"هذا مقام السيدة رقية بنت الإمام علي كرم الله وجهه، ومقام السيدة عاتكة "عمة الرسول الكريم" بنت عمر بن نفيل القرشي، ومقام سيدنا علي محمد بن جعفر الصادق".. تعلو هذه اللافتة فوق أنقاض مبني تخفي مدخل تلك المقامات. هنا لا مجال لرائحة البخور التي تميز مقامات آل البيت في مصر، فالرائحة التي تسود المكان وتستقبل الزائرين هي رائحة المياه العطنة.. فتزكم الأنوف لدرجة تجعل الزائر الذي يأتي للتبرك بتلك المقامات يكتفي بقراءة الفاتحة لأصحابها والخروج سريعا. أمتار قليلة من البلاطات الهابطة عن سطح الأرض والمغطاة بترسيبات الرطوبة التي تكاد تأكل الجدران كان علينا أن نتخطاها لنصل إلي مقام السيدة رقية قبل أن يفاجئنا صوت منكسر من خلفنا "رايحين فين بتوع الآثار قفلوا المقام". قالها محمد الفشني، خادم مسجد السيدة رقية، والذي روي لنا أنه استيقظ قبل شهر رمضان بأيام علي صوت انفجار وصوت قوي للمياه، التي طفحت من أسفل المسجد لتؤدي إلي هبوط في مسافات كبيرة من أرضه "الأثار قفلوا الضريح خوفا من أي هبوط مفاجئ بداخله". اضطر الفشني إلي لم "الموكيت" المغطي لأرضية المسجد ووضع رمالا لتغطية هبوط البلاط... أملا في عودة المسئولين لشفط المياه الجوفية من المكان والعودة في أعمال مشروع التطوير لكنهم، لم يعودوا أيضا حتي الآن. يلقي محسن سيد علي، رئيس الإدارة المركزية للآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار، بمسئولية التوقف عن ترميم مقامات آل البيت علي ثورة 25 يناير قائلا: "كنت عامل للشارع خطة كاملة للترميم علي 5 سنوات وبدأنا بمقامي السيدة نفيسة والسيدة سكينة وبدأت الخطة منذ سنتين، لكن توقفنا بسبب الظروف التي تمر بها البلاد وتأثر الميزانية بسبب أحداث ثورة 25 يناير". يستدرك قائلا "دخل كبير للمجلس الأعلي للآثار كان من السياحة وطبعا السياحة توقفت الآن بسبب الثورة". يعرب علي عن تفائله بالنسبة لضريح السيدة رقية برغم الحالة التي وصل إليها الآن ويقول: " الهبوط اللي حصل في ضريح السيدة رقية هبوط جزئي والخطر لو تطور وأصبح هبوطا كليا.. وأنا متفائل أن تستقر أحوال البلد خلال شهرين أو ثلاثة ونرجع لعمليات الترميم تانية". تعد قبة السيدة رقية إحدي القباب الفاطمية لآل بيت النبي، التي يضمها شارع الأشرف، وهي في غاية الروعة والجمال، وتعد من نوادر القباب في العالم الإسلامي، بحسب علماء الآثار، كله لأنها تعطي قيمة سياحية تاريخية لهذا الشارع. يروي الدكتور عبد الله كامل، عميد كلية الآثار بجنوب الوادي، بعضا من تاريخ القباب الفاطمية في شارع الأشرف قائلا: بنيت قبة الإمام الجعفري أولا تلاها قبة السيدة عاتكة ثم قبة السيدة رقية، وهذه القباب بمربعاتها السفلية ومناطق انتقالها التي تتكون من صفين من المقرنصات والحنايا والقباب بتكويناتها المعمارية وزخارفها الأربيسك، وبها قباب مضلعة من الخارج والداخل وهي ثمة من السمات المغربية التي جاءت مع الفاطميين إلي مصر، وهنا تنوع وثراء في العمارة والكتابات الكوفية وما صاحبها من زخارف. يتابع قائلا: هي من أقدم القباب الموجودة في مصر من التاريخ الفاطمي، وهو رمز للفاطميين مع بقية الأثار الفاطمية الموجودة في مصر ومن هنا نقول إن هذا الشارع له بعد ديني وأثري وتاريخي وحضاري وعليه يجب أن تستثمر وزارة الآثار ووزارة السياحة هذا الشارع.