مثلما ظهرت حركة رفع الإبهام مع ضم أصابع اليد إشارة فى وقت الإمبراطورية الرومانية كرمز للقوة منذ قرون عدة، ظهرت العلامة نفسها قبل 12 عاما فقط عقب تأسيس موقع التواصل الاجتماعى الأشهر حول العالم فيسبوك ولكن تحت مسمى الإعجاب أو لايك لتكون رمزا لإمبراطورية فيسبوك العظيمة ذات التعداد السكانى الرهيب والثروة الهائلة والقيادة الكاريزمية والقدرة المحيرة على مخاطبة العقول والتأثير فيها. فيسبوك ليس مجرد موقع للتواصل الاجتماعي، ولكنه هو الشبكة الأضخم فى العالم بإجمالى مستخدمين يصل إلى مليار و600 مليون مستخدم يدخلون على فيسبوك بصفة يومية لمدة لا تقل عن 20 دقيقة. كذلك فيسبوك فى أوروبا هو النشاط الاجتماعى الأكثر رواجا بين هواتف المواطنين الذكية، كما أنه يحصد نسبة 03% من استهلاك الإنترنت على هواتف الأمريكيين مقابل 11٪ لجوجل يوتيوب مجتمعين وهى الشركة رقم 6 فى ترتيب الشركات الأكثر قيمة حول العالم حيث تقدر قيمتها ب 325 مليار دولار. ورغم كل ما سبق فإن مؤسس فيسبوك ومديرها التنفيذى مارك زوكيربرج الذى لم يتجاوز عامه ال 31 ما زال يملك طموحات توسعية جديدة، حيث يخطط لربط شعوب الدول الفقيرة التى لا تملك وصولا لخدمة الإنترنت بطريقة رقمية عن طريق بث هذه الخدمة من خلال الطائرات بدون طيار تعمل بالطاقة الشمسية، كما أنه يراهن بشكل كبير على الإنسان الآلى الاصطناعى الذى تمت برمجته لإجراء أحاديث مع المستخدمين سمعية أو نصية، بخلاف مجهوداته فى مجال الواقع الافتراضي. وكل ما سبق إنما هى محاولات للسيطرة سوف تدفعه إلى الدخول فى صراعات مع إمبراطوريات تكنولوجية أخرى فى العالم وبالأخص شركة جوجل وهو الصراع الذى من شأنه أن يشكل المستقبل الإلكترونى لكل فرد. بفضل الخدمات الرائعة التى تقدمها تمكنت فيسبوك من الازدهار وجذب اهتمام أعداد كبيرة من المستخدمين، وهو اهتمام يمكن بيعه للمعلنين، ونفس الأمر ينطبق على جوجل فكلتاهما تلعب أدوارا مختلفة فى حياة المستخدمين حيث تملك جوجل بيانات هائلة عن العالم بينما تملك فيسبوك معلومات كثيرة عنك وعن أصدقائك، كما أن المستخدم يلجأ إلى جوجل لقضاء احتياجاته ثم يتحول إلى فيسبوك لقضاء وقت فراغه. أكثر من المعلوماتورغم تنوع الأدوار التى يضطلع بها كل منهما إلا أن استراتيجيتهما فى السيطرة على السوق الإلكترونى باتت متشابهة للغاية، حيث إن كنز البيانات الذى تملكه كل شركة يجعل من الصعب على أى منافس آخر تحديهما خاصة بالنظر إلى الأرباح الهائلة التى تحققها كعائد من وراء هذه البيانات بما يمكنهما من شراء أى منافس محتمل لهما، كما أن كلتيهما تسعى إلى استمالة وجذب مزيد من المستخدمين حيث يوجد 900 مليون مستخدم فى برنامج محادثات فيسبوك ومليار مستخدم لبرنامج واتس آب المملوك لفيسبوك أيضا وقد يصل أرباح البرنامجين عام 2020 إلى 10 مليارات دولار سنويا وهو ما يفسر سبب سعيهما وراء مد خدمة الإنترنت إلى الدول النامية باستخدام الطائرات بدون طيار كما هو الحال بالنسبة لفيسبوك أو باستخدام بالونات عملاقة كما تفعل جوجل. الهدف من وراء كل هذا هو تسخير البيانات المتاحة لدى كل شركة من أجل تقديم خدمات جديدة يمكنها أن تجلب مزيدا من الأموال بطرق مختلفة، فيسبوك على سبيل المثال تراهن على الإنسان الآلى والذكاء الاصطناعى إنما هو إثبات أن مفهوم الآلات التى يمكنها أن تتعلم من خلال مزج البيانات ودمجها بدلا من برمجتها إنما يهدف بالأساس إلى التعرف على المستخدمين من صورهم وكى يقرر أى الكتابات الشخصية التى على أساسها يتم ترشيح الإعلانات المناسبة لهؤلاء المستخدمين، فالآلات التى تعتمد على الذكاء الاصطناعى ومفهوم الآلات المتعلمة يمكنها أن تتفاعل مع المستخدمين عبر رسائل قصيرة كمرحلة أولى إلا أن فيسبوك تسعى حاليا إلى تطوير هذه التقنية لتشمل تنفيذ خدمات للمستخدمين مثل طلب سيارة أوبر. وفى هذا الإطار قامت فيسبوك بشراء شركة أوكولوس الرائدة فى هذا المجال الجديد بمبلغ 2 مليار دولار فى عام 2014 فضلا عن شراء برنامج المحادثة واتس آب مقابل 22 مليار دولار وكذلك برنامج الصور إنستجرام مقابل مليار دولار وهو ما يعطى إشارات واضحة بشأن بوصلة عالم الحواسب الإلكترونية والهواتف الذكية الجديد. لكن فيسبوك ليست وحدها فى هذا المجال حيث إن غريمتها جوجل تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعى من أجل تحسين خدمات الإنترنت الخاصة بها وكذلك فى مجال السيارات التى تسير بدون سائق وغيرها من الصناعات العملاقة التى تستثمر فيها جوجل وتعتمد فيها على تقنية الذكاء الاصطناعى، وفى سبيل ذلك تتنافس كل من جوجل وفيسبوك فى جذب أفضل العلماء والباحثين فى هذا المجال. لكن عندما يتعلق الأمر بتقنيات الأوامر الصوتية والإنسان الآلى المعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعى سنجد أن فيسبوك تأتى فى مرتبة لاحقة وراء كل من جوجل وأمازون وآبل ومايكروسوفت. المعيار الذى تقيس به فيسبوك نجاحها فى تحقيق طموحاتها والتنافسية الشرسة بينها وبين باقى الشركات تقطع بما لا يدع مجالا للشك أن هناك تحولا قادما فى سبل تفاعل المستخدمين بعضهم مع البعض من خلال البيانات المختلفة، فالذكاء الاصطناعى سوف يساعد على تحقيق احتياجات المستخدمين من خلال الأجهزة الذكية المختلفة ومثال على ذلك التطبيق الذى أتاحه جوجل مؤخرا بالرد على الرسائل الإلكترونية للمستخدمين. كذلك تقنية الإنسان الآلى يمكنها أن تساعد على إنجاز الكثير من الأمور والبحث عن كثير من المعلومات من خلال الأوامر الصوتية أو النصية ومن المتوقع أن تنتشر هذه الخدمات الذكية فى الأجهزة والسيارات. وفى الوقت الذى تبدو فيه طموحات فيسبوك وجوجل ومايكروسوفت لا حدود لها تثار مخاوف عدة بشأن مسائل خصوصية المستخدمين. فدمج كل هذا الكم من المعلومات من أجل تقديم خدمات أكثر خصوصية يبدو كأنه نوع من أنواع المراقبة وقد يتسبب فى ردود أفعال أكثر عدائية من المستخدمين الذى قد يتذمرون حال لم يشعروا أنهم يتلقون الخدمة المناسبة فى مقابل تسليم بياناتهم بهذا الشكل الذى يغذى صناعة الإعلانات. وعلى ذكر الإعلانات فقد بلغت أرباح فيسبوك منها 18 مليار دولار عام 2015 ، كما أن جوجل تستحوذ على نسبة 53% من إجمالى 07 مليار دولار ينفقها المعلنون على تطبيقات الهواتف الذكية فى مقابل 19% فقط لفيسبوك و2.5% لتويتر و1.5% لياهو. بدأت أخبار صناعة الصلب البريطانية تتصدر الصحف فى الآونة الأخيرة، ولكن جاءت الأنباء هذه المرة بمؤشرات غير طيبة، فقد تغير الحال وتبدلت المواقع، فمنذ أن استطاع هنرى بسيمر تطوير إنتاج الحديد بطريقة اقتصادية فى عام 1850 وبسبب اقتراب مصانع الصلب من المناجم الثرية بالفحم وبخام الحديد، تبوأت بريطانيا مكانتها الفريدة كقلعة لصناعة الصلب فى العالم، ولكن ولت الأيام الجميلة التى كانت تصدر فيها بلاد الإنجليز ما يربو على 40% من احتياجات العالم من الصلب، وأعلن المالك الهندى لمصانع تاتا البريطانية للصلب- أكبر معاقل صناعة الصلب فى بريطانيا - نيته بيع المصنع أو إغلاق فرعه فى بريطانيا، ما يهدد وظائف 15 ألف عامل وآلاف من العمال الآخرين الذين يعملون فى الورش الصغيرة الموجودة بمنطقة ميناء تالبوت بجنوب مقاطعة ويلز التى تستخدم أو تتعامل مع الصلب بطريقة أو بأخرى.