قال آلان جريش، نائب مدير صحيفة "لوموند ديبلوماتيك" المتخصص في شئون الشرق الأوسط، إن مصر أصبحت تمتلك سياسة مستقلة بعد ثورة 25 يناير، لكنها تحتاج إلى اقتصاد قوي للوقوف على أرض ثابتة. وأضاف جريش، في محاضرة ألقاها مساء اليوم الإثنين في المعهد الفرنسي بمصر بعنوان "الجغرافيا السياسية وما تغيره الصحوة العربية"، أن مصر ستحذو حذو تركيا فيما يتعلق بتبني سياسة مستقلة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن مسألة الاقتصاد تمثل تحديا كبيرا بالنسبة لمصر في هذا الشأن، لافتا إلى أن حجم الاقتصاد في تركيا يمثل نحو ثلاثة أضعاف الاقتصاد المصري، الأمر الذي ينعكس بشكل كبير على الوضع السياسي في مصر بالمقارنة مع تركيا. وأكد جريش وجود تغيير واضح في الدبلوماسية المصرية عقب ثورة 25 يناير، مشيرا في هذا الصدد إلى الانتقادات التي وجهها مؤخرا وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى اللجنة الرباعية الدولية، معتبرا أن هذه اللهجة الجديدة تمثل أمرا مهما للسياسة الخارجية لمصر. وفيما يخص القضية الفلسطينية، اعتبر جريش أن تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" عن الدولة الفلسطينية لم تكن لتخرج قبل الثورات العربية، مشيرا إلى أن التغيرات التي حدثت في عدد من الدول العربية، لاسيما مصر يؤثر بشكل كبير في التطورات على الساحة الفلسطينية. وأشار آلان جريش إلى أن مصر لن تمارس ضغوطا على السلطة الفلسطينية أو حركة حماس كما كانت تفعل في السابق على حساب القضية الفلسطينية، موضحا أن الوضع تغير بعد ثورة 25 يناير، كما أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لم يصبحا بنفس القوة التي كانوا يتمتعون بها من قبل. وحمل آلان جريش إسرائيل مسئولية فشل المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، مؤكدا أنه لم يكن هناك شريك إسرائيلي يسعى لإقامة السلام مع الفلسطينيين. من جهته، أعرب الدكتور نبيل عبد الفتاح المتخصص في العلوم السياسية والحركات الإسلامية في كلمته خلال المحاضرة، عن اعتقاده بأن ثورة 25 يناير ستؤثر بشكل إيجابي على الوضع في مصر، موضحا أن مصر ستشهد خلال المرحلة المقبلة نظاما ديمقراطيا معتدلا. وتطرق عبد الفتاح إلى تأثر منطقة الخليج بمفهوم الجغرافيا السياسية، منوها في هذا الصدد إلى أن أي تغير ثوري في مصر أو اليمن يؤثر على أمن الطاقة في هذه المنطقة. وأشار إلى أن هناك بلدان في المنطقة تأثرت بالثورات العربية مثل البحرين، مضيفا أن الانتفاضة العربية أدت أيضا إلى حدوث صدمة لدى النظام الإيراني. ويذكر أن هذه المحاضرة تأتي في إطار حلقات دراسية بعنوان "وجهة نظر" ينظمها المعهد الفرنسي في مصر بهدف استعراض الآراء الخارجية عن ثورات العالم العربي وإلقاء الضوء على المشكلات الكبرى التي تتخللها من خلال طرحها للنقاش.