أعلام حمراء ولافتات تمجد المعونات الصينية وحتى برج باجودا صيني جديد: يشعر من يتجول في بور موريسبي حيث تعقد قمة آسيا المحيط الهادئ بأن الصين هي من ينظمها وليس بابوا غينيا الجديدة. لقد أتاح قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدم حضور اللقاء السنوي لمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) الذي يبدأ هذا الأسبوع في هذا البلد الفقير، لنظيره الصيني شي جينبينج أن يصبح نجم القمة بلا منازع. وهي فرصة لم تفوتها بكين. ويصل الرئيس الصيني مساء الخميس إلى بور مورسبي في زيارة رسمية قبل قمة أبيك يومي السبت والأحد، وهو ترتيب يهدف إلى إظهار التأثير المتزايد لبكين في المنطقة.
ومن المتوقع أن يفتتح شي الجمعة طريقاً جديداً في العاصمة قبل أن يحل ضيفاً على حفل قبلي تقليدي ينظم تقديراً لمكانته المهمة. وأمام فندق ستانلي الفاخر حيث ينزل شي والوفد الصيني، تحيط عشرات الأعلام الحمراء بمبنى باجودا حديث في ما يرمز إلى الصداقة مع الصين.
لا تدخر بكين أي جهد لزيادة نفوذها في المحيط الهادئ حيث تعقد شركاتها صفقات وتشتري حقوق التنقيب في المناجم، وتستثمر في المواد الخام، وتعزز شبكة نفوذ مهمة.
لقد أثارت هذه الهجمة الصينية قلق الدولتين اللتين تحظيان تقليدياً بنفوذ في المنطقة وهما أستراليا ونيوزيلندا لكنها حققت توقعات دول مثل بابوا غينيا الجديدة التي تسعى بأي ثمن لجذب المستثمرين الأجانب.
يذكر انه في عام 2017، بلغ إجمالي التعاملات التجارية بين الصين وجزر المحيط الهادئ 7,25 مليار دولار، بالإضافة إلى 3 مليارات دولار أنفقتها بكين على الاستثمار، وفقاً للأرقام الصينية الرسمية.
وقال نائب وزير الخارجية الصينى تشنغ تسي غوانغ عن العلاقات بين بكين والمحيط الهادئ "إن العلاقات بين الجانبين دخلت مرحلة جديدة من التطور السريع".
ولا تخلو ناحية في بور موريسبي من معلم يحمل بصمة الصين. ففيها بنت الصين أربع شوارع وعدة مراكز للمؤتمرات وحتى مبنى المحكمة العليا.
وتخوض الصين منافسة قوية مع واشنطن وإن كانت لا تزال بعيدة عن اللحاق بها في المجال العسكري.
ويعقد قرار ترامب إرسال نائبه مايك بنس بدلاً منه إلى بور مورسبي عمل الدبلوماسيين الأمريكيين الذين يريدون إقناع دول المنطقة بأن الولاياتالمتحدة لم تتخل عنها، لا سيما وأن أحداً لم ينس أن أحد قرارات الرئيس الأمريكي الأولى كان الانسحاب من "الشراكة عبر المحيط الهادئ"، وهي معاهدة للتجارة الحرة متعددة الأطراف، وأنه لا يتوقف عن التساؤل حول جدوى الالتزام الأمريكي بالدفاع عن بعض الحلفاء في المنطقة.
ويقول وليام آلان رينش، وهو مسؤول أميركي سابق، إنه حتى قبل السعي إلى تعميق العلاقات، ستكون مهمة بنس الأولى في قمة أبيك "محاولة طمأنة الناس حول التزام الولاياتالمتحدة في المنطقة".
ويلقي السبت كل من بنس وشي كلمة خلال اجتماع قادة الأعمال ورؤساء الشركات في آسيا والمحيط الهادئ.
وتقول ميريدن فارال من معهد "لوي" الأسترالي إن "التوتر بين الولاياتالمتحدةوالصين يجعل الأمر أكثر صعوبة بعض الشيء بالنسبة لدول آسيا والمحيط الهادئ التي تعين عليها على الدوام أن تحافظ على توازن دبلوماسي دقيق" بين واشنطنوبكين.
وينتقد مسؤولو البيت الأبيض التمويل الصيني المرفق بشروط مقيدة للدول المتلقية ويصرون على ضرورة "حماية سيادة واستقلال هذه الدول".
لكن بكين تدافع عن مواقفها. وقال تشنغ تسى غوانغ "يجب ألا يقف أحد في طريق الصداقة والتعاون والتبادلات بين الصين والدول الجزر".
ويقول ماثيو جودمان، الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية "في آسيا، أن تكون حاضراً يمثل بالفعل نسبة 80% من العمل المطلوب".
وإذا كانت هذه هي الحال، فقد حصلت الصين على ميزة واضحة هذا الأسبوع مع قمة أبيك.