الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق والفقية الدستورى أكد أن التشريعات القانونية لملاحقة الفساد فى البلاد واضحة لكن الاجراءات هى التى قد يصيبها العوار فى التنفيذ مشيرا الي أن واقعة محاكمة مبارك عن الفساد فى اعقاب ثورة 52 يناير كانت تفترض المحاكمات السياسية مع قبول فكرة المصالحات المالية مع من استولى علي أموال الشعب من نظام مبارك وهو ما حدث فى جنوب إفريقيا الا أن اللجوء الي الاجراءات والمحاكمات العادية اضاعت فرص ملاحقة فساد مبارك وأعوانه. وقال : لابد من التأكيد علي أن الدستور الجديد للبلاد يحمى المال العام ويجب أن يتم تنفيذ هذه النصوص والمواد التشريعية عبر قوانين صارمة للحفاظ علي أموال هذا الشعب الذى قام بثورتين عظيمتين. تشديد الرقابة واتفق مع سابقه د. ثروت بدوى الفقيه الدستورى وأستاذ القانون الدستورى بكلية الحقوق جامعة القاهرة علي أن تنفيذ القانون هو العقبة ، مؤكدا أن المشكلة فى محاكمات الفساد التى تمت لمبارك ونظامه فى القوى الموالية لمبارك التى ما زالت تلعب دورا كبيرا فى مجريات الأحداث والتى استفادت من فساد عصر مبارك واحتلت مراكز قوى مؤثرة فى كل قطاعات الدولة ولم يكن من السهل القضاء عليها إلا عبر اجراءات انتقالية سريعة تبررها الثورة. وأشار إلي ضرورة تعديل بعض التشريعات الخاصة بملاحقة الفاسدين مع تشديد الرقابة والدقة فى تنفيذ كل اجراءات المحاكمات. يقول محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري برج العرب: إن الفساد يمثل تكلفة إضافية علي إنتاج السلعة او الخدمة واستنزافا للوقت والجهد خاصة ان هناك عمليات تفاوض وشد وجذب تتم بين طرفين أو أكثر لإتمام صفقة أو دفع عمولة ورشوة لتمرير أو إنجاز خدمة قد تكون مستحقة لصاحبها ولكن من باب تعطيل المصالح وتحقيق المنفعة والاستفادة يطلب الطرف الفاسد منفعة شخصية وإلا لن يوافق أو يسمح بإنجاز الخدمة او المهمة.. وتسبب الفساد في إضعاف قدرة الدولة على تحقيق التنمية وهو أحد أهم أسباب الفقر فى مصر، وسبب رئيسى فى تزايد عجز الموازنة، وفى أوضاع المناخ والبيئة الطاردة للاستثمار، و تراجع وانهيار الخدمات الحكومية، واتساع الهوة بين الطبقات الغنية والفقيرة. ويضيف: الأرض لدينا ثروة اغلى من البترول فرطنا فيها وكان الفساد عامل الترجيح في العديد من الصفقات المشبوهة التي أدت الي ضياع هذه الثروة ولو حافظت الدولة علي هذه الأراضي لكنا أغنى بلد في العالم، فالأرض هي الاحتياطي الاستراتيجي الأول لمصر ولكن سرقها مسئولون وسماسرة ورجال اعمال وجمعيات وهمية .. وهناك ارض تم تخصيصها لأحد رؤساء الجامعات ثم قام بتحويل ملكيتها لنجله!! ولو الدولة جادة في مكافحة الفساد عليها أن تفتح ملف الأرض ، ليس فقط الأراضي الصحراوية لأن الكارثة تمتد إلي داخل المدن والحيز العمراني عبر شبكة فساد تضم مسئولين وسكرتيري محافظات وموظفين تنفيذيين منحوا الأرض وتربحوا. هنا يجب على الدولة أن تسترد الأرض التي حصل عليها المنتفعون بالتدليس وتحصل علي فارق السعر إذا ما تم الحصول علي الأرض بغير ثمنها العادل ، وعليها أيضا أن مراجعة التصرفات العقارية خلال الأربعين سنة الماضية لاسترداد حقها لأن السكوت علي الفساد أصاب المستثمر المحترم والمسئول المحترم بالإحباط .. وعلي الدولة أن تفعل القوانين المتعلقة بالفساد وان تكون جادة في تغليظ العقوبة وتطبيقها علي المسئولين و مساعديهم والتنفيذيين وإلا تسقط التهم والعقوبات بالتقادم تحت أي ظرف مثلما يحدث في قضايا التهرب الضريبي وغيرها . مليارات الفساد المنهوبة يري د. ماجد عثمان رئيس مركز بصيرة لاستطلاع الرأي أن أصل الفساد يتمثل في ضعف القوانين وغموضها وتناقضها وتغيرها وعدم تطبيقها. . هنا لابد من إصلاح القوانين، وألا يكون المشرع مطلق اليد في إصدار قوانين تفوض لأي شخص لمخالفة الدستور.. ويضيف:علينا استعادة ثقافة العدل والشفافية والحد من الآثار الجانبية للفساد سواء كان سياسيا او اقتصاديا وعلي أجهزة مكافحة الفساد ان ترتقي بمستوى أداء الجهاز الإداري الذي يعتبر مدخلا متوهجا لتمرير الفساد ولابد من سن التشريعات الداعمة لمكافحة الفساد وتطوير الإجراءات القانونية لتحقيق العدالة الناجزة حتي لا يصاب الناس بالإحباط من عدم القدرة على مواجهة الفساد خاصة انه لا يوجد تعريف محدد للفساد ولكن جري العرف على ربط الفساد بالوظيفة العامة واستغلال المنصب للحصول علي مكاسب وارتبط الفساد بالتربح والمحاباة والمحسوبية لذا الفساد ليس له تعريف وإنما له مظاهر، وانتشار الفساد يؤدي الى الاحتقان الشديد وعلى الدولة أن تنهي «الفهلوة» وثقافة «فتح مخك» و حيل وألاعيب «تحت الترابيزة» بإجراءات جادة وليس بخطب وتصريحات وإنما إجراءات على ارض الواقع وان تتخذ إجراءات حازمة وشديدة وتسن تشريعات بعقوبات رادعة قاسية في التعامل مع قضايا الفساد لأن مكافحة الفساد ستكون اكبر معركة تمنح النظام الحالي قوة كبرى لان الفساد يمس قطاعا كبيرا من المواطنين . ويطالب بوقف مسلسل نهب الأراضي والصفقات المشبوهة التي تمثل ما يشبه بالفساد الكبير بينما يمثل حصول الموظف علي رشوة مثلا فسادا صغيرا والاثنان - الفساد الكبير والصغير - لابد من استئصالهما ومحاربة المفسدين وهناك أكثر من مؤشر فساد اثبت أن حصيلة الفساد تؤثر علي اقتصاد الدولة وهناك تقديرات لمؤشرات الفساد كشفت ان حجم التهرب الضريبي بلغ 61 مليار جنيه بجانب 1.5 مليار تهرب جمركي و100مليار نهب أراض فأين المساءلة والتصدي للفساد والمفسدين ؟! لابد كذلك من الإسراع بإصدار قانون حرية تداول البيانات والمعلومات بالشفافية المطلوبة خاصة المادة 68 من الدستور تنص علي حرية تداول البيانات وتحقيق الشفافية خاصة البيانات والأرقام الصادرة من الجهات الحكومية .. كذلك نحتاج الي تفعيل قانون حماية المبلغين والشهود وتفعيل دور المجتمع المدني في الرقابة خاصة فيما يتم من تجاوزات داخل أروقة المحليات و الهيئات الحكومية. تقول د. غادة موسى عضوة اللجنة التنسيقية الوطنية لمكافحة الفساد و مديرة مركز الحوكمة: إن الدول تتآكل شريعتها نتيجة تفشى الممارسات الفاسدة لما ينتج عنها من تمييز بين المواطنين بما يؤدى إلى سقوط الدولة فى النهاية. ومهمة التصدى للفساد ليست موكلة للحكومة فقط بل يجب أن يقوم بها المواطن بنفسه و المجتمع المدنى عن طريق عمليات التوعية بالفساد و فضحه. و توضح أن البلد الذى تتفشى فيه الممارسات الفاسدة لا تجذب الاستثمارات النظيفة والقانون المصرى لا يجرم المدفوعات غير المبررة من قبل شخص ما للموظف من أجل الحصول على حقه ،بل تجرم دفع ذلك الشخص لمبالغ مالية فى مقابل الحصول على ما ليس من حقه ،و هذا ما نطلق عليه رشوة، و تقول إن مؤشر إدراك الفساد فى مصر فى عام 2014 تبعا لمنظمة الشفافية الدولية انخفض إلى 94 من175 . و تضيف أن الأجهزة الرقابية فى مصر بلغ عددها 27 جهة و يطلق عليها)3*3( بمعنى ثلاث جهات رقابية سابقة للعمل و ثلاث أثناء العمل و ثلاث لاحقة مما أدى إلى تداخل و تشابك الاختصاصات و التنظيم الوظيفى بينها و هذا ما دفع إلى ذكر اختصاصات بعض الجهات الرقابية فى الدستور و ذلك لحرص كل جهة على عدم المساس باختصاصاتها. وفى محاولة من الحكومة لتوحيد و التنسيق بينها تم إنشاء اللجنة التنسيقية الوطنية في 2010 على أن تكون تابعة لرئيس مجلس الوزراء إلا انها توقفت نتيجة الظروف غير المستقرة التى مرت بها مصر و تم إعادة تفعيلها مرة أخرى. الدكتور شريف دلاور استاذ الادارة بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا قال : ان هناك ثغرات كبيرة في عرض الأمر على المحكمة خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادى الذي أتخصص فيه.. تلك الثغرات اوجدت هشاشة في قضايا اقتصادية لها صفة الفولاذ في الافساد الاقتصادي لأنها اعتمدت على ما كنا نحذر منه خاصة فيما يتعلق بقوانين منع الممارسات الاحتكارية وليس الاحتكار ذاته.. وهو ما نفذه قضاة احمد عز واستطاعوا اخراجه دون اي تجريم. وبتفصيل يقول: الفرق بين قوانين الممارسات الاحتكارية المعمول بها وقوانين الاحتكار التى لا يعمل بها في مصر ان القانون في الاولى لا ينص على نسبة معينة رغم إثبات أن هناك 3 او 4 تم بينهم اتفاق علي التربح من الأسواق برفع الأسعار دون مبرر والتحكم في انتاجه وعلى إثر ذلك فإن القاضي لم يجرم المتهمين وأصدر قرارا ببراءتهم فى حين أن قانون الاحتكار المعمول به في كثير من دول العالم كل ما زاد الاستحواذ عليه في اي سلعة بما يتجاوز ال 30٪يعتبر احتكارا مجرما ينبغى مواجهته من قبل سلطات الدولة. واذا ما تحدثنا عن قضايا تصدير الغاز التى سقطت بالتقادم لمرور 5 سنوات عليها ورغم خطورة الموضوع واهدار 5 مليارات من الجنيهات على الشعب المصري فان القاضى حكم بحيثيات اوراق قدمت اليه فكان مصيرها انقضاء الدعوى بما يعنى البراءة. وأري ان ما أثاره الأستاذ أحمد السيد النجار على صفحات جريدة الأهرام اولى بالنظر خاصة فيما يتعلق بالمسكوت عنه من قضايا تهريب الأموال وتزوير انتخابات 2010 وغيرها من جرائم يجب ان تقدم بصورة جديدة خاصة ان الأدلة علي ذلك كثيرة ومتاحة للمحاسبة. و يؤكد الدكتور سامي السيد فتحي -رئيس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية و استاذ الادارة- أن الاستراتيجية التي أعلنتها الحكومة منذ أيام بشأن مكافحة الفساد هي استراتيجية في غاية التميز و سوف تقوم بدورها بشرط أن يتم عرضها على الرأي العام بشكل مبسط و لغة مفهومة من جهة وأن تدعمها قوانين تشرح الفساد و تحدده بشكل واضح من جهة أخرى. و يطالب بضرورة سن قوانين جديدة تضاف إلى القوانين الحالية و التي من شأنها تعريف الفساد و أركانه بحيث يصبح شيئا ملموسا يستوجب العقاب في كل صوره مشيرا إلى أن القوانين الحالية لا تعرف الفساد و لكن الالتزام بها و ما بها من إجراءات و عقوبات من شأنه الحد من الفساد و مقاومته بشكل كبير. و يشير ايضا إلى أن مصر لديها عدد كاف من الأجهزة الرقابية التي من شأنها رصد الفساد و مواجهته و أن تلك الأجهزة قد تمتعت بالعديد من السلطات و الصلاحيات بعد ثورة 25 يناير و تعاظمت تلك الصلاحيات بعد ثورة 30 يونيو و هذا كله من شأنه تدعيم الاستراتيجية الجديدة بما يكفل القضاء على الفساد بكل صوره. إلا أن ناصر أمين رئيس مركز دعم الاستقلال و المحاماة يدعو الحكومة إلى مراجعة تلك الاستراتيجية مؤكدا أنه لا يمكن أن تطبق استراتيجية مكافحة الفساد إلا إذا اتسم الإعلام بالحرية المطلوبة و كفالة حقه في الحصول على كل المعلومات دون قيود و أن يمتلك المجتمع مؤسسات مجتمع مدني تتمتع أيضا بالحرية و الاستقلالية التي تكفل لها القيام بعملها في مراقبة اداء اجهزة الدولة فالفساد -من وجهة نظره - لا يعني فقط احالة مسئولين الى التحقيق و المحاكمة و لكن أيضا يعني تفعيل القوانين القائمة و كذلك تفعيل دور الأجهزة الرقابية بما يسمح بتقويض الفساد من دعائمه. و يؤكد أن الفساد يحتاج إلى تعريف واضح و دقيق سواء في القوانين القائمة أسو في القوانين التي سيتم استحداثها بعد ذلك خاصة أن مصر من ضمن الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي ألزمت مصر بانشاء مفوضية مكافحة الفساد إلا أنه لم يتم انشاؤها حتى الان و هي مفوضية اذا اتيحت لها الاستقلالية و تمتعت بالشفافية فيما تجريه من تحقيقات في وقائع الفساد و ترفع تقاريرها بصورة مستمرة إلى رئاسة الجمهورية فسوف تكون اداة فاعلة جدا في ملف مكافحة الفساد في مصر خاصة و أن هناك تشعبا و تداخلا كبيرا بين الأجهزة الرقابية الموجودة حاليا بما يؤدي إلى نتيجة عكسية حيث يستفحل الفساد بدلا من القضاء عليه. فيما يرى الدكتور سعيد عبد الخالق الخبير الإداري و الاقتصادي أن الأجهزة الرقابية هي كلمة السر في مكافحة الفساد على مختلف الأصعدة و في كافة المجالات خاصة في الجهاز الإداري للدولة مشيرا إلى أهمية تفعيل دورها خلال الوقت الراهن و هو أمر من شأنه تدعيم استراتيجية مكافحة الفساد التي أعلن عنها المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء منذ أيام. و يطالب بضرورة أن تكفل الدولة لتلك الأجهزة الاستقلالية التامة بحيث يكون من سلطاتها إحالة ما تضبطه من تجاوزات إلى جهات التحقيق بشكل مباشر فضلا عن تفعيل جهات الرقابة الداخلية الموجودة داخل كل جهاز حكومي و كل وزارة حتى يتسنى محاصرة أشكال الفساد من كافة الجوانب و بالتالي تحجيم أثره. المشكلة فى آليات التنفيذ د. أحمد مهران استاذ القانون بجامعة بيروت ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية أكد أن التشريعات القانونية فى مصر ليست مقصورة على ملاحقة قضايا الفساد للموظف العام ولكن المشكلة تكمن فى آليات التنفيذ الخاصة بهذه التشريعات والقوانين وسبل تطبيقها ، مشيرا الي أن الجهات المعنية بتطبيق وتنفيذ آليات القانون والتشريعات الخاصة بمواجهة ومحاكمة الفاسدين من الموظفين لدى الدولة والقطاع غير الحكومى قد تتقاعس عن تنفيذها أو قد تنفذها بشكل يخالف صحيح القانون وبالتالي قد تؤدى الي انقضاء الدعوى أو حصول المتهمين علي براءة اجرائية، فالقاضى الجنائى كما يعلم الجميع «قاضى عقيدة» والأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين، ومن ثم فإن دخول الشك فى عقيدة المحكمة يؤدى الى أحكام تبرئ هؤلاء المتهمين. واضاف : أن البطء فى تنفيذ الاجراءات القانونية وكذلك تنفيذها بصورة مخالفة للقانون تجعلها والعدم سواء . كذلك فإن استبعاد الأدلة التى تم جمعها بطرق غير مشروعة حتى وإن كانت دليلا دامغا مثل التسجيلات التى تتم دون علم وتصريح النيابة لا تعتد بها المحكمة. والمشكلة الأكبر فى ملاحقة الفاسدين من موظفى الدولة تكمن ايضا فى عدم اكتشاف هذه الجرائم الا بعد خروج المسئول من الوظيفة العامة وهو ما يجب أن تنتبه له أجهزة الدولة الرقابية من نيابة ادارية وجهاز مركزى للمحاسبات ونيابات الاموال العامة للحفاظ علي أموال الشعب خاصة أن المسئول يقوم بنسف كل الأدلة التى تثبت تورطة فى قضايا فساد تدينه فيما بعد. واشار الي أن الدستور الجديد للبلاد يضم كل الأطر والنصوص والمواد والنظم التى من شأنها أن تقضى علي قضايا فساد الموظف العام وكذلك القطاع الخاص ولكنها بحاجة الي تشريعات وقوانين منظمة لذلك وفى نفس الوقت تغطية من الجهات الادارية التى يقع على عاتقها مهام حماية المال العام المصرى. التنسيق بين الأجهزة الرقابية الدكتور نبيل حلمى أستاذ القانون الدولي والعميد السابق بكلية الحقوق بجامعة الزقازيق أكد أن القوانين والتشريعات الخاصة بملاحقة ومواجهة الفساد كافية كذلك فإن الاجهزة الرقابية لدينا كثيرة ومتعددة الا أن المعضلة تكمن فى عدم تنفيذ كل هذه القوانين وتفعيلها بالشكل الصحيح وكذلك سياسة «الجزر المنعزلة» التى تعمل بها الأجهزة الرقابية. وطالب بالربط بين كل الأجهزة الرقابية والتنسيق فيما بينها لمواجهة الفساد بشكل قوى كذلك أن يتم التحكيم فى هذه القضايا بشكل نهائى وليس سياسى مشددا علي ضرورة التوعية بخطورة الفساد باعتباره يؤثر علي أموال الشعب ومقدراته سلبا وتطول آثاره الميزانية العامة للدولة. وقال : لابد من تحجيم الفساد عبر عدة طرق أهمها الفصل بين مقدم الخدمة ومتلقيها ، وتطبيق نظم الكترونية فى التعامل بين الجمهور والموظف العام على أن يكون التعامل المباشر فى أضيق الحدود وهو أمر متبع عالميا إلي جانب إعادة النظر فى قضايا اقتصادية مهمة مثل الحد الأدنى للأجور وضرورة رفعه بعض الشىء حتى يحصل الموظف علي ما يكفيه ولا يجعله يلجأ للرشوة أو الفساد. وأوضح أن الفساد قضية منتشرة عالميا وفى أكبر الدول وأصغرها وهو بلا شك سبب رئيسى فى تدهور الشعوب ولذلك هناك العديد من الاتفاقيات العالمية لمواجهة ومكافحة الفساد ومصر جزء من المنظومة العالمية ولديها حضور قوى فى هذه الاتفاقيات وذلك لأن الفساد هو العقبة الأساسية أمام التنمية فى مصر. وأشار إلي أن الاصلاح الإدارى هو أساس مكافحة الفساد فى مصر ولابد أن تتكاتف أجهزة الدولة المعنية لمواجهته حفاظا علي المال العام المصرى. تعديل القوانين وتقول الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذة القانون الجنائي بحقوق القاهرة ان من السمات الأساسية لقانون العقوبات انه يقدر العقوبة من خلال فعل محدد تحديدا دقيقا لأن الألفاظ المطاطة تؤدي الي إهدار حقوق الدولة والأفراد ولو تركت المسألة للأشخاص القائمين بالتحريات والتحقيقات لن تتحقق العدالة ، لذا لابد وان تكون الأفعال المجرمة محددة في قانون العقوبات والفساد كلمة واسعة تحتمل أفعالا كثيرة ولا يصح ان تكون جريمة مستقلة، مثلما الحال في جرائم الرشوة، الاستيلاء علي المال العام ،التهريب ، التربح والإضرار بالمال العام ، كل هذه الأفعال مجرمة في قانون العقوبات وبالتالي لابد ان تؤدي التحريات والتحقيقات الي الوصول لأدلة قاطعة تؤكد الجريمة وإذا لم يتم التوصل الي دليل لن يدان المتهم لأن هناك قاعدة شرعية تنص على « لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقاب» والقاعدة القانونية « الشك يؤول الي مصلحة المتهم» والمتهم برىء الي أن تثبت ادانته وقاعدة محكمة النقض « لأن يفلت مجرم من العقاب خير من أن يدان برىء» وكلها قواعد قانونية وعدالة مسلمة بالتالي مطلوب الدقة في التطبيق والوصول إلي الأدلة حتي لا ندخل في مجال الظلم أو هروب المتهم من العقاب. وتضيف أن الوصول إلي الأدلة بطرق غير شرعية لا يعتد به ، هنا لابد من تسهيل مهمة الوصول إلي الأدلة والبراهين حتي لا تضيع الحقوق وإفلات المتهم من العقوبة بسبب أن الوقائع لا تؤدي إلي الإدانة . ترى ليلى أبو عقل و كيلة وزارة العدل السابقة و المحامية بالنقد أن القانون المصرى لم يضع تعريفا محددا للفساد إلا مع توقيع مصر على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد فى 2003 و التى صدقت مصر عليها فى 25 فبراير 2006 حينئذ أصبحت بنود الاتفاقية جزءا ملزما من القانون المصري. و توضح أن المقصود من الفساد هو سوء استخدام الوظيفة العامة لتحقيق ربح شخصى غير مشروع فى الجهاز الإدارى للدولة و القطاع العام. و تضيف أن من بين بنود الاتفاقية المادة الأولى الفقرة أن التى تنص على تعزيز التدابير اللازمة بصورة فعالة منها إنشاء الأجهزة الرقابية و تطبيقا على الوضع فى مصر ترى انه ليس هناك تداخل بين الأجهزة الرقابية حيث إن جهاز الكسب غير المشروع مختص بإجراءات الذمة المالية و ما يطرأ عليه من تغييرات بينما جهاز الرقابة الإدارية يقوم بالمراقبة و جمع التحريات و عمل التحقيقات الأولية و إرسالها إلى النيابة العامة. بينما يقوم الجهاز المركزى للمحاسبات بمراقبة قطاعات الدولة و إعداد المذكرات لمساعدة الرقابة الإدارية و هى ترى فى ذلك تكاملا وليس تعارضا. و تؤكد على أن الحل فى مكافحة الفساد فى مصر لا يكمن فى توحيد الجهات الرقابية لكن تفعيلها و نشر ما تتوصل إليه على الرأى العام ليكون شريكا معها فى محاربة الفاسدين بما يمثل ردعا لهم. و تستمر ليلى أبو عقل فى استعراض بنود الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التى قررت إنشاء وحدة استخبارات معلوماتية مالية فى الدول الأعضاء لتكون مسئولة عن تلقى التقارير المتعلقة بالمعاملات المشبوهة و تحليلها ثم تعميمها على السلطات و هذا من وجهة نظرها ما دفع إلى إنشاء مكتب مكافحة الفساد تحت رئاسة المستشار مصطفى خاطر و هى تتنبأ ان يقوم هذا المكتب بنقلة نوعية فى مكافحة الفساد حيث إن من اختصاصه التحقيق فى القضايا الخاصة بالرشوة و استغلال النفوذ و تقديمها للمحاكمة بسرعة ناجزة و جمع المعلومات و عمل الدراسات. و تقول: إن الفقرة ب من المادة الأولى فى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد تدعم التعاون الدولى فى محاربة الفساد عن طريق استرداد الأموال الناشئة عنه بعد إثبات ذلك الفساد فى محاكم مدنية لا ثورية و هذا ما حدث فى دولة الفلبين التى استردت أموالها المهربة للخارج بعد 18 سنة و هذا ما دفع إلى محاكمة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك أمام القضاء الطبيعى لا المحاكم الثورية. و توضح أن المادة 33 من الاتفاقية تمنع من معاقبة المبلغ عن جرائم الفساد إذا تم بحسن نية وأن هذه المادة تحمى الصحفيين من دخول السجن, إذ إن نشر الصحفى عن قضية فساد ما يعد بمثابة بلاغ للنائب العام و حتى وإن لم يثبت الفساد لافتراض حسن النية لدى الصحفي. يفتح د. رضا السيد عبد الحميد أستاذ القانون التجارى بجامعة عين شمس و المحكم الدولى النار على الجهات الرقابية الحالية رغم كثرتها التى لم تنجح حسب قولة فى الحد من الفساد سوى بنسبة لا تتعدى 5٪ من الجرائم مما أدى إلى ان يصبح الفساد فى اعتقاده فى جينات المصريين ينتقل من جيل إلى جيل . و الحل من وجهة نظره يكمن فى توحيد تلك الجهات فى جهة رقابية واحدة مستقلة لا تتبع السلطة التنفيذية أو حتى التشريعية و ان تراقب نفسها ذاتيا كما هو الحال فى المجلس الأعلى للقضاء. على ان تتكون تلك الجهة الرقابية الوحيد من أناس باشروا القانون بصورة عملية فى المحاكم و احتكوا بقضايا حقيقية فى مطبخ القوانين و يعلمون الثغرات فى القانون وهذا ما يفتقر المنظرون. مضيفا ان مصر تئن من تعارض المصالح نتيجة ان القوانين توضع فى جزر منعزلة و ليس وفق رؤية شاملة و هذا يتطلب نسف المنظومة التشريعية بالكامل التى يصفها بالكارثية و إعادة بنائها. و فى هذا الشأن يقول ان اللجنة العليا للإصلاح التشريعى «لا صلاح لها» لأنها شكلت من أهل الثقة و ليس من أهل الخبرة و بالتالى فهو ليس متفائلا بما ستنجزه. مما لاشك أن الفاتورة الاقتصادية التى يدفعها المجتمع المصرى نتيجة الفساد باهظة تصل إلى مئات المليارات سنويا و تؤثر على قطاعات الدولة بما فيها القطاع الخاص. ويقول حسام هيبة الشريك الادارى لشركة اوربيس كابيتال و الخبير الاستثمارى ان القطاع الخاص متهم ظلما بأنه هو من أفسد الموظف العام فى حين أن الفساد يزيد من تكلفة الاستثمار ويستطرد قائلا : إن الفساد يؤدى إلى هروب عدد كبير من المستثمرين نظرا لعدم قدرتهم على التعامل مع الفاسدين. و يضيف أن القطاع الخاص على استعداد لدفع ما يتم دفعه بصورة غير مبررة للموظف العام الذى يعطل تسيير المعاملات بصورة رسمية لخزانة الدولة فى مقابل تسهيل الإجراءات و رفع راتب الموظف العام لمنعه من الفساد. /////////////// 16 قانونا وقرارا جمهوريا تحكم عمل الجهات الرقابية فى مصر القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية والتى أنشئت بمقتضاة هيئة الرقابة المالية الموحدة . القانون رقم 67 لسنة 2006 المنظم لعمل جهاز حماية المستهلك . القانون رقم3 لسنة 2005 المنظم لعمل جهاز تنظيم المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية القانون رقم 64 لسنة 2004 المنظم لعمل البنك المركزى . القانون رقم 8 لسنة 2002 المنظم لعمل وحدة غسل الأموال بوزارة العدل . القانون رقم 19 لسنة 1998 المنظم لعمل جهاز تنظيم الاتصالات . القانون رقم 144 لسنة 1988 والمعدل بالقانون 157 لسنة 1998 المنظم لعمل الجهاز المركزى للمحاسبات . القانون رقم 53 لسنة 1973 المنظم لعمل المراقب المالى . القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية وتعديلاته . القانون رقم 47 لسنة 1972 المنظم لمجلس الدولة وتعديلاته . القرار الجمهورى رقم 557 لسنة 1971 الخاص بتنظيم عمل الهيئة العامة للخدمات الحكومية . القانون رقم 100 لسنة 1971 المنظم لعمل جهاز المخابرات العامة . القانون رقم 54 لسنة 1964 المعدل بالقانون رقم 71 لسنة 1969 المنظم لعمل هيئة الرقابة الإدارية . القانون رقم 118 لسنة 1964 المنظم لعمل الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة . القانون رقم 61 لسنة 1964 بإصدار هيئة الشرطة والمنظم لعمل الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة . القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية .