كشف د. هشام قنديل خلال لقائه مع رؤساء مجالس إدارة وتحرير الصحف المصرية عن رؤية الحكومة لتحسين الاوضاع المعيشية وتحقيق هدفها الذى أعلنت عنه من أجل مضاعفة الدخل القومى. قال رئيس مجلس الوزراء إن الحكومة تعمل فى عدة مسارات لتحقيق هذا الهدف، الأول وهو المسار العاجل للتركيز على الخدمات ودفع عجلة الاقتصاد وقد حقق هذا المسار مؤشرات ايجابية كما قال د.قنديل، والمسار الثانى هو علاج عجز الموازنة الذى بلغ العام الماضى 170 مليار جنيه.
أوضح أن الاقتصاد المصرى بالرغم من الظروف الصعبة التى يمر بها استطاع أن يحقق خلال العام المالى 2011 / 2012 معدل نمو بلغ 1.8% وهو معدل يقترب من معدل نمو السكان بما يعنى أن متوسط دخل الفرد لم يتغير خلال العامين الاخيرين. كشف د.قنديل عن مخاوفه ازاء انخفاض معدل الاستثمار فى مصر الى 16% فقط لأن هذا المعدل غير كاف لتحقيق معدلات نمو مرتفعة فى حين أن مصر خلال أعوام الازمة المالية العالمية حققت معدلات استثمار بلغت 22% موضحا أن الصين تحقق معدلات استثمار تتجاوز 30% سنويا، وأن تركيا ضاعفت دخلها القومى 3 مرات خلال 10 سنوات، بما يعنى أن مصر تستطيع تحقيق هدف مضاعفة الدخل القومى فى ظل وجود عدد من الضوابط والاجراءات. ولم يخف رئيس الوزراء قلقه الشديد من ارتفاع نسب الفقر والبطالة بين المصريين حيث يصل معدل البطالة بين الشباب أقل من 30 سنة الى نحو 30% وتتركز بين الحاصلين على المؤهلات العليا، ويرتفع معدل الفقر فى الاقاليم الى 51% فى المتوسط ليصل الى نحو 80% فى بعض محافظات الوجه القبلى. استمرت عمليات المكاشفة فى لقاء رئيس مجلس الوزراء الذى شارك فيه وزير التخطيط والتعاون الدولى د. أشرف العربى حيث أوضح أن حجم العجز فى الموازنة حتى الآن 135 مليار جنيه ومرشح للزيادة، فى حين أنه لو استمر بنفس النسبة حتى عام 2016-2017 فسوف يتضاعف ليصل الى 345 مليار جنيه. وحول ارتفاع حجم المديونية قال إن الدين العام يبلغ نحو 1.2 تريليون جنيه ويمكن فى حال استمراره بنفس المعدلات أن يصل مع نهاية عام 2016-2017 الى 2840 مليار جنيه، ويمثل الدين الخارجى 35 مليار دولار بمعدل 10% من الدين العام. وكشف عن أن علاج العجز فى الموازنة ليس سهلا، وأن الدعم يستحوذ على نحو ثلث الانفاق العام ومعظمه للطاقة والمنتجات البترولية، مقابل 26% من الانفاق للأجور ومرتبات العاملين بالحكومة والقطاع العام، و22% توجه لسداد اقساط الديون والفوائد، كما أن هناك عجزا فى الميزان التجارى أى الفجوة بين الصادرات والواردات التى تصل الى 32 مليار دولار. قال إن الحكومة تعتمد على ثلاثة محاور لعلاج تلك المشكلات وهى سد العجز فى الموازنة، ومحاربة الفساد، وترشيد الانفاق، مؤكدا أن مصر تعيش أزمة حقيقية وأن نسبة كبيرة من الدعم تذهب الى غير المستحقين. تحدث رئيس الوزراء عن خطة الحكومة لتحقيق معدل نمو من 4 الى 4.5% خلال العام الجارى وقال إن ذلك يتطلب استثمارات قدرها 276 مليار جنيه وأن الحكومة وفرت 100 مليار جنيه من جملة الاستثمارات والباقى من القطاع الخاص مما يستدعى تهيئة المناخ المناسب لجذب الاستثمارات الخاصة. وأوضح أنه بالرغم من الصعوبات التى يشهدها الاقتصاد المصرى فإن كثيرا من الجهات فى انحاء العالم ابدت رغبتها فى الاستثمار فى مصر، وقال د. قنديل إننى قابلت 235 مستثمرا ودبلوماسيا خلال الشهر الماضى وكلهم جاءوا للتعرف على فرص الاستثمار والمناخ الايجابى الذى توفره الحكومة لتشجيع الاستثمار. اضاف رئيس مجلس الوزراء أن زيارات الرئيس محمد مرسى خلال الفترة القليلة الماضية الى الصين وايطاليا وتركيا كلها تستهدف توضيح مناخ الاستقرار الذى تعيشه مصر، وقال إننى سوف اتوجه خلال أيام الى جنوب السودان والجزائر بعد أن قمت بزيارة السودان بهدف دعم العلاقات التجارية مع تلك البلاد. اشار الى أنه سيتم افتتاح ممر برى بين القاهرة والخرطوم وسوف يترتب على ذلك تشجيع التجارة وتخفيض تكاليف نقل البضائع ومنها اللحوم الى السدس وأن الخطة تستهدف أن يصل هذا الطريق البرى الى أديس أبابا فى اثيوبيا ثم الى كيب تاون فى جنوب افريقيا . وسط هذه الحالة من المؤشرات المتشائمة يذكر د. هشام قنديل بعض الاحصاءات المبشرة ومنها أن مؤسسة ستاندر اندبورز للتصنيف الائتمانى قررت حذف مصر من قائمة المراقبة وهى القائمة التى تضم الدول تحت الملاحظة نظرا لظروفها السيئة بما يعنى أن مصر تجاوزت هذه المرحلة الى مرحلة الاستقرار، كما تقرر تخفيض تكاليف التأمين من 7.3 الى 4.5 بما يعنى انخفاض معدلات المخاطر، وقال إنه تم خلال الشهر الماضى تسجيل انشاء 703 شركات جديدة وهو أعلى رقم تشهده البلاد على مدار عدة سنوات، وأن الصادرات الصناعية ارتفعت بمعدل نمو 5.2% خلال الربع الاخير من العام بعد أن شهدت تراجعا على مدار 3 أرباع متتالية، كما رفعت اليابان والصين مصر من قائمة حظر السفر بما يعنى تدفق السياحة من الدولتين على مصر بدون قيود، اضافة الى تشغيل خط جديد للطيران بين القاهرة واسطنبول لجذب السياحة بين مصر وتركيا. وفى اطار العمل المصرفى قال د. هشام قنديل إن مصر تدرس حاليا انشاء نظام مصرفى ومالى طبقا للنظم الاسلامية ليعمل بالتوازى مع النظم التقليدية بعد أن ثبت نجاح تجربة النظام الاسلامى المصرفى فى كثير من دول العالم وأن هذا النظام نجح فى اجتذاب قدر كبير من الاستثمارات التى تفضل هذه النوعية من المعاملات. أكد رئيس مجلس الوزراء أن حكومته تنحاز الى الفقراء وأن أسعار الخبز لن تشهد أى تحركات لأن كثيرا من الناس فى مصر يعتمدون على الخبز فى وجباتهم الثلاث حتى إن بعضهم يأكل الخبز مع الشاى، وقال إن أول وثيقة وقعتها مع البنك الدولى كانت من أجل الفقراء فى صعيد مصر والمحافظات وهى وثيقة نقد من أجل العمل أو cash for work ولكن الاعلام لم يتحدث عنها كثيرا لأن المناخ السياسى جعل الاذان تلتقط السلبيات فقط. وأكد أنه لا يمكن أن نؤجل علاج مشكلة الدعم بعد ان بلغ حجم الدعم البترولى حوالى 111مليار جنيه وأنه لابد من ترشيده وأنه بالرغم وجود الغاز لدينا سوف نضطر الى استيراد الغاز لتشغيل محطات الكهرباء لأننا نحترم عقود التصدير ولا يمكن أن نتوقف عن تنفيذها حتى لا توقع علينا الغرامات وسوف نستورد حصة الشريك الاجنبى. أكد هانى قدرى مساعد وزير المالية خلال اللقاء أن اقتصاد مصر لديه امكانات ذاتية هائلة ودلل على ذلك بانه رغم الصعوبات والتحديات الضخمة التى يشهدها الاقتصاد استطاع أن يحقق معدلات نمو موجبة، وأن ذلك على حد قوله يعد اعجازا، وأن الاقتصاد المصرى يتميز بالديناميكية والتنوع الشديد فى القطاعات. أوضح أن 20% من اغنياء المجتمع المصرى يستفيدون من 54 مليار جنيه من الدعم تعادل نحو 80% من ميزانية التعليم. فى نهاية العرض الذى قدمه رئيس الوزراء ومساعدوه حول اوضاع الاقتصاد المصرى وشارك فيه وزير الاعلام صلاح عبدالمقصود فتح المجال على مدى أكثر من ساعتين للاستماع الى تعليقات القيادات الاعلامية حول اراء رجل الشارع فى الحكومة ودارت معظم الحوارات حول ضرورة الاسراع فى اتخاذ القرارات والحفاظ على شريحة محدودى الدخل من الفقراء وعدم الاقتراب منهم وحماية الطبقة المتوسطة، وضرورة التأكد من أن الدعم يصل الى مستحقية والحفاظ على الاصول التى تمتلكها الدولة واعادة تنشيط صناعة الحديد والصلب باعتبارها الاساس لتحقيق التنمية وحماية صناعة الغزل والنسيج، وأن يلجأ المسئولون الى التفكير بأساليب جديدة تتفق مع ثورة 25 يناير وعدم اعادة النظم التى كان يستخدمها العهد السابق .