الخبراء: هناك حلول موازية يحب اتخاذها بجانب الضرائب ---------- اندرجت تحت لافتة الاصلاح المالي عدة تعديلات ضريبية في خطوة اعتبرها البعض مهمة وضرورية واعتبرها البعض الآخر غير جاذبة للاستثمارات, وقد بني المؤيدون للضرائب الجديدة اعتبارهم علي اساس ان الحلول المتاحة حاليا ليست كافية لسد عجز الموازنة والخروج من عنق الزجاجة الذي يعاني منه الاقتصاد المصري بينما صنفها المعارضون في خانة طرد الاستثمارات وزيادة العبء الضريبي الذي سوف يتحمله في النهاية المواطن والذي سوف يترجم في زيادة الاسعار, وبعيدا عن ذلك فقد صدرت التعديلات الضريبية بنصوص قاطعة لتدخل مصر في مرحلة جديدة من الضرائب وتتغير ملامح القانون التي بنيت علي الثقة في الممول واعتباره القادر علي تحديد موقفه من خلال الإقرار الضريبي الخاص به, الاقتصادي حاول قراءة خريطة الاصلاح المالي الجديدة والعائد المتوقع من خلال التحقيق التالي: بداية يقول عبد الله العادلي نائب رئيس لجنة الضرائب بالغرفة الامريكية بالقاهرة ان التعامل مع الضرائب علي انها الحل الوحيد مسألة خاطئة لأن الضرائب يجب ان تكون عنصر جذب وليس طردا للاستثمار, واشار إلي ان المستثمر المصري فرضت عليه ضرائب نسبتها40% تمثلت في25% ضرائب علي ارباحه و5% ضريبة دخل اذا كان من فئة الاغنياء و10% ضريبة اذا كان له فروع لنشاطه الذي مركزه مصر, وبغض النظرعن تقبل البعض لتلك الضرائب علي اعتبار انها حل قابل للتغيير اذا تحسنت الاحوال فإن استخدام الضرائب يتنافي مع توجه الدولة العامة بجذب المزيد من المستثمرين. واضاف ان العمل في ظل سياسة كلية ونظرة شاملة لكل ايجابيات وسلبيات القرارات الاقتصادية هو الحل لأن الضرائب متصلة بأشياء كثيرة والتعامل معها بشكل منفرد سياسة تحتاج اعادة نظر. الدكتور علي لطفي وزير المالية ورئيس الوزراء الأسبق يري ان هناك حلولا لأزمة الاقتصاد المصري لاشك ان الضرائب تشكل حيزا كبيرا فيها موضحا ان السياسة المالية في مصر في السنوات الأخيرة كانت تهدف الي تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة تدريجيا حتي يصل الي3% من الناتج المحلي الإجمالي, تخفيض الدين العام حتي يصل الي60% من الناتج المحلي ولكن للأسف الشديد فإن هذه الأهداف لم تتحقق بل ازداد الأمر سوءا, ومن هنا فإن هناك مجموعة من السياسات والاجراءات يلزم اتخاذها كركائز لسياسة مصر المالية هي: * وضع خطة محكمة لمحاربة التهرب الضريبي( الكلي والجزئي). وكذلك حالات التهريب الجمركي كالإفراج المؤقت والدروباك وتداول الحاويات بنظام التزانزيت الي جانب عمليات التهريب الجمركي عبر بعض المناطق الحرة الخاصة والعامة. * تعديل قانون الضرائب بما يسمح بإعطاء حوافز كافية لتشجيع الممولين علي دفع المتأخرات الضريبة, بحيث يخصم ما يدفعه الممول من اصل الدين وليس من الفوائد والغرامات. * عدم التردد وعدم التخاذل في تطبيق قانون الضريبة العقارية. * التحول من ضريبة المبيعات الي ضريبة القيمة المضافة. * ترشيد الدعم بصفة عامة ودعم الطاقة بصفة خاصة بما يضمن وصول الدعم الي مستحقيه وبكرامة, وفي الوقت ذاته عدم حصول ذوي الدخل المرتفع علي الدعم, واعتقد ان تحقيق الاهداف لن يحدث إلا بالتحول تدريجيا من نظام الدعم العيني الي نظام الدعم النقدي وهذا مابدأت الحكومة في اتخاذه مؤخرا, والخدمات العامة دون التأثير علي استقرار مؤشرات المالية العامة والدين العام, بل علي العكس ستؤدي هذه السياسة الي خلق مزيد من فرص العمل مما يساعد علي حل مشكلة البطالة. * وضع ضوابط وقواعد لسقف الدين العام لا تستطيع الحكومة تجاوزه حتي لا يقع الاقتصاد المصري في التداعيات الخطيرة التي يمكن ان تحدث جراء تلك التجاوز, وبعبارة أخري فعند الاقتراض يجب مراعاة القدرة علي السداد, وكذلك حقوق الاجيال القادمة. * فض اشتباكات المالية المعقدة بين الاجهزة الحكومية( خزانة عامة, بنك الاستثمار القومي, هيئات اقتصادية, صناديق التأمينات.. الخ) مع اتخاذ اجراءات محددة لزيادة الكفاءة المالية والاقتصادية وبصفة خاصة في قطاعات البترول والكهرباء, اتحاد الاذاعة والتليفزيون, السكك الحديدية. وينتقد يحيي حافظ- محاسب وخبير ضرائب- منظومة الضرائب الاخيرة مؤكدا ان النتيجة الحتمية التي سوف يلجأ اليها الممولون هي التهرب لأنه عند وضع قانون الضرائب استهدف الثقة مع المستثمرين من خلال خفض الضريبة الي20% وأدي ذلك الي زيادة الحصيلة والالتزام الطوعي بتقديم الإقرار ولكن التعديلات الاخيرة سوف تساهم في تهرب ضريبي نتيجة الضغوط علي الممول, مشيرا الي ان التعديلات الأخيرة ضاعفت غرامة عدم التقدم بالإقرار ل20 الف جنيه وهذا الرقم لن يخيف الكبار الذين يستطيعون دفع الغرامة بسهولة والتهرب من الضريبة. واشار يحيي حافظ الي ان الحلول كانت في مزيد من تفعيل قانون القطاع وتحصيل المديونيات القديمة وبداية الانتاج بالشكل العملي مما يساعد علي الالتزام بالضرائب وكان المفروض ان تسعي الحكومة إلي دمج الاقتصاد السري غير الرسمي الذي يعتبر قطاعا خصبا بعيدا عن المنظومة الضرائبية. الدكتور طارق حماد عميد كلية التجارة جامعة عين شمس يري ان اتجاه الحكومة للضرائب حل تتبعه كل الدول عند الازمات فالقوانين ليست نصوصا مقدسة غير قابلة للتعديل, مشيرا الي ان الحديث من هروب الاستثمارات اذا ما زادت الضرائب يشوبه الخطأ لأن القوانين السابقة كانت تمنح حوافز للمستثمرين بعدم دفع الضرائب لسنوات معينة ومع ذلك لم يساهم هذا في زيادة للاستثمارات اذن فالمسألة ليست ضرائب فقط بل يجب ان تكون المنظومة كلها محفزة للاستثمارات القادمة والمحلية لتوافر الامن والاستقرار السياسي وتسهيل اجراءات التقاضي واجراءات انشاء الشركات وغيرها من الامور التي اذا ما تم ضبطها معا سوف تكون الضرائب عنصرا ضمن عناصر جذب الاستثمارات ورغم كل ذلك فإن اسعار الضرائب في مصر مازالت منخفضة, ولكن لا بد ان تكون السياسة التوسعية للضرائب متوازية مع حسم التهرب والملفات القديمة وإدماج من لا يدفعون الضرائب حتي تتحقق شروط العدالة لأن الضرائب ليس هدفها ماليا فقط وانما لها هدف اجتماعي واقتصادي ايضا.