تبنى قادة 30 دولة من الدول المشاركة في "منتدى الحزام والطريق" في بكين بيانا مشتركا لدعم الخطة الطموحة للرئيس الصيني "شي جينبينج" الرامية إلى إقامة شبكة بنية تحتية وتجارية إقليمية عبر منطقة "أوراسيا". التقط القادة المشاركون صورة جماعية أمام لوحة صينية تقليدية لمنظر طبيعي ضخم مع صورة شمس حمراء أثناء حفل العشاء الرسمي للمشاركين في "منتدى الحزام والطريق" في بكين مساء الأحد. وفوق اللوحة توجد عبارة "هذه الأرض غنية وجميلة للغاية" التي تشير إلى قصيدة للزعيم الصيني الراحل "ماو تسي تونج" والتي تقول أيضا "إنها أنجب عددا لا يحصى من الأبطال الذين يستحقون الإجلال". ولم يكن جمال الصين هو ما جذب قادة الدول للمشاركة في المنتدى الذي استمر يومين في بكين، ولكن جذبهم الأمل في أن تؤدي مبادرة الرئيس "شي جينبينج" لبناء خطوط سكك حديدية وموانئ ومحطات طاقة في دول آوراسيا وإفريقيا إلى تعزيز النمو الاقتصادي. وقد تعهد "شي" بضخ أكثر من 100 مليار دولار كاستثمارات وتمويل ومساعدات لمشروعات الحزام والطريق على مدى زمني غير محدد. وقال شي في ختام أعمال المنتدى الذي استهدف حشد دعم دولي كبير لمبادرته "أملنا هو أن يساعد تعاون الحزام والطريق على دعم النمو الاقتصادي لجميع الدول المشاركة ، وتحسين بنيتها التحتية وتنشيط تنميتها الصناعية وتعميق التعاون المالي وتكثيف التبادلات بين الشعوب". وأضاف :"لقد اتفقنا على أن يبقى الترابط أولوية في تعاوننا ، وسوف نسعى إلى ربط الممرات البرية بالموانئ البحرية وإنشاء شبكة بنية تحتية تضم طرقا برية وبحرية بدون عوائق". وبحسب البيان المشترك يتعهد القادة المشاركون "ببناء اقتصاد مفتوح" يضمن التجارة الحرة والشاملة، و"معارضة كل أشكال الحمائية" إلى جانب مكافحة ظاهرة التغير المناخي وتشجيع التماسك الاجتماعي. وأضاف البيان أن القادة يريدون تشجيع التجارة والاستثمار على أساس قواعد السوق والمساواة والقواعد المعترف بها دوليا. وذكر البيان أن الدول الأقل نموا ستحظى باهتمام خاص من أجل إزالة معوقات التنمية لديها. وتعهد القادة بحماية البيئة والالتزام باتفاق باريس الدولي الخاص بظاهرة التغير المناخي، كما أشار البيان إلى أن الدول المشاركة في المنتدى ستدعم التنمية المستدامة وحماية حقوق الإنسان وتسعى للعمل من أجل "عولمة مفتوحة وشاملة ومفيدة للجميع. وشارك في المنتدى مسئولون كبار من أكثر من 100 دولة في إطار مبادرة "الحزام والطريق" التي تستهدف إحياء طريق التجارة العالمي القديم المعروف باسم "طريق الحرير" وتعزيز العلاقات التجارية للصين مع مختلف دول العالم، أحد أكثر اهداف الرئيس الصيني "جينبينج" الاقتصادية والجيوسياسية طموحا. وكان أغلب الموقعين على البيان من دول وسط وجنوب شرق آسيا وشرق أوروبا وإفريقيا، حيث أرسلت هذه الدول كبار مسئوليها للمشاركة في المنتدى. وضمت قائمة الموقعين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان والفلبيني رودريجو دوتيرتي ورئيس وزراء باكستان نواز شريف. في المقابل أرسلت أغلب دول أوروبا الغربية وزراء أو مسئولين أقل مستوى للمشاركة في المنتدى، في إشارة إلى ترددها إزاء المبادرة الصينية، والتي تنتقدها الدول الأوروبية بدعوى غياب الشفافية والهيكل الرسمي. في الوقت نفسه شارك قادة غربيون في إعداد مسودة وثيقة ثانية بشأن التجارة والتي أظهرت الخلافات بشأن محتوى البيان. وقد اتهم مسئولون أوروبيون الصين برفض تضمين عبارات تتعلق بالتجارة الحرة وحماية البيئة وظروف العمال في البيان الرسمي. كما طالب المفاوضون الأوروبيون بأن تتضمن الوثيقة الخاصة بالتجارة بنودا بشأن فائض الطاقة الإنتاجية لقطاع الصلب والدعم الحكومي للشركات وكلاهما نقاط خلاف بالنسبة للصين. وقالت وزيرة الاقتصاد الالمانية، بريجيت زيبريس في بكين أن دول الاتحاد الاوروبي قررت عدم التوقيع على بيان مشترك حول التجارة، ما لم تلب الصين مطالبها. وأضافت زيبريس للصحفيين على هامش المنتدى، الذي استضافته الصين لحشد الدعم للمبادرة "حتى الان، لم يتم بعد تلبية مطالب دول الاتحاد الاوروبي في مجالات مثل التجارة الحرة وتحديد مستوى لساحة اللعب والظروف المتساوية". كانت الصين قد أعلنت عن مبادرة "الحزام والطريق" لإحياء طريق الحرير لأول مرة أواخر 2013، حيث تستثمر حوالي 40 مليار دولار في مشروعاتها التي تقدر تكلفتها الإجمالية بأكثر من تريليون دولار. ويقول "بنك التنمية الصيني" إنه يتابع بالفعل أكثر من 900 مشروع في 60 دولة تزيد قيمتها على 890 مليار دولار. وتواجه المبادرة الصينية رفضا من جانب الهند التي قاطعت المنتدى، لأن جزءا من "الممر الاقتصادي الصينيالباكستاني" يمر عبر إقليم كشمير المتنازع عليه بين نيودلهي وإسلام آباد. في الوقت نفسه فإن مسئولين قالوا إن قيام مسلحين بقتل عدد من العاملين في أحد المشروعات ذات الصلة بمبادرة "الحزام والطريق" في باكستان أظهر المخاطر التي تواجهها المبادرة في الدول المضطربة.