» وظائف أون لاين» او « العمل من المنزل « نوع جديد من العمل بدأ في الظهور على نطاق واسع في العالم كله و على نطاق أضيق داخل مصر وهو العمل الذي يقوم به الشخص لصالح شركات أو أفراد دون الحاجة إلى الانتقال اليومي إلى محل العمل و دون التزامات تتعلق بالمواعيد باستثناء المواعيد المتفق عليها لتسليم مهام العمل المطلوبة. العديد من الشركات و الأفراد يقومون بعرض الوظائف المتاحة لديهم من خلال شبكة الانترنت و توفير وسائل التواصل التي تكون في أغلبها عناوين البريد الالكتروني التي يتم من خلالها ارسال السير الذاتية الخاصة بالراغبين في هذا النوع من العمل و هناك قائمة بأكبر الشركات العالمية التي تعرض خدمات العمل من المنزل في جميع دول العالم ومنها مصر و منها على سبيل المثال شركة American express»» و التي تتيح وظائف مدير اجتماعات لشباب العاملين عن بعد, ومستشار للسفر، ومدير للحسابات من المنزل و هي شركة يعمل بها63500 موظف حول العالم و تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات. كما تتيح شركة apple أيضا امكان العمل من خلال المنزل خاصة في مجالات الموارد البشرية والتسويق و المبيعات و إدارة الحسابات، و تتشارك معها في ذلك شركة «dell» العاملة في مجال تصنيع أجهزة الكمبيوتر و»Xerox» »العاملة في مجال تكنولوجيا الطباعة. الدكتور عبد الرحمن الصاوى رئيس لجنة التشريعات بوزارة الاتصالات والرئيس السابق لغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات قال إن انتشار الانترنت والمحمول بين المصريين ساهم فى زيادة نسبة الخدمات الالكترونية المقدمة للمواطنين وفتحت المجال امام استحداث وظائف جديدة امام الشباب للعمل عن طريق الانترنت ولكن للأسف معدلات النمو فى هذا القطاع لايزال محدودا بسبب عدة أمور أولها أن معدل الخدمات المقدمة عبر الانترنت والموبايل لايزال محدودا للغاية هذا مع مراعاة ان هناك غياب تام للثقافة الادارية التى تسمح العمل من المنزل والتوسع فى تقديم الخدمة اون لاين خاصة وان مصر تفتقد الى وجود قوانين واضحة للتجارة الالكترونية ومعظم المشكلات والتحديات الموجودة فى هذا القطاع تحل بالاجتهادات الشخصية لأطراف العمليات التجارية الالكترونية وفى الوقت نفسه هناك مشكلة اكبر وهى انه لم يتم التصديق النهائي حتى الآن على قانون التوقيع الالكتروني لجعله ملزما لصاحبه امام القضاء . وأرجع الصاوى السبب الرئيسى وراء عدم انتشار العمل عن بعد او العمل اون لاين فى مصر هو ثقافة الحضور والانصراف وغياب المعايير الإنتاجية الصحيحية لتقييم أداء الموظف وبالتالى يصبح الأهم أمام صاحب العمل هو ان يرى الموظف على مكتبه يوميا فى المواعيد المحددة بغض النظر عن معدل انتاجه اليومى . وأضاف ان هناك بعض الشركات الاجنبية العاملة فى مصر تتعامل بمبدأ العمل عن بعد وهو امكان انجاز العمل من المنزل وارساله عبر البريد الالكتروني او حتى بالحضور الى العمل بعد انتهاء التكليف لتسليمه الى رئيسه مباشرة موضحا ان اغلب هذه الشركات تعمل فى مجال السوفت وير وبرامج الكمبيوتر . وأشار الصاوى الى انه كان هناك توجه حكومى مصرى للتوسع فى الخدمات الالكترونية وتطبيق مبادرة العمل من المنزل بالنسسبة للموظفين العاملين فى هذا المجال ولكن للأسف توقف هذا البرنامج وواجه تحديات ورفض كبير رغم ان المجتمع المصرى فى أشد الحاجة الى تطبيق مثل هذا النظام خاصة أنه سيكون اداة فعالة للقضاء على الفساد والرشوة المرتبطين ارتباطا وثيقا بالحصول على الخدمات الحكومية المختلفة فالتواصل الكترونيا سيبعد مقدم الخدمة عن الحاصل عليها وبالتالى لن يكون هناك مجال للرشاوى والاكراميات او حتى التقاعس عن العمل هذا بالاضافة الى انه سيقضى على الوقت الضائع فى الذهاب والاياب من المنزل الى العمل والعكس وبالتالى سيقلل الزحام والتكدس المرورى فى الشوارع أوقات الذروة . محمد الغبارى المدير التنفيذى لشركة خبراء المال الاقتصادية أكد أن الشركة التى يعمل بها تطبق نظام العمل عن بعد منذ سنوات حتى يتسنى لها التوسع فى تقديم خدماتها فى الوطن العربى كله فكل أعضاء مجلس الادارة يعملون من المكاتب الرئيسية للشركة فى جدة ودبى بينما تعمل الادارة التنفيذية من مصر اما الاشراف على الموقع الالكتروني للشركة فيتم من اليمن وبالتالى فإن جميع اعمال الشركة تتم الكترونيا وتتم مراقبة اداء موظفيها الكترونيا ايضا . وأوضح الغبارى ان معظم المنوط بهم الجلوس فى مكاتب الشركة هم المديرون التنفيذيون والسكرتارية اما المحللون الماليون والفنيون ومقدمو الاستشارات للأسواق المالية العاملين بالشركة فيتم التعاقد معهم على أن يرسلوا العمل بالبريد الالكترونى وليس لديهم مكاتب فى مقر الشركة وذلك بموافقة الادارة العليا فى جدة ودبى والتى تقوم باجراء المقابلات الشخصية معهم عن طريق الانترنت قبل التعاقد معهم وضمهم الى فريق عمل الشركة . وأكد الغبارى أن نظام العمل عن بعد يضمن اعلى واجود انتاج من الموظف لأنه يعمل بالشكل الذى يناسبه وفى الوقت نفسه يعلم ان عمله هو اساس تقييمه دون اى معايير اخرى . نماذج مارست العمل مها عبد المنعم تعمل مهندسة فى شركة IBM العالمية ولكن من منزلها دون اى انتقاص من راتبها الشهرى او حوافزها المالية .. مها روت حكايتها للأهرام الاقتصادى قالت إنها تعمل منذ سنوات مع الشركة وأثبتت كفاءتها أمام مديريها حتى علمت أن الشركة وضعت نظام ادارىا جديدا يتعامل بالانتاج وليس بالحضور او الانصراف فتقدمت بطلب الى مديريها فوافقوا على الفور ولكن بضوابط أهمها إثبات التواجد عبر شبكة الانترنت والتواصل مع فريق العمل وحضور الاجتماعات والمؤتمرات التى تتم عبر شبكة الانترنت بين مهندسى شركة IBM المصرية والأمريكية هذا بالاضافة الى انجاز المشروعات المطلوبة منها فى الوقت المحدد . وعلى الرغم أنها تعمل من المنزل إلا أنها تؤكد انها احيانا تعمل لأكثر من 12 ساعة يوميا حيث إنها متخصصة فى تصميم البرمجيات الصعبة بل ويتطلب عملها أحيانا اجراء اجتماعات ONLINE مع مسئولى الشركة الأم فى أمريكا فى منتصف الليل لفروق التوقيت بين مصر وامريكا . مها أكدت أن الشركة لا تسمح للموظفين بالعمل من المنزل الا لمن يثبت كفاءته ومصداقيته وجديته فى العمل كما يجب على طبيعة عمل الموظف ان تتلاءم مع نظام العمل عن بعد لأنه ليس كل الوظائف تصلح للعمل عن بعد . ديمة عبد الرحمن تعاقدت عن طريق احدى صاحباتها تعمل فى الخليج مع دار نشر سعودية على ترجمة أبحاث من الانجليزية الى العربية ويكون التعامل عن طريق البريد الالكترونى والأجر عن طريق التحويل البنكى وقالت ديمة إنها ظلت ثلاثة أشهر تحت الاختبار ترسل لهم الأبحاث المترجمة حتى حصلت على ثقتهم فتمسكوا بها وحرروا لها عقدا براتب مجز . أحمد عبد الرءوف مهندس يعمل صباحا فى احدى الهيئات الحكومية ولكنه يعمل عن بعد مع احدى الشركات الخاصة فى مجال الجرافيك والرسوم الثلاثية الأبعاد حيث يرسلون له ايميلا بمواصفات الرسومات المطلوبة ويقوم بإنجازها ثم يرسلها اليهم ولكنه يذهب الى الشركة بعد انهاء كل مشروع للحصول على مستحقاته المالية وتوطيد علاقته مع رؤسائه. ونظام العمل عن بعد لا يقتصر فقط على الشباب ولكنه أيضا للمديرين وأصحاب الخبرات القوية حيث علم «الاهرام الاقتصادى» ان عددا كبيرا من الشركات الخليجية تتعامل مع كبار المهندسين الاستشاريين المصريين عن بعد بحيث يرسلون اليهم الرسومات الهندسية لتقييمها او حتى يطلبون منهم كل رسومات المشروع الجديد . إلا أن الأمور ليست وردية بهذا الشكل السابق فهناك العديد من المخاطر كما جاء على لسان عدد من شباب الخريجين الذين وجدوا في هذا النوع من العمل تحقيقا لمعادلة صعبة هي الحصول على راتب مجز بعيدا عن ضغوط العمل الاعتيادي. آلاء أيمن -22 عاما و حاصلة على بكالوريوس تجارة- تقول إنها علمت بفرص العمل من خلال المنزل من خلال اعلانات تم تعليقها بكلية التجارة التي تخرجت منها و كانت وسيلة الاتصال المتاحة هي عدد من الصفحات على الفيس بوك و بالفعل وجدت العديد من الفرص التي تتناسب مع مؤهلها و بمرتب مجز جدا يتخطى 3آلاف جنيه شهريا وقامت بتسجيل بياناتها عبر الايميلات التي أتيحت على هذه الصفحات الا أنها لم تتلق أي رد ثم حاولت التواصل مع أصحاب العمل ممن وفروا أرقام هواتف محمولة إلا أن هذه الأرقام إما أن تكون خارج الخدمة أو أرقام تليفون لأشخاص يتخذون من الاعلان عن تلك الوظائف وسيلة للمعاكسات. ألبير أنطوان -22عاما حاصل على ليسانس حقوق- يقول إنه حاول قبلا التواصل مع احدى الشركات التي اعلنت عن فرص عمل من المنزل في مجال التسويق -تسويق أدوات تجميل و عطور- و الراتب الذي تم الاعلان عنه كان 600 جنيه عن اليوم الواحد و بالفعل أرسل السيرة الذاتية الخاصة به و تم قبوله و تم الاتفاق معه على طبيعة العمل عبر التليفون دون الذهاب إلى مقر الشركة على أن يتم تحويل راتبه على حساب بنكي إلا أنه فوجئ بأنه يتاقضى شهريا 5 الاف جنيه فاقل و برجوعه إلى الشركة أبلغوه بأن مبلغ ال600 جنيه يتم اعطاؤه عند الوصول الى حد معين في المبيعات و غالبا هذا الحد لا يصل اليه من يعمل من خلال المنزل. من جهته قال الدكتور محمد النجار -استاذ الاقتصاد بجامعة بنها- أن هناك بعض المشكلات المتعلقة بنظام العمل عن بعد او العمل من المنزل في مصر مؤكدا انها منظومة عشوائية بالدرجة الأولى ،ولا تحكمها أي ضوابط فكل ما يحتاجه صاحب العمل هو الاعلان عن وظائف العمل من المنزل و وضع الراتب المحدد دون أن يتحمل حتى تكاليف المكان الذي سيعمل من خلاله الشخص الراغب في الوظيفة و هذا يعني من جانب اخر أن الاستغناء عن هذا الشخص أمر وارد في أي وقت خاصة و أنه لا توجد صيغة تعاقدية رسمية يمكن الرجوع اليها عند وقوع ضرر على العامل أو الموظف المنزلي مشيرا إلى أن هذا الوضع هو السبب الرئيسي في عدم حصر العاملين أو أصحاب العمل في مثل هذه الأعمال. و يؤكد أنه لابد على الدولة أن تقوم بوضع أطر تشريعية واضحة لتنظيم مسألة العمل من المنزل على أن تكون ضامنة بكل السبل حقوق كل أطراف العملية سواء كان العامل أو صاحب العمل و أن تقوم في مقابل ذلك بتشجيع الصناعات الصغيرة التي تقام في بيئات و مجتمعات بعينها للاستفادة من طبيعتها في انشاء هذه الصناعات. سلبيات تأمينية واجتماعية أمين راغب -مستشار في تكنولوجيا المعلومات- يؤكد أن العمل من المنزل له سلبيات عديدة لابد من النظر اليها و هي سلبيات يتغاضى عنها الراغب في الوظيفة بسبب الراتب الكبير الذي يحصل عليه في مقابل هذا العمل الذي لا يكلفه عناء الانتقال أو ضغوط العمل اليومية. و يقول إن أبرز سلبيات هذا النوع من العمل عدم تمتع العامل أو الموظف بأي شكل من أشكال الضمان الاجتماعي أو الصحي فصاحب العمل غير ملتزم معه بأي صيغة تعاقدية تجعله في موقع المسئولية تجاهه كما ان امكان الاستغناء عنه في أي وقت واردة كما أن له جانبا اجتماعيا خطيرا جدا و هو معاناة الموظف أو العامل من العزلة و عدم الاختلاط بالآخرين و قد يكون تأثير هذا العامل أكبر و أخطر لدى حديثي التخرج و الشباب الذين يبدأون حياتهم بهذا النوع من الأعمال مما يجعل فرصهم في الانخراط في أعمال يومية صعبة جدا. و يشير راغب إلى أن العمل من المنزل هو أسلوب سيزيد بشكل كبير جدا في مصر خلال الفترة المقبلة خاصة أن الظروف الاقتصادية للبلاد في أعقاب ثورتي 25 يناير و 30 يونيو جعلت من فرص العمل حلما مستحيلا بالنسبة للكثير من الشباب و كذلك فإن العمل من المنزل فرصة مناسبة جدا لمن تم تسريحهم من اعمالهم نظرا لتوقف النشاط الاقتصادي للعديد من الشركات و الكيانات الاقتصادية في مصر. ///// بسبب غياب البنية التحتية الحكومة تفشل فى تطبيق العمل من المنزل حاولت الحكومة المصرية قبل الثورة والتى كان يطلق عليها الحكومة الالكترونية تطبيق مبدأ «اعمل من المنزل» ولكن الأمر لم يطبق بشكل واسع واقتصر الأمر على بعض القطاعات التى سرعان ماعادت الى مكاتبها بعد انتهاء عصر الوزير احمد درويش الذى كان يتبنى الفكرة ويحارب من أجل تطبيقها وكانت تتلخص فكرة درويش حسبما قال ل «الاهرام الاقتصادى» فى أن كل قطاع عليه تحديد الوظائف التي يمكن أن يطبق عليها نظام العمل بالأداء وليس الوجود الشخصي في مكان العمل مثل وظائف تلقي الشكاوي والاستفسارات القانونية, وغيرها من الوظائف التي يمكن للموظف العمل بها وتقديم المزيد من خلال منزله وبأجر كامل لا يختلف عن وجوده في مكان العمل ولكن هذا مع توافر بعض الشروط التى من اهمها ضرورة توافر وسائل التكنولوجيا الحديثة بشكل واسع في الجهات الإدارية وأن تسمح طبيعة الوظيفة بذلك فعلي سبيل المثال وظائف المترجم والباحث القانوني للشكاوي يصلح معها العمل عن بعد مقارنة بوظائف الشباك الذي يتلقي الطلبات ومع ضرورة وجود وسيلة واضحة رقمية لقياس الأداء ومن ثم يمكن تحديد استحقاق الراتب كاملا من عدمه وأن يكون لدى الموظف حاسب آلي بالمنزل متصل بشبكة الإنترنت ورغم ذلك فإن الأمر قد يتطلب الحضور مرة أو مرتين أسبوعيا للتنسيق مع الجهة الإدارية وأرجع درويش فشل تطبيق مبدأ «اعمل من المنزل» فى القطاع الحكومى لسببين الأول غياب البنية التحتية فى المكاتب الحكومية من أجهزة كمبيوتر حديثة وشبكة انترنت سريعة والثانى عدم وضع وسيلة واضحة لقياس مؤشر الأداء . وقال درويش إنه أثناء توليه وزارة التنمية الادارية طبق نظام العمل من المنزل على ثلاث ادارات هم ادارة تلقى الشكاوى والترجمة والعلاقات الدولية وقال إنه حصل على اعلى انتاجية من الموظفين فى هذه الادارات . واضاف درويش ان العمل من المنزل يحقق اعلى رضا وظيفى لدى الافراد كما انه يسهم فى تخفيف مشكلة المرور هذا بالاضافة الى انه يضغط النفقات المطلوبة من الموظف سواء مصروفات الانتقالات او معدل استهلاك الملابس وغيرها من المصروفات المطلوبة للعمل . وأنهى درويش حديثه قائلا إن نظام العمل عن بعد او العمل من المنزل سيأخذ حيزاكبيرا فى النظام الادارى المصرى مؤكدا ان القطاع الخاص فى مصر خاصة الشركات الاجنبية العاملة فى مصر مستقبلها واعد فى هذا الاتجاه نظرا لما لديها من نظم حديثة تضمن بها إنجاز الموظفين لعملهم وقياس مدى جودته .