يذكر ان تقريرا للايكونومست حذر مؤخرا من افول نجم مراكز الكول سنتر فى الاسواق الناشئة مع قيام الشركات الغربية باستخدام "الروبوت" بدلا منهم. لكن مثلما كان تحذير المجلة ناقوس خطر للدول الحريصة على بناء مناطق تكنولوجية ضخمة فقد اوضح ان مستقبل وظيفة الكول سنتر يحمل تحديات جديدة تستدعى ان يتحلى المسئول عنها بمهارات لغوية اعلي. ووفقا للتقرير ستحتاج الشركات الغربية الى اعادة تقييم استراتيجيتها للتعهيد مع استخدام برمجيات آلية بدلا من عدد كبير من موظفى الكول سنتر. وقال انه مثلما كانت الفلبين من اكبر مراكز التعهيد فى العالم توقع ان تسجل هى ايضا نهاية لعصر مراكز الكول سنتر، موضحا ان معظم المهام الروتينية لموظف الكول سنتر يمكن للروبوت الآن القيام بها، اسرع وارخص. ومن ثم فهناك اتجاه واضح بين الشركات فى اوروبا وامريكا لحث عملائها على التواصل عبر البريد الالكترونى او الدردشة اون لاين، اذ يمكن للبرمجيات الجديدة التعامل مع تلك المسائل. فالشركات التكنولوجية صممت نظما ذكية تقوم بمهمة خدمة العملاء، حيث تقوم بالاجابة عن تساؤلاتهم وطلباتهم التقليدية وتحويل المعقد منها الى موظفى الكول سنتر. وفى الوقت نفسه يتعلم البرنامج "الروبوت" من رد الموظف ويكتسب خبرة وبمرور الزمن يتحسن اداؤه ويتمكن من الاجابة عما كان يعجز عنه من قبل. ونظرا لان الروبوت دائما ما يكون اسرع واقل تكلفة من العنصر البشرى، فمن المتوقع اختفاء وظائف الكول سنتر بمرور الوقت. ويرى محللون ان اتمتة مهام الكول سنتر تعنى انخفاض فرص العمل فى دول مثل الفلبين والهند وزيادتها فى امريكا واوروبا. وهو ما بدأ بالفعل، فخلال عامى 2013 و2014 ارتفعت حصة امريكا من موظفى الكول سنتر العالمية من الى 21% وذلك وفقا لمجموعة "ايفريست" البحثية. ووفقا لتقرير المجموعة الاخير فان البنوك الغربية هى الاكثر حرصا فى عالم البيزنس على إعادة توطين وظائف الكول سنتر فى اوروبا وامريكا. الجدير بالذكر هنا ان العام الماضى شهد ظهورا سريعا لظاهرة "نريد الان" بين المستهلكين. واليوم من المتوقع ان تلعب الخبرة الشخصية والسرعة فى تقديم الخدمة دورا فى نجاح اى شركة. وهو ما يدفع الشركات لاعادة النظر فى آلية التفاعل مع المستهلكين. وما يعنى تزايد اهمية خدمة العملاء بالنسبة لجميع الشركات مهما كان حجمها او مدى انتشارها. واحد العوامل الرئيسية فى ظهور عصر "المستهلك الذكي" هو مواقع التواصل الاجتماعى التى تتنامى اهميتها يوما بعد يوم والتى تعتبر سلاحا ذا حدين. فعلى سبيل المثال، يتيح تطبيق تويتر للمستهلكين 140 حرفا يمكن ان يقرأه أكثر من مليار شخص، ما يمكنهم من التعبير علانية عن تجربتهم الشخصية مع شركة ما سواء سلبا او ايجابا. وتوافر منصة للتفاعل المباشر مع العلامات التجارية حيث يمكن للعملاء متابعة الاستجابة الفورية، يمثل تهديدا جديدا للشركات حيث انه قد يسفر عن الاضرار بسمعة علامات تجارية، مما يفرض على الشركات ان يكون لديها استراتيجية واضحة وفعالة بخصوص مواقع التواصل الاجتماعي. فبفضل التطورات التكنولوجية المستمرة تستطيع الشركات ايضا تقديم خدمة مميزة لعملائها تضمن لهم الاجابة عن تساؤلاتهم فى زمن قياسي. وفى عصر المستهلك الذكى، يتوقع 70% من العملاء الحصول على رد عبر مواقع التواصل فى غضون 15 دقيقة فقط وذلك وفقا للمسح الذى اجرته شركة "بى تى" بالتعاون مع "افايا"، حتى انه خلال العام الماضي، قدم 52 مليون شخص فى بريطانيا شكاوى بخصوص سوء خدمة العملاء التى تقدمها لهم شركات المملكة. يذكر انه منذ شيوع ما يعرف بالبيانات الضخمة وانتشار استخداماتها فى مجال البيزنس تحولت الى عامل مؤثر فى صناعة خدمة العملاء. ففى الوقت الذى يحرص فيه المستهلكون على اعتناق التكنولوجيات الحديثة ظهر اتجاه بينهم لزيادة حجم البيانات المتداولة ما يتيح للشركات استغلال تلك البيانات من اجل زيادة مبيعاتها. لكن مقايضة العملاء بياناتهم تكون دائما أملا ان يكون مقابلها خدمة افضل.
وفى رأى خبراء ان السنوات القليلة المقبلة سوف تشهد تغييرات كبيرة فى مجال خدمة العملاء. ويتوقع محللون ان عالم الشركات الملىء بأفكار عن الاشتراكات والعروض المختلفة سيكون احد مقوماته خدمة عملاء مبنية على البيانات الضخمة . ومن ثم يراهن كثيرون على صعود بيزنس "خدمة عملاء" مبنية على البيانات، وان تكنولوجيا الحوسبة السحابية والدردشة الرقمية ستكون جزءا من قنوات خدمة العملاء. وادراكا منها لاهمية المسألة، تحرص الشركات الغربية هذه الايام على الاستثمار فى تكنولوجيات جديدة لخدمة العملاء. ويقول هيثر جيبسون خبير علامات تجارية انه خلال السنوات القليلة المقبلة ستكون "الرعاية الشخصية للعميل" عاملا اساسيا فى تعزيز تنافسية الشركات صاحبة العلامات التجارية. وسيكون الفارق بين شركة واخرى هو "خدمة العملاء" فى ثوبها الجديد ومدى تفهمها لاحتياجات واذواق المستهلكين من اجل الفوز بولاء العملاء وثقتهم. يذكر ان الشراكات العالمية الجديدة فى عالم البيزنس بين الشركات التكنولوجية وشركات السلع الاستهلاكية مثل تلك الشراكة بين امازون و"زينديسك"- المنتجة لبرامج دعم المستهلك- سوف يتيح لتجار التجزئة فتح قنوات جديدة للاتصال وللدفع عبر شبكة الانترنت. والامر يعنى انه ما كان خيارا من قبل، اصبح الان عنصرا اساسيا لتعزيز تنافسية الشركات. وبحلول عام 2017 اكثر من نصف الاستثمارات المخصصة للبحث والتطوير فى الشركات سيتم توجيهها الى ابتكارات خدمة العملاء، وذلك بحسب ما توصلت اليه مؤسسة جارتنر للابحاث.