أكد وزير الخارجية سامح شكرى أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الى مصر. وقال إنها محل اهتمام كبير على جميع المستويات رسميا وشعبيا، مشيرا الى أنه تم الاتفاق على اتمامها بعد ترتيبات تليق بها. وشدد فى حديث ل»الاقتصادى« على أن علاقات مصر بالمملكة من العمق والخصوصية التى تحول دون دخول أطراف أخرى بها أو تأثيرها عليها، كما شدد على أنه لا توجد أى خلافات حول القوة المشتركة وما طرحته السعودية من أفكار يسهم بتعزيز مهمتها. وحدد شكرى ما اعتبرها خسمة عناصر لقيام حوار مثمر مع ايران، وشدد على أن تطوير العلاقات معها مرهون بتغيير سياساتها، نافيا وجود أى مؤثرات خارجية وراء تعثر هذه العلاقات. وقال إن مصر لا تقبل بوصاية أجنبية ولا تسمح لأحد بالتدخل فى شئونها من وراء لافتة حقوق الانسان. وقال شكرى إن تطوير الجامعة العربية والنهوض بها مسئولية جميع دولها، معتبرا أنه لا سبيل أمامهم سوى الحفاظ عليها كإطار يعبر عن هويتهم، وعبر عن ارتياحه لما لمسه من تقدير عربى للدور الذى تقوم به مصر من خلالها. وحول زيارة العاهل السعودى الى القاهرة قال شكرى: لاشك أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الى مصر تاريخية بكل المعايير لكونها الأولى منذ توليه المسئولية، ولما تمثله من رمز للعلاقة الخاصة التى تربط البلدين وقيادتيهما معا. وينبغى ادراك أنه سبقها العديد من الزيارات التى قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسى الى المملكة مما يؤكد عمق العلاقات والتنسيق والتشاور حيال مجمل الموضوعات سواء على المستوى الثنائى أو العربى والاقليمى والدولي. وأشار الى أن الزيارة ستشهد استعراضا لكل القضايا وتقييم المواقف حيال كل ما يتعلق بتحقيق الاستقرار ومواجهة التحديات القائمة، كما تتضمن فى الشق الاقتصادى العمل على تحقيق المزيد من المنافع من خلال الاتفاقيات التى سيتم التوقيع عليها. وحول ما تردد بشأن تأخيرها وعما اذا كان هذا الأمر يرجع الى خلافات بسبب معالجة قضايا معينة قال الوزير إنه يتعين ادراك أن قيام الملك سلمان بزيارة خاصة الى مصر يؤكد مدى أهميتها ومن ثم لا يتعلق الأمر بزيارة مرور، أو عبور آتيا من دولة أخرى وهذا يعنى حتمية وضرورة الترتيب الجيد واللائق لها وهو ما جرى بالفعل من خلال المجلس التنسيقى والعمل الكثيف الذى جرى، واعداد الاتفاقيات التى تم انجازها بالفعل حتى يكون لزيارة الملك الزخم الذى تستحقه ويترجم حجم ومستوى العلاقات. وفيما اعتبره البعض تراجعا فى قبضة المملكة على مواقف قطر تجاه مصر بعكس ما كان فى عهد الملك الراحل قال الوزير: يجب العلم أن علاقتنا بالسعودية بها من الخصوصية التى لا نريد أن ننظر إليها من زوايا العلاقات أو المواقف من جانب أطراف أخرى، مؤكدا أن للمملكة علاقات واسعة مع أطراف اقليمية ودولية وبقدر حريتها فى توجيهها وادارتها لها بقدر ما تدير مصر هى أيضا علاقاتها الخارجية، ولا نتدخل فى أى توجه أو سياسة تراها المملكة تحقق مصلحتها والحال كذلك لمصر تماما، اذ إننا لم نرصد أى موقف سعودى تجاه ما نراه يحقق مصالح مصر، ودوما نجد أن موقف الدولتين يعكس الشراكة الاستراتيجية بينهما، ونشعر بالارتياح تجاه ما حققته هذه العلاقات ومستوى التفاهم بيننا. وعما هو متوقع من وراء زيارة خادم الحرمين للقاهرة، خاصة على صعيد بروتوكول القوة المشتركة الذى يعانى التعثر قال الوزير إن هذا المشروع عمل ضخم يتطلب المزيد من الدراسة والتدقيق والتشاور المستمر ليس فقط بين مصر والسعودية وانما بين كل الشركاء الذين أعربوا عن تأييدهم ودعمهم لهذه المبادرة وتقديرهم بأنها تخدم المصلحة العربية ككل، ونحن نسير بخطى متأنية حتى يكون المخرج النهائى من الصلابة، بحيث يفضى الى تحقيق الهدف الذى أنشئ من أجله وهو حماية الأمن لهذه المنطقة وتحقيق الاستقرار ومواجهة الارهاب، وللعلم كل الآراء التى طرحت من جانب المملكة فى هذا الموضوع كان الغرض منها تعزيز هذه القوة وضمان قوة أدائها. وعما اذا كانت هناك خلافات طرأت على تشكيل القوات وتمويلها ومكان تمركزها.. أو حتى منافسات على قيادتها قال شكرى: اطلاقا.. وتابع:»لا خلافات ولا منافسات وكل ما كان مطروحا من آراء خاصة من جانب المملكة استهدف تعزيز هذه المبادرة وتذكية العناصر الضرورية لها بشكل يؤدى الى استقرارها وتفعيل الغرض الذى أنشئت من أجله هذه القوة، وهو عمل سوف نستمر فيه حتى يشعر جميع الأطراف بنضوج واكتمال كل الأفكار والأطروحات التى تعزز منها ومن دور ومكانة هذه القوة. وشدد على أن هذا الموضوع مازال قيد البحث من جانب الأطراف المعنية كافة بغرض تعزيز هذه المبادرة وضمان نجاحها فى تأدية المهمة المأمولة منها. وفى شأن ما روجت له تقارير بوجود وساطة سعودية لانهاء الخلافات المصرية مع تركياوقطر وانشاء تحالف سنى فى مواجهة التمدد الشيعى بالمنطقة أكد الوزير أن موقف مصر واضح تماما فى هذا الشأن وهى لا ترى مصلحة فى اذكاء الصراع الطائفى أو المذهبى. وأضاف: «نحن نعمل على تعزيز الأمن القومى العربى واستعدادنا للتصدى والدفاع عن أى تدخلات تستهدف المساس بهذا الأمن والانتقاص من سيادة أى دولة عربية. وسوف نستمر فى ذلك وهو أمر أكدته المناورات المشتركة «رعد الشمال» التى استضافتها المملكة فى أراضيها وشاركنا فيها بقوة وكثافة. ونعلم أن هناك تحديات وتجاذبات بالمنطقة وتدخلات من بعض الأطراف الاقليمية سمتها سياسى بالدرجة الأولى تهدف الى تطويع الارادة العربية لخدمة مصالحها، وما يهمنا منعها من تحقيق أهدافها وحماية المصالح العربية. وعما اذا كان الصراع الدائر باليمن وما يثار عن تورط ايران به يمكن أن يستدرج المنطقة لمواجهات مباشرة عربية ايرانية شدد على أن مصر لن تقبل بأى اختراقات لأمن وسيادة الدول العربية ومحاولات التأثير الأجنبى فى أى منها والشعوب العربية هى التى ترسم وتحدد وتقرر مستقبلها ونرفض تماما أى محاولات أو تدخلات من قوى معينة تهدف الى «دعم فريق ضد فريق أو توجه سياسى ضد الآخر» وهذه أمور داخلية ينبغى أن يتم حلها وتسويتها من خلال شعب هذه الدولة ومؤسساتها وحدها وأطيافه السياسية ومن غير المقبول تماما تدخل عنصر خارجى فى شأن عربى. وعن مدى امكانية معالجة القضايا الخلافية مع ايران عبر الحوار قال الوزير إن الظروف لم تتهيأ بعد لاجراء حوار ايجابى يؤدى الى نتائج ايجابية، غير أنه اعتبر أن هذا لا يمنع مستقبلا من اجراء مثل هذا الحوار اذا ما تحققت عدة عناصر تتمثل فى تغيير بالمنهج والسياسات الايرانية تجاه المنطقة وإظهار الحرص على بناء علاقات على أسس من التعاون والاحترام المتبادل والتكافؤ فى المصالح واحترام استقلال وسيادة الدول العربية على أراضيها وعدم التدخل بها والكف عن السعى لفرض النفوذ، ونوه فى هذا الصدد بأنه حتى وقت قريب كان للسعودية ودول الخليج علاقات دبلوماسية وحوار قائم وقنوات اتصال معها لم تكن لدى مصر التى قطعت علاقتها بها منذ زمن بعيد ولم تتطور الأمور بشكل كاف. وقال إنه لا مجال لاطلاق أى حوار حاليا أو تطوير بالعلاقات لأنه يرتبط بما نرصده من تطورات بمواقفها والتغير بسياساتها وأى تحرك فى هذا الاتجاه سيتم بالتنسيق مع أشقائنا بالخليج فى اطار ما يحقق مصالحنا ككل ويحافظ عليها. وعما اذا كان هناك «فيتو خليجي» لا يرتاح ولا يحبذ أى تطوير بالعلاقات بين مصر وايران نفى شكرى هذا الأمر وقال: إنه غير صحيح اطلاقا. وشدد فى هذا الشأن على أن قرار مصر تجاه أى قضية يتم وفقا لرؤيتها التى تقدر مصالحها ولاعتبارات ترتبط بقضايا أشقائها وبالأمن القومى العربى. وحول المعارك التى تخوضها الخارجية للحفاظ على مصالح مصر بمواجهة حملات أجنبية تسعى للتدخل فى الشئون الداخلية من منافذ عديدة، كمنظمات المجتمع المدني، وأوضاع حقوق الانسان قال شكرى: «نحن نوضح الأمور ونعرض أمام مختلف الدول ما تواجهه مصر من تحديات ويظل فى المقام الأول الشعب المصرى هو السند الرئيسى لنا فى كل تحركاتنا الخارجية لأن هذه الحكومة تستمد شرعيتها منه وتعمل لأجل حماية مصالحه، بصرف النظر عن أى مواقف أو توجهات خارجية. وهذا التلاحم بين الشعب والحكومة والقيادة السياسية هو الذى تقاس به الأمور». وعما اذا كان التأخر فى الاعلان عن قضية الباحث الايطالى «جوليو ريجيني» أفضى الى تداعيات أضرت بالاقتصاد المصرى مازالت تتفاعل على الصعيدين الايطالى والأوروبى شدد الوزير على نفى وجود أى تأخر أو بطء متعمد وقال: «نحن تركنا لأجهزة الأمن النهوض بمهمتها للكشف عن أبعاد وملابسات هذا الحادث بمجرد ابلاغنا باختفاء هذا الشاب، وهذه قضية معقدة ولابد أن تستنفد أجهزة الأمن جميع اجراءات البحث والتدقيق وتقصى المعلومات حتى تتكشف الأمور بشكل كامل» وتابع قوله: نحن من جانبنا لا نتردد فى توضيح الأمر للمسئولين بهذه الدول لكن فى النهاية الأمر يتوقف على مدى استعداد الطرف الأخر للقبول أو استيعاب ما نقدمه اليه من معلومات من عدمه. وأقر بأن مثل هذه الأمور وتلك الحملات يمكن أن يكون لها مردود سلبى على الاقتصاد المصرى خاصة اذا ما ترسخت هذه الحملات والتوجهات لدى المجتمعات بالدول الشريكة وخلقت واقعا ضاغطا من جانب الرأى العام على أجهزة الدولة ودفعتها الى ضرورة اتخاذ مواقف وكذا الحد من الاستثمارات وتنفيذ البرامج والاتفاقيات. وعما حققته جولاته فى اقناع الدول التى زارها، وخاصة روسيا ودولا أوروبية بتفهم الوضع الراهن وحاجة مصر لتلقى الاستثمارات وجذب السياحة أكد أنه طرح الموقف برمته ونقل تطمينات للدول التى قام بزيارتها، كما طرح الحقائق كاملة وما يبذل من جهد كبير ومشروعات ضخمة من بينها محور تنمية قناة السويس والعاصمة الادارية الجديدة وشرق التفريعة وتنمية الصعيد وغيرها من مشروعات مؤهلة لاستقبال استثمارات ضخمة. ولفت الى أنه اذا كانت الاستثمارات تبحث عن عوائد مضمونة فان مصر رغم كل ما مرت به يظل الاستثمار بها ذا عائد ضخم ومجزٍ. ونوه بوجود ادراك لأهمية العودة السريعة لهذه السياحة كما أن هناك تعاونا ملموسا بيننا وبين روسيا لتعزيز القدرات الأمنية وعندما تكتمل هذه الاجراءات ويشعر الجميع بالاطمئنان واكتمال جميع الترتيبات فسوف نرى خطوات من شأنها أن تسهم فى تحقيق المصلحة المشتركة من خلال استئناف هذه السياحة. وبشأن الجهود التى بذلت لتسوية ملفى السياح المكسيكيين والطائرة الروسية قال الوزير إن ملفات هذه الحوادث لدى السلطة القضائية وليست التنفيذية، وبالطبع ستكون هناك تعويضات طالبت بها المكسيك لما أصاب ضحاياها، أما موضوع الطائرة الروسية فهو يخضع لقوانين الطيران الدولي. وعما اذا كانت مصر عند موقفها وشروطها لتحسين العلاقات مع تركيا، خاصة مع قرب انعقاد القمة الاسلامية بأراضيها منتصف الشهر الجارى نوه الوزير بأن هناك تصريحات مازالت تصدر عن مسئولين أتراك من آن لآخر قال إنها تعكس الموقف والشكل الذى عليه العلاقات حتى الآن. ولفت الى أنها تدل على الوضع الراهن. وأضاف: رغم ذلك مصر تسعى الى تعزيز العلاقات مع الشعب التركى فى اطار من الاحترام المتبادل وتأمل فى ذلك انطلاقا من الروابط التى تجمع بين الشعبين، بما يسهم فى تحقيق الاستقرار والحفاظ على الأمن ومصالح هذه المنطقة وشعوبها. وعن أسباب عدم اقدام مصر على اجراءات عقابية تجاه دخول المنتجات التركية أراضيها وأسواقها وهى ضخمة للغاية تكاد تغرق السوق المصرى شدد على أن مصر لا تلجأ الى اتخاذ مواقف منفعلة أو عاطفية وانما مواقفها موضوعية مبنية على احترام الشركاء بما يؤدونه من اسهام فى تعزيز الأوضاع الاقتصادية بمصر، مادام لم يقترن هذا بأى اساءة أو تصرف تنتقص من أو تهدد المصالح المصرية. وقال: «كما ذكرنا مرارا نحن نحرص على علاقاتنا بالشعب التركى الشقيق وأهمية الحفاظ عليها وتنميتها فى مختلف المجالات، باعتبار أن هذه العلاقات والأواصر هى الأبقى». وردا على سؤال حول الجهد الذى يمكن أن تنهض به مصر لانتشال الجامعة مما يعتريها من سقم فى ظل تولى أمين عام جديد لها قال شكرى «نأمل أن تكون التحديات التى نواجهها جميعا وتهدد الاطار العربى حافزا للمزيد من التضامن خاصة أن لدينا الوعاء الذى يجمعنا ويحتوى آليات توفر القدرة على العمل المشترك بشكل مناسب، لكنه اعتبر أن هذا يتوقف على ارادة الأعضاء ويقينهم أن العمل الجماعى وليس الفردى هو السبيل الوحيد نحو تحقيق وحماية مصالحهم. وعن شكوى سفير دولة أوروبية كبيرة ألمانيا مؤخرا مما وصفه بمعاناة مستثمرى بلاده من الييروقراطية بمصر، واعتباره وجود تبات خرسانية حول السفارات وغيرها من المقرات الحكومية ليست دليلا على غياب الأمن والاستقرار فى مصر قال الوزير: أولا يجب ألا ينسى هذا السفير أن هذه التبات الخرسانية موجودة فى دول كبيرة وحتى فى واشنطن حول كل السفارات والمنشآت الحيوية محاطة بها فى ظل تنامى ظاهرة الارهاب. كما ان هذه التبات تم وضعها حول السفارة بطلب هذا السفير وغيره من السفراء، ونحن نستغرب عدم تقديره للعوائد التى حققتها استثمارات شركات بلاده التى بلغت 30٪ من الارباح والعقود الضخمة التى أبرمتها شركات بلاده رغم التحديات الأمنية التى تمر بها مصر، والتى هى مجال رحب لأى استثمارات، والذى يعيش بها ويرى شعبها رغم هذه التحديات يحيا حياة طبيعية يجب أن يعزز هذا من خلال المزيد من الدعم والاستثمارات وليس بالتشكيك فى ارادة هذا الشعب وهو الذى خاض تجربة ديموقراطية شهد المجتمع الدولى بنزاهتها.