استكمالا لما سبق نشره حول منظومة الخبز الجديدة التي قرر وزير التموين تنفيذها بمحافظة بورسعيد كمرحلة أولي تليها محافظتا السويس والإسماعلية ثم باقي محافظات الجمهورية, فإن هذه المنظومة تقضي بصرف حصة شهرية من الخبز المدعم استرشادا ببطاقات التموين الذكية بحيث يحصل الفرد علي تسعين رغيفا شهريا بواقع ثلاثة أرغفة يوميا, وقد أصاب هذه المنظومة بعض السلبيات التي قد تحول دون تحقيق الهدف المنشود نتيجة لسوء الإدارة وانعدام الدراية فضلا عن سلبيات أخري سوف تكشف عنها الحقائق التالية: من المسلم به أن الخبز في مصر يمثل أهم الاحتياجات اليومية للمواطن خاصة معدومي ومحدودي الدخل لذا فقد خصصت له الدولة دعما ماليا يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية. ووضعته ضمن السلع الغذائية الخاضعة لأحكام المرسوم بقانون95 لسنة1945 الذي أجازت أحكامه لوزير التموين إصدار قرارات من شأنها فرض قيود علي إنتاجيته وتداوله واستهلاكه ثم توزيعه وأيضا التوقف عن إنتاجه أو الامتناع عن ممارسة النشاط التجاري فيه علي الوجه المعتاد دون ترخيص بذلك من وزير التموين, ولم يقف الأمر عند ذلك بل أجاز هذا القانون لوزير التموين فرض قيود علي منح الرخص الخاصة بإنشاء وتشغيل المخابز الخاصة بإنتاج الخبز المدعم وبيعه للجمهور دون تمييز. علي هدي من ذلك وفي إطار أحكام المرسوم بقانون95 لسنة1945 جاءت منظومة الخبز السابقة واللاحقة والقديمة والجديدة التي ينادي بها وزير التموين تأسيسا علي عقد مبرم بينه وبين شركات المطاحن وأصحاب المخابز تقضي بتحرير سعر الدقيق البلدي المنصرف للمخابز المنتجة للرغيف المدعم علي أساس أن تكاليف إنتاج جوال الدقيق البلدي وزن100كجم خبزا يبلغ80 جنيها لانتاج رغيف مدعم يباع للجمهور بخمسة قروش والمقدر تكلفته حوالي34 قرشا لاصحاب المخابز المنتجة له.. ولكن الحقيقه التي عابت عن أذهان وزراء التموين السابقين واللاحقين والحاليين سواء في العقد المبرم بينهم وبين كل من المطاحن والمخابز في منظومة الخبز المدعم أنه لا يجوز لأي وزير للتموين سواء في الحكومة السابقة المشكلة بالقرار الجمهوري484 لسنة2013 أو في الحكوكة الحالية المشكلة بالقرار الجمهوري72 لسنة2014 إبرام أي عقد مع أي جهة أو عمل أي منظومة للخبز المدعم دون موافقة لجنة التموين العليا باعتبار أن موافقتها شرط وجوبي علي صحة قرارات وزراء التموين حتي يمكن نفاذها وتطبيق أحكامها اعمالا باحكام المرسوم بقانون95 لسنة1945 ومن ثم فإنه يتعين علي وزير التموين في الحكومة الحالية استصدار قرار جمهوري بإعادة تشكيل لجنة التموين العليا باعتبار أن قرار تشكيل هذه اللجنة165 لسنة1983 كان يرأسها وزير التموين والتجارة الداخلية وهذا المسمي الوزاري ليس له علي أرض الحقيقة والواقع أي وجود في الحكومة السابقة والحكومة الحالية. ومن ثم فإن كل ما يصدر عن وزير التموين بشأن منظومة الخبز الحالية دون موافقة لجنة التموين العليا يعد تصرفا فارغا من محتواه القانوني باطلا بطلانا مطلقا يرقي لمستوي الانعدام لمخالفته صريح أعمال احكام القانون وهذا ما يضع منظومة الخبز موضع البطلان ويضع وزير التموين موضع المساءلة القانونية في إتيانه تصرفات عن غير ذي صفة وبغير أي اختصاص مخالفة للقانون الذي أقسم علي احترامه أمام الله تعالي والشعب.. فضلا عن ذلك فلم يقف الأمر عند ذلك بل امتد الفساد إلي نصوص العقد المبرم بين وزير التموين وشركات المطاحن وأصحاب المخابز باعتبار هذا العقد الاساس في منظومة الخبز الجديدة هذا الفساد قد تمثل بوضوح شديد في إصابة مصالح المواطنين بما يحول دون الحصول علي مستحقاتهم من الخبز المدعم وفقا للعقد الذي ينص علي خصم حصة من الدقيق البلدي المخصص لانتاج الرغيف المدعم كجزاء عند قيام أصحاب المخابز بالتعدي علي الحملات التموينية اثناء قيامهم بالتفتيش علي المخابز وهذا الخصم فضلا عن امتداد أثره الضار بحقوق المواطنين الا أنه لا يحقق الجانب الوقائي المانع من قيام المخابز بالتعدي علي الحملات التموينية كما لا يحقق الجانب العلاجي القامع ضد المتعدي علي هذه الحملات خاصة أن قواعد القانون العام في العقوبات جاءت بالمواد137,137,136 مكرر,137 مكرر(أ) وجميعها قضت بالحبس والغرامة التي تصل للأشغال الشاقة عند مقاومة رجال الضبط القضائي والتعدي عليهم ومنعهم من أداء اعمال وظائفهم علي الوجه المعتاد وهنا كان يتعين علي وزير التموين أن يضع في نصوص هذا العقد ما يفيد بان ارتكاب جرائم التعدي علي رجال الضبط القضائي اثناء قيامهم بأعمال وظائفهم تطبيق قواعد قانون العقوبات وهذا ما لم يحدث وما لم يخطر علي بال وزراء التموين.. وعلي جانب آخر فقد أشارت البيانات إلي الفوارق الواضحة بين نصيب الأفراد من الدقيق البلدي المخصص لإنتاج الخبز المدعم بين محافظات الجمهورية حيث بلغ متوسط حصة الفرد منه بمحافظة قنا3.15 كجم خلال شهر فبراير2014 وهذا يعطي34 رغيفا لمدة شهر فبراير بما يعادل1.13 رغيف في الوقت الذي يبلغ متوسط حصة الفرد المثيل عن ذات الدقيق لمحافظة جنوبسيناء حوالي12.92 كجم خلال نفس الشهر وهذا يعطي139 رغيفا بلديا أي بواقع4.6 رغيف يوميا. إن من المؤسف له أشد الاسف ان منظومة الخبز القديمة أو الحديثة جاءت فاقدة المشروعية نتيجة مخالفتها للقواعد القانونية ومصر تحتاج لمن استبانت بهم الخبرة واستقدم بهم العمر الاداري والفني. ---------- رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضو مجلس إدارة جهاز المنافسة الأسبق