أثارت الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة التى تشهدها البلاد، حالة من الجدل بين مسئولى قطاع العقارات حول قدرة الشركات على ضخ مزيد من الاستثمارات فى مشروعات جديدة خلال 2013، فى ظل تصاعد حدة الأزمة. ورهن رؤساء الشركات العقارية المقيدة فى البورصة المصرية ضخ مزيد من الاستثمارات، باستقرار الأوضاع السياسية المضطربة وظهور بوادر تعاف للمؤشرات الاقتصادية، مشيرين إلى أن استمرار الأوضاع غير المستقرة يهدد مستقبل القطاع العقارى فى مصر. وقال محللون ماليون للأهرام الاقتصادى إن الشركات العقارية المقيدة فى البورصة تمر بالعديد من التحديات التى قد تطيح بآمالها فى التوسع واطلاق مشاريع جديدة بهدف تعويض خسائرها التى منيت بها على مدار العامين الماضيين فى أعقاب الثورة، واكدوا على أن القطاع العقارى فى مصر لايزال يحافظ على قوته رغم الازمات السياسية والاقتصادية التى تعرضت لها البلاد فى أعقاب ثورة يناير قبل عامين. يقول محمود عبدالباسط، رئيس مجلس إدارة شركة "الصعيد العامة للمقاولات"، إن الشركة رهنت ضخ استثمارات جديدة باستقرار الأوضاع المضطربة التى تشهدها البلاد، حيث تعكف الشركة حالياً على الانتهاء من مشروعاتها القائمة لافتاً إلى ان القطاع العقارى تأثر بنحو كبير بعد الثورة نتيجة حالة الانفلات الامنى وأعمال البلطجة التى تعرضت لها المشروعات القائمة وزيادة البطالة وتدهور الوضع الاقتصادى مما ادى الى تقلص وهروب الاستثمارات سواء من الداخل او الخارج الامر الذى أدى إلى تضاؤل فرص النمو فى القطاع فضلا عن اختفاء الثقة بين المستثمر والحكومة نتيجة لكثرة الطعون التى تتعرض لها الاراضى. ولفت الى أن أعمال المقاولات فى مصر لاتزال تمر بتحديات كثيرة، خاصة أن الحكومة لا تضخ اى أعمال أو مشاريع جديدة مما تسبب فى عدم وجود حجم أعمال للمقاولات بالمستوى المطلوب، فضلا عن أن أغلب الشركات العقارية تعانى من ندرة وسائل التمويل حيث تحجم البنوك عن إقراض الشركات نتيجة لطعون الاراضى وبالتالى اصبح القطاع رهن الطعون وأحكام القضاء، مما اثر على اداء الشركات ونتائجها وارباحها فى المجمل. وطالب رئيس مجلس إدارة شركة "الصعيد العامة للمقاولات" شركات المقاولات بالبحث عن بديل مناسب للوفاء بالتزامتها، كما طالب باعادة النظر فى انظمة العمل بادارة شركات المقاولات العامة المكبلة باللوائح والقوانين حيث انها تتبع نفس الاساليب القديمة وسط سوق اصبح اكثر شراسة وتنافس كبير مع شركات خاصة لديها مرونة اكبر فى التعامل مع دول مختلفة وفتح اسواق جديدة، مشيراً إلى أن اعتماد الشركات على سوق واحد يقلل فرص تنوعها داخل اسواق متعددة. أضاف أن المشترى فى الفترة الحالية لايزال يترقب استقرار الأوضاع الاقتصادية لاتضاح الرؤية لكى يقبل على الشراء، وطالب بسرعة إصدار قوانين تنظم التعامل على أراضى الدولة. وقال رئيس مجلس إدارة شركة "الصعيد العامة للمقاولات" ان شركته لجأت للبيع بالتقسيط بحيث تصل مدة الدفع الى 5 سنوات حتى تتمكن من الوصول لاكبر شريحة من المشترين تجاوبا مع آليات العرض والطلب ومخاطبة الطبقات المتوسطة بشكل أكبر. وقال الدكتور حسن القلا، رئيس مجلس ادارة شركة القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية، ان الشركة تعتزم إنشاء من 3 إلى 4 مدارس فى القاهرة والمنيا والاسكندرية خلال العام الجارى باستثمارات حوالى 100 مليون جنيه. اشار الى ان خطة الشركة الاستثمارية خلال الخمس سنوات المقبلة تتضمن بناء 9 مدارس بتكلفة استثمارية تتعدى 210 ملايين جنيه قامت الشركة بتمويل 90 مليون جنيه من مؤسسة التمويل الدولية، بالاضافة الى 90 مليون جنيه تمويلا ذاتيا، فضلا عن مشاركات الشركة مع كيانات أخرى لتوفير 30 مليون جنيه، متوقعاً الانتهاء من بناء 9 مدارس خلال الخمس سنوات القادمة. أوضح أن الشركة تعتزم ايضا افتتاح المرحلة الاولى من جامعة بدر خلال 2014 وتضم كليات طب اسنان وصيدلة وعلاج طبيعى وادارة اعمال. وقال القلا ان حالة عدم الاستقرار التى تشهدها البلاد تسببت فى تأجيل البدء بمشروع اقامة حضانات على مستوى الجمهورية، فى الوقت نفسه، توقع القلا تحسن نتائج أعمال الشركة بنهاية 2013، لافتاً إلى ان الارباح خلال التسعة اشهر الاولى من عام 2012، بلغت 21.2 مليون جنيه، مقابل أرباح بلغت 26.4 مليون جنيه خلال الفترة المماثلة من العام السابق. ومن جانبة، قال محمود مغاورى، رئيس مجلس إدارة الشمس للاسكان، إن الاستثمار العقارى فى مصر يعانى من مشكلات عديدة منها ندرة وسائل التمويل بسبب إحجام المؤسسات المالية عن إقراض أو تمويل الاستثمار العقارى نظرًا لأنه استثمار طويل الأجل ومحفوف بالمخاطر. وقال ان شركته تتفاوض حالياً مع بعض البنوك المحلية للحصول على تسهيلات ائتمانية قصيرة الاجل بقيمة 70 مليون جنيه وذلك لاستكمال تمويل المرحلة الثانية من مشروع اكتوبر التى تم تنفيذ نحو 25% منها فعليا، مشدداً على ضرورة تعاون البنوك من اجل توفير التسهيلات الائتمانية لشركات المقاولات بتوجيه من الدولة حتى تتمكن من مجابهة التحديات القائمة. وطالب مغاورى باحترام الدولة للعقود المحررة مع المستثمرين الجادين الذين ثبتت جديتهم وقاموا بالفعل بإضافة قيمة وتنمية للمجتمع، وهو ما يستدعى تشجيعهم وحثهم على زيادة استثماراتهم حتى يكون هناك استثمار فى مصر، لافتًا إلى أهمية سرعة إصدار قوانين جديدة تنظم التعامل على أراضى الدولة وإلغاء القوانين القديمة لما تحتوى عليه من تضارب وتعارض فيما بينها مع العمل على ترسيخ وتقنين العقود التى تمت قبل الثورة حتى لا يظل هذا القطاع رهن الطعون وأحكام القضاء. بدوره، قال محمد الجندى، رئيس مجلس إدارة شركة "النصر للاسكان"، ان الاضطرابات السياسية اثرت على خطة الشركة الثلاثية التى كان من المقرر الانتهاء منها العام الماضي، وتقرر تأجيلها إلى يونيو من العام الجارى، وقال ان الشركة تضخ استثمارات سنوية بما يقرب من 300 مليون جنيه. أضاف أن قطاع الاسكان فى مصر يواجه العديد من المشكلات التمويلية خاصة مع ارتفاع أسعار الأراضى ومواد البناء، لافتاً الى أن شركات مقاولات القطاع الخاص لن تستطيع حل المشكلة بمفردها لأنه قطاع هادف للربح. ولفت الى أن خطة الوزارة الحالية والسابقة وما قبلها قائمة على الاقتراحات ولم تنفذ ايا منها على ارض الواقع، كما أن التمويل العقارى لم تنفذ أهدافه كما هى وذلك بسبب سوء فهم من المواطن بأهداف التمويل. وتوقع ارتفاع أسعار العقارات فى الفترة المقبلة، بسبب زيادة أسعار العمالة التى تعد تكلفة غير مرصودة أو متوقعة، لافتا الى وجود عوامل ثلاثة مؤثرة فى سعر العقار هى ارتفاع تكلفة مواد البناء التى تمثل 18% من تكلفة المنشأة، وندرة الأراضى، وزيادة أجور العمالة التى تمثل 35% من تكلفة العقار، خاصة بعد أى ركود. وكشف خالد الطيب، رئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للاسكان والتعمير، عن استمرار الشركة خلال العام الجارى فى استكمال منظومة إعاده الهيكلة الشاملة التى قامت بها الإدارة خلال الفترة الماضية بداخل القطاعات العمالية والادارية وعلى الاخص قطاع المبيعات والتسويق الذى ادى إلى الزيادة القياسية فى معدلات البيع والايرادات، لافتا إلى أن الشركة تمتلك محفظة من الاراضى تتعدى قيمتها السوقية نحو 400 مليون جنيه موزعة بين مناطق التجمع وهليوبوليس والاسكندرية ومنطقه معروف . يقول رمضان سيد، مدير الاستثمار بشركة "مدينة نصر للاسكان"، إن الشركة مستمرة فى مشروعاتها خلال الفترة المقبلة رغم الاضطرابات، لافتاً إلى البدء فى تنفيذ مشروع تاج سلطان السكني، اعتباراً من العام الماضى ولمدة 3 سنوات. اوضح انه عبارة عن مجمع السكنى تبلغ مساحته 300 ألف متر مربع، وتبلغ تكلفة المشروع التقديرية حوالى 900 مليون جنيه، فيما تبلغ الايرادات المتوقعة 1.8 مليار جنيه. وكشف فاضل الشهاوي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، عن عزم الشركة الاتجاه الى الاسكان المتوسط خلال العام الجارى لتنشيط المبيعات، فضلا عن التوسع فى التجمعات السكنية "الكومباوند". وقال ان الشركة تمتلك مخزون اراض كبيرا بالاضافة إلى قوة مركزها المالي، لافتاً إلى أن الشركة لديها العديد من المشروعات ابرزها مشروع مدينة هليوبوليس على مساحة 5888 فدانا، فضلا عن مشروع "هليوبارك" بمدينة القاهرةالجديدة ، ومشروع "الشيراتون" لإنشاء منطقة سكنية شرق مطار ألماظة، ومشروع "نزهة العبور" لإنشاء 125 عمارة بمدينة العبور، ومشروع تطوير "مدينة غرناطة"، بالاضافة الى استثمارات الشركة الايجارية. وفى هذا الإطار، ترى ياسمين غانم، المحللة المالية لدى سى آى كابيتال للبحوث، ان قطاع العقارات المصرى لايزال فى مرحلة التعافي، متوقعة أن تشهد أحجام العقارات زيادة مطردة بدعم من ضعف العملة وضعوط التضخم التى من شأنها ان تدعم القطاع العقارى. اوضحت أن مجموعة "عامر جروب" تعتبر واحدة من المطورين العقاريين الذين يمتلكون محفظة اراض بمعدلات نمو ومبيعات جيدة، وعلى الرغم من تعرضها لمخاطر التقلبات الدورية التى يشهدها سوق العقارات، فإن اطلاقها 3 مشاريع اسكان جديدة سيساعدها على مواجهة المخاطر. أشارت إلى أن مجموعة طلعت مصطفى تواجه مشكلات تتعلق بالنزاع القائم على أرض "مدينتي"، مشيرة إلى أن مبيعاتها انخفضت إلى النصف لتصل إلى 40% مقابل 80% فى 2011، وتمكنت الشركة من تحقيق مبيعات مخططة بقيمة 4 مليارات جنيه. وقضت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، الأربعاء الماضى بقبول الطعن المُقدم من المهندس "حمدى الفخرانى"، عضو مجلس الشعب السابق، على حكم القضاء الإدارى الصادر بتأييد صحة عقد مدينتى الجديد وإحالته إلى دائرة الموضوع لنظرها بجلسة 16 إبريل المقبل. وقبل أن تطيح الثورة بالرئيس المخلوع حسنى مبارك، قضت محكمة مصرية عام 2010 ببطلان عقد بيع الأرض المخصصة لمشروع مدينتى الذى تبلغ قيمته أكثر من ثلاثة مليارات دولار، وأكدت أن طريقة البيع جعلت الثمن المدفوع أقل كثيرا من اللازم. وترى غانم ان افضل ميزة لدى شركة "مدينة نصر للاسكان" هو امتلاكها لمخزون اراض كبير يبلغ حوالى 10 ملايين متر مربع، مشيرة إلى أن هذه الاراضى لا تواجه اى نزاعات او مشاكل و هو ما يمنحها ميزة اضافية عن منافسيها. وأعلنت مدينة نصر منتصف اكتوبر الماضى عن اطلاق مشروعها بتاج سلطان "تيجان" عقب تأجيل استمر لقرابة ثلاثة اعوام. من ناحية اخرى، لجأت شركة مجموعة عامر القابضة "عامر جروب" إلى ضخ استثمارات فى الأسواق الخارجية لتعويض الركود الذى تشهده السوق المحلية حيث وقعت اتفاقا اطاريا لتطوير بورتو اغادير مع وزارة السياحة المغربية على مساحة 1.2 مليون متر مربع على ساحل المحيط الاطلنطى حيث تقوم عامر جروب بتطوير مقصد سياحى عائلى عالمى "بورتو"، حيث يتضمن المشروع فنادق واسواقا تجارية وسينمات وشققا فندقية. ويشير محسن عادل، المحلل المالي، ان قطاع العقارات يشهد ركودا واضحا خلال الفترة الحالية خصوصا فى معدلات الشراء الجديد للوحدات بسبب الاضطرابات السياسية وعدم استقرار الاوضاع الاقتصادية التى شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية. وقال ان المستثمرين العقاريين رهنوا ضخ استثمارات جديدة فى السوق العقارية بما ستسفر عنه مشكلات موضوع الاراضى بالتخصيص المباشر الذى يعتبر من الملفات الشائكة فى فترة الاصلاح نتيجة ارتباطه بملكيات مستقرة لعقارات انشئت أو مازالت تحت الانشاء بالاضافة لوجود صعوبة فى عمليات اثبات وجود فساد فعلى فى عملية التخصيص خاصة ان هذه الاراضى عند تخصيصها كانت خارج نطاق المدن فعليا وتم تنميتها وهو ما رفع قيمتها وان هذه الاراضى قد تغيرت طبيعتها عما كانت عليه فى اوقات سابقة. أضاف أن الاستثمارات الخليجية والعربية المعطلة، وخصوصاً فى قطاع العقارات والاستثمارات المرتبطة بها، تعد قضية جوهرية تحتاج من الحكومة إلى الإسراع فى طى ملفها إن هى أرادت تنشيط الاستثمارات والسياحة المرتبطة، فى الوقت الذى تسعى فيه إلى تجنب حدوث أزمة مالية فى ميزان المدفوعات ومعالجة عجز الموازنة الحالية الذى يقدر بنحو 170 مليار جنيه، لذا تندفع باتجاه المساعدات المالية من حكومات أجنبية، منها قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. ورحب عادل بإعلان الحكومة سعيها للوصول إلى تسويات عادلة مع المقاولين وشركات التطوير العقارى، من خلال إعادة النظر فى العقود، فى وقت لا تعتزم فرض أى ضرائب أو غرامات على الشركات بأثر رجعى مشيرا الى ان هذا جاء إثر خطاب للرئيس المصرى أعلن فيه وجود شبهات فساد فى بعض العقود، فى وقت تسعى الحكومة المصرية إلى تسوية نزاعات على أسعار أراضٍ وقضايا أخرى مع نحو 20 مستثمراً أجنبياً ومحلياً فى محاولة لتجنب عملية تحكيم مكلفة، ولبناء الثقة فى مصر. و دعا عادل إلى سرعة البت فى الموضوع وعدم المماطلة لإنجاز ما يمكن إنجازه من المشاريع المعطلة وفتح الباب أمام استثمارات جديدة. اضاف إن سوق العقارات المصرية يسعى للتعافى بعد تراجع الطلب بشكل واضح خلال العامين الماضيين فى ضوء عدم اتضاح الصورة فى شأن الشركات العقارية الكبرى، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضى والعقارات بشكل عام، مع هذا ترى أوساط عقارية أنها تسير باتجاه واضح صوب العقارات المخصصة لذوى الدخل المحدود. ويرى المحلل المالى محسن عادل أن ثبات مستوى أسعار مواد البناء، إضافة إلى الاستقرار السياسى النسبي، سيسهمان فى إعادة تنشيط الاستثمارات المخصصة صوب عقارات الدخل المحدود، وذلك لمعادلة أسعار العقارات التى طورت خلال الارتفاع الكبير فى أسعار مواد البناء خلال الثورة المصرية والأشهر القليلة التى تبعتها التى أثرت فى قدرة المقاولين وشركات التطوير على بناء المزيد من العقارات، وسط إقبال على الأراضى فى المناطق الجديدة التى لا تزال الأسعار فى تلك المناطق مناسبة ويمكن تحملها. قال ان هذا يأتى فى وقت بدأت الحكومة المصرية تخفيض أسعار المشاريع العقارية المخصصة للمغتربين المصريين العاملين فى الخارج، إضافة إلى منحهم طرقاً ميسرة للسداد وذلك لتنشيط الطلب من العاملين المصريين فى الخارج على تلك المشاريع الجديدة .