يبدو أن الهجمات الاخيرة للرئيس دونالد ترمب على الصين والاتحاد الأوروبي ستحدد إطار النقاشات حول النزاعات التجارية الدولية وتخفيض العملة التنافسي في اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في بوينوس آيرس في نهاية الاسبوع الجاري. وتثير سياسات ترمب الحمائية وفرضه رسوما جمركية عالية على الصلب والألمنيوم غضب حلفاء للولايات المتحدة مثل الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك. وفي آخر تغريداته الجمعة، اتهم ترمب الاتحاد الأوروبي والصين "بالتلاعب بعملتيهما وخفض معدلات الفائدة"، واستهدف أيضا الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لرفعه معدلات الفائدة معتبرا أن ذلك يضعف القدرة التنافسية الكبيرة للبلاد. ويوحي كل ذلك بان هذه القضايا هي التي ستهيمن على اجتماعات وزراء المالية وحكام البنوك المركزية في اكبر عشرين اقتصادا في العالم خلال يومين من المحادثات. وتعهد وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين بتهدئة القلق ازاء السياسات التجارية الأمريكية عندما يلتقي مع الوزراء الاخرين. وأشار في الوقت نفسه الى ان الولاياتالمتحدةوالصين لا تعتزمان اجراء محادثات ثنائية على هامش الاجتماع. غير ان الصين ستكون من المواضيع المهمة في اجتماع وزراء مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى الذي سيستمر ساعة على هامش لقاء مجموعة العشرين. وكان ترمب هدد بفرض المزيد من الرسوم الجمركية العقابية على بكين لتشمل ما قيمته 500 مليار دولار من السلع التي تستوردها الولاياتالمتحدة من الدولة الآسيوية العملاقة. واضافة الى رسومه على الصلب والالمنيوم وتهديداته ايضا بفرض رسوم على السيارات الاجنبية المستوردة، فرض ترمب على الصين رسوما بقيمة 25 بالمائة على سلع بقيمة 34 مليار دولار، ورسوما اخرى مرتقبة على ما قيمته 16 مليار دولار. باستثناء ردها باجراءات مماثلة، لزمت الصين الصمت تجاه تهديدات ترمب الاخرى -- وقد يكون هذا افضل اذ ان رسومه ليست سوى نقطة في بحر، بالمقارنة مع 2,4 ترليون دولار من صادراتهم المتوقعة عام 2018. من جهتها، حذرت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل من ان الاتحاد الاوروبي "جاهز" للرد على الولاياتالمتحدة في حال فرضت المزيد من الرسوم، واصفة التوترات التجارية الحالية بأنها "خطيرة جدا". وفي وقت سابق هذا الاسبوع، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد التي تفتتح اعمال مجموعة العشرين بمؤتمر صحافي السبت، إن تشديد القيود التجارية يمثل "أكبر تهديد على الامد القريب" للاقتصاد العالمي على الرغم من نسبة نمو متوقعة تبلغ 3,9 بالمائة حتى 2019. وحذرت ايضا ترمب من ان "الاقتصاد الامريكي يمكن ان يتضرر بشكل خاص" بسبب تعرضه "لاجراءات انتقامية". ويقول خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي أنه في اسوأ السيناريوهات قد تُقتطع 430 مليار دولار -- نصف نقطة -- من الناتج المحلي الاجمالي العالمي في 2020 اذا ما تم تطبيق جميع التهديدات بفرض رسوم والاجراءات الانتقامية. وتخشى دول اخرى من تدابير ترمب. وبين هذه البلدان الهند التي تشكل الى جانب الصينوالبرازيل وروسيا وجنوب افريقيا مجموعة بريكس، وجميعها من دول مجموعة العشرين. والى جانب ضغوط ترمب، ستشغل المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها عدد من الاسواق الناشئة، وزراء المال خصوصا بعد حصول الارجنتين، الدولة المضيفة، مؤخرا على قرض بقيمة 50 مليار دولار من صندوق النقد لدعم اقتصادها بعد انخفاض البيزوس بنسبة 35 بالمائة بين ابريل ويونيو. وقال محللون إن الوضع الذي تواجهه بعض الاسواق الناشئة اكثر حساسية مع ارتفاع الدولار ومسألة تدفق رأس المال. واضافة الى الدولار فإن ارتفاع اسعار النفط ومعدلات الفائدة الامريكية ساهم في هروب رؤوس الاموال من الاسواق الناشئة مثل البرازيلالارجنتين، وخروج استثمارات بقيمة 14 مليار دولار بين مايو ويونيو. وقال وزير الخزانة الاسترالي سكوت موريسون ان "الاجتماع سينعقد على خلفية نقاط ضعف مالية مستمرة في اسواق ناشئة وتوترات تجارية دولية". ويعتزم موريسون في بوينس ايرس حض اعضاء مجموعة العشرين على ابقاء الاسواق مفتوحة. وقال "التاريخ واضح: عندما ترتفع الحواجز التجارية، ينخفض النمو والوظائف". ويقول خبير الاقتصاد روبنز بربوسا، السفير البرازيلي السابق لدى واشنطن ولندن، إن البرازيل ستحاول الدفاع عن التعددية في التجارة الدولية -- خصوصا كما تؤيدها منظمة التجارة العالمية. وقال "في بوينوس ايرس، المسائل التي ستطرح على الطاولة هي الحمائية وتعزيز منظمة التجارة العالية من وجهة نظر الدول الناشئة مثل البرازيل"