يستعد البرلمان اليوم لاستقبال بيان الحكومة المقرر أن يلقيه المهندس شريف اسماعيل رئيس الوزراء وهو البيان الذى يحدد ملامح خطة العمل التنفيذى فى البلاد فى المرحلة القادمة. ويكتسب بيان الحكومة اهمية مضاعفة فى ظل الصلاحيات الواسعة التى منحها الدستور الجديد لمجلس النواب فيما يتعلق بالدور الرقابى على اعمال الحكومة حيث تعزز هذه الصلاحيات الدور الرقابى وتجعل مساءلة الحكومة أمرا حتميا حتى فى أدق تفاصيل المشروعات والبرامج والسياسات المنفذة. وينتظر نواب الشعب اليوم ومن ورائهم 90 مليون مواطن ان يجيب بيان الحكومة عن تساؤلات مهمة تتعلق بخمسة ملفات رئيسية فى القضايا الاقتصادية والاجتماعية التى باتت تمثل عامل ضغط على المواطنين وصانع القرار فى آن واحد. حيث لا ينكر أحد أن تفاقم الازمة الاقتصادية بالبلاد وتجلياتها التى لا تخطئها عين جعلت العبء على الحكومة مضاعفا لبذل مزيد من الجهد للتعامل مع تداعيات هذه الازمة. وتشمل قائمة الملفات الخمسة التى يتعين على بيان الحكومة التصدى لها بأفكار غير تقليدية كلا من قضايا التضخم والارتفاع الكبير فى اسعار السلع الاساسية واستمرار عجز الموازنة العامة والبطالة ومستقبل الجنيه وسعر الصرف واخيرا تدهور اداء الخدمات العامة المقدمة للمواطنين لاسيما فى مؤسسات الرعاية الصحية. على صعيد التضخم وارتفاع الاسعار ينتظر الناس والبرلمان اجابات واضحة حول تعامل الحكومة مع هذه القضية تتمثل فى آليات ضبط الاسواق للحد من هذه الموجة التضخمية الكاسحة ووسائل الدولة فى توفير بدائل للمواطنين من السلع الرئيسية بأسعار مقبولة، وعما اذا كان من الممكن زيادة اجور العاملين بالجهاز الادارى واصحاب الدخول الثابتة ومن اين يتم تمويل هذه الزيادة حال اختيارها كأحد الحلول السريعة وكذلك مدى امكانية توسيع شبكات الحماية الاجتماعية للفئات الفقيرة لتجنيبهم تحمل مزيد من الاعباء المترتبة على ارتفاع الاسعار، ودعم مخصصات برنامجى »كرامة« و»تكافل« وكذلك سد ثغرات نظام البطاقة التموينية بما يسهم فى رفع كفاءة هذا النظام ويعزز قدرته على سد احتياجات المواطنين. وعلى صعيد قضية عجز الموازنة ينتظر البرلمان رؤية حكومية واضحة وملزمة عبر مدى زمنى محدد لخفض العجز الذى يدور حول 5.11% حاليا من الناتج القومى الاجمالى. ورغم ان الحكومة اعلنت اكثر من مرة انها تستهدف خفض هذا العجز ليصبح فى حدود 8% بحلول عام 0202 اى خفض بمعدل 1٪ على الاقل سنويا حتى تصل الى المستهدف بعد 4 سنوات فإن الحكومة لم تحدد كيفية تنفيذ هذا الخفض وما اذا كان ذلك سيتم عبر ضغط المصروفات بما يمثله ذلك من تداعيات على معدل النمو وحجم الانفاق الاستثمارى العام للدولة ام سيتم خفض العجز عبر زيادة موارد الخزانة العامة ومنها زيادة الموارد الضريبية بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة مثلا او عبر الاستغلال الامثل للأصول المالية والاقتصادية المملوكة للدولة أو عبر جهود لمكافحة التهريب الضريبى وتوسيع قاعدة المجتمع الضريبى بدمج مشروعات الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى او تحصيل مستحقات الدولة فى ملف الاراضى التى قدرها المهندس ابراهيم محلب نائب الرئيس للمشروعات القومية والمسئول عن هذا الملف بأكثر من 051 مليار جنيه تمثل نحو 02% من الحجم الإجمالى للموازنة العامة. كما ان على بيان الحكومة ان يجيب فى هذه النقطة عن تساؤلات الشارع بشأن الاسراف الحكومى وعما اذا كانت هناك خطة لضبط هذا الانفاق وجعله مقصورا على الضروريات فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد وكيف تتم مراقبة تنفيذ هذه الخطة من جانب البرلمان. اما القضية الثالثة فتتمثل فى مصير الجنيه الذى بات على المحك ومستقبل سوق الصرف الذى تضربه الفوضى حتى الآن رغم التحركات الجادة من جانب البنك المركزى حيث يتعين الاجابة عن سؤال يتعلق بسياسة الحكومة تجاه الجنيه وهل القرار هو التعويم المباشر والصريح ام ان هناك بدائل؟ واذا كان القرار هو التعويم ماذا اعدت الحكومة للتعامل مع آثار هذا التعويم على المديين المتوسط والطويل لاسيما ان ذلك سوف يكون اعلانا صريحا من الحكومة بانحيازاتها الاقتصادية والاجتماعية وانها سوف تكون قلبا وقالبا مع الاقتصاد الحر. وتتمثل القضية الرابعة فى مشكلة البطالة وماذا يتضمن بيان الحكومة للرد على تساؤلات النواب بشأن جهود مكافحة البطالة لاسيما فى ظل ارتفاع مؤشراتها خلال السنوات الاخيرة لتتجاوز 14.2٪ حسب الارقام المعلنة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، وهل خطة الحكومة للتعامل مع المشكلة تعتمد على آلية المشروعات الصغيرة فقط ام ان هناك آليات اخرى لدعم القطاعات الانتاجية المختلفة حتى تستطيع استيعاب المزيد من العاطلين؟ وكيف يمكن للمشروعات القومية الكبرى التى يجرى تنفيذها حاليا أن تلعب دورا ملموسا فى التخفيف من حدة المشكلة؟ وما هى ضمانات الاختيار النزيه المعتمد على تكافؤ الفرص فى الوظائف الحكومية فيما يخفف من حدة الاحتقان الاجتماعى حول هذه القضية؟ اما القضية الخامسة التى ينتظرها البرلمان من بيان الحكومة فهى المتعلقة بالتدهور الحاد فى اداء الخدمات العامة خاصة خدمات التعليم والصحة، وعما اذا كان هناك التزام ببنود الدستور التى تلزم بتخصيص نسب محددة من الناتج القومى لهذه الخدمات ومتى يمكن الوصول الى هذه النسبة التى تبلغ 4٪ للصحة و3٪ للتعليم و2٪ للبحث العلمى . كما تشمل هذه التساؤلات كيفية تعزيز الرقابة الحكومية على المستشفيات العامة لضمان تقديم خدمة معقولة للمواطنين كخطوة اولى فى مسار اصلاح المنظومة الصحية الشاملة بالبلاد التى من المنتظر أن تعتمد على قانون جديد للتأمين الصحي. من هنا يمكن القول ان هذه القضايا الخمس سوف تكشف جوهر التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لحكومة المهندس شريف اسماعيل فى المرحلة المقبلة ومن ثم تحصل او لا تحصل على ثقة البرلمان.