لم يعد مفهوم الشمول المالى صعبا لدى النسبة الكبرى من فئات المجتمع، ولاسيما بعد الاهتمام الإعلامى الكبير والنشاط البارز للبنوك فى مصر بهذا الأمر فى السنوات الأخيرة، والذى ظهر بوضوح خلال العامين الأخيرين وبشكل أكبر وأكثر وضوحا مع إطلاق مبادرة البنك المركزى للشمول المالى فى 17 إبريل الماضى، تزامنا مع اليوم العربى للشمول المالى، حيث قدمت البنوك حزمة تسهيلات خلال أسبوع الشمول المالى فى إطار مبادرة البنك المركزى، تضمنت تشجيع الأفراد من جميع الفئات على فتح حسابات مصرفية بدون تكاليف أو رسوم مع الوصول إلى الأفراد فى النوادى والمولات وغيرهما من أجل استقطاب أكبر عدد من الأفراد. الخميس الماضى شهدت مدينة شرم الشيخ إطلاق المبادرة العربية للشمول المالى من جانب صندوق النقد العربى والتحالف العالمى للشمول المالى والوكالة الألمانية، وذلك فى عقب الجلسة الافتتاحية لأول مؤتمر دولى للشمول المالى فى الشرق الأوسط برعاية وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى وبمشاركة نحو 1000 شخصية مصرفية من قيادات البنوك المركزية والتجارية والاستثمارية يمثلون وفودا من 95 دولة و150مؤسسة مالية واقتصادية دولية وإقليمية ومحلية. اختيار مصر لإقامة أول مؤتمر دولى للشمول المالى فى الشرق الأوسط، جاء بفضل جهود دءوبة ونجاح البنك المركزى المصرى بشهادة جميع الحضور فى التنظيم الناجح، وقبل ذلك لنجاح السياسيات التى يتبناها وينفذها فى مجال الشمول المالى خلال الفترة الماضية. حضور الرئيس عبد الفتاح السيسى افتتاح المؤتمر كان رسالة واضحة ومهمة باهتمام الحكومة المصرية بالشمول المالى من أجل توسيع نسبة الحاصلين على خدمات مالية مصرفية من أجل تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية، على مستوى السياسات الداعمة لذلك وتذليل جميع العقبات التى تواجه التنفيذ، وهو ما أكده الرئيس فى كلمته. الرئيس حرص على التأكيد مرارا وتكرارا أن الدور البارز والمهم للشعب المصرى فى عزمه وإرادته القوية على تجاوز الصعوبات الاقتصادية من خلال برنامج وطنى للإصلاح الاقتصادى مع تحمل الآثار الصعبة لتنفيذ هذا البرنامج بكل جسارة وكرامة وتحد، لافتا إلى أن الشعب المصرى يواجه فى الوقت ذاته معركة كبيرة وقوية وببسالة منقطعة النظير فى القضاء على الإرهاب نيابة عن العالم. خطوات الإصلاح الاقتصادى بدأت تؤتى ثمارها كما أكد الرئيس السيسى، مشيرا إلى ارتفاع الاحتياطى الأجنبى ليتجاوز 36 مليار دولار فى وقت قصير، واستكمالا لذلك استعرض رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، التطورات الإيجابية على صعيد تراجع عجز الموازنة العامة إلى 10.9% مقابل 12.5% وكذلك زيادة تدفق الاستثمار المحلى والأجنبى وتراجع معدل البطالة الى 11.9% مقارنة ب12.5%. حرص الرئيس على حضور المؤتمر حظى باهتمام كبير من جميع المشاركين، وظهر بوضوح فى كلمات الرئيس الجديد للتحالف الدولى للشمول المالى، وهو من البرازيل، حيث أكد أن حضور الرئيس دليل على اهتمام الدولة بتعزيز الشمول المالى، وكذلك الحال بالنسبة لرئيس صندوق النقد العربى عبد اللطيف بن عبد الله الحميدى الذى أكد أن مصر قطعت شوطا مهما فى تعزيز الشمول المالى، وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة دفعة قوية فى هذا المجال بعد انضمام البنك المركزى إلى التحالف الدولى للشمول المالى، مشيرا إلى مبادرة البنك المركزى للشمول المالى خلال إبريل الماضى التى تزامنت مع اليوم العربى للشمول المالى، لافتا إلى دورها - تلك المبادرة - فى زيادة الوعى لدى فئات المجتمع بأهمية فتح الحسابات المصرفية والحصول على الخدمات المالية المصرفية من أجل دفع النمو الاقتصادى المستدام. جهود البنك المركزى فى تعزيز الشمول المالى أدت إلى مضاعفة نسبة المستفيدين من الخدمات المالية المصرفية لتصل إلى نحو 34% من البالغين فى حين أن النسبة على مستوى العالم العربى تصل إلى 29%، كما أن عدد الذين يحصلون على الخدمات المصرفية الرقمية من خلال التليفون المحمول فى تزايد مستمر إذ بلغ 9 ملايين، حسب طارق عامر محافظ البنك المركزى فى افتتاح المؤتمر. كما جاء اختيار البنك المركزى المصرى نائبا للجنة الشمول المالى بالتحالف الدولى للشمول المالى، عقب البروتوكول الذى وقعه البنك المركزى مع المجلس القومى للمرأة بهدف الاهتمام بزيادة نسبة السيدات اللائى لديهن حسابات بنكية، وسد الفجوة فى هذا المجال لتؤكد من جديد ثقة المؤسسات الدولية بنجاعة السياسات التى ينفذها البنك المركزى المصرى وقدرته على التنسيق بين جميع الجهات الحكومية والمجتمع المدنى والبنوك للارتقاء بنسبة الشمول المالى التى أضحت عاملا مهما فى تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية من خلال إتاحة الاستفادة من الخدمات المالية المصرفية لجميع فئات المجتمع دون إقصاء.