يهدد استمرار أسعار الغاز الحالية عند سبعة دولارات بخروج صناعة الصلب من مصر تمامًا، حيث أوقفت أسعار الغاز تصدير الصلب وعمل بعض المصانع، كما تسببت فى خسائر على مدار العامين الماضيين وصلت إلى نحو 3 مليارات جنيه، وهو ما يهدد استثمارات تتعدى 05 مليار جنيه وأكثر من 50 ألف عامل. أكدت دراسة أعدتها غرفة الصناعات المعدنية أن خفض سعر الغاز لصناعة الحديد والصلب من 7 دولارات الى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية هو عودة للتسعير العادل بعد انهيار أسعار الطاقة فى العالم، ويحقق منفعة اقتصادية كبرى للدولة قبل ان يكون انقاذا للصناعة من الانهيار. ويقول المهندس محمد حنفى، مدير غرفة الصناعات المعدنية إنه فى إطار مساعى الدولة التى تهدف إلى إحياء صناعة الصلب المحلية ومساعدتها على الإنتاج والتنافسية، خاصة بعد الانخفاض الهائل فى معدلات التشغيل، قررت الحكومة -بعد دراسة الأآار الاقتصادية- ان تقوم بخفض سعر الغاز لصناعة الحديد والصلب من 7 دولارات الى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية. ونظرا لأن صناعة الصلب من الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة فإن خفض تكلفة الغاز يضمن التشغيل الاقتصادى لمصانع الصلب المتكاملة بعد توقف بعضها عن العمل حيث أصبحت تعمل بحوالى 20% من طاقتها فقط بعد تحقيقها خسائر كبيرة خلال السنتين الماضيتين وصلت الى حوالى 3 مليارات جنيه، وهو ما يهدد استثمارات تتعدى 50 مليار جنيه وأكثر من 50 ألف عامل يعمل فى هذه الصناعة. وقد كان من شأن استمرار هذا الوضع ان تخرج مصر من صناعة الصلب تماما لتعتمد فى تلبية احتياجاتها المحلية على الاستيراد وهو ما يجعلها رهينة لتقلبات السوق العالمى وتحكم المصدرين العالميين فى السوق المصرى بعد التأكد من عدم وجود صناعة محلية قادرة على المنافسة، ناهيك باستنزاف العملة الصعبة الشحيحة. وتشير الدراسة إلى معاناة صناعة الصلب المصرية -شأنها فى ذلك شأن كثير من الصناعات-من انهيار سعر الصرف وعدم توافر العملة الصعبة لتمويل مشتريات الخامات ولكن الأثر السلبى الأكبر كان من زيادة سعر الغاز فى 2014 من 4 دولارات الى 7 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية نظرا لكون تكلفة الغاز تمثل حوالى ربع تكلفة انتاج الصلب فى المصانع المتكاملة وبالتالى فقدت الصناعة تنافسيتها وتوقفت صادرات الحديد تماما وأصبحت مصر من أكبر مستوردى البيليت وهى سلعة وسيطة ذات قيمة محلية مضافة لا تتعدى 15٪ فى حين ان صناعة الصلب المتكاملة تحقق قيمة محلية مضافة تصل الى 70%. وتؤكد الدراسة ان تنافسية صناعة الصلب فى العالم قائمة على عنصرين أساسيين: المواد الخام والطاقة. ونظرا لأن مصر لا تتوافر فيها خامات صناعة الصلب فيصبح الغاز بالتسعير الاقتصادى هو أمل صناعة الصلب المصرية الوحيد فى تحقيق التنافسية والاستمرارية بما يساهم فى دفع عجلة التنمية فى مصر. وتوضح الدراسة أن تخفيض سعر الغاز يتماشى مع الانخفاض الحاد فى أسعار الطاقة العالمية وأن انخفاض سعر الغاز فى مصر يتماشى مع -بل يقل كثيرا عن- الانخفاض الحاد فى أسعار الطاقة العالمية . سعر الغاز فى مصر قبل الخفض هوالأعلى على مستوى العالم: وتبين الدراسة قيام دول كثيرة بتعديل أسعار الغاز لديها للصناعة المحلية للحفاظ على اقتصاديات تشغيلها وتنافسيتهاوذلك تماشيًا مع انهيار أسعار البترول. وإن متوسط الأسعار العالمية الحاليةللغاز المستخدم لصناعة الحديد المختزل يبلغ 2.3 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية وهو ما يجعل صناعة الصلب المصرية -عند 7 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية- خارج منظومة المنافسة تمامًا، بل يجعلها غير قابلة للاستمرارية. وتخلص الدراسة إلى ان المنافع الاقتصادية للدولة تبلغ 01 اضعاف قيمة الخفض فى سعر الغاز، حيث تستهلك صناعة الصلب عند التشغيل بكامل طاقتها 91 تريليون (91 مليون مليون) وحدة حرارية وتصبح قيمة الخفض 227 مليون دولار عند (91 مليون وحدة * 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية) مقابل ذلك سوف تتحقق المنافع الاقتصادية الآتية: 11- توفير1.2 مليار دولار وهو الفرق بين استيراد خام الحديد والبيليت لإنتاج 7.5 مليون طن حديد تسليح حيث تتطلب صناعة الصلب المتكاملة استيراد 13.5 مليون طن خام قيمتها 1.5 مليار دولار مقابل 2.7 مليار دولار لاستيراد البيليت لإنتاج نفس الكمية من حديد التسليح. 2- كما توفر الدولة حوالى 500 مليون دولار تستخدم فى استيراد حديد تسليح تام الصنع. 3- سوف تستعيد صناعة الصلب المصرية تنافسيتها وتستأنف نشاطها فى أسواق التصدير العالمية بعد توقفه، حيث من المتوقع تصدير ما قيمته حوالى 600 مليون دولار من حديد التسليح ومسطحات الصلب وهو ما كان يتم بالفعل قبل زيادة أسعار الغاز فى 2014. 4- بعد عودة الصناعة إلى الإنتاج بكامل طاقتها سوف تزداد عوائد الدولة من ضريبة المبيعات بحوالى 170 مليون دولار. وبذلك يتعدى العائد الاقتصادى للدولة 2.4 مليار دولار مقابل التنازل عن 722 مليون دولار قيمة خفض سعر الغاز من 7 الى 4.5 دولار ليكون بذلك العائد الصافى للدولة حوالى 2.2 مليار دولار. هذا بالإضافة إلى الأثر غير المباشر الناتج عن تخفيض الضغط على الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة وما يتبع ذلك من تحسن سعر الصرف وخفض العجز فى الميزان التجارى وميزان المدفوعات. يضاف إلى ذلك الحفاظ على صناعة استراتيجية تساهم بقوة فى الاقتصاد القومى بما يعود بالنفع على كل أطياف وفئات الشعب المصرى. وفى النهاية يقدر أن هذا الخفض سيستفيد منه 27 مصنعًا للحديد فى جميع مراحل الصناعة لذا يكون قرار الدولة بخفض سعر الغاز شاملاً لجميع مصانع الحديد البالغ عددها 27 مصنعًا هو قرار صائب، سواء مصانع متكاملة تبدأ من مرحلة إنتاج الخام وحتى الإنتاج النهائى أو مصانع درفلة. ومن الطبيعى أن تكون المصانع المتكاملة ذات الإنتاج الضخم هى الأكثر استفادة من هذا الوفر نظرًا لضخامة انتاجها ومساهمتها فى حجم انتاج الحديد المصرى، كما أنها المصانع ذات الاستثمارات الأكبر فى هذه الصناعة، وبالتالى فإن هذا القرار ليس موجهًا لمصنع بعينه بل لصناعة الحديد والصلب بصفة عامة. والحقيقة أن صناعة الحديد والصلب فى مصر لديها الطاقات الإنتاجية والقدرة الكافية على تلبية الاحتياجات المتزايدة للسوق المصرى خلال مرحلة الانطلاق الاقتصادى فى السنوات القادمة. ويصبح خفض سعر الغاز هو خطوة فى الاتجاه الصحيح رغم كونها أقل من المأمول ولكنها سوف تساعد فى التغلب على التحديات التى تواجهها لزيادة انتاجها وتنافسيتها والحفاظ على استثماراتها الضخمة. لقد كانت الصناعة المحلية دومًا -وليست الواردات- هى السند الحقيقى لتنفيذ المشروعات القومية الكبرى منذ نشأتها وحتى اليوم.