سعر الذهب اليوم الثلاثاء 23-9-2025 بعد الارتفاع الكبير بالصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    وزير خارجية ألمانيا: سكان غزة يعيشون جحيما على الأرض    فون دير لاين: الاتحاد الأوروبي سيشكل مجموعة مانحة لإعادة إعمار غزة    أجواء خريفية الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    أسعار الخضروات والفاكهة والأسماك والدواجن واللحوم.. الثلاثاء 23 سبتمبر    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الثلاثاء 23-9-2025    «معلومات الوزراء» يستعرض واقع الصناعة الذكية وتطورها محليًّا ودوليًّا    السعودية تشيد بقرار ماكرون الاعتراف بدولة فلسطينية وتدعو دول العالم لخطوة مماثلة    «خط أحمر».. البيان الختامي ل «مؤتمر نيويورك» يحذر إسرائيل من أي محاولة لضم أراضٍ فلسطينية    عاجل| رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: خطوات لا رجعة عنها نحو حل الدولتين    اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية.. خطوة تاريخية نحو كسر الجمود السياسي    ميسي يهنئ ديمبيلي بعد الفوز بالكرة الذهبية 2025    الانتركونتيننتال|بيراميدز يواجه أهلي جدة السعودي اليوم على لقب كأس القارات الثلاثة بجدة    نهاية أكتوبر | رسميا..الأهلي يعلن موعد انتخابات مجلس الإدارة    رونالدو وفيليكس يقودان النصر أمام جدة في كأس الملك    سميح ساويرس: سيارتي في مصر منذ 15 عاما.. وشراء أحدث موديل يُؤنب ضميري لأنها فلوس في الهواء    حجز "مستريح السيارات" بحدائق القبة بعد استيلائه على 50 مليون جنيه من المواطنين    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    محمود حمدان يتألق في مهرجان الفضائيات العربية ويظفر بلقب أفضل مؤلف    منهم روجينا وصابرين والعوضي، القائمة الكاملة لتكريمات مهرجان الفضائيات العربية (صور)    رئيس برشلونة يكشف لحظات التوتر قبل إعلان جائزة أفضل لاعب    كارني: لا أوهام حول تأثير الاعتراف بدولة فلسطين    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخر إثر إصطدام ثلاثة سيارات بالطريق الزراعي بالبحيرة    سميح ساويرس يروي تجربته في تعلم الموسيقى: بحثت عن حاجة مجنونة وأنا في عمر ال59.. وثلاثة أشياء ندمت عليها    داخل منزله.. أول صور ل علاء عبد الفتاح بعد العفو الرئاسي    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    نجلاء بدر: تصوير مشهد جريمة القتل في «أزمة ثقة» كان الأصعب    وزير الزراعة: إحنا مسرفين في استهلاكنا.. لما بنسافر برا بنشتري برتقالة أو 2 مش 3 كيلو    رابط التقديم على أراضي الإسكان الأكثر تميزا (مسكن)    قصة إجبار طلاب إحدى مدارس الجيزة على توقيع إقرار بسداد المصروفات الدراسية    وزير الزراعة: وضعنا خريطة سمادية جديدة لترشيد الاستهلاك.. و95% من المزارعين تسلموا حصصهم    حلم ليس بعيد المنال، 10 عادات غذائية تساعدك على إنقاص الوزن بدون حرمان    بدء الدراسة في مراكز «الأسرة والطفولة» بقرى «حياة كريمة» ب9 محافظات    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    مدرب فاركو: حققنا تعادلاً مستحقاً أمام المصري.. وتأثرنا برحيل 14 لاعباً    الزمالك يسعى للاستمرار في المنافسة على حساب «الجونة»    فرصة لتحقيق دخل إضافي.. حظ برج الدلو اليوم 23 سبتمبر    عليك مكافأة نفسك.. حظ برج الجدي اليوم 23 سبتمبر    خرّجت مشاهير.. 16 معلومة عن المدرسة السعيدية بعد فيديوهات الشرطة المدرسية    آمنة على أطفالك.. استشاري تغذية يوصي باستخدام «لانش بوكس» من هذا النوع    بعد وصول سعر الكيلو ل25 جنيهًا.. 6 بدائل رخصية ل الطماطم موجودة في كل مطبخ    أكبر مشكلة تؤثر على تركيز الأطفال.. خبيرة تكشف تأثير ال «ريلز» على المخ    الداخلية تضبط شبكة تمارس أعمالًا منافية للآداب عبر تطبيق هاتفي في الإسكندرية    الاعتداء على باسم عودة وتدوير "أبو الفتوح" ونائبه بالتزامن مع قرار العفو عن "عبدالفتاح"    من أبرز وجوه ثورة يناير ..العفو عن علاء عبد الفتاح.. انفراجة سياسية أم استثناء مفروض بضغوط غربية؟    نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بفوز صعب على بيسا    بالصور.. ختام أولمبياد الشركات ببورسعيد بمشاركة 23 ألف رياضي    الداخلية توضح حقيقة صورة جرافيتي متداولة في الدقهلية عبر مواقع التواصل    مستشفى مبرة المعادي ينجح في علاج ثقب بالقلب باستخدام تقنية التدخل المحدود    نسرين عكاشة: والدى لم يكن ضد السادات لكن كان هناك اختلافات في بعض الأفكار    مصرع 3 عناصر إجرامية في مداهمة أمنية بالبحيرة    ما هي صلاة الغفلة وكيفية أدائها؟.. أمينة الفتوى تجيب (قيديو)    البحوث الإسلامية: الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تجديد الصلة بالنبي    من هم ال70 ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟.. الشيخ رمضان عبد المعز يوضح    مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 22 سبتمبر في بني سويف    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22سبتمبر 2025    "طلاب من أجل مصر" ترحب بدفعة طب الجديدة بجامعة بورسعيد الأهلية (صور)    5 خطوات لتسجيل طلاب الثانوية الأزهرية بتنسيق التعليم العالي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إضاءات ألغام علي طريق المفاوضات بين الحكومة والصندوق

هل سأل أحدنا نفسه لماذا رفض المجلس الأعلي للقوات المسلحة الاقتراض من صندوق النقد الدولي بعد الثورة؟ هل صدقنا أن كرامتنا الوطنية هي التي تحركت فجأة لتقطع الطريق علي قرض الصندوق الذي كان جاهزا للتوقيع عليه بواسطة وزير المالية الأسبق الدكتور سمير رضوان, ثم الوزير الذي تلاه الدكتور حازم الببلاوي؟ وإذا كان ذلك صحيحا, فأين هي تلك الكرامة الوطنية الآن؟ فليتقدم إذن المشايخ وأصحاب الجلاليب البيضاء صفوف إنقاذ الوطن, وليلهجوا بالدعاء إلي الله سبحانه وتعالي أن يعين هذا الشعب علي ما هو فيه, وليمدوا أياديهم البيضاء إلي السادة أصحاب الفوائض وأهل مجالس الخير, لطلب' الحسنة' من أجل إطعام الغلابة والمساكين في أرض الكنانة, حتي يفلتوا من الفك المفترس والأشرار في صندوق النقد الدولي! اللؤم له مكان, لكن ليس هنا. والنفاق له زمان, وهذا غير زمانه. إن ساعة الحقيقة تقترب. والمدهش أن الذين بإمكانهم تحمل المسئولية يتهربون منها, ويعلنون صباح مساء أنهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل, بل إنهم علي العكس يطالبون بالمزيد من المزايا, مثل كبار رجال الأعمال الذين يرفضون زيادة الضرائب مؤقتا ولفترة محدودة, ويطلبون الآن إعفاء مشروعاتهم الجديدة من الضرائب لمدة عشر سنوات! هذا هو الجحود بعينه, هذه هي المأساة التي لا يريد أحد أن يواجهها.
بعثة صندوق النقد الدولي حطت رحالها في القاهرة في الأسبوع الماضي. التقت البعثة قيادات من وزارة المالية ومن البنك المركزي, ومن وزارة التخطيط والتعاون الدولي. كما التقت البعثة قيادات من حزب الحرية والعدالة. وبعد مناقشات طويلة في القاهرة حمل أعضاء البعثة معهم أفكارا وانطباعات ونتائج, سوف تجري مناقشتها جميعا بواسطة خبراء الصندوق في واشنطن. وفي اعتقادي أنه من المشكوك فيه أن تكون البعثة قد خرجت بنتيجة إيجابية تمكنها من التوصية بمنح القرض(3.2 مليار دولار) لمصر, بناء علي الورقة التي تقدمت بها الحكومة المصرية. فالورقة الرسمية التي تسلمها الصندوق في واشنطن في أوائل شهر مارس الحالي, قبل مجيء البعثة إلي القاهرة, كانت عبارة عن تقرير إجراءات مهلهل لا يرقي بأي حال من الأحوال إلي معايير ما يسميه الصندوق خطاب نوايا((LetterofIntent الذي تقدمه الحكومة المقترضة من أجل البدء في مناقشة التفاصيل بشأن ذلك القرض وإصدار قرار من مجلس إدارة الصندوق بالموافقة عليه. وطبقا لما هو متعارف عليه فإن' خطاب النوايا' يجب أن يتضمن سياسة اقتصادية مستقاة من استراتيجية محددة لها أهداف واضحة. وانطلاقا من هذه السياسة يتضمن خطاب النوايا الآليات والخطة الزمنية لتحويل هذه السياسة إلي إجراءات. ليس ذلك فقط, بل إن خطاب النوايا يتضمن أيضا خطة التدفقات النقدية المبنية علي السياسة الاقتصادية المتوقع العمل بها, وكيفية تخصيص الموارد بين أوجه الاستخدامات المختلفة, وكيفية سداد القرض, والموارد التي سيتم تخصيصها لسداده خلال المدة الزمنية المتفق عليها. إن القرض في نهاية الأمر هو مشروع اقتصادي, يتطلب قبل إقراره مناقشة دراسة الجدوي الخاصة به. وخطاب النوايا هو بمثابة دراسة الجدوي لمشروع القرض.
وقد وضعت الحكومة توقعاتها للأشهر المقبلة علي أساس أنه سيتم بدء السحب من قرض صندوق النقد الدولي في شهر مارس. هذا ما قاله وزير المالية. لكن يبدو أن هذا التوقع بعيد عن الواقع إلي حد كبير. ولذلك فإن السيد وزير المالية أعلن أنه يعتمد الآن علي التمويل من احتياطي الميزانية. ولست أدري ما هي موارد الاحتياطي النقدي في ظل العجز المتفاقم في الميزانية الذي قد يزيد في نهاية السنة المالية الحالية بنسبة تتراوح بين12% إلي19% عن العجز التقديري الوارد في مشروع الميزانية والبالغ134 مليار جنيه مصري. وقد قالت الحكومة بالفعل إن تقديرات الاحتياطي بلغت حتي الآن150 مليار جنيه, وليس134 مليار جنيه كما كان مقدرا. وأخشي أن تكون وزارة المالية قد وجهت البنك المركزي إلي طبع نقود جديدة بدون غطاء لغرض تجاوز الأزمة الراهنة.
لقد ذكرت في هذا المكان من قبل أن عجز الميزانية يتورم بدون حدود وأنه قد يصل في نهاية السنة المالية إلي ما يتراوح بين150 مليارا إلي160 مليار جنيه مصري. لكن حكومة الدكتور الجنزوري وعدتنا أنها ستخفض العجز بما يزيد علي20 مليار جنيه عن طريق خطة للتقشف وترشيد النفقات. لكن ها هي النتائج تتحدث عن نفسها. فلا استطاعت الحكومة تخفيض النفقات ولا تمكنت حتي من المحافظة علي أرقام العجز في حدود التقديرات الأصلية للميزانية.
وكانت خطة تخفيض الإنفاق التي أعلنها الدكتور الجنزوري في شهر ديسمبر الماضي قد تضمنت توجيهات بتخفيض ميزانيات الجهاز الإداري للدولة وميزانيات الهيئات العامة بنسبة4% من إجمالي ميزانية هذه الجهات التي تقدر قيمتها490 مليار جنيه من إجمالي الميزانية. وتضمنت التوجيهات كذلك عدم المساس بميزانيات قطاعات التعليم والصحة والمعاشات. وإضافة إلي ذلك تم التوجيه بتقليل السفريات إلي الخارج وبتخفيض مشتريات الحكومة والهيئات العامة من السلع والأجهزة غير الضرورية مثل السيارات خصوصا الفارهة. وشملت التوجيهات أيضا تخفيض أعداد المستشارين. ولكن عندما طلبت الحكومة موافاتها بأعداد المستشارين العاملين في الجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة, فإنها تلقت أرقاما مضحكة لأعداد المستشارين وتكلفتهم المالية. فهؤلاء طبقا للأرقام التي توفرت لا يزيدون علي بضعة آلاف وتكلفتهم المالية لا تتجاوز75 مليون دولار سنويا! وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت الحكومة تتحول إلي تبني مبدأ تحديد الحد الأقصي للأجور.
ومن المدهش أن السادة الذين أعدوا التقرير الموجه إلي صندوق النقد الدولي, تعهدوا في تقريرهم بأن الحكومة الحالية تهدف إلي تخفيض عجز الميزانية إلي ما لايزيد علي8.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وبافتراض أن قيمة الناتج ستصل( بأسعار السوق) في نهاية العام الحالي إلي1.3 تريليون جنيه تقريبا, فإن ذلك يعني أن التقرير يتحدث عن قيمة للعجز في الميزانية تبلغ ما يقرب من110 مليارات جنيه. وعلي الرغم من أن هذا الرقم يبدو مخيفا, خصوصا إذا عرفنا أن الفوائد السنوية المستحقة عليه التي ستضاف إلي قيمة الدين العام المحلي, تزيد علي15 مليار جنيه, فإن الحكومة ستجد صعوبة شديدة في تحقيق هذا الرقم المستهدف للعجز. وقد كرر السيد رئيس مجلس الوزراء التعهد بتخفيض العجز في الميزانية ضمن بيان الحكومة.
ومما يزيد من صعوبة الموقف الذي تواجهه الحكومة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي, أن حزبي الأكثرية في البرلمان, الإخوان والسلفيين ينظرون بعين الشك إلي القرض. وعلي الرغم من أن الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الإخوان قال إن حزبه لا يعارض من حيث المبدأ الاقتراض من صندوق النقد الدولي, إلا أنه ذكر أن الحزب لم يتلق من الحكومة خطة واضحة بشأن كيفية استخدام القرض وكيفية سداده.
ونستطيع القول بأن هناك رغبة سياسية في داخل الصندوق لمساندة مصر وتسهيل عملية الاقتراض بالنسبة لها. غير أن هناك معايير فنية وسياسية واقتصادية يجب الوفاء بها في كل الحالات.
ومن المفيد هنا أن نشير إلي الخطوط العريضة التي تضمنها التقرير الذي قدمته وزارة المالية إلي صندوق النقد الدولي لطلب الحصول علي القرض الذي تقدر قيمته بنحو3.2 مليار دولار أمريكي. والحقيقة أن الملامح الرئيسية لمسودة مذكرة التفاهم التي أعدتها وزارة المالية بالاشتراك مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي والبنك المركزي المصري, تختلف في مواضع شديدة الحساسية عن سابقتها التي كان تم إعدادها أثناء تولي الدكتور سمير رضوان وزارة المالية, وكذلك تلك التي تم إعدادها تحت إدارة الدكتور حازم الببلاوي منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية. كما أن هناك فارقا جوهريا وقع في الفترة من مايو2011 وحتي الآن, وهو ذلك المتعلق بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر, وهو ما يزيد من صعوبة حصولها علي قرض الصندوق من الناحية الفنية البحتة.ومن الضروري الإشارة هنا إلي أن الإصرار علي عدم الشفافية كان سياسة رئيسية اعتمدت عليها الحكومة في صياغة مسودة مذكرة التفاهم مع الصندوق. إذ تم عرض عناصر هذه المذكرة في مناسبات وأوراق مختلفة بدون أي توضيح بشأن علاقتها بطلب القرض من ضندوق النقد. فقدم السيد رئيس مجلس الوزراء بعض عناصرها في بيانه أمام مجلس الشعب في26 فبراير, في صورة برنامج للإنقاذ الاقتصادي. وقدم وزير المالية بعض عناصرها في ورقة إلي أعضاء لجنة الخطة والموازنة واللجنة الاقتصادية في مجلس الشعب. وقدمت السيدة وزير التخطيط والتعاون الدولي بعض عناصرها في بيانات ومؤتمرات صحفية. وأرسلتها الحكومة إلي صندوق النقد الدولي في الأسبوع الأول من مارس الجاري. وتتمثل أهم عناصر' خطاب النوايا' غير المفصح عنه فيما يلي:
حددت الحكومة بما في ذلك السادة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي, الأهداف والمحاور العامة للسياسة الاقتصادية للحكومة خلال فترة تتراوح بين18 شهرا إلي3 سنوات في الآتي:
1- المحافظة علي مستوي آمن من الاحتياطيات الدولية لمصر. وهذا يعني أن الحكومة لا تعتزم الاستمرار في السحب من الاحتياطي بعد أن دخل الاحتياطي الدولي من العملات الأجنبية إلي المنطقة الحمراء بالفعل في شهر فبراير الماضي. وتقوم الحكومة علي الأرجح في الوقت الحاضر بتوجيه البنك المركزي إلي طبع البنكنوت بدون غطاء, اعتبارا من الشهر الحالي. فإذا كان ذلك الظن خاطئا فلتخرج علينا الحكومة بالحقيقة, فهناك شكوك كثيرة تحيط حاليا بالسياسة النقدية, خصوصا بعد أن قرر البنك المركزي تخفيض الاحتياطي النقدي القانوني للمصارف إلي12% من الودائع بدلا من14%.
2- زيادة الإنفاق الاجتماعي بغرض تحقيق العدالة الاجتماعية. غير أن الحكومة لم تبين كيف سيتم تدبير الموارد المالية اللازمة لمواجهة الزيادات في الأجور والمعاشات والتأمينات خصوصا مع الاتجاه إلي وضع ما يقرب من نصف مليون موظف غير مثبتين حاليا, علي درجات مالية دائمة, بما يتضمنه ذلك من أعباء. ومن المقرر كذلك زيادة المعاشات بنسبة10% وزيادة المرتبات والأجور مع بداية السنة المالية المقبلة. وفي اعتقادي أن الاقتراض من صندوق النقد الدولي لغرض زيادة الأجور والمعاشات لن يكون مقبولا من أحد, لأنه ببساطة سيكون عبئا مستقبليا علي العاملين وأصحاب المعاشات وأبنائهم وأحفادهم من بعدهم.
3- زيادة الاستثمارات الحكومية الموجهة إلي التعليم والصحة. والحقيقة أن كلا من وزارتي التعليم والصحة تنفق الواحدة منهما أكثر من80% من ميزانياتها علي بند الأجور والمرتبات والمزايا الاجتماعية المختلفة. ويعاني الاستثمار في الخدمات التعليمية والصحية الحقيقة من إهمال شديد يمتد إلي عقود مضت. أما ما يسمي بميزانيات الاستثمار في الوزارات المختلفة, فإن القسم الأعظم منها يذهب إلي المقاولين من خلال أعمال البناء والإنشاءات, وليس من خلال تطوير العملية التعليمية أو الرعاية الصحية الحقيقية.
4- إصلاح السياسة الضريبية وتعديل منظومة الضرائب. ويقوم الإصلاح الضريبي من وجهة نظر الحكومة الحالية علي ثلاثة ركائز. الركيزة الأولي هي فرض ضرائب جديدة مثل الضريبة العقارية التي تتوقع الحكومة أن تدر علي الخزانة في عامها الأول دخلا يتراوح بين1.5 مليار إلي2.5 مليار جنيه. والركيزة الثانية هي تعديل بعض الضرائب الحالية بالزيادة. ومن أهم الضرائب التي تجري مراجعتها حاليا الضريبة علي الأطيان والأراضي الزراعية. وتعتزم الحكومة تعديل الربط الضريبي اعتبارا من بداية السنة المالية2013/2012. وسوف تؤدي الزيادة في الضريبة علي الأطيان والأراضي الزراعية إلي اشتعال قيمة إيجارات الأراضي الزراعية وإخراج الكثير من الفلاحين من مهنتهم تماما وضمهم إلي طابور العاطلين عن العمل الذي تجاوز عدد من فيه رسميا3 ملايين مواطن قادر علي العمل. أما الركيزة الثالثة فهي إدخال ضريبة القيمة المضافة بديلا عن ضريبة المبيعات مع التأكد من زيادة الحصيلة الضريبية نتيجة لذلك. ويلاحظ في هذا الصدد أن الحكومة تميل أكثر إلي توسيع نطاق الضريبة والمجتمع الضريبي, حتي لو كان ذلك علي حساب اعتبارات التنمية أو اعتبارات العدالة الاجتماعية. وتتجسد سياسة الحكومة الحالية في زيادة الضرائب وتوسيع نطاق السلع والأفراد الخاضعين لها, بما يحقق أعلي مستوي ممكن من الحصيلة الضريبية, بما يعيد ترسيخ مبدأ الجباية في المالية العامة للدولة. ومن أمثلة ذلك فرض الضرائب أو زيادتها حيثما وجدت, علي سلع الفقراء مثل السجائر والمعسل ومكالمات المحمول بنظام الكارت المدفوع مقدما والنقل بالتوك توك من خلال زيادة فئة الجمارك وضريبة المبيعات وتطبيق نظام البندرول علي سلع الواسعة الاستخدام مثل أجهزة التليفون المحمول والكمبيوتر وملحقاته مثل الطابعات وأجهزة التصوير والسلع والأجهزة الكهربائية وكذلك السجائر والدخان من خلال زيادة فئة الضريبة علي السجائر المحلية والمستوردة, خاصة أن الحكومة تقول بأن هذه الضرائب في مصر هي أقل من مستوياتها العالمية. وتتضمن خطة الحكومة للإصلاح الضريبي إنجاز ملف المتأخرات الضريبية والجمركية والتأمينية علي جميع الجهات, وترشيد الإعفاءات, وتخفيض المنازعات الضريبية عن طريق التصالح ومنح حوافز لدفع المتأخرات. وهناك الكثير من المتفجرات في ملف الإصلاح الضريبي بسبب التشابك بين ضرائب ومستحقات الشركات الحكومة والهيئات لدي بعضها البعض, مثلما هو الحال في قطاع الطاقة.
5- زيادة الشفافية وتهيئة مناخ أكثر تنافسية لممارسة الأعمال. وفي سبيل ذلك سعت الحكومة إلي تسوية عدد من منازعات الاستثمار, فقد كان هناك عدد من المستثمرين يعتزم اللجوء إلي التحكيم الدولي بسبب منازعات استثمار مع الحكومة المصرية تتعلق بأحكام أصدرها القضاء ببطلان بيوع شابها العوار القانوني أو بسبب قرارات حكومية بسحب اراض كانت قد خصصت لمستثمرين علي خلاف القانون ولم يتم استثمارها في الغرض أو الأغراض المخصصة لها. وفي هذا السياق فإن الحكومة قدمت تنازلات بمليارات الجنيهات إلي شركات منها الفطيم الإماراتية والمصرية الكويتية وداماك الإماراتية, بغرض إثنائها عن اللجوء إلي التحكيم الدولي.
6- تعديل منظومة الدعم, وذلك من خلال التوجه التدريجي لإصلاح الدعم, خصوصا دعم الطاقة. غير أن الحكومة لا تزال تفتقر إلي خطة واضحة للتعامل مع دعم الطاقة. وليس من المعروف حتي الآن كيف سيتم التعامل مع شركات إنتاج الأسمدة وغيرها من الشركات الأكثر استهلاكا للطاقة التي قررت الحكومة زيادة أسعار الطاقة التي تحصل عليها بنسبة30% إعتبارا من شهر يناير الماضي.
7- تعزيز آليات الرقابة علي المالية العامة. وهنا لن يسعنا إلا الانتظار لما ستعلنه الحكومة من إجراءات لغرض تحقيق هذه الرقابة, في الوقت الذي يتضح فيه أن وزارة المالية لا تملك السلطة الكافية للرقابة علي الميزانية في أركانها المختلفة.
8- العمل علي خفض معدلات العجز في الموازنة. ولسنا ندري كيف ستحقق الحكومة ذلك. وهنا فإننا لابد أن نحذر بشدة من خطورة انهيار التصنيف الائتماني لمصر, إلي أسوأ ما هو عليه حاليا. لكن الحكومة ستعمل من الناحية المحاسبية علي إجراء حركة مناقلات حسابية بين بعض الحسابات, منها ضم الصناديق الخاصة إلي الميزانية العامة للدولة. وستعرف الحكومة بعد القيام بهذا الإجراء أن هذه الصناديق مليئة بالثعابين والأفاعي, التي كان يجب إبقاؤها محبوسة في تلك الصناديق, بدلا من إطلاقها في دهاليز الميزانية العامة للدولة. ونصيحتي أن تأخذ الدولة رأي المحافظين أولا.
9- تخفيض الدين العام. لكن الحكومة لا تجرؤ الآن علي تحديد رقم مستهدف للدين العام خلال الفترة الزمنية الممتدة من18 شهرا إلي3 سنوات. ولا أظن أن لدي صانعي السياسة الاقتصادية حاليا الرؤية الكافية لتحديد أي مستهدفات في هذا الصدد. فالدين العام يتورم ويتورم كالفطر اللعين, تحت سمع وبصر السلطات الاقتصادية. وطبقا لاعترافات رئيس الوزراء نفسه فإن الحكومة تقترض ما يتراوح بين6 مليارات إلي7 مليارات جنيه شهريا من خلال مناقصات أذون الخزانة( بيع وإعادة شراء) التي يطرحها البنك المركزي أسبوعيا نيابة عن الحكومة. ويزيد حاليا الدين العام الداخلي والخارجي عن115% من الناتج المحلي الإجمالي, وهو مؤشر لابد أن يجعل المسئولين عن السياسة المالية غير قادرين علي النوم. لكنهم في مجلس الوزراء, يبدون قادرين في الحقيقة علي النوم العميق, بدون أي قلق.
10- خفض معدلات التضخم. ولا أدري كيف ستحقق الحكومة ذلك, مع الانفلات الحاد في السوق.
11- استمرار تطبيق برنامج الشراكة مع القطاع الخاص. والحقيقة أن هذا البرنامج الذي وضعه وزير المالية السابق الدكتور يوسف بطرس غالي هو بمثابة قانون لتحويل الاقتصاد المصري بأكمله, وخصوصا مرافقه الأساسية إلي مجرد' شقق مفروشة' يتم طرحها علي المستثمرين بنظام حق الانتفاع الطويل الأجل! أبشروا!
12- طرح قطع أراض للإسكان في مواقع متميزة في المدن الجديدة, للبيع بالعملات الأجنبية للمصريين العاملين في الخارج, يتم دفع50% من الثمن عند الحجز! كما اقترحت الحكومة شعارات عامة بخصوص مشروعات لتطوير سيناء وشرق بورسعيد وتنمية محور قناة السويس وإصدار سندات دولارية للمصريين العاملين في الخارج.
وقد يري البعض في الأهداف والمحاور الرئيسية التي قدمتها الحكومة قدرا من' حسن النوايا'. لكن الأمر يحتاج إلي بعض من التمحيص والتقييم لبرنامج الحكومة, قبل التصويت عليه في مجلس الشعب. ويجب أن يعلم المواطنون, ما هي نقاط الخلاف بين مصر والصندوق. وما هي مصلحة المواطنين في الحوار الدائر بين الطرفين. ذلك أن المواطنين في نهاية الأمر هم من سيدفعون الثمن أو من يحصلون علي الجائزة. وسأوضح في الأسبوع المقبل خفايا الخلافات بين مصر وبين الصندوق*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.