36 مدرسة جديدة و549 فصلاً بتكلفة 473 مليون جنيه تدخل الخدمة هذا العام ببني سويف (تفاصيل)    الفجر بالإسكندرية 5.16.. جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الثلاثاء 16 سبتمبر 2025    السكن البديل مجرد مسكنات …مستأجرو الإيجار القديم : مصيرنا مجهول ولا نثق فى وعود حكومة الانقلاب    لمواجهة العشوائيات.. محافظ البحيرة يعتمد 10 مخططات عمرانية جديدة    الكرملين: الناتو في حالة حرب فعلية مع روسيا    مع بدء أعمال قمّة الدوحة..الرئيس الإيرانى يطالب بقطع العلاقات مع دولة الاحتلال والفصائل الفلسطينية تدعو إلى رد حاسم    بيرنلي ضد ليفربول.. الريدز ملوك الانتصارات في اللحظات القاتلة    بدء اجتماع تخطيط الأهلي لحسم ملف المدير الفني الأجنبي    الداخلية تضبط متهما بنشر فيديوهات مفبركة لخدش حياء سيدة    الطقس غدا.. تحسن نسبي بالأحوال الجوية ونشاط رياح والعظمى بالقاهرة 33 درجة    الاستماع لأقوال شهود عيان فى حادث مقتل سيدة بالوراق    مدبولي يوجه بتطبيق التأمين الصحى الشامل بالمنيا كأول محافظات المرحلة الثانية    الشيبي: مباراة الأهلي صعبة.. وتعبنا كثيرًا للوصول لهذا المستوى    أبرزها مواجهة الزمالك والإسماعيلي، مواعيد مباريات الجولة السابعة من الدوري المصري    وزير الرى يلتقي المدير التنفيذي لمصر بمجموعة البنك الدولي لاستعراض مجالات التعاون المشترك بين الوزارة والبنك    الاحتلال يكثف إجراءاته بالضفة.. مئات الحواجز والبوابات الحديدية    وزير الخارجية البولندي يوضح حقيقة الطائرات المسيّرة التي اخترقت أجواء بلاده    محافظ الغربية: مدارس المحافظة جاهزة في أبهى صورة لاستقبال العام الدراسي الجديد    مصدر أمني ينفي ادعاء شخص بتسبب مركز شرطة منيا القمح بالشرقية فى وفاة شقيقه    تعليق مفاجئ من آمال ماهر على غناء حسن شاكوش لأغنيتها في ايه بينك وبينها    الدكتور هشام عبد العزيز: الرجولة مسؤولية وشهامة ونفع عام وليست مجرد ذكورة    وزير المالية السعودي: سوق المال يتجاوز 2.4 تريليون ريال وإطلاق جوجل باي بالرياض    "التوازن النفسي في عالم متغير" ندوة بالمجلس القومي للمرأة    غموض موقف محمد شحاتة من المشاركة مع الزمالك أمام الإسماعيلى    هاكاثون حلوان 2025.. جيل رقمي يحمي الأمن السيبراني    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    قبل الشراء .. تعرف علي الفرق بين طرازات «آيفون 17» الجديدة    ترامب يهدد بإعلان «حالة طوارئ وطنية» في واشنطن لهذا السبب    موعد إعلان الفائز بمسابقة أفضل ممارسات الحفاظ على التراث العمراني 2025    إسماعيل يس.. من المونولوج إلى قمة السينما    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    الأوقاف تعلن المقبولين للدراسة بمراكز إعداد محفظي القرآن الكريم    هيئة الدواء تحذر: التوقف المفاجئ عن بعض الأدوية يسبب مضاعفات خطيرة    «الرعاية الصحية»: منصة إلكترونية جديدة تربط المرضى بخبراء الطب بالخارج    مصر ترأس الخلوة الوزارية الرابعة لوزراء التجارة الأفارقة بالقاهرة لتعزيز التكامل الاقتصادي الإفريقي    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    إزالة 95 حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية بسوهاج خلال حملات موسعة.. صور    أول هدف وفوز وهزيمة.. 4 أمور حدثت لأول مرة فى الجولة السادسة بالدورى    منافسة شرسة بين مان سيتي ويونايتد على ضم نجم الإنتر    القضية الفلسطينية وحرب الإبادة على غزة تلقى بظلالها على حفل Emmy Awards    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    صوفيا فيرجارا تغيب عن تقديم حفل جوائز إيمي 2025.. ما السبب؟    محافظ الوادي الجديد: اعتماد 4 مدارس من ضمان جودة التعليم بالخارجة وباريس    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية    أوروبا تنتفض ضد الاحتلال تزامنا مع قمة الدوحة.. إسبانيا تمنع العلم الإسرائيلي وبريطانيا تقصي طلابه تعليميًا    «التضامن»: صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر بقيمة تزيد على 4 مليارات جنيه اليوم    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 126 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    بسنت النبراوي: تركت مهنتي كمضيفة جوية بسبب ظروف صحية والتمثيل صعبة للغاية    أيمن الشريعي: الأهلي واجهة كرة القدم المصرية والعربية.. والتعادل أمامه مكسب كبير    تعرف على مدة غياب "زيزو" وموقفه من مباراة القمة    وزير الصحة يترأس اجتماع «التأمين الشامل» لمناقشة التطبيق التدريجي بالمحافظات    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : هذا ما تعلمناه؟؟    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى إبراهيم البحراوى    ما حكم قتل القطط والكلاب الضالة؟ دار الإفتاء المصرية تجيب    فلكيًا بعد 157 يومًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 في مصر    استئناف محاكمة عنصر إخواني بتهمة التجمهر في عين شمس| اليوم    بالأسماء.. إصابة 4 من أسرة واحدة في البحيرة بعد تناول وجبة مسمومة    لقاء الخميسي في الجيم ونوال الزغبي جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموازنة الجديدة .. أرقام ودلالات!
نشر في أكتوبر يوم 28 - 06 - 2015

تسود حالة من الجدل أوساط خبراء المال والاقتصاد حول مشروع الموازنة العامة (2015/2016)، الذى قدمته الحكومة، مؤخرا، للرئيس عبد الفتاح السيسى، لاعتمادها وإصدارها بمقتضى المادة (156) من الدستور، التى تجيز للرئيس إصدار قرارات بقوانين فى غيبة البرلمان، وينطوى هذا الجدل على قدر كبير من الأهمية، لما تمثله الموازنة من أهمية كبيرة، كونها تعبر عن برنامج عمل الحكومة خلال سنة مقبلة، إذ يمكن الكشف عن مختلف أغراض الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال تحليل أرقامها.تبدأ أزمة الشارع مع الحكومة حيال الموازنة العامة من نقطة مخالفة الدستور، الذى يلزم الحكومة بتقديم مشروع الموازنة العامة للجهة المعتمدة – سواء برلمان أو رئيس جمهورية- قبل نهاية مارس، حتى يتسنى لها قراءة وتحليل مختلف بنود الموازنة قبل اعتمادها، بل يحق لهذه الجهة المعتمدة ابداء الملاحظات الملزمة للحكومة، لكن تأخر الحكومة فى تقديم مشروع الموازنة بهذا الشكل يعنى إحراج للجهة المعتمدة، لأنه لا وقت للقراءة وابداء الملاحظات.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تخالف الحكومة الدستور أيضا بعدم التزامها بالنسب، التى حددها الدستور لبنود التعليم والبحث العلمى والصحة، وهى على الأقل 10% من الناتج القومى الإجمالى موزعة 4% للتعليم قبل الجامعى و2% للتعليم الجامعى و1% للبحث العلمى و3% للصحة، مما افقدها القدرة على اقامة نظام تأمين صحى شامل، الذى ينص عليه دستور البلاد، وكذا تحسين منظومة التعليم والبحث العلمي.
المعادلة الصعبة
وكالعادة، حاولت الحكومة ممثلة فى وزارة المالية أن تحقق المعادلة الصعبة، التى تتمثل فى تلبية تطلعات واحتياجات المجتمع بأقل عجز ممكن، لتصل فى النهاية إلى موازنة تقدر إجمالى إيراداتها 612 مليار جنيه ونفقات عامة قدرها 885 مليارا، وعجز قدره 281 مليار جنيه بمعدل 9.9% مقابل عجز قدره 1.5% العام (2014 / 2015)، على الرغم من ارتفاع معدلات النمو والتشغيل وتقييمات المؤسسات الدولية، وحرص الدولة على معدل مرتفع للاستثمارات الحكومية الرامية إلى تطوير وتحديث البنية الأساسية.
«دفع النشاط الاقتصادى وتحقيق الاستقرار المالى وتدعيم الحماية الاجتماعية» ..
3 أهداف حددها البيان المالى التمهيدى لمشروع الموازنة العامة للدولة، مشيرًا إلى أن تحقيق الهدف الأول يكون من خلال تحسين مناخ الاستثمار، وإصلاح تشريعى ومؤسسى، والدفع بالمشروعات التنموية الكبرى كثيفة التشغيل، وتبنى استراتيجية جديدة للطاقة، والمضى قدما فى تنفيذ مشروعات المشاركة بين القطاعين العام والخاص.
فيما ترمى الموازنة العامة إلى تحقيق الاستقرار المالى عبر إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، وتدعيم العدالة فى توزيع الثروات، ورفع كفاءة النظم الضريبية والجمركية، وتنويع مصادر التمويل وإدارة أكثر كفاءة للدين العام، وتحسين إدارة المالية العامة، وتوسيع القاعدة الضريبية وزيادة درجة ارتباط إيرادات الدولة بالنشاط الاقتصادى.
أما هدف تدعيم الحماية الاجتماعية، فإن الحكومة تتحرك لادراكها من التوسع فى تنفيذ برامج الدعم النقدى والدعم الغذائى، وبرامج تطوير رأس المال البشرى، التى تشمل زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، ورفع كفاءة الخدمات العامة واّليات توزيعها وتحديث البنية الأساسية (من تطوير المواصلات العامة وإسكان إجتماعى وتطوير حضرى، وغيرها)، وأخيرا، تحقيق عدالة التوزيع الجغرافى.
مؤشرات اقتصادية
وينطلق مشروع الموازنة العامة (2015/2016) من مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، تتمثل، بحسب البيان المالى للموازنة، فى تحقيق ناتج محلى إجمالى قدره 2.8 تريليون جنيه، بمعدل نمو اقتصادى 5%، ومتوسط أسعار فائدة على الدين الحكومى قدره 11.5%، ومتوسط سعر برميل برنت قدره
75 دولارا، ومتوسط سعر طن القمح
248 دولارا، ومتوسط سعر الضريبة الجمركية الفعال 5%، ومعدل نمو التجارة العالمية فى للواردات السلعية قدره 5.4%، ومتوسط معدل نمو الاقتصاد العالمى 3.3%.
وهنا تثار قضية فى منتهى الخطورة وهى قابلية فرضيات الموازنة العامة للتطبيق على أرض الواقع، فالحكومة تسوق للمجتمع أرقام بعيدة كل البعد عن الواقع، وربما يكون أقرب وأدق دليل على هذه الفرضية، تتمثل فى عجز الموازنة المقدر فى موازنة العام المالى (2014 / 2015) كان نحو 200 مليار جنيه، إلا أن الربع المالى الثالث انتهى على عجز قدره 230 مليارا، فيما تذهب التوقعات إلى وصول العجز بنهاية العام إلى نحو
300 مليار جنيه، مما ترتب عليه زيادة حجم الدين العام إلى نحو 1.9 تريليون جنيه بما يعادل 95.5% من الناتج المحلى الإجمالي.
ويتوزع الجزء الأعظم من مخصصات الانفاق العام فى مشروع الموازنة على 3 أوجه رئيسية، وهي، الأجور، وتمويل برامج الحماية الاجتماعية، ونفقات خدمة الدين العام، بحيث يخصص مشروع الموازنة لأجور للعاملين فى الدولة نحو 228 مليار جنيه، يمثل 25.8% من النفقات العامة، بزيادة قدرها 27.5 مليار جنيه، أى بنسبة نمو 14% عن الإنفاق على الأجور خلال العام المالى الجارى، والبالغ نحو 207 مليارات جنيه، وبلغت مساهمة الخزانة العامة فى صناديق المعاشات 43.5 مليار جنيه بزيادة 10.3 مليار جنيه بنسبة نمو 31%.
وربما يترتب على هذه الزيادة المقررة فى الأجور حالة من الارتياح بين موظفى الدولة الذين طالما ظنوا أن الحكومة تستهدف من اقرار قانون الوظيفة العامة تخفيض دخولهم، لكن تأتى الموازنة لتدحض هذه الادعاءات، لكن يظل هناك تساؤل جوهرى قائما مفادة هل يترتب على هذه الزيادات فى مخصصات الأجور فى الموازنة العامة تحقيق المزيد من العدالة فى توزيع الدخول؟
وعلى جانب آخر، انتقد خبراء اقتصاد ومالية عامة ارتفاع اعتمادات الأجور، لما تمثله هذه الأجور من عبء على الموازنة العامة، وذلك فى الوقت الذى لا يترتب عليها أية قيمة مضافة، بما يستوجب ضرورة العمل لخفض هذه المخصصات بواقع 25%، وهذا ما فسره البعض بأنه محاولة حكومية لإرضاء الموظفين، الذين يتخوفون من تطبيق قانون الوظيفة العامة، الذى أقر فى مارس 2015، فيما أرجعت مصادر بوزارة المالية، هذه الزيادات فى الأجور إلى رفع مخصصات الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي، الذى تزامن معه زيادة أجور العاملين فى هذه القطاعات.
برامج الحماية الاجتماعية
فيما يبلغ إجمالى الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية المباشرة والبعد الاجتماعى فى مشروع موازنة العام المالى القادم نحو 431 مليار جنيه، يمثل 49% من النفقات العامة، بزيادة 12% عن العام المالى الجارى، حيث تضمن مشروع الموازنة تمويل برامج اجتماعية جديدة تحقق استهدافًا أفضل للفئات الأولى بالرعاية.
ويعد التوسع فى برامج الدعم النقدى المباشر، بحسب وزارة المالية، أحد أهم سمات هذه الموازنة، حيث تم تخصيص مبلغ 11.2 مليار جنيه لبرامج المعاشات الضمانية بزيادة نحو 69% عن العام الحالى، وذلك بعد انتهاء وزارة التضامن الإجتماعى من الانتهاء من برامج الاستهداف، التى تقوم بها لوصول الدعم لمستحقيه من الفئات الأولى بالرعاية، كذلك تم تخصيص مبلغ 4.2 مليارات جنيه لدعم التأمين الصحى والأدوية تشمل تدعيم برامج جديدة للتأمين الصحى لغير القادرين بمبلغ يزيد على 3 مليارات جنيه.
كما تخصيص مبلغ 38.4 مليار جنيه لتمويل منظومة دعم الخبز والسلع الغذائية، التى تم تطويرها هذا العام، وتدخل التطبيق الكامل خلال العام المالى المقبل، وذلك مع توقع زيادة عدد المستفيدين من منظومة دعم الخبز بنحو 3 ملايين مواطن خلال العام القادم، ليصل إجمالى عدد المستفيدين إلى نحو 70 مليون مواطن، بالإضافة إلى تخصيص نحو 3.7 مليار جنيه لدعم المزارعين لتشجيع الإنتاج الزراعى فى دعم شراء القمح المحلى.
فيما بلغت مخصصات برنامج توفير وتأهيل إسكان محدودى الدخل، كما تذهب أرقام الموازنة، نحو 13.7 مليار جنيه بنسبة نمو قدرها 19%، حيث تضمن تنفيذ برنامج الإسكان الاجتماعى، الذى تبلغ قيمته نحو 11 مليار جنيه، وبرنامج تطوير المناطق العشوائية بنحو 1.3 مليار جنيه، وتنمية القرى الأكثر فقرًا بنحو 0.9 مليار جنيه، ويخصص مشروع الموازنة 61 مليار جنيه دعما للطاقة بخفض قدره 10% عن مخصصات الدعم العام الجاري.
وهنا تكمن الأزمة، فالأرقام تدلل على أن الحكومة ماضية فى تنفيذ خطتها للتحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدي، وهذا ما يرهن نجاحه خبراء الاقتصاد، بوجود قواعد بيانات كاملة صحيحة عن المجتمع، وهذا ما لم يتم توفيره إلى الآن، وهذا ما قد يهدد نجاح تجربة التحول، بل قد يؤدى هذا السعى الحكومى إلى مزيد من الافقار للفقراء.
بوابة الفقراء
ولعلاج عجز الموازنة كان يمكن مراجعة التشريعات الضريبية، وتحديدا ضريبتى الأرباح الرأسمالية والدخل يمكن توفير وفر فى الايرادات العامة للدولة قدرها 30 مليار جنيه، وهذا أمر لن يضر الاقتصاد بشىء، بل يخرج الحكومة من مأزق البحث عن تدابير خفض مخصصات دعم السلع التموينية، التى قد تكون إلغاء فروق العيش.
كما أن خفض مخصصات دعم الطاقة إلى 61 مليار جنيه الحكومة قد يضطر الحكومة إلى زيادة أسعار المواد البترولية بما يترتب عليها قدر هائل من الحاق الضرر بالمواطنين أبناء الطبقة الفقيرة، الذين يعانون غلاء غير مسبوق فى الأسواق، لكن، وفقا لبعض المصادر الحكومية، تستند الحكومة فى خفضها لمخصصات دعم الطاقة على عدد من الأسانيد، أولها، المعونات الخارجية النفطية من دول الخليج، وتراجع استهلاك مصانع الأسمنت للمواد البترولية بعد التحول إلى الاعتماد على الفحم، وتراجع الاستهلاك المحلى من المواد البترولية بشكل عام.
لكن هذه المبررات قد لا يقتنع بها الكثيرون، لأن الدعم النفطى الخليجى فى الغالب الأعم لن يستمر، فضلا عن أنه لو استمر سوف يكون بكميات أقل مما كانت عليه الفترة الماضية، علاوة على أن تحول مصانع الأسمنت إلى الفحم قد لا يترتب عليه الوفرة فى استهلاك المواد البترولية بالشكل الذى تسوقه الحكومة، وأخيرا، الرهان على تراجع مستويات الاستهلاك المحلى من المواد البترولية كان مرهونا بالأساس بقدرة الحكومة على المضى قدما فى تنفيذ منظومة الكروت الذكية التى أعلنت الحكومة مؤخرا عن ارجاء تنفيذها، وبالتالى فإن قدرة الحكومة على الالتزام ببنود الموازنة فيما يخص دعم الطاقة أمر محال، فهل يكون الحل رفع أسعار.
فيما يبلغ إجمالى مخصصات الاستثمار فى الموازنة الجديدة نحو 75 مليار جنيه أى 2.7% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل مقابل 45 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الجارى، منها نحو 55 مليار جنيه ممولة من موارد الخزانة العامة والباقى فى صورة منح وقروض وتمويل ذاتي، وأن إجمالى الإنفاق على الصحة يقدر بنحو 64 مليار جنيه، بزيادة 11.3 مليار جنيه، أو نحو 21.5 % عن العام السابق، فيما زادت مخصصات التعليم الأساسى والجامعى بنحو 9.2 مليار جنيه، بنسبة 8.3% إلى 120 مليار جنيه.
الإيرادات العامة
أما إجمالى الإيرادات العامة المقدرة فى مشروع الموازنة للعام المالى القادم تبلغ نحو 612 مليار جنيه بزيادة 26% عن العام الحالى، وذلك على الرغم من أن المنح المقدرة فى مشروع الموازنة تبلغ 2.2 مليار جنيه فقط مقابل 25.7 مليار جنيه فى العام المالى الجارى ومقارنة بنحو 95.9 مليار جنيه فى عام 2013/2014، وهو ما يعكس زيادة الإعتماد على الموارد المحلية فى تمويل الموازنة العامة للدولة.
وتبلغ الإيرادات الضريبية المقدرة فى مشروع الموازنة نحو 422 مليار جنيه وإلى جانب الزيادة المتوقعة فى معدلات النشاط الإقتصادى، فتقوم وزارة المالية بإجراء تطوير شامل للمنظومة الضريبية تشمل رفع كفاءة أداء المصالح الإيرادية، وبما يضمن تحسين التعامل مع الممولين وفى نفس الوقت الحفاظ على حقوق الدولة والمجتمع، علاوة على الإجراءات الإصلاحية، التى تمت لتطوير المنظومة الجمركية بهدف تأمين المنافذ وحماية الصناعة الوطنية، بما ساهم أيضا فى تحسن أداء الحصيلة الجمركية، التى يقدر لها أن تكون نحو 26.9 مليار جنيه بزيادة قدرها 24.8% عن المتوقع خلال العام المالى الجارى.
وقد شكك د. مصطفى عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب السابق، فى قدرة الحكومة على تحقيق هذا القدر الكبير من الإيرادات الضريبية المنصوص عليها فى مشروع الموازنة العامة نحو 422 مليار جنيه، وقال د. عبد القادر: إن انجاز الحكومة لهذا الأمر مرهون بالقدرة على ادخال عدد من الاصلاحات الجوهرية على المنظومة الضريبية مثل التحول إلى قانون ضريبة القيمة المضافة وادخال بعض التعديلات على قوانين الضرائب الأخري.
وأضاف أن القدرة على تحقيق هذه الإيرادات مرهونة باتخاذ الاجراءات، التى تضمن وضع نظام قوى للحوافز للعاملين بالمصلحة يساعد فى تحصيل الفاقد من الضريبة، والعمل على تحقيق التوزيع العادل للربط الضريبى للحصيلة بين المأموريات، وأخيرا، تفعيل نظام المعلومات حتى يمكن مكافحة ظاهرة التهرب الضريبي.
رؤية الحكومة
ف «مشروع الموازنة العامة»، فى رأى «هانى قدرى دميان، وزير المالية»، تضمن تطبيق عدد من الإجراءات الإصلاحية بهدف السيطرة على معدلات عجز الموازنة والدين العام، وتوجيه الموارد إلى مجالات تنموية، وأن يتحمل أصحاب الدخل الأعلى تبعات الاصلاح وتخفيف الأعباء على الفئات الأقل دخلاً، التى تشمل اعفاء الشرائح الثلاث الأقل إستهلاكاً للكهرباء من الزيادة فى أسعار الكهرباء.
وتشمل الإجراءات استكمال منظومة ضريبة القيمة المضافة المطبقة جزئياً فى الوقت الحالى بهدف زيادة العدالة ولمعالجة التشوهات الموجودة فى التطبيقات الحالية، وإستمرار ترشيد دعم الطاقة، وتنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتنمية الإستثمارات فى مجال البترول والغاز، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى إنتاج وتوليد الطاقة، زيادة الموارد من الإيرادات غير الضريبية، وبما فى ذلك توفيق أوضاع الأراضى السابق الحصول عليها للإستصلاح الزراعى، وتم استخدامها لغير غرضها الأصلى.
وراعت الحكومة، وفقا ل «دميان»، عند إعداد مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2015/2016 تحقيق التوازن بين دفع معدلات النشاط الإقتصادى، وإعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة نحو تدعيم الحماية والعدالة الإجتماعية، ومع تحقيق الإستدامة المالية، حيث تستهدف الحكومة خفض العجز إلى نحو 8.5% فى عام 2018/2019 وخفض معدلات الدين العام إلى نحو 85% من الناتج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.