أصدرت حديثا مؤسسة فيتش الدولية تقريرا سلبيا جديدا عن أداء الدولة الائتماني وعلي الرغم من أن تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني تقيس الاداء الاقتصادي والسياسي للدولة فإن بعض الخبراء يعتقدون انها تفتقد المصداقية ويشوبها قدر من عدم الحيادية عند إصدار التقييمات المختلفة وقللوا من آثارها واعتقدوا بعدم جدواها مستندين إلي ان تقاريرها لم تمنع حدوث الازمة العالمية في2008 إلا أن البعض الاخر يري ضرورة أخذها في الاعتبار بحكم أن مصر جزء من المجتمع الدولي وان التقارير السلبية الصادرة لابد أن تشكل جرس انذار للدولة لاجتياز أي عقبات تواجهها بما يسمح باصدار تقارير إيجابية عن أداء الدولة. التحقيق التالي يرصد الاراء السابقة.. خفضت وكالة التصنيف الائتماني فيتش تصنيف مصر هذا الشهر لاحتمالية تخلف الدولة عن سداد ديونها الطويلة الاجل بالعملات الاجنبية منB إليB سالب وبسبب مخاوف من عرقلة انتعاش الاقتصاد علي خلفية حالة عدم الاستقرار السياسي وقد عاني تصنيف مصر الائتماني من تراجع مستمر منذ قيام ثورة25 يناير وقد أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية خفض التصنيف الائتماني لمصر أكثر من مرة كان آخرها في مايو الماضي حيث خفضت تصنيف مصر منB سالب إليC مع الابقاء علي النظرة المستقبلية المستقرة. والجدير بالذكر ان مصر لم تتخلف عن سداد التزاماتها الخارجية علي مدار السنوات الماضية حيث تقوم بسداد650 مليون دولار كل6 شهور, ووفقا لتقرير استاندر اند بورز فقد خفضت الوكالة التصنيف الائتماني علي المدي القصير والطويل جراء فشل حكومة مصر في تحقيق أهداف الميزانية المرجوة وانتقل تصنيف الدين المصري الطويل المدي منB سالب إلي+CCC وتصنيف الدين القصير المدي منB إليC وكانت مؤسسة موديز قد خفضت مع بداية العام الجاري تصنيف الدين السيادي لمصر إلي درجةBBB وكذلك فعلت مؤسسة فيتش وتتوقع ستاندرد في تقريرها المزيد من الضغوط المالية علي مصر كما ان الدعم المالي للبلاد من الجهات الدائنة بما فيها صندوق النقد الدولي لايزال مبهما وأورد تقرير المؤسسة أنها تري ان توفر إرادة لدي الدائنين لتقديم التمويل الضروري للقاهرة سيساعد علي إبقاء النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني مستقرة وأن الانتقال السياسي للبلاد يؤدي إلي إحداث تصالح اجتماعي يؤدي إلي زيادة ثانية في الاحتياطي النقدي تتيح تخفيف الضغوط الخارجية. يري د. رفعت العوضي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد بجامعة الازهر انه توجد منظمات اقتصادية دولية ومنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية وغيرها من هذه المنظمات والقضية في هذه المنظمات أن القرار فيها تسيطر عليه الدول المتقدمة فعلي سبيل المثال في صندوق النقد الدولي تملك هذه الدول60% من الاصوات وبناء عليه فإن التصويت علي أي موضوع يحسم الامر لصالحها والدول المتقدمة لها مصالح اقتصادية وسياسية وأصبح من المسلم به ان هذه المصالح سواء الاقتصادية والسياسية تشكل قرارات المنظمات الاقتصادية بشكل لا خلاف عليه. ونعطي مثالا لذلك فيما يتعلق بصندوق النقد الدولي فقد ظل لمدة عامين يناور مصر للحصول علي هذا القرض وقد اعتبر هذا القرض رغم انه ضئيل جدا وسيلة للضغط علي مصر. ويضيف د. العوضي قائلا: إن قرارات هذه المنظمات تعد سياسية من الدرجه الاولي ويجب علي القائمين في هذه الدولة الا تعطي أهمية كبيرة بهذه التقارير طالما أنها لا تتمتع بالحيادية والمصداقية الحقيقية عن أداءالدولة. فضلا عن أن تقييمات هذه المنظمات لا تفصح تفصيلا عن أسباب التقييم ومعظمها اعتبارات عامة لا تخضع لمعايير حقيقية وليس أدل علي ذلك من ان تقارير هذه المنظمات لا تصدر مثلا لصندوق النقد الدولي إلا بعد الحصول علي موافقة نادي باريس وأن يصدر هذا النادي شهادة تفيد انتظام الدولة في سداد الديون. وتري د. عالية المهدي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني تعتمد علي الاعتبارات السياسية والاقتصادية ومما لاشك فيه أن التقييم الاخير السلبي لمؤسسة فيتش يرجع بصورة أساسية إلي الوضع السياسي المضطرب غير المستقر في مصر وأن اتخاذ أو القيام بأي اجراءات اقتصادية جديدة لن يكون له تأثير إلا بعد القضاء علي حالة الاضطراب السياسي. وتقول د. المهدي انه لو نجحت حكومة الببلاوي في تحقيق الامن في الشارع المصري في العاصمة وعلي الحدود المصرية في سيناء فإن القيام بأي برامج اقتصادية إصلاحية يمكن ان تحقق نتائج جيدة جدا في وقت قصير جدا ولكن إذا استمرت حالات التعطيل لحركة المواطنين في الشوارع فضلا عن الاحتكاكات وأعمال العنف من جانب القوي السياسية المعتصمة في الميادين كل ذلك من شأنه أن يعرقل أي برنامج إصلاح اقتصادي وأنه لا جدوي لها حتي مع وجود أعتي خبراء الاقتصاد فالوضع في الشارع المصري يحتاج إلي تعامل بحزم مع كل من يعطل مسيرة مؤسسات الدولة ويعرقل سبل تحقيق الاستقرار السياسي. وتضيف د. المهدي قائلة ان استمرار عدم الاستقرار السياسي يعني مزيدا من التقارير السلبية للتصنيفات الائتمانية لمصر وضعف في قدرتها علي الاقتراض الدولي وبطبيعة الحال علي اجتذاب أي استثمارات جديدة من الخارج. وتؤكد علي ضرورة قيام الحكومة بشكل سريع وحاسم علي استقرار الشارع المصري لتحقيق الامان للمواطن المصري. ويري عيسي فتحي عضو مجلس إدارة جمعية المستثمرين أن مؤسسات التصنيف الائتماني عادة ما تصدر تقريرها كل فترة زمنية معينة ما بين3 و6 شهور وليست مرتبطة بحدث معين في الدولة والتقرير الاخير الخاص بمؤسسة فيتش هو خاص بمعيار واحد هو الديون السيادية وقدرة الدولة علي الالتزام والوفاء بهذه الديون وقد أعطت المؤسسة تقريرا سلبيا جديدا في قدرة الدولة علي سداد هذه الديون وهو يعني عدم كفاءة الادارة القائمه في تلك الفترة الصادرة( الستة أشهر السابقة) فضلا عن حالة الكساد والتردي في الحالة الاقتصادي وعادة ما يتبع هذا التقرير تقييم ايضا للبنوك المستثمرة في أذون الخزانة والسندات وتصدر بقيم لهذه البنوك مشابهة لهذا التقييم. ويري فتحي أن تقارير مؤسسات التقييم الائتماني الدولية تعتمد علي الاعتبارات الاقتصادية والسياسية الموجودة في الدولة التي يصدر عنها تصنيف ائتماني ولكن لا يعد أداة ضغط سياسي علي هذه الدولة ولكن التقرير الصادر سلبي للغاية وهو يؤثر علي قدرتها علي الاقتراض من الخارج وصدور المزيد من التقارير الائتمانية السلبية عن مصر يجعل تكلفة الاقتراض من الخارج باهظة كما انه يضعف من قدرة المفاوض مع صندوق النقد الدولي وقد يقوم الصندوق بفرض المزيد من الضغوط الجديدة للتأكد من مدي جدية الادارة المصرية الحالية في إعداد موازنة جيدة والقيام باجراءات إصلاح اقتصادي تهدف إلي تخفيف العجز المتراكم علي الموازنة الحالية. ويري فتحي أن تقرير فيتش لابد أن تأخذه الدولة بشكل جدي ولا يجب التعامل بسلبية مع هذه التقارير ولكن التعامل بشكل اكثر إيجابية معه وان تعد الحكومة برامج سريعة حقيقية للخروج من الازمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها وذلك من شأنه البدء في إصدار تقارير دولية إيجابية وهي تعني فتح باب التعامل مع المؤسسات الدولية بشكل اكثر توازن لا يفرض ضغوطا علي الدولة كما انه يحقق الهدف النهائي للدولة وهو استقرار الاستثمارات والحفاظ عليها وجذب المزيد منها.