تعتبر منظومة التعاون الاستهلاكى من أهم وسائل تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التى يتطلع اليها المجتمع، فضلا عن تحقيق أغراض أسمى بكثير من مجرد زيادة الفائدة المادية التى تعود على الفرد باشتراكه فى عضوية الجمعيات التعاونية حيث يقاس مؤشر النجاح الحقيقى لهذه الجمعيات بمقدار ما تقدمه من خدمات اجتماعية وفقا لتشريعات تحقق لها الاستقرار والاستمرار دون ثمة منازعات، الأمر الذى يستوجب كشف النقاب عن أهم النقاط التالية: تعتبر الحركة التعاونية فى مصر أقدم الحركات التعاونية فى الدول العربية حيث بدأت منذ عام 1908 ومرت بعدة مراحل ارتبطت بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد. ومنذ بدايتها حتى عام 1952 كانت التعاونيات عبارة عن مبادرات شعبية وطنية أهم دوافعها مواجهة الاحتكارات الوطنية والأجنبية، ثم خلال الفترة من 1956حتى 1985 استخدمت الحكومة التعاونيات كشبكة منافذ ضخمة لتوزيع السلع المدعمة خاصة خلال المناسبات والأزمات التى تقتضى فيها الضرورة توزيع المواد الغذائية الضرورية فى صورة حصص مقننة الكمية ومحددة السعر، ذلك ما حدا بالمشرع المصرى إلى إصدار قانون التعاون الاستهلاكى 109 لسنة 1975 لرفع أداء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية فى تقديم خدماتها الاقتصادية لأعضائها بوجه خاص والمجتمع بوجه عام باعتبار أن تلك الجمعيات وحدات للتعاون الاستهلاكى. لذا فقد تضمن هذا القانون قواعد تأسيسها وشهرها وكيفية عضويتها ومسئولية أعضائها ثم مصادر تمويلها ونوعية أنشطتها الخدمية وكيفية معاملاتها المالية وإجراءات إدارتها سواء عن طريق مجالس إدارتها أو عن طريق الاتحادات الاقليمية بالمحافظات التى تتبعها إداريا أو الاتحاد التعاون فى الاستهلاكى المركزى وكذلك نظم توزيع الفائض النقدى السنوى على أعضائها وتكوين الاحتياطى منه لها، كما تضمن هذا القانون دور الدولة فى تقديم التسهىلات اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة من إنشاء هذه الجمعيات التعاونية الاستهلاكية تحقيقا للجانب الوقائى المانع من توقفها عن ممارسة نشاطها على الوجه المطلوب وتحقيق الجانب العلاجى القامع لحماية أموالها الثابتة والمنقولة باعتبارها من الأموال العامة للدولة. فضلا عما سلف فإنه بالرغم مما قضت به أحكام المادة66/من قانون التعاون الاستهلاكي 109 لسنة 1975بأن وزير التموين هو الوزير المختص بتنفيذ أحكام هذا القانون، إلا أن الفقرة الأخيرة من المادة66/ المشار إليها أجازت لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارا بتحديد الوزير المختص بتنفيذ أحكام ذلك القانون وهذا يؤكد حق رئيس الجمهورية فى تحديد الوزير المختص بتنفيذ قانون التعاون الاستهلاكى 109لسنة 1975 دون أن يكون هذا الوزير هو وزير التموين الذى لم يعد له الحق المطلق فى تنفيذ قانون التعاون الاستهلاكى. على أثر ذلك صدر القرار الجمهورى 486 لسنة 1977 المنشور بالجريدة الرسمية بعددها الصادر برقم 11/3244لسنة 1977 قضت أحكامه بأن الوزير المختص بتنفيذ قانون التعاون الاستهلاكى 109لسنة 1975 هو وزير الشئون الاجتماعية الذى يحل محله الان وزير التضامن الاجتماعى فى الحكومة الحالية المشكلة بالقرار الجمهورى 189 لسنة 2014 وليس وزير التموين والتجارة الداخلية فضلا عن ذلك فقد جاء دستور مصر العظيم أول مراحل خارطة المستقبل عقب ثورة الثلاثين من يونيو 2014 الذى نشر بالجريدة الرسمية بعددها الصادر برقم 3مكرر(أ) في 2014/1/18 بضم المادة 37/ التى أوجبت على الدولة رعاية التعاونيات وحمايتها ودعمها بحيث لا يجوز حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى، مما يثير الدهشة والعجب قيام وزير التموين والتجارة الداخلية بحل ثمانى جمعيات تعاونية استهلاكية بمحافظة الدقهلية وجمعية أخرى بمحافظة البحيرة بموجب قرارات أصدرها بأرقام 205 لسنة 2014، 230 لسنة 2014 وقد نشرت بجريدة الوقائع المصرى تأسيسا على موافقات صدرت عن كل من: الاتحاد التعاونى الاستهلاكى المركزى ومديريات التموين والتجارة الداخلية المختصة مكانا وكذلك الادارة العامة للتعاون الاستهلاكى بقطاع التجارة الداخلية بوازرة التموين. وذلك دون أى حكم قضائى يقضى بحل هذه الجمعيات إعمالا للمادة37/ من الدستور، لذا فإن قرار وزير التموين والتجارة الداخلية 205 لسنة 2014،230لسنة2014 صدر بالمخالفة لاحكام الدستور والقانون. والسؤال المطروح هل هذا يمثل ابرارا بالقسم الذى يقسم عليه الوزراء أمام الله والشعب على احترام القانون والدستور؟، فضلا عما سلف فقد تفضل هذا الوزير ايضا بالاطلاع على كل من: قانون التعاون الاستهلاكى ولائحته التنفيذية وكذلك القرار الوزارى 845 لسنة 2010 بالاضافة لكتاب مديرية تموين أسوان ثم موافقة الاتحاد التعاونى الاستهلاكى المركزى وأخيرًا مذكرة الإدارة العامة لتعاون الاستهلاكى لقطاع التجارة الداخلية العامة لسيادة وزير التموين. وبعد اطلاعه على ذلك أصدر القرار 249 لسنة 2014 وتم نشره بجريدة الوقائع المصرية بعددها الصادر رقم 197فى 2014/8/31 يقضى بتشكيل لجنة للنظر فى الطعون المتعلقة بقرارات الوزير المختص والجهة الادارية المختصة بشأن الجمعيات التعاونية الاستهلاكية. وهنا يطرح السؤال نفسه هل تفضل وزير التموين بالاطلاع على القرار الجمهورى 486 لسنة 1977الذى يقضى بأن المختص بتنفيذ قانون التعاون الاستهلاكى 109لسنة 1975ولائحته التنفيذية هو وزير الشئون الاجتماعية الذى يحل محله الان وزير التضامن الاجتماعى ؟؟ كما تجدر الاشارة إلى أن مؤشر نجاح أداء وزارة التموين والتجارة الداخلية بشأن منظومة التعاون الاستهلاكى يقاس على أن عدد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بلغ خلال منتصف الثمانينات أكثر من أحد عشر الف جمعية تقلص إلى 2344جمعية نشطة خلال الربع الأخير من العام الحالى 2014 ويرجع ذلك لسوء الادارة وانعدام الدراية بالآليات الفعالة لتنمية هذه المنظومة الاقتصادية والاجتماعية.