أزمة نقص الاسمدة مستمرة دون حلول مادامت مشكلة ضخ الغاز الي شركات الأسمدة وستواجه الزارعة بنقص حاد في احتياجاتها السمادية في الصيف المقبل مما يسبب تراجعا في انتاجية محاصيله ويهدد بعجز كبير في الأمن الغذائي, ويزيد فاتورة الاستيراد في وقت بدأ معين الاحتياطي من النقد الأجنبي في النضوب لما يحمله من عبء استيراد مستلزمات ضرورية أخري في الغذاء وغيره. أسباب المشكلة معلومة والحلول كذلك والأمر يتطلب حل مشكلة الغاز وضخه بذات الكميات المحددة لشركات الأسمدة حتي لا تتوقف كلية عن الانتاج سواء للوفاء بالاحتياجات المحلية او التصديرية المرتبطة بها التي تسهم وحدها في إدخال عملة أجنبية لمصر لانقاذ احتياطي النقد الأجنبي من النفاد. السطور التالية بها أسباب المشكلة وكيفية الحلول وتأثير نقص السماد في الانتاج ومشاكل الفلاح مع مستلزمات الانتاج الزراعي عموما. بداية يقول المهندس صلاح معوض رئيس قطاع الخدمات بوزارة الزراعة أن الرقعة الزراعية المصرية تحتاج سنويا10 ملايين طن من السماد الآزوتي15.5% وذلك لمحاصيل الموسمين الشتوي والصيفي وكذلك حدائق الفاكهة والخضار أيضا تقوم شركتا الدلتا وأبي قير للأسمدة باعتبارهما قطاعا عاما بتدبير ما بين6-6.4 مليون طن سماد آزوتي من اجمالي الاحتياجات الشتوية وذلك في صورة يوريا46.5% ونترات33.5% وبذلك يصبح لدينا عجز في السماد الآزوتي يتراوح بين3.5-4 ملايين طن ال15.5% وهناك شركات قطاع خاص مثل حلوان, موبكو, الاسكندرية, تنتج اليوريا فقط وللتصدير أساسا ولكن بحكم ظروف مصر ووطنية أصحاب هذه الشركات تم الاتفاق معها علي توريد2 مليون طن آزوتي مكافئ تعادل635 طن يوريا وهذه الشركات من قطاع عام وخاص يتم منها توريد الانتاج الي منافذ التوزيع وهي جمعيات الإصلاح الزراعي, جمعيات الائتمان الزراعي التي تتولي التوزيع علي مستوي الجمهورية عدا محافظات الصعيد, حيث مسئولية التوزيع في يد البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي ماعدا اسوان وبني سويف والفيوم تابعة للائتمان الزراعي, وان نقل الاسمدة من منافذ الانتاج الي مناطق التوزيع يتم وفق برنامج شهري والتنفيذ يومي مراعاة لحاجة المحصول للأسمدة في مراحله العمرية المختلفة, وعن سبب ظهور الأزمة السمادية في الموسم الصيفي للزراعة فمرجعه وجود محاصيل القطن, الأرز, الذرة الشامية, وهذه ذات احتياجات سمادية عالية. وعكس المحاصيل الشتوية فهي أقل ويمكن القول ان ما يتم توريده من اسمدة آزوتية الي قطاع الزراعة يمثل65% من الاحتياجات الشتوية والتعويض يكون من خلال اليوريا فقط لعدم وجود نترات وهي متروكة للقطاع الخاص وبنك التنمية والائتمان الزراعي والجمعية العامة للائتمان الزراعي كل منها يستورد حسب الحالة وهنا البيع للمستورد يتم بالسعر الحر للسماد ولذا فإن الأزمة تظهر لرغبة كل المزارعين في الحصول علي الأسمدة بالسعر المدعم, مؤكدا- معوض- ان صرف الأسمدة يتم وفق البطاقات الحيازية والمعاينة الواقعية علي الأرض لمن يزرعها وهذه آلية توصيل السلعة للفلاح وهذه الآلية المنتظمة يرغبها الجميع من الفلاحين والفارق بين سعر المدعم والحر ان الثاني بين115-120 جنيها ولكن يزداد هذا السعر عندما توجد السوق السوداء لتجارة الأسمدة, أما السعر المدعم فهو ب75 جنيها, مشيرا إلي أن هناك عجزا في الأسمدة عموما وهناك من المشاكل التي واجهتنا في الموسم الشتوي أهمها ان مصانع الأسمدة تواجه مشكلة تخفيض ضخ الغاز إليها من وزارة البترول وكذلك عدم ضخه مما يسبب نقصا في الانتاج, بل وتوقف خطوط انتاج المصانع لأن خفض الضغط للغاز الي المصانع عند درجة معينة يوقف التشغيل والانتاج وبالتالي يتأثر برنامج الاستلام والشحن والتوزيع المعد سابقا بين وزارة الزراعة وتلك الشركات, إضافة الي مشاكل السولار مما يعطل أسطول النقل من السيارات التي تقوم بتوصيل الاسمدة الي محافظات مصر, إضافة الي حدوث إضرابات عمالية ببعض مصانع الأسمدة منها الإسكندرية, أبي قير وغيرهما, كل ذلك أثر علي المورد من الأسمدة بالتأخير وظهرت بالموسم الشتوي مشاكل بعدما كان في السابق تخرج الوزارة من خلاله بمخزون نبدأ به الموسم الصيفي. وقال المهندس معوض ان جمعيات الائتمان الزراعي غطت احتياجات الجمعيات التابعة لها بنسبة90% وجمعيات الاصلاح الزراعي بنسبة87%, وجمعيات الاستصلاح بنسبة60% من الاحتياجات, مؤكدا دخول الموسم الصيفي دون مخزون كما كان يتم ذلك في السابق. ولذا سيتم اجتماع مع الشركات المنتجة لوضع خطة يتم من خلالها مضاعفة كميات توريد فبراير ومارس وابريل حتي نتمكن من توفير مخزون قبل الموسم الصيفي, ونظرا لزيادة احتياجات الفاكهة عن المحاصيل الرئيسية فمثلا فدان الموز يحتاج الي30 شيكارة سماد فيما فدان القمح3 شكائر فقط وهذا يعني ان تسميد فدان الموز يكفي لعشرة أفدنة من القمح ذلك المحصول الاستراتيجي الهام ومن هنا فالتوجه الي تسليم50% فقط من احتياجات تسميد الموز للوفاء باحتياجات القمح خاصة ان مساحته تتجاوز ال3 ملايين وأيضا أهميته الاستراتيجية كأمن غذائي ويمكن لصاحب مزرعة الموز تدبير احتياجاته ال50% الأخري من السوق الحر باعتباره سلعة مربحة وهذه مواءمات نضطر إليها لتصل الأسمدة المدعمة للمحاصيل الاستراتيجية. ومن وجهة نظري أنه عندما يتم اجراء التصنيف الحيازي الذي يوضح المساحة المنزرعة الفعلية سواء من الوادي القديم او المستصلحة فإن هذا ربما يوفر لنا من استهلاكات الأسمدة وعدم نشوء سوق سوداء لهذه السلعة ما بين وقت وآخر لأن هناك من المساحات التي تم البناء عليها ولاتزال محسوبة زراعيا وتأخذ حقها السمادي وحاليا تدرس وزارة الزراعة, التنمية المحلية, الاتصالات عمل الحيازة الالكترونية وهذه تبدأ بهذا الحصر, مؤكدا السماد لمن يزرع الأرض وليس مالكها الأصلي الذي قد يؤجرها لآخر من خلال محضر معاينة معتمدة من اللجنة القروية الموجودة بالقرية يوضح المزارع الفعلي للأرض المستحق للسماد المقرر لها دون غيره, مشيرا إلي ان الفلاح المصري مسرف في استخدام السماد اعتقادا منه أنه يزيد الانتاج ولكن قد يكون ذلك في النمو الخضري علي حساب النمو الثمري وهذا جزء ارشادي يحتاج الي توعية وتثقيف للفلاح, وما يحدد المقرر السمادي هو الأسلوب العلمي من خلال معهد بحوث الارض والمياه الذي يقوم بفحص عينة من التربة للأرض ويحدد نسبة خصوبتها والنقص السمادي المطلوب لها. وعلي الجانب الآخر يري المهندس محمد الخشن رئيس شركة المنوفية للكيماويات( قطاع خاص), ان أزمة الأسمدة لن تحل مادام وزراء الزراعة يسيرون علي نهج واحد في الحل يتمثل في تغطية العجز بين المطلوب والمتاح من خلال الاستيراد سواء شركات المنطقة الحرة في مصر او من الخارج ولم يمنح أحد منهم الوقت والدراسة للمشكلة ليصل الي حل جذري حتي لا يتكرر في المواسم الزراعية خاصة الصيف الذي تتأثر محاصيله بنقص الأسمدة وهذا لا خلاف له تأثيراته السلبية علي انتاجية المحصول حالة عدم وصولها في وقتها المحدد من عمر النبات. سألته عن الأسباب والحل والصورة الحالية للانتاج المحلي المتوافر من خلال شركات الاسمدة حكومية او قطاعا خاصا؟ أجاب المهندس الخشن: إضافة لمشكلة التوزيع التي لم تعالج وكذلك العجز الذي لم تجد الدولة له حلا من خلال حل مشكلة ضخ الغاز لشركات التصنيع التي تعاني خفضا يصل في بعضها الي40% مما هو مطلوب لتشغيلها بكامل طاقاتها كالإسكندرية, والمصرية للأسمدة شبه متوقفة, موبكو لا تعمل بكامل طاقتها لوجود مشاكل مع المجتمع المدني لا حل لها إلا من خلال الدولة, فكيف في ظل مشكلة الغاز يمكن لشركات المنطقة الحرة والحكومية تسليم الدولة600 ألف طن بسعر خاص ولدي شركات المنطقة الحرة تعاقدات دولية للتصدير لا تستطيع تحمل شرطها الجزائي مثلا, ولابد ان نعرف ان سعر طن السماد المصري يزيد علي مثيله عالميا ب10 دولارات لجودته ومصر تنتج حوالي17 مليون طن تركيز15.5% تحتاج الزراعة8.5 مليون طن منها والباقي يتم تصديره, وحتي يمكن توفير احتياجات الزراعة في ظل خفض ضخ الغاز فإن السعر العادل لشركات الانتاج2200 جنيه للطن وهو أقل من السعر العالمي بحوالي1000 جنيه علي الأقل, حيث سعره حاليا500 دولار للطن أي يزيد علي3500 جنيه بأدني سعر للدولار بالجنيه المصري حاليا وعلي الدولة دعم الفلاح في هذه السلعة من خلال شرائها بالسعر العادل للشركات وهو2200 جنيه لتستمر الشركات في العمل وحماية لمليارات الجنيهات المستثمرة فيها ويمكن للدولة ان تعطيه للفلاح ب1500 جنيه وتدفع الفارق كدعم كما تفعل كل دول العالم بما فيها امريكا وأوروبا خاصة ان من يحصلون علي الاسمدة بالسعر الرسمي1500 جنيه لا يتجاوزون30% من الفلاحين, إضافة الي أن العائد الاقتصادي كزيادة في الانتاجية تعود علي الدولة بخفض فاتورة الاستيراد من الخارج خاصة في ظل ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه ولا داعي لدعم الفلاح الأجنبي, كما أن غالبية الفلاحين يحصلون عليه من السوق السوداء بما لا يقل عن3300 جنيه بزيادة تتجاوز100% مما حددته الدولة وهو1500 جنيه للطن وهذا بالطبع راجع الي عدم وجود كميات للوفاء باحتياجات الزراعة مع عدم النسيان أننا مقبلون علي الموسم الصيفي وزراعاته تحتاج اسمدة أكثر من الشتوي ولكن السؤال من اين يأتي التجار بالاسمدة التي يبيعونها ب3300 جنيه مع ان شركات المنطقة الحرة لا تورد لغير الدولة او التصدير للخارج ولا تتعامل مع التجار وهذا يدل علي ان منظومة التوزيع المتمثلة في البنك الزراعي وغيره بها فساد والفلاح كثير الشكوي من سوء معاملة موظفي البنك معه سواء في السماد او القروض او الفوائد التي تثقل كاهله. ويجزم المهندس محمد الخشن ان تصريحات اي مسئول عن ان هناك اتفاقا علي توريد150 ألف طن من المناطق الحرة غير صحيح لان اغلب الشركات متوقفة عن الانتاج سواء التوقف جزئي او كلي بسبب مشاكل خفض ضخ الغاز الذي لم تتضرر الشركات من رفع سعره من3 دولارات الي4 دولارات للمليون وحدة حرارية التي هي تحت السعر العالمي الذي يصل7 دولارات, مشيرا الي ان هناك من الدول ما تمنح الغاز مجانا لشركات الاسمدة مثل الجزائر واخري بسعر رمزي كأمريكا وقطر. ومن وجهة نظر الدكتور احمد طاهر عبدالصادق بمعهد بحوث الاراضي والمياه بمركز البحوث الزراعية ان النبات يحتاج السماد مثلما يحتاج الانسان الغذاء وان التأخر في وصول هذا السماد للنبات يسبب نقصا في الانتاجية للمحصول خاصة الاسمدة الرئيسية الكبري التي يحتاجها النبات بكميات كبيرة مثل النتروجين والفوسفور والبوتاسيوم بالطبع تختلف الاحتياجات السمادية من نبات لاخر بل في المحصول الواحد تختلف من صنف لآخر, اضافة الي عامل نوعية الارض من طينية الي رملية وهذه الاسمدة هي تعويض وعلاج لنقص الخصوبة في الارض واحتياجات النبات, مؤكدا د. احمد ان النبات دون تسميد او تأخر التسميد عن ميعاده حسب كل مرحلة من مراحل عمر النبات المختلفة في الاحتياج كل ذلك يؤثر بالسلب او الايجاب علي انتاجية المحصول, ولذا فلابد من خطة لتوفير السماد علي الفلاحين الزراعيين للاراضي في التوقيتات المعلومة لاحتياجات النبات سواء في الشتاء ام الصيف مع ضرورة متابعة عملية التوزيع. وهناك غضب شديد من الفلاحين بسبب عدم توافر الاسمدة واذا توافرت فبأسعار مضاعفة حيث الشيكارة ب150 بدلا من75 جنيها اي بزيادة100% عن سعرها المحدد من الحكومة وفق ما رواه احمد عبدالعظيم فلاح من المنوفية, مشيرا الي ان مشاكل الفلاح ليست في الاسمدة فقط وانما في غالبية مستلزمات الزراعة من اسمدة ومبيدات وتقاوي محسنة ومشاكل ري وسعر متدن في البيع للمحصول مع انه يباع للمستهلك النهائي باسعار عالية ويذهب هذا الفارق الي جيوب حلقات وسيطة لا تقم بأي عمل ولا تتحمل اي مخاطر. والسؤال الذي يطرحه الفلاح علي الدولة لماذا لا تتواني في الاستيراد لاي سلعة غذائية بالدولارات وتبخل علي الفلاح المصري بدعمه ومساعدته ليزيد انتاجه ويوفر من فاتورة الاستيراد قدر ما تمنحه الدولة من دعم فالتقاوي المحسنة والاسمدة في موعدها والري وخلافه يساوي في النهاية زيادة انتاجية تصل الي4 ارادب قمح مثلا في الفدان لمساحة3 ملايين فدان تزرعها مصر وعليك بحسابها وغير القمح كثير من المحاصيل. فيما يري عبدالفتاح أبو يوسف فلاح من الشرقية ان هموم الفلاح ومشاكل الزراعة خارج تفكير المسئولين بالحكومة والدولة وان ترك المشاكل دون حلول يفاقمها ويزيد من تكاليف الحل فيما بعد والاخطر من ذلك انها تتسبب كمشاكل بالزراعة والغذاء في نقص الغذاء وهذا له خطورته علي غذاء المصريين*