الطاقة والمياه هما أكبر تحدٍّ يواجه العالم فى السنوات القادمة وهما فى الحقيقة مشكلة ذات طبيعة مشتركة. وفى الخمسينيات توقع كبير خبراء شركة شل كينج هوبرت نضوب النفط كمصدر للطاقة عام 2050 باعتباره مخزونا غير متجدد، وقد لاقت نظريته الكثير من الجدل الى ان ثبتت صحتها فى دراسات اعدتها جامعة هارفارد الامريكية قبل سنوات. كما يشير فى البحث نفسه إلى ان الغاز الطبيعى من المتوقع ان ينضب فى سبعينيات القرن الحالى ولا يتبقى سوى الفحم والطاقة النووية ولكل منهما طبيعة خاصة فى الاستخدام وسوف يواجه العالم مشاكل حقيقية فى مصادر الوقود الاحفورى الذى يحتاجه لانتاج الطاقة طبقا للتوقعات السابق الاشارة اليها. اما المياه فقد بلغ سكان العالم حاليا 6.5 مليار نسمة يعانى اكثر من مليار نسمة حاليا من نقص مياه الشرب اى ما يقرب من 1/6 سكان العالم ومن المتوقع ان يواجه هذا العجز سكان العالم عام وسوف تتركز هذة المشكلة لمعظم دول العالم خارج نطاق عشر دول هى البرازيل وروسيا والصين وكندا واندونسيا والولايات المتحدة والهند وجمهورية الكونغو التى تملك 60٪ من مصادر المياه العذبة بالعالم وتزداد حدة المشاكل فى الشرق الاوسط وافريقيا. وبالرغم من ان الصورة تبدو قاتمة فإنه يبدو ان مصر سوف تكون «إن أُحسنت ادارة الامر» مفتاح حل مشاكل العالم فى الطاقة وبالتالى المياه فهما امران مرتبطان معا وآن لمصر ان تربط الامرين معا فى نطاق مشروع قومى استراتيجى يبدأ الان وليس غدا. العالم الان فى بداية عصر جديد مثله تماما مثل اختراع جوتنبرج للطابعة فى القرن الخامس عشر الميلادى واختراع الآلة البخارية وبدأ عصر البخار واختراع واكتشاف واختراع الكمبيوتر ودخول عصر المعلومات الان يدخل عصر الطاقة الجديدة والمتجددة وفى مركزها الطاقة الشمسية وتتميز مصر بالاتى فى موضوع الطاقة الشمسية ان بها اكبر كثافة شمسية طبقا لموقعها الجغرافى وتمتلك مساحات صحراوية تصل الى ما يزيد على 90٪ من مساحة مصر وتتوسط سوقا عالميا متعطشا للطاقة النظيفة فى اوروبا وشواطئها البحرية تتجاوز 2400 كم وبما يسمح بتوافر المياه سواء لاغراض التبريد الصناعى او تحلية مياه البحر. ويشير بحث للدكتور احمد حسن مأمون فى المؤتمر العشرين لجمعية المهندسين الميكانيكيين المصرية انه لو تم استخدام 1٪ من مساحة مصر التى تصل تقريبا الى مليون كيلو متر مربع فان العائد المتوقع من الطاقة الشمسية يصل الى 250 مليار دولار سنويا . وعليه فإنه اصبح من المحتم امتلاك مصر مشروعا قوميا للطاقة والمياه معا يتضمن على سبيل المثال وليس الحصر توطين تكنولوجيا الصناعات الشمسية سواء الحرارية او الفوتوفولتية وضع خطة زمنية لا تقل عن خمسين عاما هدفها ان تكون مصر المصدر الرئيسى لتوفير الطاقة النظيفة للاحتياجات المحلية والاوروبية وتنفيذ خطة محددة لتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية لضمان الامن القومى المصرى للمياه والطاقة ويتم دعم ذلك بخطة بحث علمى لضمان التواكب مع التكنولوجيا الحديثة والاقتصاديات.. ولكن كيف نبدأ الخطة التفيذية لذلك؟ يقترح ان يتم اختيار شخصية ذات وزن علمى وتنفيذى تكون مسئولة عن تخطيط وتنفيذ وادارة هذا المشروع الاستراتيجى وتتمتع بمرونة كاملة فى الادارة والتنفيذ مع ضمان التمويل وتقوم الشخصية المختارة بالاختيار الحر لمن يساعده فى التنفيذ بعيدا عن اى اعتبارات او عوائق سوى هدف تحقيق النتائج طبقا للخطة ويتمتع المشروع بنظام الشباك الواحد فى التعامل بعيدا عن اى روتين او تشابك مع جهات حكومية اخرى. وتشمل خطة الخمسين عاما مرحلة قصيرة الاجل لجذب الدول الحائزة على التكنولوجيات الحديثة للوصول لمشاركة مع مصر مع ضمان نقل التكنولوجيا على المدى المتوسط وعلى ان يكون هدف هذه المرحلة تحقيق ما لا يقل عن 25-30٪ من احتياجات مصر من الطاقة والمياه فى خلال خمس سنوات. ويقترح توفير موازنة رأسمالية فى حدود 500-600 مليون دولار لانشاء مصانع لانتاج مكونات الاجهزة. ويُفضل الشراكات فى هذه المرحلة لضمان التطوير التكنولوجى للمعدات والاجهزة مع ضرورة ادخال كامل المجتمع فى تبنى سياسة الطاقة الجديدة ووضع أسعار جذابة لتوليد الكهرباء من اسطح المنازل بعيدا عن استراتيجيات أرباح شركات الكهرباء بل فى اطار الفائدة الشاملة للمجتمع ومقارنة مع الوفر المتوقع من الوقود الاحفورى وعدم توافره مستقبلا. وهذا المشروع يرتبط تماما بحل مشكلة البطالة حيث من المتوقع انشاء العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة لتصنيع اجزاء الوحدات والتركيبات والصيانة ويجب ان يشمل المخطط بوضوح اهدافا لخلق كيانات اقتصادية جديدة فى المجتمع وبالذات الصناعات الصغيرة . وترتبط الخطة بتنمية المناطق الجديدة والصحراوية وتشجيع نقل السكان اليها ووضع وتنفيذ خطة للربط مع الجهات البحثية العلمية وتمويل الابحاث ذات الاهداف المحددة وكذلك التنسيق مع الدول العربية الشقيقة وبالذات الامارات والاردن والسعودية التى لها برامج متقدمة فى هذا المجال والدول الافريقية تأكيدا للقوة الناعمة المصرية ولفائدة الجميع. وتأكيد الربط الكهربى مع الدول العربية والاوروبية للاستفادة من فروق خطوط الطول واختلاف الذروة للاحمال لكل بلد على حدة مع احياء الرغبة الاوروبية لانشاء مشروعات الطاقة الجديدة بمصر وربطها بأوروبا وربط خطة تحلية المياه مع خطة الطاقة الجديدة والمتجددة. وان تكون الخطة مكتوبة ومحددة الاهداف والبرامج الزمنية للتنفيذ وتتم المراجعة كل ستة اشهر والتحديث كل عام ويتوقف نجاح كل ما سبق على توفير المساحات والارض اللازمة لتنفيذ مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بدون عوائق قانونية او تشريعية وباسعار منافسة لاسعار الاسواق العالمية المماثلة ويمكن ان يكون ذلك من خلال حق الانتفاع لمدد طويلة. قد يكون من المفيد ان يكون مسئولا عن هذا المشروع بدرجة وزير يرأس وزارة دولة للطاقة الجديدة والمتجددة وتحلية المياه أسوة بوزارة الدولة للسد العالى التى رأسها فى حينه المهندس صدقى سليمان.