المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل حملة " بلدك معاك " لدعم الأسر الأولى بالرعاية (فيديو)    وفد جامعة نوتنجهام يشيد بالمستوى الأكاديمي بجامعة المنصورة الجديدة    رفع 565 طن مخلفات وتجمعات قمامة في حملة نظافة بالمنصورة (صور)    حملة مكبرة لرفع الإشغالات بحي غرب شبرا الخيمة    سعر صرف الدولار في البنوك المصرية (آخر تحديث)    طرح 16 قطعة أرض صناعية في المنيا.. كيفية التقديم والمواعيد    الجيش اللبناني يغلق معابر غير شرعية على الحدود مع سوريا    خوسيه ريبيرو يعقد جلسة مع صفقة الأهلي الجديدة بالتتش    غدا، استكمال محاكمة المتهمين في حادث انفجار خط غاز الواحات    ضبط تشكيل عصابي تخصص في تزوير المستندات الرسمية بالقليوبية    عطل مفاجئ.. انقطاع المياه عن 3 أحياء بمدينة الخارجة    عمرو دياب يعود للتلحين في ألبومه الجديد    المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل تنفيذ حملة "بلدك معاك"    منة فضالي بإطلالة جريئة أمام البحر من لبنان.. والجمهور يعلق (صور)    ياسر جلال ل حسن حسني في ذكرى وفاته: "فارقت وسبت فراغ كبير" (فيديو)    فرنسا تحظر التدخين جزئيًا في الأماكن العامة لحماية الأطفال    مواجهات حاسمة في جولة الختام بدوري المحترفين    شعبة مواد البناء: أسعار الأسمنت ارتفعت 100% رغم ضعف الطلب    الرئيس السيسي يؤكد التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين    الصحة: تقديم الخدمات الصحية الوقائية ل 50 ألفًا و598 حاجا من المسافرين عبر المطارات والموانئ المصرية    الأحد المقبل.. احتفالية كبرى لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة بكنائس زويلة الأثرية    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    وصمة عار في جبين الحضارة.. أستاذ قانون دولي يطالب بمقاطعة شاملة لإسرائيل فورًا    القاهرة الإخبارية: فشل آلية توزيع المساعدات و10 شهداء برصاص الاحتلال    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    مفتى السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة    فرنسا: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي ومطلب سياسي    قافلة طبية مجانية بقرية البرشا بملوي تقدم خدمات لأكثر من 1147 حالة    أسامة نبيه: أثق في قدرتنا على تحقيق أداء يليق باسم مصر في كأس العالم    خطيب المسجد الحرام: الحج بلا تصريح أذية للمسلمين والعشر الأوائل خير أيام العام    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    ضبط 9 عناصر إجرامية بحوزتهم 33 كيلو مخدرات ب«أسوان ودمياط»    تعرف على إيرادات فيلم ريستارت في أول أيام عرضه    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    بنيامين نتنياهو يدخل غرفة العمليات.. ومسؤول آخر يتولى إدارة إسرائيل    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «اعتذرتله».. ياسر إبراهيم يكشف كواليس خناقته الشهيرة مع نجم الزمالك    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. إبراهيم عوض أستاذ السياسات العامة بالجامعة الأمريكية: القطاع الخاص لا يوفر فرص عمل كافية لسد متطلبات السوق

العاملون بالجهاز الإدارى للدولة 6 % من عدد السكان مقابل %18 فى النرويج والسويد
أرفض تقليص عدد العاملين فى الحكومة والحل هو إعادة توزيعهم ورفع كفاءتهم
يرفض د. إبراهيم عوض فكرة تضخم الجهاز الإدارى للدولة كما هو شائع ويؤكد أنه يعانى من نقص فى مجال التعليم والصحة مناديا بإعادة توزيع ورفع كفاءة العاملين به، موضحا أن نمو الاقتصاد المنظم الحديث باطراد سوف يولد فرص عمل مأمونة ومجزية فى القطاع الخاص، هذا بالإضافة إلى ضرورة وضع الدولة لسياسات ذات مكون تشغيلى فى القطاعات الاقتصادية المختلفة. مضيفا أن التشغيل والهجرة مرتبطان ارتباطا وثيقا، لذلك بحساب التكلفة والعائد فإن وجود المهاجرين المصريين فى الخارج له منافع منها تخفيف الضغوط على سوق العمل المصرى، علاوة على تحويلاتهم المالية إلى مصر التى تتجاوز 20 مليار دولار سنويا.
وقال فى حواره مع "الاقتصادى" يجب علينا الاعتراف بالدور الجليل الذى يؤديه المهاجرون المصريون للاقتصاد المصرى والعمل على حفظ حقوق وكرامة العمال فى الخارج وتحليل الدولة لأسواق العمل الخارجية وتطورها وحجم الطلب الحالى ومستقبلا بما يمكنها من وضع سياسات التعليم والتدريب الضرورية لتعظيم الاستفادة من فرص الهجرة.



فى رأيك، لماذا يفضل المصريون العمل فى الجهاز الإدارى للدولة؟
قضية الجهاز الإدارى والعاملين فى الدولة ترتبط بمسألة التشغيل. وافتراض أن المصريين يتصرفون ضد مصلحتهم هو افتراض غير سليم. القطاع الخاص الحديث لا يولد فرص العمل الكافية لسد متطلبات النمو السنوى لقوة العمل الذى يقدر بنحو 750 ألف فرصة من الرجال والنساء، ولذلك فالمصريون يبحثون عن فرص عمل مأمونة ومستدامة توفر لهم الأمن الوظيفى والدخل الكافى وغيرهما من شروط العمل وظروفه العادلة. هذا ما يفسر أن المرأة المتعلمة مثلا ذات وزن نسبى كبير فى الجهاز الإدارى للدولة.
وكيف يمكن تقليص عدد العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة؟
الشائع انه متضخم، وهذا غير حقيقى فنسبة العاملين بالجهاز الإدارى للدولة لا تتعدى 6% من عدد السكان بينما نجد نسبتهم فى بلدان كالنرويج والسويد تصل إلى 18% وبالتالى نحن تحتاج إلى زيادتهم وليس تقليل عددهم. اللافت أن الأصوات المنادية بتقليص الجهاز الإدارى لا تضع فى اعتبارها أن مصر تعانى من نقص كبير فى عدد المدرسين الذين يشكلون مع غيرهم من المهن المساندة للعملية التعليمية نحو 30% من عدد الموظفين، ناهيك عن مجال الصحة الذى يعانى نقصا فى الخدمة حيث توجد وحدات طبية ليس بها أطباء وحتى العاملون فى استخراج المعاملات الورقية الرسمية يعانون من نقص ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى توزيع العاملين فى الدولة وإعادة تدريبهم بطريقة سليمة وتوفير الإمكانيات الضرورية لهم وبيئة العمل المواتية، وليس فى عددهم. دائما ما يضرب مثل بالعاملين فى مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون وهم بعشرات الآلاف الذين لا يحتاجهم العمل بالفعل. وهؤلاء يمكن التفكير فى توزيعهم على محطات محلية للإذاعة والتلفزيون فى مختلف أنحاء البلاد.
لكن لا احد ينكر أن العاملين بالدولة يحتاجون إلى رفع كفاءاتهم فكيف يتم ذلك؟
هذا متفق عليه ولكن لا بد أيضا من الإشارة إلى أن الجهاز الإدارى يقوم بوظيفته ودوره لكن الاعتراض يتركز على مستوى كفاءته وإنتاجيته المنخفضة. بالطبع لا بد من العمل على رفع مستوى الكفاءة والمهنية لأن ذلك ضرورى لعملية التنمية التى نتطلع إليها. هذا يتطلب، كما ذكرنا من قبل، النظر فى بيئة فى العمل الصعبة وغير المواتية التى يعمل بها الموظفون الحكوميون وأيضا أجورهم المنخفضة بالمقارنة بنظرائهم فى دول كاليابان وكوريا الجنوبية والدول الاسكندينافية ودول اخرى، بما فى ذلك فى المغرب مثلا، التى تسعى إلى اجتذاب أفضل العقول البشرية للعمل بجهاز الدولة .
وهل تؤيد فكرة إنشاء جهاز إدارى مواز عالى الكفاءة؟
هذا اقتراح يجب تجنبه تماما، لأنه يعنى القبول باستمرار المستوى المنخفض للجهاز الإدارى للدولة وإهدار عشرات من المليارات التى تنفق عليه، كما أن تعدد الأجهزة سيؤدى أيضا إلى الفوضى، ومن الأفضل رفع المستوى الجهاز الحالى تدريجيا لجذب المهارات بطريقة دائمة. وما كان يحدث فى فترة سابقة هو جذب الكفاءات عن طريق مشروعات ممولة من الخارج، فتتفاوت الصلاحيات فضلا عن الأجور ما يخلق حزازات داخل الوزارات العاملة بمثل هذا النظام. . ومع ذلك، فمقترح الإحلال التدريجى وتجديد العاملين بالجهاز الإدارى للدولة هو اقتراح فى محله نظرا لأن متوسط العمر فى الجهاز الحكومى مرتفع نتيجة لوقف التوظيف، فالجهاز بحاجة إلى تجديد دمائه.
وما تقييمك لخطة الإصلاح الإدارى التى وضعتها وزارة التخطيط؟
بالطبع أؤيد الإصلاح الإدارى بمعنى إعادة هيكلة الجهاز الإدارى وتدريب العاملين به وإعادة تدريبهم وتأهيلهم وتوزيعهم، وتوفير الأدوات الضرورية لهم لكى يضطلعوا بأعمالهم بكفاءة، وليس بمعنى خفض عدد العاملين، فالاصلاح مسألة ليست سهلة ولكنها ممكنة ويجب التعامل معها بشجاعة وبسياسة وبكياسة. وتطبيق الإصلاح يحتاج إلى وجود دولة قوية من حيث التخطيط والكفاءة، ولكن من المهم التشديد على أن الجهاز الإدارى ليس هو العائق الوحيد أمام التنمية، فجوهر المشكلة يكمن فى أن الاقتصاد منخفض الإنتاجية ولا ينتج دخلا كافيا لكى تقوم الدولة بالوظائف المنتظرة من الدولة الحديثة. الدولة تحتاج إلى موارد كافية تمكنها من القيام بواجباتها تجاه المواطنين. سياسات الدولة ينبغى أن تكون موجهة لنشأة اقتصاد متقدم مرتفع الإنتاجية يمكن المواطنين من أن يحيوا فى مستوى معيشى لائق، من جانب، ويمكن الدولة من أن تضطلع بوظائفها تجاه المواطنين من جانب آخر.
بين تقييد التوظيف فى الجهاز الإدارى للدولة وفرص القطاع الخاص المحدودة.. أين توجد فرص الراغبين فى العمل؟
نتيجة ذلك هو توسع القطاع غير المنظم، الذى نشأت فيه فرص العمل، مرة أخرى، ذات الإنتاجية المنخفضة وبالتالى ذات الأجور والدخول المنخفضة. ولكن لأن الفقراء لا يمتلكون رفاهة أن يظلوا عاطلين عن العمل فلقد لجأوا إليه. النساء بشكل خاص لجأن إلى القطاع غير المنظم، فكن أول المتضررين من التقليص النسبى للجهاز الإدارى الذى يرتفع فيه وزنهن النسبى كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
كيف يمكن دمج القطاع غير المنظم؟
الدولة لا تستطيع أن تصدر قرارا بدمج القطاع غير المنظم بجرة قلم لكن الدمج الحقيقى له يكون بتقديم خدمات ترفع من إنتاجيته وتحسن من ظروف العمل به وبضخ مزيد من الاستثمارات وتدريب العاملين به على طرائق انتاج أكثر تقدما وعلى كيفية إدارة مؤسساته. هذا هو ما سوف يرفع من إنتاجية القطاع غير المنظم ومن ثم إنتاجية الاقتصاد عامة. كذلك نحتاج إلى خلق نوع من شبكات التامين الاجتماعى للعاملين مع الاهتمام بشكل خاص بالمرأة لأن وزنها النسبى مرتفع فى هذا القطاع بعد التقلص النسبى للجهاز الإدارى للدولة. حينها فقط يمكن أن تنتقل تباعا مؤسسات القطاع غير المنظم إلى القطاع الحديث بسلاسة. من المهم هنا أن نذكر أن القطاع غير المنظم غير معزول كما يعتقد البعض بل له صلات مع القطاع الحديث الذى يعتمد عليه فى إمداده بمدخلات الإنتاج وكذلك فى التوزيع. بالتالى فإن رفع مستوى كفاءة القطاع غير المنظم سيعود بالفائدة على مجمل الاقتصاد.
- كيف يمكن إنشاء فرص العمل اللائقة والمجزية فى القطاع الحديث؟
حينما ينمو الاقتصاد المنظم الحديث باطراد سوف تنشأ فرص العمل المأمونة والمجزية التى يتمتع فيها العمال والموظفون بشروط مناسبة ومنها ضمان اجتماعى حقيقى على أساس الأجر الفعلى الذى يتقاضاه العامل. ولكن نشأة فرص العمل بالعدد والمستوى المطلوبين ليست نتيجة تلقائية للنمو الاقتصادى. خلق طلب على العمل يحتاج إلى اتباع سياسات ذات مكون تشغيلى فى القطاعات الاقتصادية المختلفة. هذه السياسات تضعها الدولة، ويشترك معها فى ذلك منظمات أصحاب العمل الذين يخلقون فرص العمل، وفى مقدمتها اتحاد الصناعات، وكذلك النقابات. القطاع الخاص له دور لا بد أن تنص عليه السياسات، فعند إعطاء رخصة لمصنع ما مثلا، يجب أن تنص السياسة على أن لديه برامج واضحة للتشغيل والتدريب، ولا بد أن يكون للمرأة نصيب واضح فى هذه السياسات والبرامج. وعلى الرغم من انحفاض معدل مشاركة المرأة فى النشاط الاقتصادى، فإن النساء يمثلن ما يقرب من 25% من قوة العمل المصرية، ونحو 30% من الأسر المصرية تعولها نساء.
كيف يمكن أن يواجه القطاع غير المنظم صعوبات توفير التمويل؟
التمويل ليس المشكلة الرئيسية التى تواجه القطاع غير المنظم. بالإضافة إلى التمويل الذاتى، توجد فى مصر برامج لتمويل المؤسسات الصغيرة والصغيرة جدا التى تقع فى القطاع غير المنظم مثل برنامج جمعية رجال الأعمال فى الإسكندرية وبرنامج بنك الإسكندرية. يلاحظ أنه فى العالم كله أعلى معدلات تسديد القروض موجودة فى القطاع غير المنظم.
كيف يمكن تأهيل ورفع كفاءة العمالة المصرية؟
عدم التأهيل لسوق العمل تتحمل وزره سياسات التعليم التى لا توفر للمواطن وللعامل المعارف والكفاءة والمهارة، لكن المشكلة الرئيسية من جديد هى انخفاض الإنتاجية الناتجة عن انخفاض المكون المعرفى والتكنولوجى لعملية الإنتاج والتبادل فى الاقتصاد المصرى، واتساع القطاع غير المنظم الذى لا يحتاج إلى متعلمين تعليم مهنى رفيع أو تعليم عال أبلغ دليل على ذلك. نحن نجد اقل معدلات بطالة بين غير المتعلمين أو الحاصلين على شهادة التعليم الابتدائى، بينما توجد أعلى معدلات للبطالة بين خريجى التعليم المتوسط لتصل فى الربع الثالث لعام 2017 إلى 52% من قوة العمل، كما عانى من البطالة أيضا 40% من خريجى التعليم الجامعى فى الفترة الزمنية نفسها. وفى حالته الراهنة، الاقتصاد ليس بحاجة إلى عمال رفيعى الكفاءة والتأهيل. أين يمكن أن يعمل عدد كبير من خريجى كلية الهندسة المتخصصين فى الأطراف صناعية على سبيل المثال؟ هذا ما يؤدى إلى هجرة الأشخاص الحاصلين على تعليم عال، وهو بدوره يؤدى إلى تخصيص موارد غير كافية للتعليم، ما يدفعنا إلى الدوران فى حلقة مفرغة.
وما السبيل لكسر هذه الحلقة المغلقة وتطبيق اقتصاد المعرفة؟
لا يمكن إرجاع الإنتاجية المنخفضة إلى كسل وتراخى البشر. لو زادت نسبة المكون المعرفى فى الاقتصاد فسيرتفع مستوى العملية التعليمية وأول من سيطالب بزيادة مخصصات التعليم هم أصحاب العمل فى القطاع الخاص لأنهم سيصبحون فى أمس الحاجة لليد العاملة عالية المستوى. المسألة، اما عن الإنفاق على التعليم فهو لا ينبغى النظر إليه كرقم مطلق ولكن العبرة فيه بمتوسط الإنفاق على كل طالب أو تلميذ. وفى مصر نجد أن متوسط الإنفاق على الطالب الجامعى 11 ألف جنيه فقط. هل يمكن أن نتوقع مستوى لخريجى الجامعة مع مستوى الإنفاق الهزيل هذا؟
من الضرورى دراسة التجارب الدولية ثم نصوغ ما يتناسب مع المعطيات الموجودة لدينا. لا بد أن ندرك اننا لسنا الوحيدين الذين نعانى من مشاكل. لكسر الحلقة المفرغة ليس علينا إلا أن نبدأ فى الخطو على طريق الحل المدروس.
هل ستنجح سياسات التعليم الجديدة فى تأهيل المواطن لسوق العمل؟
إصلاح التعليم ضرورى تماما، بل إنه لا بد أن تكون له الأولوية على كل ما عداه مما تتصدى له الدولة. السياسة التعليمية يجب أن تكون المواطن وأن تؤهل العامل والموظف للالتحاق بسوق العمل. من الأهداف الأصلية للسياسة التعليمية الجديدة توحيد الأنظمة التعليمية لضمان المساواة وتكافؤ فرص بين الجميع. تعدد الأنظمة التعليمية لدينا لا مثيل له. من الطبيعى أن يتبنى البعض الإصلاح وأن يتفقوا مع السياسة الجديدة وأن يقاومها البعض الآخر. لذلك لا بد من التباحث والتشاور والتفاوض وإشراك المجتمع والمنظمات المدنية المعنية فى صياغة السياسة لكى تشعر كتلة حرجة من المجتمع بأنها نابعة منهم. فرض السياسات بطريقة فوقية يجعلها تصطدم بالعراقيل والعقبات.
لماذا لا نتبنى نظم التدريب المهنى الناجحة من دولة ألمانيا؟
ألمانيا بها طلب مرتفع على اليد العاملة المدربة لأن بها صناعات متطورة تكنولوجيا فى حين أن تلك النوعية من اليد العاملة غير مطلوبة فى سوق العمل المصرى بشكل كاف وبالتالى فالتدريب بمفرده سيؤدى إلى مزيد من البطالة. التدريب الفنى لابد أن يتواكب مع خلق فرص العمل وزيادة الطلب من خلال خلق صناعات وخدمات عالية المحتوى التكنولوجى، رفيعة الإنتاجية.
وكيف يمكن جذب مزيد من الاستثمار الأجنبى المباشر؟
الاستثمار الأجنبى المباشر يحتاج إلى استقرار اقتصادى لفترة ممتدة مقترنة بوضوح رؤية واستقرار تشريعى وسياسة اقتصادية مقبولة. فالمستثمر يحلل اقتصاد البلد الذى هو بصدد الاستثمار فيه، فهو ينظر إلى كيفية توزيع الإنفاق العام وإلى زيادة المديونية وإلى تضخم الدين العام. هذا يثير توجسه على مصير أمواله. الأداء الاقتصادى الكفؤ الممتد الذى يثبت سلامة الاختيارات الاقتصادية هو ما يأتى بالاستثمار الأجنبى المباشر. المؤشرات الكلية للاقتصاد المجتزأة قد تكون خادعة. وتفاقم الدين العام وارتفاع نسب خدمة الدين فى الإنفاق العام يمكن أن يؤدى إلى تضخم يترتب عليه انخفاض قيمة الاستثمارات ثم رفع سعر الفائدة فينخفض الطلب الفعلى ويتباطأ الاقتصاد. هذا كله طارد للاستثمارات وغير جاذب لها. يذكر أن اتساع السوق الذى يجذب الاستثمار الأجنبى المباشر لا يقاس بحجم السكان وإنما بحجم الناتج المحلى الإجمالى وبقوتهم الشرائية وقانون الاستثمار الأخير واجه كثيرا من النقد لأنه يعطى تسهيلات غير مطلوبة فى حين أن قوانين الاستثمار فى العالم تسير فى اتجاهات مختلفة.
كيف يمكن لمصر منافسة بقية الأسواق الناشئة؟
نحن مثلنا مثل غيرنا. ولسنا أسوأ من أى بلد فيه سوق ناشئة ناجحة، كما أننا أيضا لسنا أفضل من أحد، وكل منا يجتهد ويصيب ويخطئ. ينبغى أن نتلافى نقاط الضعف لدينا وأن نعظم من نقاط القوة، وسهولة الإجراءات مطلوبة ولا شك، ولكن المستثمر لا يهتم بالوقت أو البيروقراطية قدر اهتمامه بمعدل مردود استثماراته الذى يعد عاليا جدا فى مصر. وهنا نذكر قانون الاستثمار الذى تعرض للنقد فى السنوات الأخيرة. يوجد اتفاق على أن التسهيلات بدلا من أن تكون ضريبية، وهو ما يفعله قانون الاستثمار، فإنها ينبغى أن تنصب على خلق صلات للمستثمر داخل الاقتصاد وبالموردين. فى هذا الصدد، تجدر بنا دراسة أسباب وجود صناعة سيارات عميقة بطنجة بالمغرب التى تتشابه مؤشرات التنمية البشرية فيها مع مؤشراتنا.
ماذا عن نسب الهجرة للعمالة المصرية؟
أولا يجب العلم أن نسبة الهجرة الدولية لم تتغير ففى بداية القرن العشرين كانت 3% من سكان العالم وفى 2016 وصلت إلى 3.1% من سكان العالم لكن ما تغير هو اتجاهات الهجرة التى كانت فى بدايات القرن العشرين من غرب أوروبا إلى دول العالم الجديد بينما تتجه حاليا إلى غرب أوروبا التى تعد نسبة الهجرة بها أعلى من المتوسط الدولى، وهى هجرة تحتاج إليها أسواق العمل الأوروبية. التغيير فى اتجاهات الهجرة الدولية هو الذى أدى إلى تسليط الضوء عليها وإلى الحديث المستمر عنها. أما الهجرة من مصر فهى أساسا إلى الدول العربية بنسبة 75% وبالأخص إلى دول الخليج والأردن وليبيا. الهجرة إلى ليبيا انخفضت بالطبع انخفاضا حادا نتيجة لظروف انهيار الدولة فيها. أما الهجرة إلى أوروبا فهى ضئيلة، وهى تقدر بنحو 12,5% من الهجرة المصرية.
-ماذا عن نوعية الهجرة المصرية؟
المستوى التعليمى للهجرة المصرية ارتفع قياسا بسبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، وهذا ينطبق على كل مقاصد الهجرة المصرية. هذا شىء يؤسف عليه بالطبع لأنه يعتبر نزيفا للعقول. لكن من جانب آخر، إذا ما بقى هؤلاء المصريون فى مصر فإنهم سيعانون من البطالة، فأعلى معدلات البطالة هى بين المتعلمين كما سبق أن ذكرنا. مسألتا التشغيل والهجرة مرتبطتان ارتباطا وثيقا، وبحساب التكلفة والعائد فإن وجود المهاجرين فى الخارج له منافع منها اكتسابهم لمهارات تساعدهم على الحصول على وظائف بأجر أعلى مما كانوا يحصلون عليه قبل الهجرة وأعلى مما يحصل عليه نظراؤهم الذين لم يغادروا. والهجرة أساسا تخفف من الضغوط على سوق العمل المصرى وهى مصدر للتحويلات المالية التى تتجاوز 20 مليار دولار سنويا. هذه التحويلات هى المصدر الأول للعملة الأجنبية فى السنوات الأخيرة التى تراجعت خلالها السياحة، ومن هنا أهميتها لميزان الحساب الجارى فى ميزان المدفوعات.
كيف يمكن تقديم الدعم للمهاجرين المصريين؟
أولا يجب الاعتراف بالدور الجليل الذى يؤديه المهاجرون المصريون للاقتصاد المصرى، لذلك يجب الحفاظ على حقوق وكرامة العمال فى الخارج، وبما إن الهجرة المصرية هجرة من أجل العمل بالأساس فبالتالى من البديهى أن كل ما يتعلق بها يكون من اختصاص وزارة القوة العاملة. أما الاستفادة من فرص الهجرة من أجل العمل فهى تستدعى تحليل أسواق العمل الخارجية وتطورها وحجم الطلب على العمل الحالى وفى المستقبل. تحليل اقتصادات البلاد المعنية واستشراف تطورها فى المستقبل ضرورى، فالطلب على العمل طلب مشتق من الطلب على السلع والخدمات. الدراسة والتحليل المنهجيان للاقتصادات وأسواق العمل الخارجية يمكنان الدولة من وضع سياسات التعليم والتدريب الضرورية لتعظيم الاستفادة من فرص الهجرة.
كيف تقرأ خريطة الطلب على العمالة المصرية بالخارج؟
الطلب على اليد العاملة المهاجرة متنوع سواء كان ذلك فى دول الخليج أو فى أوروبا حيث توجد دراسات معدة بالفعل تشير إلى أن الطلب سيرتفع باطراد على العمال متوسطى المهارات فى السنوات القادمة. بشكل أكثر عمومية فى العالم أجمع، الطلب مرتفع باستمرار على المهن الطبية، وبالأخص مهنة التمريض، وعلى المهن التعليمية والعاملين بالسفن والطيارين المدنيين. فى أوج الأزمة الاقتصادية العالمية فى عامى 2008 و2009، انخفض الطلب على اليد العاملة المهاجرة انخفاضا ملحوظا فيما عدا المهن سالفة الذكر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.