.271 علي تويتر. مصطفي حسني، 1.65 مليون متابع علي فيس بوك و27.160 علي تويتر. أحمد الشقيري، 450 ألف متابع علي فيس بوك و307 آلاف علي تويتر. معز مسعود، 72 ألف متابع علي فيس بوك و 76 ألف علي تويتر. عبد الله جيمناتسيار، 60ألف متابع علي فيس بوك و84.29 ألف علي تويتر.