رئيس مجلس النواب.. منتقدا غياب وزيري المالية والتخطيط خلال مناقشة الموازنة: لا حُجة مقبولة    نشاط مكثف وتوجيهات مهمة للرئيس السيسي خلال النصف الأول من يونيو.. فيديو    رئيس مجلس النواب يعلن قواعد مناقشة الموازنة العامة    تعيين 75 ألف معلم و30 ألف طبيب وممرض في الموازنة الجديدة للدولة (انفوجراف)    رئيس "الرقابة المالية": إصدار منصات صناديق الاستثمار العقاري خلال أيام    وزير الصناعة والنقل يشهد توقيع عقد ترخيص شركة "رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري"    وزير الزراعة: الدولة ملتزمة بما جاء بإعلان كمبالا واستراتيجية وخطة العمل الجديدة    رابع أيام الحرب، سماع أصوات انفجارات متتالية غربي العاصمة الإيرانية    لليوم الرابع.. الاحتلال يغلق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة ويمنع الصلاة فيهما    مصدر بالأهلي يرد على أنباء تدخلات النحاس في وضع تشكيل الأهلي أمام انتر ميامي    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة الغربية 2025    انخفاض طفيف بالحرارة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشئون الامتحانات: لجنة الفيزياء مستمرة.. وتصحيح عشوائي لقياس دقة الشكاوى    اليوم.. محاكمة 29 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية فى المقطم    في أول زيارة لماسبيرو.. "المسلماني" يستقبل هدى نجيب محفوظ قبل افتتاح استديو نجيب محفوظ    رغم غلق مطار بغداد.. إلهام شاهين وهالة سرحان تعودان للقاهرة وتشكران العراق- فيديو    قصر ثقافة أبو سمبل يشهد انطلاق برنامج "مصر جميلة" لاكتشاف ودعم الموهوبين    أضرار الحرنكش، الطفح الجلدي وتضرر الكلى    الصحة: لا نعاني من أزمة في أعداد الأطباء.. وبدء تحسين أوضاع الكوادر الطبية منذ 2014    وزير التعليم العالى: بنك المعرفة المصري تحول إلى منصة إقليمية رائدة    "علوم جنوب الوادي" تنظم ندوة عن مكافحة الفساد    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    الإعدام شنقا لجامع خردة قتل طفلة وسرق قرطها الذهبى فى العاشر من رمضان    مستقبل صناعة العقار في فيلم تسجيلي بمؤتمر أخبار اليوم    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 16 يونيو 2025    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    بعد ليلة دامية.. صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    صيف 2025 .. علامات تدل على إصابتك بالجفاف في الطقس الحار    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    تفاصيل إنقاذ مريض كاد أن يفقد حياته بسبب خراج ضرس في مستشفي شربين بالدقهلية    تنسيق الجامعات.. اكتشف برنامج فن الموسيقى (Music Art) بكلية التربية الموسيقية بالزمالك    موريتانيا.. مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على إيران وغزة    استكمالا لسلسلة في الوقاية حماية.. طب قصر العيني تواصل ترسيخ ثقافة الوعي بين طلابها    ترامب يصل إلى كندا لحضور قمة مجموعة السبع على خلفية توترات تجارية وسياسية    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    سعر الذهب الآن وعيار 21 اليوم ببداية تعاملات الاثنين 16 يونيو 2025    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    فينيسيوس: نسعى للفوز بأول نسخة من مونديال الأندية الجديد    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية تنطلق تجاه إسرائيل    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد لوزان إيران‮.. ‬والمصالحة مع العرب
نشر في الأهرام الاقتصادي يوم 14 - 04 - 2015

أما وقد كادت إيران أن تنهى مصالحتها التاريخية مع الغرب بانجاز الاتفاق حول طموحها النووى،‮ ‬فقد بات لزاما عليها بذل جهود موازية لطمأنة جيرانها العرب بشأن نواياها على الأجلين القصير والمتوسط فى اطار سعيها الصارم والدءوب لتكون إحدى القوى الاقليمية ذات النفوذ فى الشرق الاوسط‮.‬
الامر الاكيد ان الادارة الامريكية تجد صعوبة فى تسويق اتفاق لوزان حتى داخل امريكا نفسها،‮ ‬فالجمهوريون قلقون وبعض الديمقراطيين ايضا،‮ ‬اما فى الشرق الاوسط حيث ملعب الاتفاق فالكل قلق باستثناء ايران التى عبر شعبها عن فرحته بالانطلاق الى الشوارع رافعين الاعلام وكأنهم‮ ‬يحتفلون بفوز منتخبهم فى مباراة لكرة القدم‮.‬
لقد كانت مباراة فعلا استغرق وقتها نحو‮ ‬6‮ ‬سنوات فى جولات متعاقبة من المفاوضات والشد والجذب والمحادثات المرهقة لكل الاطراف ووسط ترقب عن كثب من كل دول المنطقة‮. ‬واذا كانت اسرائيل هى الصوت الاعلى فى رفض المحادثات من بدايتها الا ان الاتراك،‮ ‬العدو التاريخى لايران،‮ ‬لديهم مخاوفهم الكامنة جنبا الى جنب مع حساباتهم المعقدة،‮ ‬اما العرب فى الخليج وخارجه فهم الاكثر توجسا من نتائج الاتفاق الصعب الذى‮ ‬يكاد‮ ‬يصبح نهائيا فى‮ ‬يونيو المقبل‮.‬
كل من فى الشرق الاوسط لديه هواجسه تجاه ايران،‮ ‬واذا كان تسلح ايران نوويا‮ ‬يصيب اسرائيل بالرعب،‮ ‬فإن الصعود الاقتصادى لايران‮ ‬يقلق الاتراك،‮ ‬اما العرب فلا‮ ‬يضيرهم تماما قوة الاقتصاد الايرانى ولا حتى امتلاكها لسر القنبلة النووية،‮ ‬وانما اشد ما‮ ‬يبعث القلق هو ما بعد الاتفاق او بالاحرى هوامش الاتفاق على صعيد تصاعد النفوذ الايرانى فى المنطقة او ما‮ ‬يصطلح على تسميته بالتمدد الايراني،‮ ‬وهذا هو ما‮ ‬يخشاه العرب خاصة فى الخليج‮.‬
فى‮ ‬2009،‮ ‬وفى تصريحات نادرة لرئيس عربى اتهم مبارك ايران بالسعى لتقسيم وجدان الشيعة العرب بين الولاء للدولة والولاء للمذهب‮.. ‬يومها قامت الدنيا ولم تقعد،‮ ‬غير ان ما حدث بعد ذلك فى العراق وسوريا واليمن اثبت صحة استخدام الايرانيين لوحدة المذهب فى تقسيم الناس وخلق المتاعب للدول المستقرة‮.‬
احلام ايران الامبراطورية لم تتوقف منذ ميلادها الثانى قبل‮ ‬3‮ ‬قرون من رحم الخلافة العثمانية،‮ ‬وفى عهد الشاه الذى سبق الثورة كانت ايران تعتمد على الولايات المتحدة فى بسط نفوذها فى المنطقة،‮ ‬وبسبب علاقاتها بامريكا والحكم الشاهنشاهى توطدت علاقات طهران بالملكيات والمشيخات العربية،‮ ‬بينما تولت الدول‮ «‬الثورية‮» ‬العربية هموم الحد من النفوذ الايراني‮. ‬وبعد ثورة الخومينى فى عام‮ ‬1979‮ ‬انتهجت ايران الاسلامية مسارا جديدا لتعزيز نفوذها الاقليمى عبر خلق البؤر والتوترات فى دول المنطقة واللعب بورقة الشيعة العرب لممارسة دور إقليمى‮ ‬يفوق قدراتها الاقتصادية والسياسية،‮ ‬وكان ما‮ ‬يعرقل تمدد ايران فى المنطقة العداء السافر مع الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية وثيقة الصلة بالدول العربية المعتدلة وتلك الآخذة فى الاعتدال‮.‬
اتفاق لوزان‮ «‬الاطارى‮» ‬يحمل فى طياته ما هو اكثر بكثير من مجرد التفاهم حول طموحات ايران النووية،‮ ‬ويمكن القول ان الاتفاق‮ ‬يمثل مصالحة تاريخية مع الغرب‮.. ‬هذه المرة مع ايران الاسلامية لتواصل ما انقطع مع خروج الشاه ومضافا اليه هذا التمدد الايرانى بين المواطنين العرب الشيعة فى المشرق العربى كله وهذا هو مبعث القلق لدى الحكومات والشعوب فى الدول العربية‮.‬
من وجهة نظر البعض فإن امتلاك ايران للمعرفة النووية ليس كله ضارا بل قد‮ ‬يحمل بعض الفوائد على طريق دعم التوازن الاستراتيجى فى الشرق الاوسط لولا ان الهواجس من نوايا ايران تعصف بهذا الانجاز الاستراتيجى اذا صح التعبير وفى الحسبان ان ايران تخلت طواعية عن طموحها النووى‮ «‬العسكرى‮» ‬فى مقابل جوائز ترى انها لا تقل اهمية فى السياسة والاقتصاد‮.‬
التجربة التركية فى النمو والخروج الى دائرة الدول الصاعدة كانت ماثلة دائما امام اعين القادة الايرانيين،‮ ‬ومعروف ان الصعود التركى كان وليد اصلاحات داخلية مهمة ولكنه تولد بالاساس من مساعدات‮ ‬غربية قوية على صعيد نقل التكنولوجيا وتدفق الاستثمارات الاجنبية،‮ ‬وهو ما مكن تركيا من احتلال مرتبة سابع اكبر اقتصاد فى اوروبا خلال عقد من الزمان‮.‬
المال‮ ‬ينقص ايران لكن ما‮ ‬ينقصها اكثر هو التقنيات الحديثة،‮ ‬وقد جربت لسنوات مغازلة الشركات الغربية بالمزايا والتسهيلات الى ان تيقنت ان نقل التكنولوجيا قرار سياسي‮ ‬يتعين الحصول عليه من الحكومات قبل مخاطبة الشركات بهذا الشأن،‮ ‬وهذا ما فعلته فى لوزان،‮ ‬وهذا هو اهم ما توشك ايران أن تحصل عليه بموجب الاتفاق دون انتباه كبير من المهتمين بالشأن الايرانى‮.‬
الافراج عن الاموال الايرانية المجمدة والتخلص من آثار العقوبات الدولية وصلت الى‮ ‬200‮ ‬مليار دولار فى بعض التقديرات اضافة الى السماح للشركات الغربية بالعمل بحرية فى ايران والسماح بربط المعاهد العلمية الايرانية بنظيرتها الغربية هى من بين اهم نتائج اتفاق لوزان مقابل تقييد انتاج النظائر المشعة فى المحطات الايرانية وهى جوائز مهمة تفتح الطريق امام ايران لتحقيق حلمها المؤجل بالانضمام بسرعة الى نادى الدول الصاعدة اقتصاديا بقوة،‮ ‬ولاشك ان هذا فى صالح الشعب الايرانى الذى خرج مهللا للاتفاق،‮ ‬ولكنه‮ ‬يزيد الدول العربية المجاورة لايران قلقا من تعملق قدرات ايران الاقتصادية بما‮ ‬يمكنها من زعزعزة الاستقرار فى مزيد من الدول حولها‮.‬
وفى ظل الحصار المفروض منذ سنوات قامت ايران بالانفاق او المساهمة فى تمويل اربع حروب فى لبنان والعراق وسوريا واليمن فضلا عن تزويد فصائل فلسطينية وافريقية بالمال والعتاد الذى‮ ‬يسمح لها بالاستمرار،‮ ‬والسؤال المشروع المطروح الان هو ماذا‮ ‬يمكن ان تفعله ايران بعد رفع العقوبات وزيادة قدراتها الاقتصادية اذا كانت هذه نواياها وهذا سلوكها‮ .‬
الدبلوماسيون الايرانيون هم اكثر الناس حديثا عن السلام والتقارب الاسلامى والتقارب بين الشعوب،‮ ‬ومع ذلك فإن التصرفات على الارض لا تعكس هذه المعانى النبيلة فالاحوال فى البحرين واليمن والعراق وسوريا تشى بالتدخل الايرانى السافر بما‮ ‬يعرقل جهود المصالحة وعودة الامن والاستقرار لهذه البلاد،‮ ‬ومن هنا سيتعين على المسئولين الايرانيين بذل جهود كثيرة على الارض لاقناع نظرائهم فى الدول العربية بامكانية التعايش السلمى والبناء بعد التوصل الى المصالحة مع العرب وفقا لاتفاق لوزان‮.‬
المسألة اليمنية‮ ‬يمكن ان تكون اختبارا فعليا لنوايا الايرانيين بعد التفاهم مع الغرب فلا احد‮ ‬يريد الحرب فى اليمن والامر كله منوط باستعادة الشرعية ووقف تغول الحوثيين المدعومين علنا من ايران على اشقائهم فى الوطن وبعد ذلك‮ ‬يترك الامر كله للشعب كى‮ ‬يقول كلمته ويعود الاستقرار الى هذا البلد العريق والعزيز لقلوب الجميع‮.‬
الرئيس الامريكى اوباما‮ ‬يعى بقوة هواجس العرب بشأن اتفاق لوزان وقد قال كلاما مطمئنا بشأن الالتزام الامريكى بحماية اصدقائها فى الخليج،‮ ‬ودعا للقاء فى كامب ديفيد ليوضح لحكام الخليج ابعاد الاتفاق،‮ ‬غير ان حديثه لم‮ ‬يخلُ‮ ‬من امور تضيف الى الهواجس القائمة هواجس جديدة عندما اعترف ضمنيا بالمشكلات الناجمة بين العرب وايران بعد الاتفاق،‮ ‬ولكنه اشار الى أن مشكلات الديموقراطية والبطالة بين الشباب ونقص الحريات من بين الامور التى‮ ‬يجب على حكومات دول الخليج معالجتها جنبا الى جنب مع مشكلاتها مع ايران‮.. ‬وطرح هذه المشكلات اذا سلمنا بوجودها فى هذا الوقت وبهذا التزامن‮ ‬يخلق من الاسئلة اكثر مما‮ ‬يطرحه من اجابات،‮ ‬واذا كان هناك قصور فى العملية الديموقراطية لدى الدول العربية فلماذا لم‮ ‬يتذكره الرئيس الامريكى قبل الان،‮ ‬ثم ألا‮ ‬يدرى الرئيس الامريكى ان الامر الذى‮ ‬يطرحه الايرانيون هو استقواء مذهبى لحصد نتائج سياسية وهذا ليس له سوى رد واحد وهو احتماء الاخرين بمذهبهم دفاعا عن معتقدات راسخة مهما كانت طلباتهم السياسية من الحكام فهذه هى سمات الحروب الدينية المعروفة على مر التاريخ‮ .. ‬وقى الله الجميع شر الفتن بكل اشكالها‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.