من كان يؤمن بأن ثورات الربيع العربى لها أجندات سياسية دولية أو إقليمية، فهو مخطئ. هذا ما قاله رئيس مجلس إدارة النشرة العربية لصحيفة «لوموند ديبلوماتيك»، الكاتب الصحفى الفرنسى آلان جريش، خلال الندوة التى عقدها المركز الثقافى الفرنسى. الثورات العربية، كما يقول جريش أظهرت أن هناك صوتا للشعوب لتغيير أوضاعها، وأنها هى التى تصنع التاريخ، وعندما تريد التغيير تستطيع أن تنفذه، مؤكدا أنه أصبح هناك وزن للشارع العربى فى واشنطن، التى كانت تقول حكومتها عكس ذلك، لذا فإنها ستواجه تناقضا معقدا للغاية فى الفترة القادمة، وهو كيفية تقديم مساندة لإسرائيل، وفى الوقت نفسه تكون على علاقة جيدة بالعالم العربى. ورأى آلان أنه من الأفضل للمصريين أن يكون لهم تجربتهم الخاصة فى النهضة، وهى إذا نجحت فستكون نجاحا للمنطقة العربية والعالم كله. أهمية الثورة المصرية، من وجهة نظر جريش، مهمة للغاية، حيث كان يحكمها أكبر حليف للولايات المتحدة، وظلت فى عهد مبارك لأكثر من 15 عاما عنصرا أساسيا فى إضفاء الشرعية على المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وهو ما تغير بسقوط مبارك. آلان تناول السعودية فى حديثه، كبلد من الممكن أن يخضع للثورات، وقال: السعودية حاليا بها جيل جديد، وتطورات خطيرة، فمنذ أيام مُنحت المرأة السعودية حق الترشح للشورى. الخبير السياسى مدير مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية نبيل عبد الفتاح، كان إلى جوار جريش فى الندوة، وحذر فى كلمته من حصر التغيير الثورى فى البلاد العربية فى نطاقات محدودة، معتبرا أن الثورات العربية كانت صدمة للعالم أجمع، خصوصا إيران التى تراجعت كثيرا فى لغة الخطاب فى الدفاع عن النظام السورى، مشيرا إلى أن الربيع الإيرانى هو رفة الفراشة التى واجهتها طهران. المشكلات التى ستواجهها مصر خلال الفترة القادمة، لخصها عبد الفتاح فى أن مصر ستشهد مراحل متعددة للانتقال، وعليها أولا إرساء قواعد النظام الديمقراطى، خصوصا أن هناك رفضا مصريا شعبيا لسياسة إملاءات دول الخليج، لأن المصالح القومية المصرية أعلى من أى شىء آخر. ما تشهده مصر من تضاغط سياسى بين المرشحين المحتملين للرئاسة، والتيارت الإسلامية والسياسية المختلفة، يراه الخبير السياسى، وجها آخر للحالة المصرية، التى خضعت لفترات طويلة إلى إملاءات خارجية، للتغطية على ملفات بالغة الأهمية، منها تمدد أدوار الدول الأخرى، مثل تركيا والنزاعات الفلسطينية وملف مياه النيل وغيرها. عبد الفتاح أوضح أن هناك توازنات معقدة فى تحديد الشخصية التى تستطيع أن تقود المرحلة القادمة، بتغيير فى الأداء ولغة الخطاب، فى ظل جغرافية سياسية محتمة وضغوط غربية، وربما خليجية.