كشف مصدر مسئول ل«الأهرام الاقتصادي» عن أن الاجتماع الذي تم بين محمد عمران رئيس البورصة ووزير البترول الأسبوع الماضي جاء بناء على رغبة الوزير لمعرفة امكانية الحصول على تمويل منخفض التكاليف لاعادة هيكلة شركات البترول العامة عن طريق البورصة وهو الامر الذى لايقتصر على فكرة طرح شركات البترول للاكتتاب العام فقط ولكن هناك أفكارا أخرى أيضا تم طرحها كاستخدام فكرة السندات او الاكتتابات الخاصة وغيرها من منتجات سوق المال الأخرى ولم يتم التوصل لاتفاق نهائى لطرح تلك الشركات فى البورصة خاصة وانها خطوة صعبة على أى وزير فى الوقت الحالى بأن يتخذ قرارا لخصخصة اى شركة تابعة للدولة بعد المشكلات والشبهات التى طالت عمليات تقييم معظم شركات قطاع الاعمال العام التى تم طرحها فى البورصة من قبل. جدير بالذكر ان وزير البترول يواجه مأزقا حقيقيا خاصا بالأوضاع المالية لشركات البترول العامة التى تحتاج الى رءوس اموال جديدة لاعادة هيكلتها وفى الوقت نفسه هناك ديون حكومية لشركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر تبلغ 4.1مليار دولار وذلك -حسب تقرير ميدل إيست إيكونوميك سيرفاي الذى اعتمد فى مصادر معلوماته على القوائم المالية لتلك الشركات- وهو ما ساعد فى انتشار الشائعات والأخبار التى ليس لها مصدر رسمى حتى الآن حول نية الحكومة طرح نصيبها فى 5 شركات بترولية كبرى للبيع فى البورصة والتى تشمل 34٪ من شركة «أموك»، و25٪ من شركة «سيدبك» و97٪ من شركة «ميدور» و 65٪ من شركة «موبكو» و 70٪ من شركة إينربك. . البورصة وطروحات جديدة من جانبه وفى محاولة لمحمد عمران رئيس البورصة لجذب شركات جديدة للقيد فى البورصة تنفيذا لوعده للمستثمرين بأن يكون عام 2015 هوعام الطروحات الجديدة فى البورصة فقد حاول اقناع وزير البترول أثناء لقائهما بأهمية البورصة فى إخراج شركات البترول من أزمتها مؤكدا Aأن تجارب شركات البترول فى البورصة السابقة كانت مبشرة للغاية، و أن دور البورصة الأساسى يتمثل فى تمويل هذه الشركات واتاحة فرص التوسع والنمو لها حيث بلغ اجمالى التمويل الذى اتاحته البورصة للشركات خلال العشر سنوات الأخيرة بلغ 100 مليار جنيه ، مشدداً مدللا على قدرة السوق على توفير تمويل أكبر للشركات فى حالة طرح شركات ذات ملاءة مالية قوية وخاصة أن الفترة الأخيرة أثبتت تعطش المستثمرين لطرح بضاعة جديدة متميزة. أماعلى مستوى السوق ورغم أهمية خبر وجود مناقشات لاستخدام البورصة كمنصة لتمويل شركات البترول التى تحتاج لإعادة هيكلة مالية إلا أن هذا الخبر فتح الجراح القديمة التى تركتها تجربة طرح بعض شركات قطاع الاعمال العامة فى البورصة خاصة شركتى النيل لحليج الأقطان والورق للشرق الأوسط « سيمو» بعد صدور حكم قضائى ببطلان خصخصة الشركات وإعادتها للدولة دون التطرق للآلية التى سيتم تنفيذ الحكم بها مما أضطر البورصة الى إيقاف التداول على أسهم الشركتين وتجميد أموال الناس بها منذ أكثر من عامين حتى الآن ليصل إجمالى الأموال المجمدة الى نصف مليار جنيه تقريبا هذا الى جانب الشركات التى تم طرحها فى البورصة لإعادة هيكلتها ماليا الا انها لم تنجح فى اعادة الهيكلة وزادت أعباء الديون عليها لتحقق خسائر فادحة للمستثمرين من حملة الأسهم . ليست كلها سيئية عونى عبد العزيز رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية أكد ل»الأهرام الاقتصادى «أن تجربة استخدام البورصة كآلية لإعادة هيكلة شركات قطاع الاعمال العام عن طريق الاكتتابات ليست كلها سيئة وانما هناك أيضا تجارب ناجحة خاصة فى قطاع البترول والبتروكيماويات مثل شركة أموك وسيدى كرير التى تم طرحهما بسعر عادل ومناسب واستطاعا تنفيذ خطة التطوير والآن وبعد سنوات من طرحهما يحققون أرباحا كبيرة ويوزعون عائد على حملة الأسهم أعلى من العائد البنكى . وأضاف ان هناك شركات كانت تحتاج الى ضخ رأسمال عامل جديد للتطوير ففكرت الحكومة فى البورصة وتم طرحها فى البورصة مثل شركة بسكو مصر التى استخدمت اموال الاكتتاب فى تطوير خطوط انتاجها وشركة النصر للأعمال المدنية التى استخدمت اموال الاكتتاب الجديد فى تسوية مديونياتها للبنك الأهلى واستطاعت التخلص من المشروعات الفاشلة واستعادت وضعها فى السوق ،كذلك مختار ابراهيم للمقاولات ولكن هذا لا يمنع وجود تجارب فاشلة أيضا لبعض الشركات التى كانت تمثل عبئا على الدولة ولم تنجح فى التطوير مما خفض من اسعار الاسهم واصبحت شركات خاسرة وذلك يعود الى سببين رئيسيين وهما إما أن الطرح للاكتتاب لم يكن كافيا لانتزاع هذا الشركات من ازماتها المالية وإما أن الادارة التى تديرها كانت ادارة فاشلة ولم تكن على المستوى المطلوب . وأكد عونى ان التفكير فى طرح شركات البترول فى البورصة هى فكرة جيدة ولكن يجب ان يتم وفقا لشروط معينة حتى نضمن نجاحها وان تكون منتجا جيدا يضيف لسوق الاوراق المالية رأسمالا جديدا ويجذب مستثمرين جددا ومن اهم هذه الشروط ألا تكون شركات خاسرة ليس لها مستقبل ولا جدوى اقتصادية من تطويرها وان تكون مسندة الى ادارة قوية وامينة فنحن نبحث عن مسئولين قادرين على اتخاذ القرارات بأيد غير مرتعشة والأهم من هذا ألا تقل نسبة الطرح للاكتتاب العام عن 20 ٪ حفاظا على حقوق حملة الأسهم . كما أكد أن تجربة شركتى النيل لحليج الاقطان والورق للشرق الأوسط وتجميد أموال المساهين لن يمكن أن تعود مرة أخرى خاصة بعد اقرار قانون الاستثمار الموحد الذى سيحمى حقوق المستثمرين ولن يفتح الباب أمام اعادة شركات تم طرحها فى البورصة الى الدولة مرة أخرى . أهم القرارات وترى جيهان جمال رئيسة جمعية دعم صغار المستثمرين فى البورصة أن قرار الحصول على تمويل يعتبر أحد أهم القرارات المالية بالنسبة للشركات المساهمة العامة، وتلجأ الحكومات والشركات إلى البورصة للحصول على الأموال بحيث يتحمل المساهم الربح والخسارة من خلال مشاركته في رأس المال وامتلاكه حصة فيه، بدون أن تتحمل الشركة أي فائدة على عكس الحصول على قرض من البنوك وبالتالى فإن البورصات تمارس دورا كبيرا كمنصة للتمويل خاصة في القطاعات الحيوية في اى دولة فى العالم. أما فيما يخص اجتماع رئيس البورصة ووزير البترول لمناقشة كيفية استخدام البورصة في توفير التمويل اللازم لشركات البترول خلال المرحلة المقبلة فقالت جيهان إن هذه خطوة طبيعية وجيدة تحدث فى دول كثيرة وليس مصر وحدها خاصة وان قطاع البترول المصرى قطاع حيوي وتحتاج الدولة الي الاستثمار في مشروعات كثيرة فيه حتي تحييه من جديد ، مثل مشروعات تنمية وتطوير معامل تكرير البترول الستة الموجودة في مصرمن اصل 7 معامل وهذه المعامل الستة وفقا لتقارير الخبراء تعتبر معامل من الجيل الأول تحتاج للتطوير لتصبح جيلا ثالثا أو رابعا، الى جانب مشروعات الاستكشاف في البترول والغاز ومشروعات الطاقة البديلة وغيره. وأوضحت الدكتورة جيهان أن هناك جانبا يجب مراعاته جيدا عند طرح شركات البترول فى البورصة وهو جانب حماية المستثمرين الذين سيكونون الأداة المستخدمة في التمويل ، فمن حق المستثمرين قبل طرح هذه الشركات ان تقوم الجهة المسئولة بالتزام الشفافية والافصاح في ايضاح الموقف الحالي لقطاع البترول وطبيعة الشركات المطلوب تمويل لها ، هل هي شركات جديدة بمساهمة مصرية تطلب أن تحصل على تمويل أم أنها من الشركات التي تحقق خسائر، كما يتعين نشر القوائم المالية للشركات وإعداد التقارير اللازمة عن ايضاح موقفها المالي والخسائر التي حققتها، والأجهزة المسئولة عن نشر اسباب هذه الخسائر ولماذا، ومراعاة معايير الحوكمة ودور ومسئولية مجلس ادارة هذه الشركات في المرحلتين ( قبل الطرح وبعده) بالاضافة الى تحليل يتسم بالواقعية والصراحة عن أسباب تعثر بعض المشروعات في هذا القطاع وماهي المخالفات التي تمت وكيفية معالجتها، وماهي استراتيجياتها نحو استخدام اموال المستثمرين كبديل تمويلي عن اقراضها من البنوك التي رفضت تمويلها ايا كانت الأسباب.. وكيف ستتم حماية اموال المستثمرين في هذه الشركات عند طرحها من ان تتعرض اي شركة للايقاف او التجميد او خلافه كما حدث لشركات حكومية عملاقة كبيرة في قطاعات هامة ايضا وفوجئ المستثمر بانه لا توجد حماية له من الجهات المفترض بها حماية السوق كاحد الأهداف الرئيسة للأسواق المالية. خاصة وان المستثمر قد تعرض لصدمات كثيرة افقدته الثقة في الاستثمار في البورصة المصرية. ليست مكانا للتخلص من النفايات البورصة اداة للتمويل و ليست مكانا للتخلص من النفايات هكذا بدأ سيد عويضى محلل فنى وخبير اسواق المال حديث الى »الأهرام الاقتصادى «معلقا على إعادة هيكلة الشركات عن طريق البورصة وقال أنه رغم قسوة العبارة الا انها تعبر عن مفهوم الكثيرين حيث يعتبرون البورصة وسيلة للتخلص من عبء بعض شركات الاعمال الراكدة و رغم تكرار التجربة فى السابق ،و ما جرته من خسائر على المستثمرين و تسببت فى زيادة المعروض من الشركات غير الجاذبة للمستثمرين و حبس بعض السيولة بها ، الا ان هناك تفكيرا فى تكرار التجربة مرة اخرى بنفس الفكر و نفس الهدف فطريقة التفكير فى طرح بعض شركات الاعمال الراكدة فى البورصة تعطينا مؤشر مبدئى عن احتمالات نجاح او فشل تلك الاطروحات ، فإذا نظرنا للبورصة على انها اداة تمويل منعدمة التكلفة تقريبا مقارنة بأدوات التمويل الأخرى كالأقتراض من البنوك او الاستدانة عن طريق السندات لأمكن استغلال وجود البورصة فى اعادة هيكلة شركات قطاع الاعمال و اعادة تشغيلها و تحقيق ارباح من خلالها ، اما ان كانت وسيلة للتخلص من تلك الشركات فلا جديد سوى اننا نلقى بعبء تلك الشركات على المستثمرين فى البورصة الذين لديهم من الاعباء ما يكفيهم، و على فرض ان طرح تلك الشركات فى البورصة ليس بغرض التخلص منها و انما لاعادة هيكلتها و نقل جزء من ملكيتها للقطاع الخاص كى يستفيد منها الاقتصاد بصفة عامة فيجب ان تتم بعض الاجراءات التشريعية و الهيكلية و التنظيمية لجعل تلك الشركات جاذبة للشراء فى سوق المال و تسهم فى ادخال سيولة جديدة للبورصة ، فهذا الضيف الجديد الوافد الى السوق يجب ان يأتى و معه سيولة جديدة للسوق كما حدث قبل 10 سنوات تقريبا حين تم طرح جزء من شركتى سيدى كرير للبتروكيماويات و اموك للزيوت المعدنية ففى تلك الاثناء كانت ظروف السوق مواتية لاستقبال لاعبين جدد كما ان الشركتين كانتا من الكفاءة و الجاذبية التى جعلت طرحهما فرصة كبيرة للمستثمرين و قد تمت تغطية الاكتتاب فيها لمرات عديدة و تضاعف سعر تلك الشركات فى البورصه فى اول اسبوع للطرح و اذا ما قارنا هذا الطرح بأطروحات أخرى لشركات أخرى عديدة لانكاد نتذكر اسماءها سنعرف الفرق تماما بين طرح شركات ناجحة تحقق ارباحا و بين شركات لا تنتج سوى الخسائر. وأضاف أنه اذا كان هناك توجه لاعادة طرح بعض شركات الاعمال مرة اخرى فهناك عدة امور يجب مراعاتها : اولا: يجب اعادة هيكلة تلك الشركات و دمجها فى كيانات كبيرة قادرة على المنافسة ثانيا: يجب اعداد خطة اقتصادية مستقبلية لتلك الشركات يوضح بها توقعات النمو و الأرباح لفترة لا تقل عن 5 سنوات قادمة . ثالثا: يجب الترويج الجيد لتلك الشركات بين كبار المستثمرين فيما يسمى بالطرح الخاص حتى تدخل تلك الشركات لسوق الاوراق المالية بقوة و بسيولة جديدة تستفيد منها الشركات و يستفيد منها السوق بصفة عامة. رابعا: يجب اختيار التوقيت المناسب لطرح تلك الشركات بعد ان تستقر التشريعات الاقتصادية و تظهر الملامح الاقتصادية للفترة القادمة و تستكمل الدولة هيئاتها السياسية الدستورية. مؤكدا أنه بدون مراعاة لتلك المعايير فلن تستفيد سوق الاوراق المالية سوى اضافة عبء جديد الى اعباء البورصة المصرية.