«المركزى» يعلن ارتفاع الودائع ل10.6 تريليون جنيه    واشنطن تشيد بالقاهرة فى مفاوضات «وقف النار»    انفجارات ضخمة تهز العاصمة التشادية بسبب نشوب حريق كبير في مستودع ذخيرة (فيديو)    عشرات الشهداء والجرحى في قصف إسرائيلي على خيام النازحين في المواصي    ترامب: بايدن أهان الولايات المتحدة في قمة السبع    ريال مدريد ينهي الجدل بشأن انتقال مدافعه لميلان    موعد مبارة ألمانيا والمجر ضمن يورو 2024.. التشكيل المتوقع    بعد 17 عامًا من طرحه.. عمرو عبدالعزيز يكشف عن مفاجأت من كواليس «مرجان أحمد مرجان»    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الأربعاء 19 يونيو 2024    محافظ الإسكندرية: رفع 20 ألف طن مخلفات خلال أيام عيد الأضحى المبارك    سماع قرآن ورسالة عشق للأهلي، آخر ظهور ل نورهان ناصر ونرجس صلاح قبل مصرعهما (فيديو)    نشاط للرياح.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024    «ثورة أخيرة».. مدينة السلام (20)    مؤسسة علمية!    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    وفاة الحالة الثانية عشر من حجاج محافظة الفيوم خلال أداء المناسك    مستشار الشيبي القانوني: قرار كاس هو إيقاف لتنفيذ العقوبة الصادرة بحقه    ملف يلا كورة.. انتصار الأهلي.. جدول مباريات الليجا وبريميرليج.. وفوز تركيا والبرتغال في يورو 2024    عودة محمد الشيبي.. بيراميدز يحشد القوة الضاربة لمواجهة بلدية المحلة    مبادرة «العيد أحلى بمراكز الشباب» تواصل فعالياتها ثالث أيام عيد الأضحى في بئر العبد    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    ارتفاع أسعار النفط مع تزايد المخاطر الجيوسياسية في أوروبا والشرق الأوسط    مصرع مسن واصابة اثنين في انقلاب سيارتين بالغربية    انتداب الأدلة الجنائية لمعاينة حريق مخزن دهانات بالمنيب    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    مصر للطيران تبدأ اليوم جسرها الجوي لعودة الحجاج إلى أرض الوطن    عاطف عبدالعزيز يكتب: «يصافحها الحنين» وتوظيف الدراما فى النص الشعرى    أنغام تتألق فى حفل العيد بالكويت.. صور    محمد رمضان يعلن رسمياً خروجه من سباق دراما رمضان 2025    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    مكتب الصحة بسويسرا: نهاية إتاحة لقاح كورونا مجانا بدءا من يوليو    المحافظ والقيادات التنفيذية يؤدون العزاء فى سكرتير عام كفر الشيخ    ب10 جنيه بس.. الملاهى الشعبية بالزقازيق أجمل فسحة والسعر على قد الإيد    بعد آخر ارتفاع.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024    المراجعة النهائية لمادة اللغة العربية لطلاب الصف الثالث الثانوي.. نحو pdf    حظك اليوم| الاربعاء 19 يونيو لمواليد برج الدلو    ليلى علوي تهنىء أبطال فيلم "ولاد رزق "    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    أسرة الفيلم وصناعه يتحدثون ل«المصري اليوم»: «أهل الكهف» رحلة سينمائية بين زمنين تجمع 11 بطلًا    ماذا حققت محطة تحيا مصر متعددة الأغراض بعد عام من افتتاحها؟    بعد نجاح تجارب زراعته.. تعرف على موطن زراعة "الكاسافا" بديل القمح وأبرز مميزاته    غزارة تهديفية بالجولة الأولى تنذر ببطولة قياسية في يورو 2024    علامتان محتملتان للإصابة بالسرطان في يديك لا تتجاهلهما أبدًا (صور)    أسقف نجع حمادي يقدم التهنئة للقيادات التنفيذية بمناسبة عيد الأضحى    بطريرك السريان الكاثوليك يزور بازيليك Notre-Dame de la Garde بمرسيليا    تركوه ينزف.. استشهاد شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال جنوب بيت لحم    أمجد سمير يكتب: الأضحية والفكر البشري    شهداء وجرحى في استهداف الاحتلال منزلًا بقطاع غزة    الوكالة الأمريكية للتنمية: الوضع الإنساني بغزة صعب جدا    النائب العام يلتقي نظيره الإماراتي على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    إحالة مدير مناوب في مستشفى بدمياط إلى التحقيق    بدائل الثانوية الأزهرية| معهد تمريض مستشفى باب الشعرية - الشروط وتفاصيل التقديم    الصحة: ترشيح 8 آلاف و481 عضو مهن طبية للدراسات العليا بالجامعات    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور أولا أم ثانيًا.. ليست القضية الرئيسية
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 06 - 2011

الحوار السياسى فى مصر يكاد يكون مستغرقا بالكامل هذه الأيام فى موضوع الدستور أولا أم ثانيا، بمعنى: هل يتم إجراء الانتخابات البرلمانية ثم يختار البرلمان جمعية تأسيسية تعمل على اقتراح دستور جديد وفقا للإعلان الدستورى الصادر عن المجلس العسكرى (هذا مبدأ الدستور ثانيا)، أم يتم العدول عن ذلك وإصدار إعلان دستورى جديد ينص على تشكيل جمعية تأسيسية لاقتراح مواد الدستور، ثم يعقبها انتخابات البرلمان ( مبدأ الدستور أولا).
وأطمئن القارئ إلى أننى لن أتعرض هنا لمزايا وعيوب وصحة أو خطأ كل موقف، لأن المناقشة التى جرت بشأن ذلك فى الصحف والبرامج التليفزيونية كافية وزيادة، ولاعتقادى أن الحوار حول ترتيب ومواعيد الانتقال إلى الحكم الديمقراطى مع أهميته قد تجاوز المطلوب منه، وجاء على حساب المضمون الدستورى الذى يرغب الشعب المصرى فى تحقيقه. وهكذا ضاع وقت ثمين فى الجدل حول موضوع الدستور أولا أم ثانيا، ولم يتحرك الحوار فى مصر خطوة واحدة فى اتجاه التفكير فيما سوف يتضمنه هذا الدستور الجديد والحقوق والضمانات التى سوف يأتى بها. لذلك فلو نحينا جانبا لفترة وجيزة الخلاف على الترتيب، فإن هناك أربع قضايا تمثل ما ينبغى أن تجمع عليه التيارات والقوى السياسية الوطنية كلها، لأنها تعبر عن المصلحة المطلقة للوطن والمواطنين:
القضية الأولى: هى ضرورة الاتفاق على عدد من المبادئ والضمانات الرئيسية التى تحمى المواطن وتحمى حقوقه الأساسية بين التيارات السياسية المختلفة، بحيث يكون هناك قدر من التوافق العام فى المجتمع حول فلسفة الدستور القادم، فتعمل الجمعية التأسيسية فى إطار من المرجعية الفكرية التى تعبر عن وجدان وقناعات الشعب المصرى وما يحقق مصالحه. هذا جهد تقوم به بالفعل عدة مبادرات كلها تستأهل الاهتمام والتقدير وتقديم العون، لأن الصالح العام فيها واحد. ولكننى فى هذا الأمر أتحفظ على وصف هذه المبادئ ب«فوق دستورية» كما يطلق عليها أحيانا، لأن الغرض منها ليس المصادرة على عمل الجمعية التأسيسية حينما تقترح الدستور الجديد، ولا الحجر على رأى الناس حينما يستفتون بشأنه، بل مجرد تقديم مبادئ عامة ذات قيمة معنوية لا قانونية تمثل ما يمكن أن تتفق عليه التيارات السياسية والاجتماعية المختلفة، وتسهل عملية إعداد الدستور القادم.
أما القضية الثانية: فهى ضرورة أن نتمسك جميعا بأن تكون الجمعية التأسيسية سواء تشكلت بإرادة مجلس الشعب، أم بإرادة الشعب مباشرة، أم بقرار من المجلس العسكرى معبرة عن كل القوى السياسية والاجتماعية فى المجتمع وجميع المصالح والطوائف والأقاليم والتخصصات. هذه هى الضمانة الأساسية لحسن صياغة الدستور القادم ولنجاحه فى التعبير عن مصالح أعضاء المجتمع بشكل عادل ومتوازن. ولذلك يلزم اتفاق الجميع ومن الآن على أن يتحقق هذا الهدف، وأن تكون له ضوابط وأصول وأسس محددة للاختيار ولعدالة التمثيل، بحيث تكون الإجراءات والمواعيد المختلف عليها الآن بشأن الدستور أولا أم ثانيا غير مؤثرة على تطبيق مبدأ التمثيل المتوازن.
القضية الثالثة: هى أن علينا جميعا توجيه المزيد من الطاقة والانتباه لتوعية الجماهير بالقضايا الدستورية العديدة التى سوف يتم التطرق إليها خلال مرحلة إعداد الدستور. فأسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن نضيع الوقت والجهد فى مناقشة إجرائية، وأن ينقسم الرأى العام ويتحزب بشأنها، ويمر الوقت دون أن تكون التوعية الكافية قد تحققت بشأن مضمون القضايا الأساسية الخلافية، فيذهب الناس إلى صناديق الاقتراع للاستفتاء على دستور مقترح ويكون اختيارهم مبنيا على انطباعات وشائعات وخلافات فرعية. نصف الديمقراطية هو التوجه لصندوق الاقتراع والإدلاء بالرأى فى حرية تامة. ولكن نصفها الآخر أن يكون من يدلى بصوته على علم ودراية بما يتم التصويت أو الاقتراع بشأنه. وإذا استمررنا فى مناقشة موعد إعداد الدستور وما إذا كان يسبق الانتخابات البرلمانية أم يلحقها، فمتى تتم التوعية حول الضمانات والحقوق الأساسية، وحريات المواطن، وحقوق المرأة، والنظام الاقتصادى، والخدمات العامة، وسيادة القانون، وحقوق المعاقين، والحفاظ على البيئة، وحرية المعلومات، والنظام القضائى، ونظام الحكم، متى نتطرق إلى هذه الموضوعات وغيرها؟ أم ننتظر حتى اللحظة الأخيرة ثم تبدأ حرب الشائعات والتعبئة العاطفية مع أو ضد الدستور المقترح؟
وأخيرا.. فإن القضية الرابعة: هى ضرورة العمل على أن تكون الانتخابات القادمة أيا كان موعدها نزيهة بالفعل. هناك افتراض أنها سوف تكون كذلك، لأن الناس حريصة على نزاهتها والحكومة أيضا. ولكن هذا ليس كافيا. يجب أن تصدر قوانين محددة تنظم التمويل الانتخابى، وتمنع الممارسات الفاسدة، وتحدد ضوابط الدعاية الانتخابية، وتمنع استغلال النفوذ والمناصب فى كسب الأصوات، وتحد من دور الجمعيات الأهلية فى العملية الانتخابية، وغير ذلك من الضوابط التى لا يخلو منها نظام قانونى انتخابى حديث. فالنوايا الصادقة والرقابة الشعبية غير كافيتين لتحقيق انتخابات نزيهة بالفعل.
هل معنى ذلك أن توقيت إعداد الدستور وما إذا كان يسبق الانتخابات البرلمانية أم يلحقها أمر غير مهم؟ بالقطع لا. الوضع الحالى يقضى بأن تكون الانتخابات أولا والدستور ثانيا. وهناك قوى سياسية تطالب بتعديل الترتيب، وقوى أخرى تعارض ذلك. ولكن دعونا لا ننقسم على هذا الموضوع وننسى المناقشة الأهم حول مضمون الدستور، ودعونا لا نقبل استقطاب المجتمع بين فريقى أولا وثانيا، لأن الناس لو فقدت ثقتها فى جدوى الحوار السياسى فسوف تعزف عنه مرة أخرى، وهذه تكون الخسارة الأكبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.