بعد مضي ثلاث سنوات علي إنشاء المعاهد فوق المتوسطة بجامعة الأزهر طالب عدد من أساتذة الأزهر، بعدم إنشاء معاهد فنية بالجامعة وإلغاء تبعية المعاهد الحالية لجامعة الأزهر إن لم يتم إلغاؤها. وأكد الأساتذة المعترضون عدم جدوي هذه المعاهد، وطالبوا بالتركيز علي تجويد مستوي طلاب الأزهر، وقالوا إن التوسع في المعاهد يقلص من منتج الأزهر مستقبلا، كما أنه لا يعالج قضية ضعف المستوي وتدني المجاميع. ويعود قرار إنشاء معاهد فوق متوسطة بالأزهرإلي 11/9/2008 والخاص بإنشاء معاهد: مقيمي شعائر، علوم هندسية، معاهد تحاليل كيميائية، معاهد فني مختبرات، معاهد بصريات، معاهد لإعداد قواعد البيانات. واستهدف القرار بحسب رؤية القائمين علي إنشائه الحد من الكثافة الطلابية واحتواء الطلاب ضعاف المستوي من خريجي الثانوية الأزهرية، والارتقاء بمستوي خريجي الأزهر، والحد من نسبة الرسوب التي وصلت إلي 30% تطوير أم تدمير؟ شيء من التوجس والقلق أصاب الدكتور محمد المختار المهدي عضو مجمع البحوث الإسلامية منذ بدء التفكير في هذا القرار الذي اعتبره حلقة في سلسلة مخطط لضم الأزهر للتربية والتعليم، مشيرا إلي أنه بدأ التمهيد لهذا المخطط منذ زمن بعيد حينما تم إلغاء الكتاتيب وتقليص سنوات الدراسة بالمرحلة الثانوية من خمس سنوات إلي أربع سنوات ثم إلي ثلاث كما هى الحال في التعليم العام.. والأمر نفسه لحق بالمرحلة الإعدادية التي قلصت سنواتها من أربع سنوات إلي ثلاث..وللأسف كما يقول المهدي فإن مقررات التربية والتعليم التي يدرسها الأزهر يتم المحافظة عليها في حين يتم اختزال العلوم الشرعية حتي أصبحت في مجملها عاجزة عن أن تصنع عالما يحمل علي عاتقه رسالة الأزهر السامية. ويدلل المهدي علي توجسه بما نشر عن مخططات المؤتمر الوطني الثالث لمناهضة التمييز (التعليم والمواطنة) الذي عقد قبل ثلاث سنوات والذي دعا في نتائجه إلي دمج المعاهد الأزهرية ضمن منظومة التعليم المدني تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، وأن تعود جامعة الأزهر لتصبح جامعة دراسات دينية إسلامية يلتحق بها الراغبون بعد انتهاء التعليم الجامعي، مع تطوير الدراسات الدينية بحيث تعالج مشكلات وقضايا الواقع والمستقبل بدلا من حبسها في إطار الماضي السحيق- حسب نتائج المؤتمر. وتساءل المهدي: لماذا الأزهر مطالب بتخريج فنيين في حين أن التعليم العام يتسع لهذا؟ وإذا كان الهدف هو احتواء الطلاب ضعاف المستوي، فليكن تركيزنا هو البحث عن كيفية الارتقاء بمستوي طالب الأزهر، ليعود للمستوي الذي الذي عهدناه منذ نصف قرن..أما فيما يتعلق بمقيمي الشعائر والمؤذنين فطالب الثانوية الأزهرية يصلح للقيام بهذا الدور دون الالتحاق بمعهد أو غيره. وطالب د.المهدي بعودة التعليم الأزهري عموما إلي سابق عهده، مشيرا إلي أن ما لحق بالتعليم الأزهري باسم التطوير، لم يعد علي الأزهر بشيء حتي الآن، بل علي العكس سعي للتخريب والتدمير، وكانت النتيجة أن خسر الأزهر العلماء العاملين وخسر ثقة العالم الإسلامي به، وسيكون نسبة المعاهد فوق المتوسطة لجامعة الأزهر خصما من مكانة الأزهر التي شرف بها عبر تاريخه الطويل ينال من هيبة الجامعة. وأعربت الدكتورة آمنة نصير عميدة كلية الدراسات العربية والإسلامية سابقا عن رفضها بشدة إلحاق أي معاهد بجامعة الأزهر، وتري أن ذلك ينال من الوضع الأدبي لخريجي الجامعة فضلا عن التقليل من شأن الجامعة ذاتها أن يكون معاهد من الأساس قبل أن تكون معاهد فنية. وقالت: تعودنا منذ القدم أن يحمل خريج الأزهر شهادة الليسانس أو البكالوريوس أو العالمية.. أما مؤهل فوق المتوسط فإنه لا يناسب عراقة هذه الجامعة وسيجعل الخريج بحاجة علي تفصيل طويل حتي يفصح عن هويته العلمية. وتطالب د.آمنة نصير بإلحاق هذه المعاهد بقطاع المعاهد الأزهرية وتكون امتدادا له لتستوعب ذوي الميول الفنية وأصحاب المجاميع المتدنية، ويقوم بالتدريس بها مدرسون فنيون أكفاء أكثر جدوي وتأثيرا من أساتذة الجامعة.. وحينئذ يمكن أن تكون تلك المعاهد إضافة للتعليم الأزهري دون المساس بهيبة ومكانة الجامعة، خصوصا أن الجامعة تعاني من التضخم حاليا. ولخصت رأيها قائلة: لا مانع من إنشاء معاهد فنية أو غير فنية بالأزهر، شريطة ألا تكون الجامعة مسئولة عنها لا من قريب ولا من بعيد. أما الدكتور محمد أبو زيد الفقي العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بطنطا، فقال: إن تلك المعاهد حلقة من حلقات التآمر علي الأزهر، بهدف تقليل المنتج الأزهري بعدم تخريج دعاة أو أئمة وفق توجيهات تقرير 11 سبتمبر الذي صدر في أمريكا لتفريغ الأزهرهر من محتواه، وبالتالي فإن الدين نفسه يتلاشي بتلاشي العلماء والدعاة إلي الله. وقال الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر إنه لا مانع من إنشاء معاهد فوق متوسطة بجامعة الأزهر شريطة أن تكون تخصص هذه المعاهد يتعلق بالعلوم الشرعية، أما المعاهد الفنية أو التجارية أو الصناعية فإنها لا تتماشي مع رسالة الأزهر ولا ينبغي إلحاقها بجامعته العريقة.. ذلك أن الأزهر الشريف مؤسسة علمية ودعوية وثقافية إسلامية، رسالته الكبري حماية الثقافة الإسلامية والمساعدة في حسن فهم الإسلام وعرضه وذلك لا يتأتي إلا بتدريس العلوم الشرعية والعربية، لتخريج دعاة مؤهلين بسلاح العلم والمعرفة. وأضاف د.أحمد كريمة أن التوسع في التخصصات المدنية والعلوم الطبيعية يناسب وزارة التربية والتعليم أو التعليم العالي، أما الأزهر الشريف فلا.. مشيرا إلي أنه يجب الإقلال من العلوم الطبيعية الآن والإكثار من العلوم الشرعية والعربية في الأزهر الشريف ليتمكن خريجو الأزهر من تصحيح المفاهيم المغلوطة والتصدي لتيارات التشدد والغلو والافتراء علي الإسلام، وذلك لا يتسني للمعاهد ذات الصبغة الفنية الصرفة، كما هى الحال في تلك التي تعني بالعلوم الشرعية.