محمد المهندس: القرار يؤثر سلبا على معدلات نمو الانتاج الصناعي اشرف الجزايرلي: يرفع من تكاليف الانتاج ويهدد بمزيد من الارتفاع في الاسعار مدحت اسطفانوس:يؤدي الى زيادة التضخم واستمرار حدة الركود بالاسواق
في ظاهرة قلما ما تحدث بمجتمع الأعمال، أجمع عدد كبير من الصناع ورجال الاعمال على اعتراضهم الشديد على قرار رفع اسعار الفائدة الذي أقره البنك المركزي الاسبوع الماضي، مؤكدين ان القرار سيكون له تداعيات سلبية خطيرة على الاقتصاد المحلي وعلى المجتمع بوجه عام، خاصة أنه يحد من قدرة البسطاء على توفير احتياجاتهم المعيشية الاساسية.
كان البنك المركزي المصري قد أقر مؤخرًا رفع اسعار الفائدة بواقع 2 % لترتفع من 14.75% الى 16.75% على الايداع لليلة الواحدة، ومن 15.75% الى 17.75% للإقراض لليلة الواحدة.
وأرجع البنك المركزي حيثياته في اتخاذ القرار الى هدف رئيسي وهو السيطرة على التضخم والوصول به الى 13% بحلول الربع الاخير من 2018 مقارنة 32% شهر ابريل الماضي، ذلك الى جانب تحفيز المواطنين على ادخار اموالهم بالبنوك، ما يصب في صالح الشمول المالي، الهدف الذي يسعى البنك المركزي تحقيقه هذه المرحلة.
وقال رجال الأعمال، ل"الأهرام الإقتصادي"، إن قرار رفع اسعار الفائدة سينتج عنه العديد من الاثار السلبية يمكن حصرها في 7 أضرار واضحة هي: أولاً: تراجع معدلات الاستثمار المحلي والانشطة الاقتصادية، ثانيًا: ارتفاع تكاليف الانتاج، ثالثاً: انخفاض حجم الانتاج المحلي وانخفاض معدل نموه، نتيجة صعوبة التمويل وعدم التشغيل بكامل الطاقات الانتاجية، رابعا: ارتفاعات جديدة في اسعار السلع والمنتجات للمستهلك نتيجة ارتفاع تكاليف التشغيل، خامسا: زيادة طابور البطالة وزيادة اعداد العاطلين وذلك نتيجة انخفاض الطاقات التشيغيلة بالمصانع، سادسا: عدم خفض التضخم بل زيادة احتمالات ارتفاع مستوياته خلال الفترة المقبلة، نتيجة ارتفاع الاسعار المتوقع جراء القرار، سابعا: يهدد القرار قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي هي في امس الحاجة للتسهيلات البنكية للحصول على التمويل، خاصة في ضوء صعوبة الاستفادة من مبادرة البنك المركزي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بسبب صعوبة اجراءاتها.
كل ما سبق جعل عدد رجال الاعمال يصفون القرار بأنه غير مدروس وغير موفق، وبأنه سيضر الاقتصاد اكثر مما يفيده.
قال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن قرار رفع اسعار الفائدة على الايداع والاقراض الذي اقره البنك المركزي مؤخرا، سيكون لها تداعيات سلبية ضارة للغاية بالقطاع الصناعي.
واستبعد أن يحقق القرار هدفه بالحد من التضخم، كاشفا عن تخوفه من زيادة التضخم خلال الفترة المقبلة بسبب ذلك القرار، موضحا أن رفع سعر الفائدة سينعكس سلبا على معدلات اقامة المشروعات ومن ثم ضخ الاستثمارات الجديدة او التوسع بالاستثمارات القائمة، وهو ما يعود سلبا على الانتاج المحلي وزيادته وما يعد مخالفا لاحد اهم اهداف خطة الاصلاح الاقتصادي التي تتبعها الحكومة في المرحلة الراهنة.
وتابع: ان رفع اسعار الفائدة البنكية سيعود كذلك بالسلب على قدرة المصانع على التشغيل بكامل طاقتها الانتاجية نظرا لصعوبة التمويل، وهو ما سيؤدي الى لانخفاض الانتاج الصناعي القائم ورفع تكلفته، ومن ثم رفع اسعاره على المستهلك.
ولفت المهندس الى ان اهداف تعميق المكون الصناعي المحلي وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة مهددة تحت وطاة القرار الجديد بالاجهاد والفشل، وذلك لحاجتها الماسة للتمويل البنكي، غير أن الفائدة المرتفعة ستقف عائقا كبيرا امام حصولها على ذلك التمويل، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها المشروعات الصغيرة ازاء الاستفادة من مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة و المتوسطة. ورأى أن رفع سعر الفائدة قد يحمل الصانع وغيره من اصحاب المشروعات على الخمول والتراخي في اقامة المشروعات الجديدة اعتمادا على نسبة الفائدة المرتفعة على مدخراته، وهو امر غير صحي اقتصاديا، وغير مطلوبا تماما في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد المحلي.
وقال المهندس انه كان من الافضل ان يستخدم البنك المركزي ادواته المصرفه ويجعل سعر الفائدة على الايداع فقط، فيما يبقى على سعر الفائدة للاقراض، وذلك للحد من سلبيات القرار واثاره الخطيرة على الاستثمار المحلي والمشروعات الجديدة. واتفق مع اشرف الجزايرلي رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، مؤكدا أن رفع سعر الفائدة سيجر اضرار بالغة بالصناعة الوطنية، وسيكون له نتائج خطيرة على الاقتصاد والمجتمع ككل.
وأوضح أن من أبرز سلبياته المتوقعة أنه سيزيد من البطالة واعداد الشباب العاطلين، وذلك نظرا لتراجع معدلات الانتاج الصناعي نتيجة صعوبة التمويل، وما يتبع ذلك من عدم التشغيل بكامل الطاقات الانتاجية ومن ثم عدم الحاجة لتوظيف المزيد من العمالة.
وقال إنه فيما يخص التضخم وهو المستهدف الرئيس من وراء هذا القرار، فأنه من المستبعد انخفاضه بل على العكس متوقع أنه يواصل ارتفاعه لمستويات اخطر من الحالية، وذلك نظرا لارتفاع تكاليف الانتاج الصناعي وانخفاض حجمه، وهو ما يؤثر بشكل مباشرة على سعر البيع للجمهور، لذلك فإن القرار سيزيد من ضعف القوة الشرائية للمواطن امام الارتفاع المتواصل للاسعار ما يساعد في مواصلة التضخم لارتفاعه دون اي توقعات بالانخفاض.
واضاف الجزايرلي أن رفع الفائدة على الإيداع يجعل هناك بدائل مغرية للمستثمر عن الاستثمار والمخاطرة، فهو يحفز على ادخار الأموال في البنوك لضمان الحصول على عائد مرتفع ومرضي في المقابل يحد من الاقبال على إقامة المشروعات الجديدة او التوسعات لما لها من مخاطرة في المقابل.
ورأى مدحت اسطفانوس رئيس شعبة الاسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات أن قرار رفع اسعار الفائدة غير موفق، وذلك لانه لم يجيد التعامل مع التضخم واسبابه ومن ثم الطرق الافضل لعلاجه.
وأوضح أن رفع اسعار الفائدة يكون حل جيدا للحد من الطلب ومن ثم الحد من التضخم حال أن يكون السبب وراء التضخم هو الطلب المتزايد من المستهلكين وزيادة قوتهم الشرائية، غير ان ما يحدث في مصر هذه المرحلة مختلف، حيث ان السبب وراء التضخم يرجع لضعف القدرة الشرائية للمواطن نتيجة ارتفاع الاسعار وهو ما يؤكده الركود الشديد الذي يضرب مختلف الاسواق، ما يعني ان الطلب بالفعل منخفض وليس هناك حاجة لقرار تزيد من انخفاضه.
وتابع: أن القرار في ضوء ما سبق لن يقلل من التضخم بل من المتوقع ان يدفعه للارتفاع لمستويات اخطر، وذلك لانه سيرفع من تكاليف الانتاج بشكل كبير، وهو ما سيؤثر بالزيادة على سعر البيع، مضيفا أن البسطاء والذي سيواجهون مزيد من الغلاء في الاسعار امام ضعف قدرتهم الشرائية سيكونون من أول ضحايا هذا القرار.
من جهته، وصف جمال السمالوطي رئيس غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات القرار بانه غير مدورس، وذلك لانه يضع عقبة جديدة امام الاستثمار المحلي تعرقله وتحد من قدرته . واوضح أن القرار يشجع على التواكل وعدم السعي لاقامة مشروعات جديدة استنادا على الفائدة المرتفعة على الايداع بلا ادني مخاطرة مخاطرة بالاستثمار ومخاطره المعروفة، متوقعا ان تتضح الاثار السلبية للقرار على الاقتصاد المحلي خلال الفترة المقبلة، من تراجع الانشطة الاقتصادية وتراجع الاستثمارات المحلية، وانخفاض الانتاج المحلي، وزيادة البطالة.
وأشار إلى أن نظرة القرار للتضخم تعد نظرة دفترية وليست واقعية، بمعني ان رفع اسعار الفائدة يحد من التضخم نظريا، الا انه في الواقع وبالنسبة لحال الاقتصاد المحلي هذه الفترة فإن رفع اسعار الفائدة سيزيد من التضخم ولا يحد منه لانه يرفع من تكاليف الانتاج ومن ثم من الاسعار.
فيما قال محمد عبد السلام، رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات سابقا، إن قرار رفع اسعار الفائدة يضر بالصناعة الوطنية وذلك لانه يحملها عبئا جديدا على اعبائها الاصيلة، مؤكدا ان ذلك سينعكس على قدرتها على الاستمرار والتوسع.
وأضاف أنه من غير المعقول ان تكون هناك صناعة تكسب بنسبة 18% وهي نسبة الفائدة الموضوعة على الاقراض، فكيف يمكن للصانع سداد هذه الفائدة من ارباحه المنخفضة، الامر الذي سيؤدي به الى الخسارة وتحمل اعباء بنكية كبيرة، مشيرا الى ان في ظل هذه الظروف فإن الاقتراض من البنوك سيكون صعبا ومن ثم فإن التوسع الصناعي او اقامة مشروعات صناعية جديدة سيكون ايضا صعبا وغير وارد.