أهم ما يهدد الاقتصاد فى مصر الآن هو صراعات السياسيين ولا أقول خلافات، لأن الاختلاف حق لكل تيار وأى مواطن، أما الصراع فهو التهديد الحقيقى، لأن السياسيين لم يتفقوا حتى الآن على معيار يحتكمون إليه عند الاختلاف. العالم كله ارتضى أن يكون الفيصل عند الاختلاف هو الاحتكام إلى الشعب من خلال صناديق الاقتراع، وأن اكتساب الشرعية يكون من خلال التصويت، وليس من خلال الصوت المرتفع أو تكسير البنية الأساسية وحرق المدارس واقتحام المستشفيات. . لأن إصلاح كل تلك المنشآت سيكون على نفقة دافعى الضرائب ومن إيرادات كان يمكن أن توجه لاستثمارات جديدة توفر فرص عمل لأبنائنا وللعاطلين من الشباب الذين يُزايد عليهم بعض رؤساء الأحزاب ويستغلون حاجة هؤلاء الشباب للعمل والسكن والحرية فيقومون باستثارتهم بدلا من التفكير فى العبور بالاقتصاد إلى بر الأمان، وتكون المصلحة الخاصة فوق المصلحة العامة للوطن. تابعت مع كل المصريين مناقشات تصديق لجنة إعداد الدستور على مواده، التى أذيعت على الهواء أمام الجميع، وتابعت الاهتمام الكبير من الناس بتلك المواد لأول مرة، فى حين كان عدد الذين قرأوا مواد الدساتير السابقة لا يتجاوز المئات ومعظمهم من رجال القانون. مشروع الدستور الجديد إضافة حقيقية تمهد لمستقبل أكثر إشراقا يضمن لكل مواطن حقوقه فى السكن والرعاية الصحية والحق فى ممارسة الرياضة والعمل وحماية الطفل وأن توفر له الدولة المأوى والغذاء، بمعنى أن الدستور يقضى على ظاهرة أطفال الشوارع الذين يسكنون الأنفاق وأسفل الكبارى ويتحولون مع الزمن إلى بلطجية وأعضاء فى عصابات رغما عنهم. من بين ما استحدثه مشروع الدستور الجديد إنشاء مجلس اقتصادى يضم 150 عضوا على الأقل مهمته إعداد السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الحوار المجتمعى، ويكون أخذ رأى المجلس الاقتصادى وجوبيا قبل إصدار أى تشريع. علينا أن نحتكم إلى العقل والمنطق وألا ننساق وراء بضعة آلاف يتظاهرون فى أى من ميادين مصر. . لأن شعبا عظيما وكبيرا مثل الشعب المصرى الذى تجاوز تعداده 90 مليونا لا تمثله بضعة آلاف من أى تيار كان. . فإن واحدا فى المائة فقط من هذا الشعب أى نحو 900 ألف مواطن لا يستطيع أى ميدان فى مصر أن يستوعبهم، ويكفى أن نعرف أن استاد القاهرة على سعته أكثر من 60 ألف مواطن وأن 1% من الشعب يحتاج إلى 15 استادا لاستيعابهم، وماذا عن باقى أفراد الشعب الذين لم يتظاهروا وهم أكثر من 99% . الحكم الوحيد فى الدول الديمقراطية هو صندوق الاقتراع، ولا تسطيع فئة أيا كانت أن تدعى الوصاية على باقى أفراد المجتمع بحجة أن النخبة هى المثقفة وأن الباقى جهلاء، وهى نفس أفكار النظام السابق الفاسد. . علينا أن نضع مصلحة مصر ومستقبل أبنائنا فوق المصالح الأيديولوجية وأن نعلم أن كل فاسد وراء أسوار السجون أو حتى خارج الأسوار على استعداد لإنفاق ملايين الجنيهات ليعود مناخ الفساد وهى نفسها أهداف أعداء مصر فى الخارج. [email protected]