»متفائل بشرط تجديد الهمة والعزيمة وأن نستعد للخطر من فترة مبكرة« هكذا بدأ د. طاهر بهجت فايد استاذ المحاصيل المتفرغ بجامعة عين شمس حديثه، مؤكدا أنه يمكن أن نتكيف مع نقص بنسبة 10 15٪ من قيمة المياه بشرط تفعيل بعض الخطوات. لكن لو زادت نسبة الفاقد على ذلك فستحدث مشكلة، فحجم الضرر يتوقف على فترة ملء الخزان، فإذا كانت 6 سنوات فستنخفض حصة مصر بنسبة 20٪ وهذا فيه خطورة على مصر. مشيرا إلى أن المفاوضات كانت حول اطالة فترة ملء الخزان من أجل استمرار برامج التنمية والقدرة على التكيف مع الضرر. مضيفا أن سعة السد 74 مليار م3 فإذا كانت فترة ملء الخزان 12 سنة فسيكون النقص بسيطا نستطيع استيعابه، مشيرا إلى أنه بحلول عام 2017 ستحتاج مصر إلى مياه من 80 إلى 82 مليار م3 والمتاح سيكون 76 مليارم3 فقط لا غير دون حساب أثر السد، ولو تم العلاج الامثل بإطالة فترة الملء المتاح فى هذه الحالة سيكون 73 مليار م3 فقط وهنا يوجد عجز نحو 8 مليارات م3 أى سيحدث »فقر مائى« يتبعه انخفاض فى نصيب الفرد المصرى من المياه، ففى عام 2005 كان نصيب الفرد 1000م3 والآن نحو 750م3 وفى 2040 نصيب الفرد 500م3 دون حساب أثر السد مما يوضح حجم الازمة.مشيرا إلى أن تحلية مياه البحر أصبحت مسألة حياة او موت وأن احياء مشروع الضبعة واستخدام الطاقة النووية فى تحلية مياه البحر مطلب قومى واى تأخير يجعلنا ندفع الثمن غاليا. مشددا على ضرورة الاهتمام بمشروعات اعالى النيل فكل ما نستفيده من مياه النيل 2٪ بينما الفاقد يبلغ 98٪ ، فالنيل ليس له مجرى طبيعى من البداية فلو تعاونت الدول فى تهذيب النيل وعمل مسار له لعاشت دول حوض النيل فى رغد. موضحا أن من النقاط المهمة ضرورة تحسين وتطوير نظم الرى بالانتقال من الرى بالغمر إلى الرى بالرش والتنقيط وتحت التربة. وأن نستبدل بالمحاصيل المستهلكة للمياه مثل الارز والقصب محاصيل قليلة استهلاك المياه مثل البنجر والذرة. مبينا أهمية الاستخدم الدقيق للمياه الجوفية فلا يوجد تقنين لاستهلاكها ويوجد مخزون كبير يهدر دون فائدة. وأن بعض الواحات شاهدة على ذلك فالمياه تتدفق فى الفرافرة من عيون طبيعية دون عمل خزانات والاستفادة من مياه الامطار والسيول، مشيرا إلى أنه منذ 15 سنة قامت القوات المسلحة بزراعة 300 الف فدان بالقمح والشعير فى الساحل الشمالى ولكن توقف المشروع لاعتبارات استثمارية وتحول الى شكل اخر وتم البناء على الأراضى وإنشاء قرى سياحية. موضحا أنه يمكن الاستفادة فى الزراعة من الامطار فى شمال سيناء بدون اى رى نهائيا فهى منطقة واعدة بعدما تتحسن الامور ويعم الاستقرارو ستكون مصدرا للزراعة، معبرا عن استيائه من أنه منذ أيام الملكية لم يتم تطوير سد »الروافعة« بالعريش أو زيادة كفاءته التى لا تزيد على رى 800 الى 1000 فدان حتى الآن، فمياه السيول فى العريش تعادل نصف مليار م3 تهدر فى البحر، حيث تم عمل مخر للسيل كى تذهب المياه إلى البحر بمبلغ من 50: 100 مليون جنيه كان يمكن به تقوية السد وزيادة السعة التخزينية والاستفادة من المياه بدلا من اهدارها.مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من المياه المعالجة مثل مياه الصرف الصحى والزراعى للرى وليس للشرب، فالمصارف ارتفاعها اكثر من الانهار لا يقل عن 15: 20 مليار م3، يمكن معالجتها بطرق حديثة.بينما يرى د. جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة أنه ستوجد تداعيات كبيرة وخطيرة خاصة أن 95٪ من المياه الورادة لمصر من النيل الازرق، وأن كمية المياه المفقودة من حصة مصر تتوقف على فترة ملء الخزان، حيث سيبدأ الملء فى 2015/6/30، مضيفا أن اتفاق السد أشار إلى أنه سيتم التفاوض على تشغيل وملء الخزان. لذا فنحن أمامنا سيناريوهات متعددة حسب فترة الملء. فاذا تمسكت إثيوبيا بفترة 3 سنين فستكون الكارثة حيث ستفقد مصر 25 مليار م3 بما يعادل أكثر من 45٪ من حصتها. مضيفا أن الزراعة فى مصر تستهلك 50 مليار م3 تروى 8.5 مليون فدان ويحتاج كل مليون فدان 6 مليارات م3، فإذا كانت الكمية المفقودة 25 مليار م3 فهذا يعنى خروج 4 ملايين فدان من الزراعة تماما خلال الثلاث سنوات سنوات ملء الخزان مما يؤدى إلى أن تتملح الأرض وبالتالى خروجها من الزراعة خصوصا أراضى شمال الدلتا وأول المناطق التى ستتأثر محافظاتكفر الشيخ والبحيرة ودمياط والدقهلية، حتى لو توافرت المياه فيما بعد فلن تعود الأرض لطبيعتها، مما يؤدى إلى تشريد نحو 20 مليون مزارع وفقدانهم لمصدر رزقهم. والسيناريو الآخر هو ملء الخزان خلال 4 5 سنوات فسيكون أخف ضررًا. أما السيناريو الأفضل فهو 7 او 10 سنوات اذا كانت اثيوبيا رحيمة بنا. فملء الخزان فى 10 سنوات معناه نقص 7 مليارات م3 مما يعنى فقدان مليون فدان فقط. مشيرا إلى أن من أضرار السد توقف برامج الاستصلاح الزراعى تماما، فبعد الامتلاء لن تصل كمية المياه إلى ما كانت عليه من قبل حيث سيحدث بخر لحوالى 10 مليارات م3، مما يعنى خروج نحو 2 مليون فدان من الاراضى الزراعية.. فالآثار مدمرة اقتصاديا واجتماعيا وبالنسبة للغذاء فنحن نستورد نصف غذائنا ومن المتوقع أن تصل تلك النسبة إلى 80٪ فلا بد للدولة أن تستعد من الآن خاصة أن الزراعة مصدر دخل 50٪ من السكان. ويشدد على ضرورة وجود دراسات متلاحقة لتقليل الخسائر اقتصاديا وصناعيا خاصة أننا نعانى بدون السد من فقر مائى فنصيب الفرد من مياه النيل ربما ينخفض إلى 350م3 للفرد بالإضافة إلى الزيادة السكانية، كما أنه فى عام 2017 سيكتمل السد تماما ويبدأ التخزين بمعدلات اكثر وستكون بداية الكارثة والجفاف، ولن تتوافر مياه للزراعة التى ربما تنتهى تماما فى 2030 إذا لم نتخذ الإجراءات اللازمة. لافتا إلى أن أول هذه الإجراءات ترشيد المياه، وحسن استغلال المياه الجوفية وأن نتخلص من المحاصيل المستهلكة للمياه مثل الارز والقصب، فالأرز وحده يستهلك 12 مليارم3 ، مع العلم بأن عدم زراعة الارز ستجعل مياه البحر تدخل ويحدث تمليح لشمال الدلتا وستحدث تغيرات بيئية وتغيرات فى التركيب المحصولى. منوها بضرورة اتباع طرق الرى الحديثة كالرش والتنقيط بدلا من الغمر مما يوفر من 10 15٪ من المياه. مستدركا أن تحويل رى الفدان من غمر الى رى حديث يكلف أكثر من 10 آلاف جنيه، متسائلا: من اين ستأتى هذه الاموال والحكومة عندها عجز ؟!